القانون يحدد ضوابط العلاوة التشجيعية للموظفين.. إليك التفاصيل    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم ورياضة.. كليات ومعاهد متاحة والحد الأدنى 2024    النيابة العامة تقرر إخلاء سبيل صاحب فيديو المتحف الكبير.. الشاب فى التحقيقات:"هدفى من صناعة المقطع ونشره الترويج للافتتاح".. وجدل السوشيال ميديا مستمر حول دعم الفكرة والتأكيد على الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية    سعر الموز والتفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 16 أغسطس 2025    السيطرة على حريق محطة كهرباء بإدفو وعودة التيار    تعرف على حالتين يحق فيهما إخلاء السكن القديم.. وفقًا للقانون    زيلينسكي: روسيا قصفت عدة مناطق في يوم المفاوضات ويجب أن تنهي الحرب التي بدأت بها    ليفربول يدين الهتافات العنصرية ضد مهاجم بورنموث    فلسطين.. زوارق الاحتلال تستهدف بإطلاق النار بحر خان يونس جنوب قطاع غزة    ألاسكا تكشف الفرق الكبير بين استقبال بوتين وزيلينسكي    «زي النهارده».. وفاة الرئيس الأوغندي عيدي أمين 16 أغسطس 2003    قمة ألاسكا.. ماذا قال البيت الأبيض عن لقاء ترامب وبوتين؟    بعد تسجيله هدفًا.. تقييم محمد صلاح في مباراة ليفربول ضد بورنموث ب الدوري الإنجليزي    خوسيه ريبيرو: الأهلي على الطريق الصحيح .. وأمتلك ثلاثة حراس على مستوى عال    10 أهداف افتتاحية.. محمد صلاح يتربع على عرش البريميرليج    ماذا قال ريبيرو بعد فوز الأهلي على فاركو برباعية ؟    محمد شريف: تسجيل الأهداف عمل جماعى.. وتعلمنا من أخطاء مباراة مودرن    ضم عمرو ناصر واستبعاد المهدى سليمان وبانزا من قائمة الزمالك أمام المقاولون    النيابة العامة تقرر إخلاء سبيل صاحب فيديو المتحف المصري الكبير    بعد تصديق الرئيس.. القانون يمد خدمة المعلمين المتقاعدين لمدة 3 سنوات    إصابة 6 أشخاص باشتباه تسمم في إحدى قرى المنيا    هل يُعاقب القانون من أخطأ بنيّة سليمة؟.. واقعة فيديو المتحف المصرى تطرح السؤال    مروان بابلو يشعل مهرجان العلمين بأغاني "ديفا" و"ماتمشيش"    وزير الثقافة يعلن انطلاقة فعاليات الدورة ال33 من مهرجان القلعة ويُكرِّم 12 مبدعا.. رئيس الأوبرا: المهرجان رحلة وجدانية تجمع أصداء الماضى ونبض الحاضر.. وفريق وسط البلد يعبر عن أحلام الشباب بقصص حيوية    عبيدة عروسة فى حفل زفاف أسطورى بكليب "ضحكتك بالدنيا" بتوقيع بتول عرفة    «زي النهارده».. وفاة الفنانة علوية جميل 16 أغسطس 1994    3 أبراج «لا يُقهرون» اليوم: يهتمون بالأمور الصغيرة ويحققون إنجازات عظيمة    مراد مكرم: «القانون لا يُطبق على حسب لبس البنات.. ده شغل مصاطب»    «لو بتكح كتير».. تحذير قد يكشف إصابتك بمرض رئوي خطير    بعد ساعات.. غلق كلي ب كوبري الجلاء في الاتجاهين لمدة 3 ساعات    دول حوض النيل فى قلب مصر    رياضة ½ الليل| كارثة شوبير.. الأهلي يرتقي للوصافة.. زيزو بطل الليلة.. الحرس يتخطى البنك.. وبداية تهديفية لصلاح    قرار هام من التريبة والتعليم حول تظلمات الدفعة الثانية ل 30 ألف معلم    بمشاركة محافظ المنيا ونائب وزير الصحة.. اجتماع موسع لبحث تطوير المنظومة الطبية    تأثير كوب القهوة يختلف من شخص لآخر.. اعرف السبب    تليفزيون اليوم السابع يستعرض أبرز ما يميز النسخة المطورة من تطبيق مصر قرآن كريم.. فيديو    انسحاب منخفض الهند.. حالة الطقس اليوم السبت: «أغسطس يُصالح مُحبى الشتاء»    وكيل صحة المنوفية يوضح حقيقة سقوط أسانسير مستشفى بركة السبع    موعد صرف مرتبات أغسطس 2025 بعد زيادة الحد الأدنى للأجور    محافظ القليوبية يقدم واجب العزاء لأسر ضحايا حريق القناطر الخيرية    أسوشيتد برس: ترامب يستغل اجتماعه مع بوتين لجمع التبرعات    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على فاركو برباعية    أونروا: إسرائيل تتحمل المسئولية كاملة جراء الدمار والمعاناة فى غزة    محافظ الوادي الجديد يعتمد المرحلة الثانية للقبول بمدارس التعليم الفني    بضمان محل إقامته.. إخلاء سبيل عبد الرحمن خالد مصمم فيديو المتحف المصري الكبير    حفل افتتاح مهرجان القلعة.. سهرة طربية وتكريمات بحضور وزير الثقافة    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    وزير الأوقاف يختتم زيارته لشمال سيناء بتكريم 23 شابا وفتاة من حفظة القرآن الكريم بقرية 6 أكتوبر بمركز رمانه (صور)    خطوات التظلم على قرار منع السفر وفق قانون الإجراءات الجنائية    أخبار 24 ساعة.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة "دور ثانى" غدا    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 16 أغسطس 2025    محافظ المنيا يفتتح مسجد العبور ويؤدي صلاة الجمعة بين الأهالي (صور)    خطيب المسجد الحرام: الحر من آيات الله والاعتراض عليه اعتراض على قضاء الله وقدره    خطيب الأزهر يحذر من فرقة المسلمين: الشريعة أتت لتجعل المؤمنين أمة واحدة في مبادئها وعقيدتها وعباداتها    مؤسسة شطا تنظم قافلة صحية شاملة وتكشف على الآلاف في شربين (صور)    حكم من مات في يوم الجمعة أو ليلتها.. هل يعد من علامات حسن الخاتمة؟ الإفتاء تجيب    بطعم لا يقاوم.. حضري زبادو المانجو في البيت بمكون سحري (الطريقة والخطوات)    الكنيسة الكاثوليكية والروم الأرثوذكس تختتمان صوم العذراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر سينمائية أنطونيوني سابر أغوار النفس البشرية بكاميرا سينما
نشر في الأهرام المسائي يوم 25 - 03 - 2010

جاء موت أنطونيوني في نفس يوم وفاة برجمان يجسدا برحيلهما نهاية عصر سينمائي كانت يه السينما امتدادا لحركة الفنون الأخري وانعكاسا لتطور العلوم الإنسانية‏..‏ فترة قصيرة لم يحيها العالم سوي ثلاثة عقود علي أكثر تقدير كانت فيها السينما فنا تشكيليا وطرحا فلسفيا ونضالا سياسيا وتحليلا اقتصاديا‏.0
تياركبير امتد من نهاية الأربعينيات وحتي بداية الثمانينيات برز فيه فيسكونتي وفيلليني وروسلليني ودي سيكا وبازوليني ورينوار وكوكتو وجودار واورسون ويلز وكوبريك و إيزنشتين وتاركوفسكي وفاسبندر ولينش وفيندرز وكازافيتس وكارلوس ساورا وبونول وغيرهم الكثيرين بعضهم مات وبعضهم توقف‏.‏ كان انطونيوني في خلال هذا الحشد خير من صور النفس البشرية بالأشعة ليظهر نواقصها وعيوبها وقوتها وضعفها في نفس الوقت‏.‏ كانت البداية مثل كل ايطاليي السينما في تلك الفترة واقعية جديدة مع الأعمال التسجيلية‏(‏ أناس من وداي بو‏1943)(‏ كناسون المدن‏1984)‏ حيث رسم حياة الطبقات الدنيا من سكان المدن فيلم تسجيلي يعد الوجه الآخر لعملة الواقعية الجديدة التي تقبع علي وجهها الأول أفلام مثل سارق الدراجة وروما مدينة مفتوحة ثم‏(‏ كذبة الحب‏1949)‏ الذي حوله بعد ذلك لفيلم روائي من اخراج فردريكو فيلليني تحت اسم
‏(‏ الشيخ الأبيض‏),‏ يعود انطونيوني للريف الايطالي من جديد ليقدم‏(‏ الخرافة‏1949)‏ عن المعتقدات المتخلفة والعادات التي تمارس في ريف إيطاليا‏.‏ بداية تنذر بظهور نجم جديد من نجوم تلك الواقعية ولكن الواقع ينبئ بعكس هذا مع أول أفلامه الروائية الطويلة‏1950(‏ وقائع حب‏)‏ حيث جريمة قتل علي خلفية من علاقة حب وروح السينما السوداء الأمريكية ولكن حتي الآن مازال النقاد يرون خلفية اجتماعية لأفلامه‏(‏ الزوج القتيل رجل غني والزوجة والعشيق من الطبقة العاملة‏),‏ أول علامات التحول جاءت مع فيلم‏(‏ نساء فيما بينهم‏1955)‏ حيث يرصد علامات عدم التواصل داخل إيطاليا ما بعد الحرب مجتمع عادت له عافيته من بعد الدعم الأمريكي ولكنه انقسم بحدة بين شمال غني وجنوب فقير‏,‏ شمال غرق أفراده في الذات وبدأت تظهر عليه بوادر التقدم وأمراضه‏(‏ وحدة ملل اغتراب عدم تواصل‏),‏ كان فيلمه‏(‏ الصرخة‏1957)‏ هو بداية لرصد مبكر للتحول الذي ستشاهده الطبقة العاملة الايطالية بعد ذلك بوضوح من تفكك أسري وتحول عن الصراع الطبقي والمعاناة من المشاكل العاطفية والنفسية للطبقة المتوسطة علي أثر تحول المجتمع‏,‏ الفيلم ينتهي بانتحار عامل لأسباب عاطفية وهو ما أثار حفيظة الكثيرين من ثوريي الحزب في تلك الفترة الذين كانوا ولايزالون مفعمين بالحلم البروليتاري‏.‏
تأتي قنبلة انطونيوني في مهرجان عام‏1960‏ مع‏(‏ المغامرة‏)‏ أول أفلامه مع مونيكا فيتي التي ستلازمه بعد ذلك في الكثير من أعماله ليعلن بداية سينما جديدة تقترب من الأدب النفسي حيث لحظات صمت طويلة دون مونتاج وإيقاع بطيء متعمد لتعميق الحدث واختفاء غريب لفتاة من البرجوازية يقع صديقها في حب زميلتها أثناء البحث عنها‏.‏ كانت المغامرة إعلان جديد ان ذلك المخرج الذي برع بعد ذلك في تقديم شخصية الأوروبي في فترة ما بعد الحرب حيث الفردية وعدم التمسك بالأشياء أو الرموز وبداية عذاب النفس البشرية في مجتمع الرفاهية‏.‏ فيلم المغامرة هو بداية لثلاثية أرست أسلوب أنطونيوني علي مستوي عالم فن السينما‏,‏ فمع فيلم‏(‏ الليل‏1961)‏ و‏(‏ الخسوف‏1962),‏ تنفصل الأحبة وتفشل الحياة الزوجية في الثلاثة أفلام وتبدأ مرحلة أفلام عدم التوافق في المجتمع الحديث ليكون الانفصال هو البديل للاستمرارية‏,‏ عند أنطونيوني تكتمل ملامحها‏,‏ يبرع أنطونيوني في المزج بين تثبيت الزمن داخل الفراغ حيث لا تدور الكثير من الأحداث في إطار كادري مدروس هندسيا بشكل دقيق يجعل من الصور المتحركة ثابتة علي الشاشة متحركة بالمعني داخل ذهن المتفرج‏.‏ أول فيلم ملون لأنطونيوني وآخر أعماله مع مونيكا فيتي ونهاية مرحلة ايطاليا مع المخرج قبل الانتقال لهوليوود
‏(‏ الصحراء الحمراء‏1964)‏ حيث نري مونيكا فيتي تعاني من آثار حادث تجعلها تجوب أرجاء مصنع زوجها شاردة حتي تلتقي بصديق لزوجها‏,‏ قدم الفيلم مزيجا من الألوان شديدة الحرارة لعالم الماكينات والصلب ودخان المصانع مما جعل الكثيرين يعتبرون الفيلم هو أول فيلم عن البيئة في تاريخ السينما‏,‏ ولكن الغريب أن أنطونيوني قدم عالم التلوث هذا بشكل جمالي ملون وكأننا أمام غابة من غابات الطبيعة فلم يكن المقصود غابة المدن الصناعة الباعثة للتلوث في عالمنا المتقدم بقدر التحول الحادث لبشر تلك الغابة الحديثة من الداخل حيث إن كما كنا نشاهده في الخارج ليس سوي أنعكاس لحالة بطلته الداخلية وما تمر به‏,‏ وقد صنع أنطونيوني مشهدا متماثلا مع لوحة ما تيس الشهيرة‏(‏ الصحراء الحمراء‏)‏ حيث لاتوجد أي صحراء بل امرأة تعد المائدة لطعام الغداء مع خلفية حمراء لكل اللوحة ولعله أراد بذلك أن يقدم لنا بهذا مفتاحا لفيلمه‏,‏ فمثلما لا توجد صحراء بلوحة ماتيس فان صحراء الفيلم ليس ما نراه أمام أعيننا بل ما يدور داخل مونيكا فيتي بطلة الفيلم‏.‏ الانتقال إلي أمريكا كان بمساعدة المنتج كارلو بونتي وكان الانفجار من فيلم‏(‏ تكبير الصورة‏1966)‏ والذي يحقق نجاحا كبيرا جعل مترو جولدن ماير تتعاقد معه علي فيلمين آخريين وفسر نجاحه بمشاهده الجنسية وقصته البوليسية ولكن أنطونيوني طرح من خلال الفيلم قضية أخري‏,‏ قضية الفن للفن في مواجهة الفن للواقع حيث أن البطل مصور أزياء يرغب في التحول لمصور محترف للواقع‏.‏ يمل البطل من التقاط اللحظة مجرد اللحظة مع صور عارضات الأزياء‏,‏ وتأتي له الفرصة مع صورة في حديقة عامة لمشهد بلا معني يلتقطه بكاميراته ليجد نفسه يسجل لحظات جريمة‏.‏ يظن نفسه عرف كل شيء عبر أول صورة للواقع بالتقاطها يعتقد أنه وصل لليقين ولكن الأحداث تعلن عن خطئه فلا صورة الواقع هي الواقع نفسه ولا يقينه بالحقيقة هي الحقيقة نفسها‏.‏ أراد أنطونيوني بذلك الإدلاء برأيه في القضية الأزلية هل التقاط صور الواقع هي الواقع نفسه؟ وهل الفن مجرد انعكاس للواقع؟ لذا نري في الفيلم لوحات للفن التكعيبي و التجريدي وبالذات تلك للفنان الفرنسي مارسيل دوشان‏,‏ وتكون صديقة البطل الرسامة هي المقابل الموضوعي لصور الواقع الذي يقدمها بطل الفيلم الساعي نحو كشف الحقيقة بعدسة كاميراته‏.‏ تأتي تجربتا أنطونيوني الأمريكتان مخيبتين لآمال الشركة المنتجة لعزوف الجمهور‏(‏ نقطة زيبريسكي‏1969)‏ و‏(‏المهمة صحفي‏1975)‏ فتنتهي فترة إرساء قاربه علي شواطئ هوليود ليعود مبحرا إلي إيطاليا دون عمل لمدة خمس سنوات قبل أن يخرج فيلم‏(‏ التعرف علي امرأة‏1982),‏ حيث يبحث مخرج سينمائي عن بطلته التي لم يحدد شخصيتها ولا ملامحها بعد ليعكس لنا شخصية أنطونيوني نفسه الذي لم يعد يستطيع التعايش مع العالم الجديد الذي أصبحت عليه إيطاليا‏,‏ معزولا باحثا عن مجهول‏,‏ سيجده ولكن هل كان يستحق البحث عنه كل هذا المجهود والتردد؟ يمرض الأستاذ بالشلل وتنتهي علاقته الفعلية مع العمل ولكن فيم فيندرز يعيده من جديد بقبوله العمل كمساعد له كضمان لشركة الإنتاج فيكون فيلمه‏(‏ ابعد من الغيوم‏1995)‏ عبارة عن مجموعة قصص حب لا تتم أو تنتهي بالفشل بالرغم من وجود الرغبة‏,‏ لعل هذا الفيلم انعكاس لحب أنطونيوني للسينما وحال المرض فيما بينهما‏.‏ آخر أعماله كان فيلما قصيرا في تلاثية‏(‏ أيروس‏2002)‏ مع سوديوربرج وونج كاري واي عن الحب والجسد جاء تفوق كاري واي فيها ليغطي علي الجميع‏.‏
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.