إدراج جامعة بدر في تصنيف التايمز لعام 2025 لمساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة    يسرا ومصطفى شعبان في طليعة نجوم الفن العائدين.. هل سيكون النجاح حليفهم؟    «للرجال أيضًا إجازة وضع».. إجازات قانون العمل الجديد تصل ل45 يومًا | تعرف عليها    تراجع أسعار الذهب العالمية بنحو 64 دولار خلال أسبوع    هل تخطط الحكومة لتخفيف أحمال الكهرباء؟ متحدث الوزراء يرد    وزير المالية يكرم الممولين المتميزين الداعمين للمسار الضريبي المحفز «ثقة شراكة يقين»    الحرس الثوري: استهداف الأهواز طال مركز إسعاف دون إصابات    اتفاق بين الزمالك والمدير الرياضي بشأن ميزانية فريق الكرة    تعرف على مجموعة منتخب شباب اليد في الدور الرئيسي ببطولة العالم ببولندا    البرازيل تطرق أبواب "فيفا" لاستضافة مونديال الأندية    متسولة وزوجها خلف مقتل طبيب مخ واعصاب شهير بطنطا داخل شقته    وكيل الأزهر يتفقد لجان معاهد العبور في امتحان الكيمياء    ضبط المتهمين بتعريض حياة المواطنين للخطر على الطريق الزراعي| فيديو    "يمين في أول شمال" في أول لياليه على مسرح السلام.. صور    محمد ثروت: وقوفي أمام ميمي جمال شرف.. وسعيد بفيلم «ريستارت»    كواليس أغنية «أغلى من عنيا» ل هاني حسن الأسمر مع والده الراحل    وزير الصحة يتفقد المركز الحضري بصقر قريش.. ويصرف مكافأة للعاملين    عميد طب قصر العيني: تطوير المناهج وتقليص محتواها يعتمد على استراتيجية عدم التكرار    «امتحانات في عزّ النار».. كيفية تهيئة المناخ المناسب للطلاب؟    «التخطيط»: 7.3 مليار جنيه استثمارات موجهة لمحافظة دمياط خلال 2024-2025    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم اتمنى القرب منك سيدى ودون فراق?!    وزير العمل ومحافظ كفر الشيخ يمنحان خريجات البرامج التدريبية 11 ماكينة خياطة    حزب الاتحاد يعقد اجتماعا استعدادا للانتخابات البرلمانية وفرز المرشحين المحتملين    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم 146    نقابة المحامين توضح إرشادات يجب اتباعها خلال استطلاع الرأي بشأن رسوم التقاضي    الرئيس السيسى وملك البحرين: التصعيد الجارى بالمنطقة يرتبط بشكل أساسى باستمرار العدوان على غزة.. إنفوجراف    بايرن ميونخ يعادل برشلونة ويلاحق إنجاز الريال فى كأس العالم للأندية    تجديد حبس 4 أشخاص بتهمة خطف شاب بسبب خلافات بينهم على معاملات مالية    جنايات شبرا تصدر حكما بالمؤبد ل3 متهمين لإتجارهم بالمخدرات    وكيل الأزهر يطمئن طلاب الثانوية بشأن امتحان الفيزياء: «تتم دراسة ملاحظاتكم» (صور)    انتظار المساعدات فى غزة "مهمة انتحارية".. إسرائيل تقتل الباحثين عن الطعام فى طوابير المساعدات الإنسانية.. طائرات الاحتلال تواصل تدمير مبانى القطاع.. وأوروبا تدرس تعليق التجارة مع "الكيان" لانتهاك حقوق الإنسان    اجرام الصهاينة ليس مع الفلسطنيين فقط…كبار السن دروع بشرية فى مواجهة الصواريخ الايرانية    الناشط الفلسطيني محمود خليل حرًا بعد احتجاز 3 شهور في الولايات المتحدة    رئيس وزراء صربيا يزور دير سانت كاترين بجنوب سيناء    خبير: إيران تستعيد توازنها وتلجأ لاستراتيجية استنزاف طويلة ضد إسرائيل    حسام حبيب يطرح نسخة معدلة من "سيبتك"    "بحوث الصحراء" يطلق قافلة بيطرية مجانية لخدمة المربين بقرى السلوم وسيدي براني    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفي والإعلامى (4)    أسامة ربيع: تعاملنا بشكل فورى واحترافى مع حادث جنوح سفينة RED ZED1    بعد الزيادة.. مصروفات المدارس الحكومية والتجريبية لغات بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026 (لكل الصفوف)    إمام عاشور يغادر معسكر الأهلي المغلق في نيوجيرسي    رئيس جامعة سوهاج: 15 سبتمبر 2025 موعد استلام مشروع مستشفى الجراحات التخصصية    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    ضبط 12 ألف مطبوع تجاري داخل مطبعة بدون ترخيص في القاهرة    وائل جسار يُقبل عَلَم المغرب في حفله ب مهرجان موازين    «قصور الثقافة» تنظم أنشطة فنية وثقافية للأطفال احتفالاً ببداية الإجازة الصيفية    أكاديمية الشرطة تستقبل الملتقى الثانى للمواطنة الرقمية بالتعاون مع وزارة الشباب    رسميًا.. اليوم بداية فصل الصيف في مصر (تفاصيل)    برلماني يطالب بتشديد الرقابة على الأدوية منتهية الصلاحية    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    ديمبلي يزف بشرى سارة لباريس سان جيرمان قبل مواجهة سياتل ساوندرز    «خلوا عندكم جرأة زي بن شرقي».. رسائل من وليد صلاح الدين ل مهاجمي الأهلي    أنشطة معهد الأورام في اليوم العالمي للتوعية بأمراض الدم    ترامب يصرح للمرة الأولى: أمريكا مولت سد النهضة بطريقة غبية    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    مؤمن سليمان يقود الشرطة للفوز بالدوري العراقي    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في مستهل تعاملات السبت 21 يونيو 2025    تركي آل الشيخ يكشف سبب إقامة "نزال القرن" في لاس فيجاس وليس في السعودية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفلام الحافظة الزرقاء.. التوهج
نشر في بص وطل يوم 13 - 09 - 2012

لست ناقدا سينمائيا؛ لكني أعرف جيّدا تلك الأفلام التي هزّتني أو أبكتني أو أضحكتني أو جعلتني أفكّر طويلا.. أعرفها وأحتفظ بها جميعا في الحافظة الزرقاء العتيقة التي تمزّقت أطرافها، وسوف أدعوك لتشاهدها معي لكنها أثمن من أن أقرضها! معظم هذه الأفلام قديم مجهول أو لا يُعرض الآن، لكنها تجارب ساحرة يكره المرء ألا يعرفها مَن يحب.
ستيفن كينج عبقري الرعب وستانلي كوبريك عبقري الإخراج. لقاء السحاب المذهل..
الغريب هنا أن الفيلم جاء تحفة فنية حقيقية، لكنه لم يرق لكينج بتاتا، وشعر بأن أفكاره قد تمّت خيانتها في هذا الفيلم، وأن شخصية كوبريك كانت هي الأقوى، خاصة أن الأخير لم يشاركه كتابة السيناريو، وهذا دفعه ليشبّه الفيلم بسيارة كاديلاك حديثة فاخرة لكنها بلا محرك ولا تذهب لأي مكان.. وقد قام بكتابة سيناريو آخر للفيلم، وتم تقديمه في فيلم تليفزيوني متوسط النجاح والقيمة على كل حال. فيما بعد قال كلمته الشهيرة: "كوبريك رجل يفكر كثيرًا جدًا لكنه لا يحسّ!"، من ثم قال كوبريك: "ستيفن كينج يحسّ كثيرًا جدًا لكنه لا يفكر!".
خرج هذا الفيلم للعالم عام 1980، وأذكر أنني شاهدته في السينما وأنا طالب في سنوات الكلية الأولى وانبهرت به كثيرًا.. وقرأت الرواية بعد ذلك بعشر سنوات تقريبًا.. بعد خمسة عشر عامًا أخرى كتب عليّ أن أتكلم عنه وعن سينما الرعب في ساقية الصاوي، عندما قرر بعض الشباب المتحمس عرضه ضمن برنامج يهدف لعرض مائة فيلم عالمي لا بد أن تراها.. وهو مشروع رائع طموح من الطبيعي جدًا ألا يستمر!
اندهشت جدًا لما عرفت أن فيلم اليوم قوبل بفتور عندما عُرِض أول مرة، هو الفتور التقليدي الذي يقابل به أي فيلم جديد للعبقري ستانلي كوبريك.. هذه هي القصة الحتمية دائمًا.. بعد أعوام يعود الناس لمشاهدة الفيلم، فيكتشفون أنه سابق لعصره وأنه تحفة، وبعدها يتحول الفيلم إلى واحد من كلاسيكيات السينما..
حدث هذا مع 2001 أوديسا فضائية.. وحدث مع فيلم اليوم.. ومن الغريب أن النقاد العظام من أمثال روجر أيبرت وغيرهم كان رأيهم متحفظًا في البداية، ثم تضخّم إعجابهم اليوم حتى إنك لا تصدّق أن نفس الشخص هو قائل نفس الكلام.
المخرج العظيم مارتن سكورسيز اعتبره من أكثر عشرة أفلام إرعابًا في التاريخ، وقال روبرت دي نيرو إنه لم ينم لمدة أسبوع بعد مشاهدته.
الأهم أن دخول ستانلي كوبريك مجال الرعب أضفى على أفلام الرعب قيمة لا شكّ فيها..

دخول ستانلي كوبريك مجال الرعب أضفى على أفلام الرعب قيمة
الفيلم يحكي ببساطة قصة فندق مسكون.. قصة بسيطة جدًا يقدر أي مخرج على أن يقدّم منها فيلم حرف (ب) معقولاً.. لكن بين يدي كوبريك يتحول الفيلم إلى عمل خارق.. أولاً هناك المجاز الواضح.. إن فندق أوفرلوك المخيف ليس سوى رأس جاك تورانس بما فيه من مخاوف وعُقَد.. هناك الإيقاع البطيء جدًا الذي يبني الرعب مع الانتظار، وهذا درس مهم: بطء الإيقاع قد يفيد فيلم الرعب أكثر من سرعته.. وهناك جو التوجس الغريب، وهناك ذلك الإحساس بالمكان الشاسع الذي يمكن أن يوجد فيه أي شيء.. هناك تصوير جون ألكوت البارد الرائع. وهناك اللغز الذي أقضّ مضجع هواة السينما والذي يظهر لنا طرف منه في نهاية الفيلم ويجعلنا نتساءل من البداية..
جاك نيكلسون (اسمه في الفيلم جاك تورانس) مؤلف قصصي يحاول أن يعالج نفسه من إدمان الخمر. هذه نقطة مهمة جدًا، ومن أجلها كتب ستيفن كينج قصته، وقد تضايق جدًا لأن كوبريك تجاهل هذه النقطة إلى حد كبير.. وهي تجربة شخصية مرّ بها..
من أجل الفرار من الخمر والبحث عن إلهام قصصي جديد، يقرر جاك تورانس وزوجته وابنه أن يقوموا بحراسة فندق كبير منعزل هو فندق أوفرلوك.. الفندق فاخر واسع.. لكن المشكلة هي أن الثلوج تحاصره في الشتاء تمامًا، ويكون عمله هو الصيانة وتذويب الثلج في المواسير.. إلخ.. فيما عدا هذا يمكنه اعتبار الفندق غرفة مكتب عملاقة مليئة بالحجرات..
نعرف كذلك أن ابن جاك يملك موهبة نفسية معينة ويملك حاسة تجعله يقرأ أفكار الآخرين، يطلق عليها اسم (التوهج)، ويكتشف أنه يشارك الطباخ الأسود المسنّ نفس الموهبة.
إن حياة الأسرة في الفندق رتيبة مملة، خاصة مع عذاب جاك بسبب شوقه إلى الخمر، كما نعرف أنه آذى ابنه بقسوة ذات مرة.. إن الأم تحمل الكثير من المخاوف لكنها تؤدي عملها بكفاءة.. شيلي دوفال بملامحها المليئة بالرعب ووجهها العظمي تؤدي الدور ببراعة، وقد أتعبها كوبريك كثيرًا ببحثه عن الكمال وجداول التصوير المرهقة، حتى إنها فقدت مساحات كبيرة من شعر رأسها بسبب توتر تصوير هذا الفيلم..
هناك أشياء عجيبة في هذا الفندق.. ثمة شيء ما مخيف.. وهناك غرفة يحوم الرعب حولها.. هذه أشياء يشعر بها الصبي أولاً.. جولات داني الطويلة في الفندق بعرببته تثير شعورًا أصيلاً بالرعب، وهي من أهم عناصر التوجس في الفيلم.. المتاهة وصوت العجلات والاندفاع والمستوى المنخفض الذي يشعرك بالعجز.. تم تصوير هذه اللقطات بكاميرا تم صنعها للفيلم خصيصًا، وانتشرت بعد ذلك هي "ستيديكام".. ولع كوبريك بالدقة جعله يضع لعربة الصبي عداد سرعة؛ كي يستعمل ذات السرعة في اللقطات المتتابعة ولا تختلف من كادر لآخر.

إضغط لمشاهدة الفيديو:
هناك قصة عن خادم بالفندق قتل أسرته، وهناك طفلتان تظهران لداني من حين لآخر ويرى جثتيهما. هناك متاهة من الأشجار يصعب الخروج منها، وقد بدأ الثلج يغطيها...
في الوقت ذاته يبدو واضحًا أن جاك ليس على ما يرام.. إنه منهمك في التأليف لكنه منعزل وعصبي.. أداء جاك نيكلسون في الفيلم صورة كاملة للجنون، ويبدو أنه أراد إعادة تقديم صورة القاتل المجنون الصارخة التي كانت تقدّم أيام السينما الصامتة.. يدخل البار الفارغ ليجري محادثات طويلة جدًا مع أشباح سقاة، ومع ذلك الساقي الذي ذبح أسرته.

إضغط لمشاهدة الفيديو:
ثم تأتي أشنع لحظات الفيلم عندما تدخل الزوجة مكتب زوجها لترى ما كتبه حتى اللحظة، فتكتشف أنه سود مئات الصفحات بعبارة: "الكثير من العمل بلا راحة.. يجعل جاك صبيًا غبيًا".
هنا تدرك أن زوجها مجنون.. ببساطة مجنون.. تأمّل عينيها وهي تكتشف هذا الكشف المروع..

إضغط لمشاهدة الفيديو:
تتصاعد الأحداث مع تزايد جنون جاك. هناك مشهد السلم الشهير وهو يتقدم نحو زوجته وقد بدأ يتعامل ويتصرف كمذءوب.. لا نعرف هل جنّ أم إن مسًا شيطانيًا أصابه.. تم تصوير هذا المشهد عشرات المرات بسبب وسواس الإتقان الذي يعاني منه كوبريك..

إضغط لمشاهدة الفيديو:
وتضطر الزوجة لسجن زوجها الذي لم تعد تعرف من هو حقًا.. هنا نتساءل بلا توقف: هل هناك أشباح في الفندق حقًا؟ أم إن عقل جاك المريض أوجدها؟ هذا نموذج للراوي الذي لا يوثق فيه، والذي قد يكون يخدعنا بما يحكيه..
والآن يقتحم جاك الغرفة على زوجته مهشمًا الباب بالبلطة، ويطل من الفتحة مرددًا في مرح:
"هو ذا جوني!"
أثناء التصوير هشّم نيكلسون الباب بسهولة؛ لأنه كان يعمل في المطافئ سابقًا، وهكذا تم استبدال 117 بابًا للوصول للقطة التي أرادها كوبريك المجنون..

إضغط لمشاهدة الفيديو:
وفي النهاية تدور مطاردة مرعبة.. جاك يطارد ابنه داني بالبلطة ليذبحه، والزوجة تائهة بين ابنها وزوجها الذي جنّ تمامًا.. إن مشهد جاك نيكلسون وهو يركض في المتاهة وسط الثلج يذكرك فورًا بالمينوتور في المتاهة الكريتانية.. ونهايته مفجعة وقاسية فعلاً لكنك تشعر أنها الحل الوحيد..

إضغط لمشاهدة الفيديو:
تم تصوير هذه المشاهد المبهرة في الثلج فعلاً، ولك أن تتصور أن حامل الكاميرا الستيديكام راح يطارد جاك نيكلسون والصبي حاملاً الكاميرا الثقيلة، حتى اضطروا لوضع قناع أكسجين على وجهه حتى يجد هواء يتنفسه أثناء التصوير.. في الرواية تشعر بحزن من أجل جاك الذي فقد حياته بسبب مسّ شيطاني، أما في الفيلم فأنت راضٍ عن موته.. فهو شيطان..
على أن الفيلم يحمل لنا مفاجأة أخيرة سوف تجعلك عاجزًا عن النوم لمدة أسبوع.. السبب هو كثرة الأسئلة التي ستملأ رأسك، ولن تصل لجواب مريح أبدًا..
التوهّج عمل فني مبهر رائع الجمال، وهو قطعة من السينما الخالصة.. ترك أثرًا في كل فيلم رعب جاء من بعده.. وهو يؤكد قاعدة لا تفشل أبدًا: ستانلي كوبريك عبقري لم يوجد مثله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.