يرأس الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري بمدينة شرم الشيخ غدا الثلاثاء، اجتماعات مجلس وزراء مياه دول حوض النيل رقم 18، والتي مقرر أن تستمر يومين بحضور وزراء الموارد المائية والري لدول حوض النيل العشر، باعتبار أن مصر رئيسة الدورة الحالية للمجلس التنفيذي لوزراء دول حوض النيل. ويناقش المجلس الوزاري العديد من الموضوعات في مقدمتها، تقرير لجنة المفاوضات حول النقاط العالقة بين دول المنبع ودولتي المصب الخاصة بالإطار القانوني والمؤسسي لمبادرة دول حوض النيل. وأوضح وزير الري، أن الموقف المصري تجاه مياه النيل ومفاوضتها يرتكز دائما على قاعدة الفائدة للجميع، والمحافظة على الثوابت المصرية لحفظ حقوق مصر التاريخية واستخداماتها الحالية من المياه، بل والعمل على زيادة حصتها المائية من النيل عند تنفيذ المشروعات المشتركة مع دول أعالي النيل من خلال مبادرة حوض النيل التي يدعمها البنك الدولي مع الجهات الدولية المانحة. وتأتى اجتماعات المجلس الوزاري لدول حوض النيل، بعد مرور ستة أشهر وهى المدة التي أقرها الاجتماع الوزاري لدول حوض النيل الذي عقد بالإسكندرية في يوليو الماضي للجان الفنية والقانونية، للوصول إلى صيغة توافقية للنقاط العالقة بين دول المنبع ودولتي المصب مصر والسودان، تتعلق بالإطار القانوني والمؤسسي لمبادرة دول حوض النيل. وكانت نقطة الأمن المائي تتمثل في مشروعية اتفاقيات مياه النيل السابقة والمطالبة بالتغيير، نظرا لكونها أبرمت خلال الحقب الاستعمارية ومن ثم تدعو دول المنبع بإحلالها باتفاق جديد، وفى المقابل، تؤكد دولتا المصب مصر والسودان مشروعية تلك الاتفاقيات استنادا إلى مبدأين رئيسيين في القانون الدولي وهما مبدأ التوارث الدولي للمعاهدات، ومبدأ الحقوق التاريخية المكتسبة وعدم جواز المساس بهما، وذلك حرصا على استقرار النظام الدولي. وهذه الحقوق تحفظها وتنظمها عدة معاهدات واتفاقيات مع دول الحوض اعتبارا مناتفاقيتى 1902 و 1906 مع أثيوبيا واتفاقية 1929 مع دول الحوض في البحيرات الاستوائية واتفاقية 1959 مع السودان وكانت جميعها تدور حول عدم إقامة أى مشروعات على مجرى النهر أو فروعه تقلل من نسبة تدفق المياه. أما النقطة العالقة الثانية فهي شرط الإخطار المسبق عند القيام بمشروعات مائية قطرية أو جماعية أو فردية على مجرى الحوض المائي. حيث ترى دول المنبع عدم التقيد بالإخطار المسبق كشرط سابق عن أى مشروعات مائية تزمع إنشاءها لأن ذلك يعوق مشروعاتها التنموية. يذكر أن الوفد المصري اشترط للتوقيع على الاتفاقية الجديدة خلال اجتماعه يوم السبت 23 مايو 2009 فى عاصمة الكونغو الديمقراطية، أن تتضمن الاتفاقية في البند "14 ب" الخاص بالأمن المائي، نصاً صريحاً يتضمن عدم المساس بحصة مصر وحقوقها التاريخية فى مياه النيل، وأن يتضمن البند رقم 8 من الاتفاق والخاص بالإطار المسبق عن أي مشروعات تقوم بها دول أعالي النيل، إتباع إجراءات البنك الدولي في هذا الشأن صراحة، وأن يتم إدراج هذه الإجراءات في نص الاتفاقية وليس في الملاحق الخاصة بها، حيث تهدف مصر من المفاوضات إلى زيادة حصتها ب 11 مليار متر مكعب، أي تصل حصة مصر إلى 66 مليار متر مكعب. وتشهد مصر أزمة في مياه الشرب مع نهاية تسعينيات القرن الماضى، وهو ما دفع د. محمود أبو زيد وزير الري السابق إلى الدخول في مفاوضات بين دول الحوض فس سويسرا عام 1997، لزيادة حصة مصر من النهر، بعد أن أصبحت الحصة الأساسية التي تقدر ب 55 مليار متر مكعب، لا تكفى احتياجات المواطنين ومشروعات التنمية المختلفة. وانتهت هذه المفاوضات إلى وضع "مبادرة دول حوض نهر النيل" في عام 2000، التي تهدف إلى زيادة موارد النهر لدول المنبع أيضاً (أثيوبيا وكينيا وتنزانيا وأوغندا وبوروندى ورواندا والكونغو الديمقراطية). وتتضمن المبادرة عدة مشروعات يتم تنفيذها من خلال برنامجين أساسيين: الأول، برنامج الرؤية المشتركة (SVP)، ويهدف إلى مساعدة الدول فى مجال تجارة الطاقة، والاستخدام الأمثل للمياه للإنتاج الزراعي، وإدارة وتخطيط موارد المياه، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والانتفاع المشترك. وتضمن مشروعات 7 مشروعات، تقدر تكلفتها ب 122 مليون دولار، يتم تنفيذها بمساعدة البنك الدولي والمانحين الدوليين، واتفقت دول الحوض على هذه المشروعات فى مارس 2001، خلال اجتماع وزراء الري في العاصمة السودانية الخرطوم. أما البرنامج الثاني، فهو برنامج العمل العابر للحدود (SAP)، فيهدف إلى تنفيذ مشروعات استثمارية تدر منفعة مشتركة لدول الحوض، وتتضمن مشروعات: معالجة المياه، وتطوير أساليب حديثة للري والصرف، وتطوير أساليب الصيد، وتنمية الطاقة الهيدروكربونية، إنشاء شبكات طاقة إقليمية من ضمنها، وإنشاء خطوط وأنابيب غاز، وتطوير وتحديث وسائل الاتصالات، والنقل الإقليمي مثل الطرق العامة وشبكات، ودعم التطوير الصناعي، وتمت الموافقة على هذه المشروعات فى يونيو 2001، وذلك بتكلفة 79 مليون دولار. وانتهت المفاوضات حول مشروعات وتكاليف مشروعات المبادرة، إلى وضع ميزانيتها وبلغت 211 مليون دولار، يتحملها المانحين الدوليين والبنك الدولي.