تاريخ السينما لم يصنعه المخرجون الطليعيون بمفردهم, بل إن من يتابع تاريخ السينما بعمق يجد أن أكثر من ثلاثة أرباع الأفلام التي صنعت فن السينما في تاريخها الطويل هي في الأصل أفلام تجارية قدمتها شركات كبري هدفها الأول و الأخير كان هو الربح. عبر تلك النوعية من الأفلام في كافة أنحاء العالم تم تطوير فن السينما و صيغت له لغة تعبيرية خاصة به, في مجال الإضاءة و الصوت و استخدمه دراميا في العمل من بعد أن كانت السينما ممسرحة في بداية ظهور الصوت, و بالطبع تم تطور فن المونتاج هذا الفن الخاص بالسينما و الذي بدأ كوسيلة للصق شرائط الفيلم بعضها البعض ليتحول إلي فن مستقل يدخل في صلب أدوات الفيلم التعبيرية. هؤلاء المخرجون و أفلامهم الصانعين للجزء الأكبر من تاريخ السينما هم أسماء كبيرة في عالم سينما العصابات و السينما البوليسية و أفلام رعاة البقر و بعد ذلك سينما الخيال العلمي بل و حتي السينما الكوميدية أسماء في هذا العالم تشمل هيتشكوك, و جون فورد وشابلن و جون هيستون و فيرتز لانج و رينوار و رينيه كلير و روسيليني و دي سيكا, و كيرساوا, و هم من روادا السينما البسيطة و التي تندرج تحت النوعيات المعروفة من بوليسي و كوميدي و اجتماعي, و ليسوا رواد للسينما الطليعية أو التجريبية. نجح هؤلاء المخرجون في صناعة أفلاما تدخل الحوليات و تسجل في تاريخ السينما لأنهم استعملوا موهبتهم في تقديم أعمال سينمائية جعلت فن السينما يخطو للامام في ترسيخ نفسه كفن مستقل في حد ذاته ويرسخ مفاهيمه و لغته الخاصة. لم يحتج هؤلاء علي سلطة رأس المال التي كانت مسيطرة و تتدخل في كل كبيرة و صغيرة في صناعة الفيلم بل قدموا من خلالها أعمالا عكست موهبتهم و قدراتهم. و بالتالي فإن السينمائي الجيد هو من يصنع سينما جيدة من خلال ما هو متاح له من نوعية سينمائية مفروضة عليه.. و يعد ستانلي كوبريك واحد من هؤلاء العظام الذي حول فيلمه' بريق'1980 رواية من روايات الرعب إلي عمل سينمائي يتحدث عن نشأة الولاياتالمتحدةالأمريكية و الخطايا التي ارتكبت في تاريخها القصير إلي أن وصلت لتصبح أقوي دولة في العالم. قدم كوبريك فيلم'Shining' أو بريق عن قصة لستيفن كينج احد أكثر المؤلفين مبيعات في الولاياتالمتحدة, والمتخصص في قصص الرعب والإثارة, وقد حولت قصته السابقة' كاري' إلي فيلم رعب من إخراج بريان دي بالما عام1975. وحقق نجاحا تجاريا كبيرا. ميزانية فيلم كوبريك تخطت18 مليون دولار, وهو ما كان يعتبر في الثمانينيات ميزانية كبيرة. تدور قصة الفيلم حول' جاك تورانس') جاك نيكلسون مدرس سابق يقبل وظيفة حارس بفندق كبير مغلق أثناء فترة الشتاء, لرغبته في العزلة لإنهاء رواية يكتبها. ينتقل إلي فندق' اوفرلوك' في كلورادو, وهو وزوجته' ويدني' وابنه' داني' وتلتقي الأسرة هناك بزنجي يعمل طباخا في الفندق أثناء فترة الصيف. الابن' داني' يمتلك قدرة وموهبة كشف المستقبل قبل حدوثه مثل الطباخ الزنجي; ويتخاطب الاثنان عن بعد, أقيم الفندق علي مقبرة للهنود الحمر,ويقال انه مسكون بالأرواح الشريرة, يعزل تساقط الجليد الفندق عن العالم الخارجي. جاك يبدو و كأنه تمت السيطرة عليه من قبل الأرواح التي تسكن الفندق, حيث يقوم بتصرفات غريبة تصل الي حد الجنون, ويقدم علي محاولة ذبح أسرته بعد أن تسبب في قتل الطاهي الزنجي. يشاهد جاك أشباحا منها البارمان في بار الفندق, ويدير معه حوارا وسط حفل يكتظ بالمدعوين الذين يشاهدهم في سترات السهرة السوداء الشهيرة في حين إن النساء يرتدين ملابس ترجع إلي عام1920.. ويراود البطل شعور بأنه كان في هذا المكان من قبل, بينما ينصحه البارمان بان يكون عنيفا مع زوجته وابنه. من ضمن الأشباح التي يراها.. شبح لسيدة تخرج عارية من الحمام, جميلة رشيقة تدعوه إليها, ولكن عند اقترابه منها.. تتحول إلي جثة تسير علي قدمين تملا التجاعيد جسمها كله. تعد هذه العناصر كلها عناصر مثالية لفيلم رعب تقليدي من تلك النوعية التي عادت للظهور في السبعينيات في هوليوود( موتي يعودون من العالم الاخر عنف مجنون قتل) ولكن في حقيقة الأمر فان( شايننج أو بريق) فيلم أعمق بكثير من أن يكون فيلما رعب تافها, فالفيلم مليء بالدلالات والإيحاءات والرموز, وقد يظن البعض انه من الممكن أن لا يقبل النقد' الجاد' كون مخرج كبير مثل كوبريك مجرد مخرج لأفلام الرعب.. وقد وصفت النقد بالجاد حتي لا استعمل كلمة المتحذلق, وبالتالي تبتكر أية دلالات وهمية لإعطاء الفيلم معاني غير موجودة فيه.