أنا حقيقي مش عارفة أبدأ منين، بس أنا مرتاحة أوي لأني هاكتب مشكلتي, أنا بقيت غريبة جدا في تصرفاتي، يعني بقيت تقريبا منعزلة في بيتنا، وعلاقتي بوالدي فيها نوع غريب من الجفاء، أنا مش باكرهه بس مش بحب أحتك بالمعاملة معاه، وده بجد مش بإيدي وماعرفش السبب، حاولت أفكر في السبب بس ماعرفتش. إحنا زمان كان عندنا مشاكل وتقريبا ماما كانت هيّ اللي متوليّة كل شيء في حياتي، يعني من المذاكرة للتربية لمشاكلي, وهو ماكانش له دور نهائي، ولما كبرت مابقيتش أحس تجاهه بأي حاجة، بس بارجع وأقول طب ما البيوت كلها فيها مشاكل، المشكلة اللي أنا فيها إني حاسة بإحساس عقوق الوالدين وخايفة من ربنا، بس والله مش بإيدي، وكل ما أحاول أتقرب أعصابي بتتعب بشكل غريب جدا، وبقيت عصبية في بيتنا أوي، ودايما عندي إحساس بالوحدة، بالرغم من وجود أصحاب ليّ كتير بيحبوني. أنا متقلبة مع أصحابي، يعني ساعات أحس إن دول مثلا كل حياتي وفي لحظة ممكن من جوايا أبقى مش طايقة حد، بس مش بحب أوضّح لهم ده لأنهم مالهومش ذنب، فده بيدّيني إحساس كبير بالذنب وإن أنا منافقة، بس والله أنا مش منافقة، أنا بس لما بابقى متضايقة مش باحكي لحد على حاجة خالص، كتومة بدرجة غبية ومش بالاقي حد معايا. أنا تعبت بجد، تعبت وخايفة من ربنا أوي، خايفة أكون باعوق أبويا، بس والله باخدمهم وباحاول أتغيّر بس مش قادرة.. أنا بس باطلب من اللي هيقروا المشكلة يدعوا لي.. بجد محتاجة للدعوة.. m.merna55
صديقة "بص وطل" العزيزة.. أكيد صديقتي سندعو لك جميعا أن يزيل الله همك وكربك ويلهمك من أمرك رشدا، وأن يطمئن قلبك.
ولكن صديقتي هل لي أن أسألك هل دعوت الله لنفسك، عملا بقول الله تبارك وتعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، وبقوله عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ 0لدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}؟! وسأتخيل أنا الإجابة وأنك بالفعل دعوتِ وتأخرّت الإجابة، وسأقول لك إن الله يحب العبد اللحوح الذي يلازم ربه بالصلاة والذكر والدعاء حتى يطمئن قلبه بذكر الله، عملا بقوله عز وجل: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. ولكن مشكلتك صديقتي تحتاج إلى جانب التقرب لله وجعل العبادة والذكر جزءا ملازما لحياتك أن تفضفضي عما في نفسك أولا بأول، حتى لا تتراكم في نفسك الأشياء لتصبح هموما تثقل على كاهلك وتحوّلك للاكتئاب والمرض النفسي والعياذ بالله. فكيف صديقتي تفضفضين وأنتِ كما تقولين كتومة جدا وتعتبرين هذا عيبا وهو ميزة. وأقول لك إن الورقة والقلم صديق من لا صديق له، وهما ستر وغطاء على مشكلاتنا وأسرارنا، ويمكنك استخدام الورقة والقلم في كتابة مشكلاتك أولا بأول بكل صراحة، وبأدق التفاصيل.. ثم ستتركين الورقة لفترة في مكان أمين ثم تعودين لقراءتها بعد ذلك، وأنا واثقة أنك ستجدين الحل المناسب للمشكلة.. والسبب أنك أثناء الكتابة تفرغين طاقة الغضب والألم النفسي من المشكلة، وعندما تقرئين ستكونين في حالة هدوء نفسي تسمح لك برؤية المشكلة من غير غضب ولا انفعال، فيسهل عليك التغلب عليها، والخروج منها. يعني على سبيل المثال: تحاولي تفتكري حكاياتك مع باباكي وتكتبيها على إنها قصة بأسماء غير الأسماء الحقيقية، وتبدئي القصة من زمان، وكيف تحوّلت علاقتك بأبيك لهذا الجفاء، وتفترضين فروضا منها على سبيل المثال:
هل السبب في هذا البرود والجفاء ناحية أبيك أن أمك هي التي تحمّلت المسئولية كاملة ولم يشاركها أبوك؟ وأنت في داخلك تشعرين أن هذا ظلم لأمك، وأن موقفك بسبب تعاطفك مع أمك؟ ثم تحاولين الإجابة على هذا الفرض، وتقولين لنفسك: يعني إنتي بتعاقبي أبوكي على عدم مشاركته لأمك في المسئولية؟ وتقولي لنفسك هل من حقك أن تعاقبيه؟ ويا ترى عقابه هذا هيصلح شيء ولا العكس زي ما حصل معك فعلا، فلا أنت عاقبتيه ولا كسبتيه؟ طب والحل؟ وتبدأين في فروض للحل من واقع حياتك في بيتك، يعني تقرّبي من أبيك بأن تعملي شاي مثلا له ولك وتقعدي تشربي الشاي معاه وتحاولي تتكلمي في أي حاجة، تعملي له حاجة بيحبها ومتعوّد عليها.. المهم أنتِ أدرى بظروفك في البيت وكيف تستثمرين هذه الظروف حتى تتمكني من إذابة الجليد بينك وبين من بيده رضا ربك عليك برضاه عليك. وبعدما يذوب الثلج يبقى سهل يكون دافي، ثم حار مثل العلاقات الحارة بين المحبين، وخصوصا الوالدين اللي ربنا سبحانه أمرنا ببرهما، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا}. صديقتي.. مشكلتك بسيطة وليس فيها عقوق ولا شيء، كل المشكلة أنك كتومة ولا تناقشين مشكلاتك أولا بأول وهذا ما تسبب فيما أنت فيه، فما عليك إلا بالفضفضة للورقة والقلم، أو تراسلينا وأهلا بك في كل وقت. ولا تنسي أن تقوي علاقتك بالله تبارك وتعالى الذي بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وتوجّهي لمولاك وخالقك سبحانه وتعالى بالدعاء، وناديه بأحب الأسماء إليه، قولي يا رحمن ارحمني، يا عفو اعف عني، يا قوي قوني.. إلخ. وأن تسأليه أن يفتح بينك وبين أبيك بالحق، فهو جل وعلا خير الفاتحين، وعليك بالمداومة وسيستجيب لك ربك إن شاء الله.