وماذا يقولُ النّهرُ في طريقِهِ؟
…سيقولُ لا يمرُّ بي أحَدٌ مرَّتَيْنِ.
…
ويقولُ لا الماءُ يستقِرُّ على مائِهِ، ولا زبَدُ السّواقي يُثمرُ عِشقًا عابِرًا، ولا يُعرقِلُني الحَجَرُ المَنذورُ لحَصوَتَيْنِ.
…
ويقولُ لا هذا الوجهُ وجهي، ولا قواربُ الصَّيدِ (...)
على خشبةٍ معلَّقةٍ من الفَراغِ، فوق الفَراغ، ها هُم ما زالوا يلعَبُون بالغُبار؛
هَبْوَةٌ. ثورٌ جائعٌ يخرجُ من الصُّدورِ ويجُرُّ عربَةً من ذَهَبٍ. عجائزُ يُخفون همومَهم في التَّجاعيدِ الّتي استقرَّت في وجوهِهم. صبايا من رخامٍ ينقطُ من شعورِهنَّ ماءُ (...)
(1)
وكانَ أنْ قيلَ لهُ إنَّ لكلِّ شيءٍ أَجَلاً، وأنَّ كلَّ شيءٍ عُرضةٌ للتغييرِ والتحوُّلِ والنّهايةِ، بما ذلك الوقتُ.
وقيلَ لهُ إنَّ الذي لا يتغيّرُ، تتغيرُ النَّظرةُ إليه والموقفُ منهُ والتعاملُ به.
وكان هو يُحاولُ أن يترُكَ ما يعيشُ أكثرَ منه. (...)
****
(1)
"حيرامُ"(1) يأتي من كتُبِ التَّاريخِ المُشوَّشِ، مُحمَّلًا بغابَةٍ من الأرْزِ. يربطُ نعلَيْهِ الخشبيَّين في الإسطبلات الملكيَّةِ، ويجثو في المحابِرِ الكهنوتيَّة.
ظِلَالٌ تنشَقُّ من ظِلالِ الوَادِي، وتصعَدُ في الطَّريقِ إلى بيوتٍ نسِيَتْها (...)
****
(1)
في باريسَ يتفتَّحُ الضَّوْءُ الخفيفُ في أحواضِ الفَيْءٍ الطَّفيفِ؛ صبيَّةٌ تطيرُ على قِرْطَيْنِ طائِرَيْنِ، إلى طاولةٍ مُدوَّرَةٍ كغمّازتَيْها، وتحطُّ في كأسِ النَّبيذِ.
وهُناكَ، في النَّواحي، عناقيدُ كَرْمٍ بعيدٍ تقطُرُ خمْرًا شفيفًا في (...)
من ثوبِها المُطرّزِ على طريقةِ بَدْوِ الجُنوب، كانت تنهمرُ روائحُ الأسفارِ القديمة.
قالت إنَّ اسمَها "رُوثْ".
لم أصدِّقْ.
خرجَت من نفسِها في ذلكَ المساءِ العاديّ. تركَت جلدَها على الأريكةِ وانطلقَت حافيةً، بلا ظلٍّ، إلى اللّيمونةِ القزَمَةِ (...)
كانت الأسواقُ ما زالت تُبدِّلُ أسعارَها، ولا تبيعُ أحدبَ نوتردام لجيشِ إسبارطا. وهو يأتي من هناك، تارةً بإزميلٍ حجريٍّ ومطرقةٍ من خشبٍ، تارةً بيدَيْنِ من البرونز وساقينِ من حديدٍ، تارةً بعينٍ واحدةٍ وساقٍ مُعلّقةٍ في الهواءِ، تارةً بعباءةٍ مزّقَها (...)