الطريق إلى البرلمان.. انتهاء اليوم الأول من تلقى أوراق الترشح في انتخابات مجلس النواب    محافظ الجيزة يعتمد حركة مديري ووكلاء الإدارات التعليمية    وكيل «تعليم البحيرة» يشهد ندوة «التعليم بين تحديات الحاضر ورهان المستقبل»    نائب محافظ الأقصر يشارك في احتفال مصنع سكر أرمنت بانتصارات أكتوبر | صور    توقيع مذكرة تفاهم لتنفيذ البرنامج العالمى الخاص بأكاديمية إتش بى للابتكار والتعليم الرقمى HP IDEA فى مدارس WE للتكنولوجيا    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاربعاء 8102025    التحالف الوطنى يقدم خدمات متنوعة ل 18 ألف مواطن فى برنشت بالعياط    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    توتر جديد في القدس.. بن غفير يقتحم المسجد الأقصى ويدعو ل«نصر كامل» على حماس    عاجل- السيسي يشيد بالدور التاريخي للقوات المسلحة الجزائرية في حرب أكتوبر خلال اتصال مع الرئيس تبون    ألمانيا تمنح الشرطة صلاحية إسقاط الطائرات المسيرة بعد حوادث مطار ميونيخ    مواجهة نارية.. موعد مباراة السعودية وإندونيسيا في الملحق الآسيوي    استعدادا للسوبر الأفريقي.. بيراميدز يستأنف تدريباته    برنامج تأهيلي لثلاثي الزمالك المصاب    تعدي 6 طلاب على زملائهم أمام مدرسة بالتجمع.. والأمن يتدخل    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    عاجل- الداخلية تناشد المواطنين بالتقديم بجهة واحدة لحج 2026    تأجيل دعوى تعويض ضد الفنان أحمد صلاح حسني بسبب حادث سيارة    ضبط 19 طن دقيق مدعم بالمخابز السياحية    من هو عمر مؤنس ياجي الفائز بنوبل في الكيمياء؟ أمريكي أردني من أصل فلسطيني ومعه جنسية سعودية    قصر ثقافة حلوان فى ثوبه الجديد.. مسرح وقاعات أنشطة بأحدث التقنيات    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 8 اكتوبر 2025 فى المنيا    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    احذر هذه الأطعمة على معدة فاضية.. تسبب مشاكل في الهضم    السيطرة على حريق نشب فى مخزن سيراميك على طريق مصر الإسماعيلية    تأجيل محاكمة ميدو بتهمة سب وقذف الحكم محمود البنا    خالد العناني مديرًا عامًا لليونسكو.. والريادة الثقافية والحضارية موطنها مصر    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    بلخي: إعادة بناء النظام الصحي في غزة ضرورة إنسانية عاجلة    بالأسماء.. إصابة 9 مواطنين في حادث تصادم سيارتين على طريق شبرا بنها الحر    طارق العوضي: البرلمان الحالي غير مؤهل للنظر في «الإجراءات الجنائية»    في ذكرى ميلاد فارس السينما.. «أحمد مظهر» العسكري المثقف الذي سكن قلوب الجمهور    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    «فصل الشتاء».. نصائح للوقاية من الأمراض الموسمية    بلخي: اجتماع اللجنة الإقليمية بالقاهرة يناقش إصلاحات جذرية لمستقبل الصحة في المنطقة    السيسي: الوضع الاقتصادي يتحسن يومًا بعد يوم.. ولسه الأفضل قادم    أشرف عبد الباقي ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى اليوم    «فضل الشهادة والتضحية في سبيل الوطن» في ختام فعاليات الأسبوع الثقافي لوزارة الأوقاف    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    نجاة رئيس الإكوادور من هجوم على موكبه    مشاركة دولية غير مسبوقة في بطولة مصر لهواة للجولف 2025    الأهلي يعود للتدريبات اليوم استعدادًا لضربة البداية بدوري الأبطال    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    السيسي يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    رئيس هيئة الشراء الموحد يبحث مع مستشار الرئيس للصحة الموقف التنفيذي لمشروع «المخازن الاستراتيجية»    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    اسعار الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر سينمائية كيف تصنع فيلما بصبغة تجارية عالي القيمة‏(2‏ من‏2)‏
نشر في الأهرام المسائي يوم 26 - 10 - 2010

قدم كوبيرك فيلما للإثارة والحركة من خلال فيلم بريق كالكثير من أفلام السينما الامريكية التي نري فيها قاتلا مجنونا أو سفاحا‏,‏ وهذا ما كانت تهيم فيه شركات هوليوود حبا‏
ولكن من خلال هذا الفيلم العادي والتجاري قدم كوبريك وجهة نظر عميقة وفلسفية لطبيعة المجتمع الأمريكي والأفكار المسيطرة عليه‏..‏ ومازالت بالإضافة إلي انه قام بتطوير فني وتكنيكي للسينما‏,‏ لجأ إليه من أجل توصيل أفكاره بصريا للمشاهد‏,‏ لقد أصبح هذا الفيلم ذو الصبغة التجارية تحفة في حوليات السينما‏.‏ دلالات الفيلم تقرأ من خلال الغوص فيما وراء الظاهري البادي للعيان‏,‏ فالفندق أقيم علي مقبرة جماعية للهنود مثل الولايات المتحدة الامريكية‏(‏ الدولة وليس الموقع الجغرافي‏),‏ التي قامت علي دم الهنود الحمر الذين ذبحتهم فصائل المهاجرين الاوروبيين ليقيموا دولتهم‏,‏ وبالتالي فإن هذا الفندق رمز واضح لأمريكا‏,‏ وعائلة جاك رمز لسكانها‏.‏
عندما يأتي الطاهي الزنجي لزيارة عائلة جاك‏,‏ يدخل المطبخ ليفتح ثلاجات ومخازن الفندق ليريهم ما تحتوي خزانته من أطعمة ومعلبات‏,‏ فهذا الفندق رمز لمجتمع الوفرة الامريكي الاستهلاكي‏,‏ ولكنه معزول عن العالم الخارجي بجبال الثلوج المتراكمة حوله من كل جانب‏.‏
وتلك العزلة ليست جغرافية ولا سياسية‏(‏ في حالة أمريكا‏)‏ ولكن قيمية‏,‏ فمازال الامريكيون يرزحون تحت نفس المفاهيم البالية التي قامت عليها دولتهم من وجهة نظر كوبريك‏.‏
المجتمع يجعل من افراده وحدات مستنسخة نماذج متكررة‏,‏ نفس الرؤية‏,‏ نفس الموقف من الحياة‏,‏ الأمور ليست سوي تكرار لما سبق‏,‏ مع اختلاف اللحن عبر العصور‏,(‏ يشير الفيلم لذلك من خلال الزوجة التي تكتشف ان زوجها يكتب نفس الجملة مئات المرات‏,‏ والزوج يعتقد انه سبق له الوجود في ذلك الفندق من قبل‏)‏ المجتمع ينسخ افراده علي نفس الشاكلة‏,‏ بل والأجيال المتعاقبة تتناسخ ارواحها حتي اننا في نهاية الفيلم نري جاك نيكلسون‏(‏ الزوج المجنون‏)‏ داخل برواز صورة معلقة في بار الفندق يرجع تاريخها إلي عام‏1921,‏ اي انه كان موجودا كفكرة تتكرر عبر الأزمنة‏,‏ كبناء متحجر يعاد انتاجه عبر الأجيال‏,‏ التاريخ علي الصورة التي يظهر فيه الزوج ذو دلالة شديدة الأهمية‏,4‏ يوليو‏1921‏ فهو يوم الاستقلال في أمريكا‏,‏ يوم إعلان قيام الولايات المتحدة كما نعرفها الآن الجنون الذي ينتاب جاك ويدفعه للقتل‏,‏ ليس بجنون ولكنه العقل نفسه‏(‏ ؟‏)‏ فهو يقوم اسرته ويرشدها للطريق الصحيح عبر القسوة والقمع السبيل الوحيد لتطهير النفس من الداخل‏.‏
الوحيدون الذين يمكن لهم النجاة من تأثير تلك النمطية المدمرة في التفكير والقاتلة لأي اختلاف هم‏..‏ الأقليات والأطفال‏,‏ فالأقليات مستبعدة من المجتمع اصلا سواءبالفقر أو بالاضطهاد‏,‏ وبالتالي فهي غير مقتنعة بتلك الأفكار الديماجوجية حول الأسرة والقيم والامريكية‏,‏ ولا تنصاع لها او تقع تحت تأثيرها‏,‏ اما الأطفال فهم مازالوا في طور التكوين ولم تتم لهم عملية غسيل المخ التي تعرض لها الكيس في البرتقالة الميكانيكية فيلم كوبريك‏,‏ لذا فإن الأقليات والأطفال في الفيلم متقاربون يتخاطبون مع بعضهم البعض عن بعد‏,‏ ويستشعرون قدوم الخطر كما حدث بين الطاهي الزنجي والطفل الصغير‏.‏
الطاهي يفقد حياته وهو يحاول انقاذ الطفل‏,‏ والطفل يحاول ان يهرب هو وأمه فيدخل في متاهة‏,‏ حيث يطارده الأب المجنون‏(‏ جاك نيكلسون‏),‏ يريد تقويمه او قتله‏.‏
يعد الفيلم أكبر نقد للمجتمع الامريكي من وجهة نظر كوبريك‏,‏ ذلك المجتمع الذي يدفع بناؤه القيمي‏,‏ افراده إلي سلوك مجنون عنيف وهم يرون ان ما يفعلونه هو عين العقل‏,‏ قد يكون هذا العنف اقتصاديا او دينيا او حتي عنصريا فالكل في سباق للتفوق للتميز لاستبعاد الآخر تحت اي مسمي‏,‏ وما يفعله الأفراد تفعله الدولة‏,‏ فهي ليست سوي التعبير عن الروح التي تسود المجتمع وتجسيد لمصالح الطبقات السائدة‏.‏
أما في جانب التكنيك‏,‏ فإن الكاميرا التي استخدمت في تصوير الفيلم نوع جديد ساهم كوبريك في تطويره وعرفت فيما بعد باسم ستيدي كام وكان هذا هو اول استخدام لهذا النوع من الكاميرات في تاريخ السينما‏(‏ وان كانت قد اصبحت مستعملة في كل انواع التصوير اليوم حتي خلال المباريات الرياضية‏)‏ وهي عبارة عن كاميرا تلتصق بجسم المصور عن طريق حامل يربط في جذعه‏,‏ يمكنه من التقاط الصور بدرجة ثبات عالية‏,‏ وفي نفس الوقت تستطيع الكاميرا الدوران في كل الاتجاهات وليس حول محورها فقط‏.‏
سمحت الستيدي كام لكوبريك بانزال الكاميرا قريبا جدا من مستوي الأرض‏,‏ وتتم حركة الترافلينج بها دون اي اهتزازات عفوية من قبل المصور‏,‏ وكان كوبريك يصور اللقطة اكثر من عشرين مرة للحصول علي لقطتين او ثلاث شديدة الجودة قبل المشاهدة في المونتاج‏.‏
من المشاهد الصعبة والشهيرة في الفيلم‏,‏ هذا المشهد نري فيه الطفل يركب دراجته داخل ممر الفندق والكاميرا تتابعه‏,‏ مع صوت العجلات علي الأرضية الباركية كان من المفترض في هذا المشهد ان توجد الكاميرا علي بعد سنتيمترات من الأرض وتنتقل بسرعة بالقرب من عجلة الطفل‏,‏ سواء امامها او خلفها لكن لم تنجح المحاولة في تصوير المشهد عن طريق المصور حاملا للكاميرا‏,‏ لان سرعته لم تجار سرعة الدراجة‏,‏ وكانت اللقطة متعبة فتم تثبيت الستيدي كام علي كرسي متحرك تم تطويره من قبل كوبريك وبذلك تمكن المخرج من تحريك الكاميرا بسرعة اكبر ومن علي مسافة قريبة من الأرض‏,‏ وقد قرر كوبريك ان يزود الكرسي المتحرك بعداد للسرعة بحيث يتمكن من معرفة السرعة التي تم بها تصوير اللقطة‏,‏ حتي يحدد نفس السرعة في حالة اعادة التصوير‏(‏ حالة من الدقة المتناهية تصل إلي حد المرض‏).‏
اما في المشاهد التي صورت داخل متاهة الحديقة حيث كان جاك يجري وراء ابنه وزوجته الهاربين منه فكانت الكاميرا ترسل صور الفيديو مباشرة إلي المونيتور لكي يراها كوبريك‏,‏ وكانت إعادة اللقطات تتطلب ان يعود الممثلون والفنيون من جديد إلي البداية داخل المتاهة‏,‏ وهو ما كان شديد الصعوبة‏,‏ حيث لم يكن من السهل معرفة الطريق دون الاستعانة بخريطة مع استعمال جهاز اتصال‏.‏
هناك مشهد تتم فيه متابعة آثار الإقدام علي الثلج داخل المتاهة‏,‏ وصور عن طريق الستيدي كام المحملة علي جذع المصور‏,‏ الذي زود بقناع للأوكسجين حتي يستطيع التقاط انفاسه المتلاحقة اثناء عملية الجري حاملا الكاميرا‏,‏ وزود اسفل حذائه بنعل مشابه لحذاء الطفل حتي يترك علي الأرض نفس اثار الإقدام التي يتركها الطفل‏,‏ حيث أن حذاء المصور اكبر بالطبع‏,‏ والثلج المتراكم في الفيلم لم يكن سوي مسحوق ابيض‏,‏ هذه الدقة والإبداع في بناء العمل دراميا عبر سيناريو محكم‏,‏ ومن خلال ابداع وابتكار في تصوير الفيلم وإخراجه تحول فيلم رعب عادي إلي تحفة من تحف السينما‏.‏
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.