الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
فلسطين.. 6 شهداء جراء قصف طائرات إسرائيلية لمنزل في جباليا شمالي قطاع غزة
ترامب: يجب تمكين الرئيس من حماية الاقتصاد الأمريكي
مفاجأة، ريا أبي راشد تعلن خوض تجربة التمثيل لأول مرة (فيديو)
سعر السمك اليوم والجمبري بالأسواق الجمعة 30 مايو 2025
الحوثيون يعلنون مهاجمة مطار بن جوريون وسط إسرائيل بصاروخ فرط صوتي
طاهر أبوزيد ينتقد الخطيب.. ويوجه له رسائل خاصة بسبب بيراميدز
بعد إمام عاشور.. (3) لاعبين ينتظرون عفو حسام حسن
مصرع شاب صدمته سيارة والده عن طريق الخطأ في العاشر من رمضان
عيار 21 يسجل رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة بعد الانخفاض
حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد
ترامب: يسعدني ترشيح بول إنجراسيا لرئاسة مكتب المستشار الخاص في الولايات المتحدة
أسامة كمال: 600 يوم من الإجرام الإسرائيلي وغزة لا تزال تتنفس وتكتب التاريخ بالدم
روسيا تتهم حليفتها صربيا بالخيانة لتوريدها الأسلحة إلى أوكرانيا
في 13 نقطة مفصلة، النص الكامل لمقترح ويتكوف بشأن وقف حرب غزة
رئيس "حماية المستهلك": 550 موظفا بالجهاز لخدمة 110 ملايين مواطن
بالأسماء، وزير البترول يصدر حركة تكليفات وتنقلات لبعض رؤساء شركات القطاع
إمام عاشور يكشف كواليس غرامة المليون وتصرفه مع مدرب بيراميدز: بذلنا 200% من جهدنا بعد صدمة صن داونز
إمام عاشور: زيزو هنأني بعد الفوز بالدوري.. وهذه رسالتي لميسي قبل كأس العالم للأندية
"بسبب بن رمضان وتريزيجيه".. إمام عاشور يكشف حقيقة طلبه تعديل تعاقده مع الأهلي
عضو مجلس الأهلي يتحدث عن.. إيرادات النادي.. أسعار تذاكر مونديال الأندية.. وحقيقة مفاوضات رونالدو
الأهلي يوضح حقيقة خلاف حسام غالي مع الإدارة
ديوان عام محافظة الجيزة يعلن توفر عدد من الوظائف
موعد نتائج سنوات النقل للمرحلة الثانوية في البحيرة برقم الجلوس (روابط)
مصرع شاب في انقلاب سيارة على طريق أسيوط – الوادي الجديد
بالأسماء، إصابة 23 شخصا في انقلاب أتوبيس عمال وردية بمدينة السادات
«الأرصاد» تكشف عن طقس اليوم الجمعة.. والعظمى في القاهرة 32
موعد أذان الفجر اليوم الجمعة ثالث أيام ذي الحجة 1446 هجريًا
20 صورة ومعلومة عن الفنانة هايدي رفعت بعد خطوبتها
هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟
"الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟
سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 30 مايو 2025
ضبط 3431 أسطوانة غاز و1000 لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة
إحالة 5 متهمين للمحاكمة الجنائية لاستدراجهم آخر وهتك عرضه
زينة تظهر ب «نيولوك» جديد في أحدث أفلامها (صور)
ننشر استعدادات محافظ الإسماعيلية لاستقبال عيد الأضحى
الوكيل: شراكة قوية بين الحكومة والقطاع الخاص.. والقطاع الخاص يساهم بأكثر من 80% في الاقتصاد المصري
4 أبراج «بيحبوا السيطرة».. قياديون يتمتعون بالكاريزما لكن ثقتهم الزائدة قد تتحول لغرور
ليلى علوي تحتفل بنجاح نجلها خالد في مشروع التخرج.. ماذا قالت؟
بعد إزالة الوشم.. أحمد سعد يصلي في غار حراء والمسجد النبوي (صور)
والدة إبراهيم شيكا: "عايزة كل قرش في ورث ابني ومراته بصمته في المستشفى"
زلزال بقوة 4.4 ريختر يضرب باكستان
"مصر الخير" تطلق جائزة ريادة العطاء 2025 لمحور المياه النظيفة
الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية
تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»
وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية
وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور
متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة
أحمد رضا: هدفي أمام بيراميدز كان حاسمًا.. وهذا طموحي في المونديال
«الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا
المنوفية تُطلق جيلًا رقميًا جديدًا في وحدات الرعاية.. وتُنهي 96 دورة تدريبية
مطار سفنكس يستعد لاستقبال الوفود الرسمية المشاركة في افتتاح المتحف المصري الكبير
"مستقبل وطن" يستقبل وفدًا من السفارة الأمريكية بالقاهرة لتبادل الرؤى حول العلاقات الثنائية والقضايا الدولية
خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار
رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات بكلية الهندسة بشبرا
يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية
بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية
كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي
جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
خزّافٌ وبابانِ وأكثر – (من كتاب "ترنيمةٌ للقديم)
فريد قاسم غانم
نشر في
شموس
يوم 21 - 11 - 2015
(1)
وكانَ أنْ قيلَ لهُ إنَّ لكلِّ شيءٍ أَجَلاً، وأنَّ كلَّ شيءٍ عُرضةٌ للتغييرِ والتحوُّلِ والنّهايةِ، بما ذلك الوقتُ.
وقيلَ لهُ إنَّ الذي لا يتغيّرُ، تتغيرُ النَّظرةُ إليه والموقفُ منهُ والتعاملُ به.
وكان هو يُحاولُ أن يترُكَ ما يعيشُ أكثرَ منه. وتساءلَ، بلُغةٍ يكادُ لا يفهمُها: ألَسْنا، جميعاً، نتحدّى النهايةَ ببناءِ ما يصبو إلى البقاءِ؟
كان ذلك في زمنٍ بعيدٍ كَسَتْهُ الطَّحالبُ ورُفَاتُ الفقَريَّاتِ البحريّة حتى صارَ مثلَ رُكامِ سفينةٍ أبحرتْ عاموديّاً إلى بطنِ المحيطِ. وحدثَ أنَّ الخزّافَ الهَرِمَ مرَّ في هذا الزّمنِ المُطَحْلَبِ على مكتبةٍ شبهِ مُعتِمةٍ. فاستنشقَ فيها رماداً دافئاً وملأ جيوبَهُ بالضَّوءِ الممزوجِ بالعَتْمةِ، وغسلَ وجهَهُ بغُبارِ الأيامِ والشِّعرِ المُشْبَعِ بالمعادنِ. وراحَ يخلِطُ الصَّلصالَ والماءَ بروحِهِ المُتْعَبَة(1).
وكان يدندِنُ:
للشَّمسِ بابان،
ورُواقٌ فضفاضٌ مُتهدِّلٌ، يبدأُ مِنْ عينيْنِ مائلتيْنِ، خلفَ شرقِ ناغازاكي،(2) ويسقطُ عندَ غربِ الجبالِ المُضمَحِلّة.
أخذَ الخزّافُ من العينَيْن لونَ قشرةِ الباذنجان، ووضعَهما عندَ جبينِ الجرَّةِ، وواصلَ الدَّنْدنة:
للشَّمسِ بابان،
وعشّاقٌ ينامونَ حتى الضّحى،
وعمّالٌ وفلّاحون ينتظرونَها عندَ المفترقاتِ،
وسيِّداتٌ ينتهينَ من أحمرِ الشِّفاهِ، بدقَّةٍ دوماً، بعدَ الظّهيرة.
ولها رملٌ راحِلٌ أَبَداً يبحثٌ عن رفيقٍ أو جناحِ نسرٍ يستظلُّ بهِ أو مكان.
ولها حصىً يئنُّ تحتَ وقعِ الخطى فيُفشي سِرَّ المُشاةِ السَّائرين على حذاء.
ونمْلٌ صامتٌ على روائحِ دَرْبِهِ،
وقفزةُ يَعْسوبٍ، نافدُ الصّبْرِ، نحوَ شبَّاكٍ في الفضاء.
وسِربٌ من طُيورٍ في شكلِ نونٍ. ولَها،
قُبيلَ الرّحيلِ، بحرٌ مِن أُرْجُوان.
(2)
كانَ الخزّافُ يُحِسُّ بالكلامِ يدفقُ في شرايينِهِ، ويُصابُ بدوارٍ من غزارةِ الأشياءِ، ولكنَّهُ لا يفهمُ شيئاً أو هكذا يظنُّ.
وكانَ، حينَ استراحَ على دُخانِ سيجارتِهِ وقهوتِهِ التي فتَرَتْ عندما تُرِكتْ وحيدةً على خشبةٍ مسكونةٍ بالرُّطوبةِ، أنْ وقَعَ منه الإيقاعُ فانكسر.
لملمَ، برموشِهِ المُشعَّثةِ، شظايا الّلحنِ، جبَلَها بزخَّةٍ من عرقِهِ المُتساقطِ من مزرابِ أنفِهِ التُّرابيِّ، ورمّمَها بالسَّبّابةِ والإبهامِ والنَّفسِ الدّاكنِ وألصقَ النُّوتاتِ الصّامتةَ على حزامِ الجرَّةِ.
ثمَّ مرَّرَ الخزّافُ راحةَ أبي نصرٍ البُصَري(3) على بطنِ الجرَّةِ، وداعبَها عند السُّرَّةِ بلونٍ خَبَّازيٍّ.
وراحَ يُغنّي:
للشَّمسِ بابان،
وبابٌ ثالثٌ.
وخلقٌ كثيرٌ يخلعونَ الحراشِفَ والخياشيمَ في الطَّريقِ من بحرٍ إلى برٍّ،
ووسادةُ ريشٍ مُبعثرَةٌ على السَّقفِ القديم.
وأطفالٌ مُعلَّقونَ على رُسومٍ نائِمَةٍ في الشّاشاتِ النائِمة.
وكهولٌ يسهرونَ على جمْرِ الذكرياتِ وعلى رسوماتِ الكهوفِ المُظلِمة.
ولها كلُّ شيء.
لها كلُّ النّهارِ.
لها حَمَامٌ يطير.
لها هديلٌ.
لها ثُغاءٌ وصرصرَةٌ.
ولها صريرٌ وريشةُ طاووسٍ وغيثٌ غزيرٌ وبردٌ زمهريرٌ وقحطٌ جزيلٌ ومواءٌ وزئير.
ولها صهيلٌ سريعٌ ونهيقٌ بطيءٌ ورفسَةُ جاموسٍ ولسعةُ برغوثٍ وخرطومٌ ونابان.
لها نعيقٌ، ولها نعيبٌ، ولها زعيقٌ، ولها نُباحٌ وانفلاقةُ صرخَةٍ وتنهيدةُ عاشقٍ وبهرجَةٌ ولطمٌ على صدرٍ وهرجٌ ومرجٌ وولولةٌ وكفٌّ وخدّان.
لها نَقْرُ قَطْرٍ من سطحٍ دالِفٍ،
لها شفاهٌ مُشقَّقةٌ وتململُ جذرٍ وطرفَةُ نجمةٍ وخَرير.
لها سقسقةٌ تَخرُجُ خِلسةً من خلفِ ستائرِ الأشجارِ، وصلاةُ حرذونٍ على حجرٍ ساخنٍ على درْبِ الحَرير.
لها لحظةُ دفءٍ تحتَ الِّلحافِ،
ولحظةُ ريحٍ على سعفِ النَّخيل،
ولها حفيفُ فُستانٍ، ودغدغةٌ وهأهأةٌ ونقيقُ ضفدعةٍ وفحيحُ الأفعُوان.
(3)
لم يفقهْ حرفاً واحداً ممّا كانَ يغنّي، لكنَّهُ كان مغموراً بالمَشاعِر.
وحينَ نضجت الجرَّةُ على راحتيِّ أبي العزِّ الفُسطاطي(4) واشتدَّ صدرُها واكتحلَتْ بدائرةٍ من الخُضرةِ النُّحاسيّةِ وزهرةِ الّلوتُس، واستلقَتْ في استداراتٍ أخّاذةٍ في انتظارِ الّلمْسَةِ قبل الأخيرةِ، غابَ الخزّافُ في دخانِهِ، وراحَ ينفثُ بصوتِهِ المهروء:
للشَّمسِ بابان.
وبابٌ ثالثٌ ووجوهٌ كثيرة.
والّليلُ وحيدٌ، خارجَ الأسوارِ، يبيعُ الخِفافَ الثَّقيلةَ والخناجرَ، والنجومَ المخبوزَةَ بالسُّمسُمِ، وكعكاً مقدسِيّاً بنكهةِ نجمةِ الصُّبحِ والأرصفةِ الحجريّةِ، وحكاياتٍ عن وحْلٍ وفخّارٍ، وقهوةً مُرَّةً في الطريقِ إلى جنازةِ البحرِ الميِّتِ، وإعصاراً حبيساً في جوفِ حِصان.
(4)
وأنشَدَ الخزّافُ، فيما كان يعانِقُ الجرَّةَ ويكفكفُ دمْعَها على كتِفِ كيراميكوس(5)، وينفخُ النّارَ وأنفاسَهُ على حبَّاتِ النّدى المُستظلَّةِ عندَ انحناءاتِ العُنُق:
للشَّمسِ بابان.
وبابٌ رابعٌ.
ومَمرٌّ رتيبٌ، وغيمٌ شاردٌ على طولِ الطّريقِ وعَرضِ الطّريقِ،
وخصرٌ نحيفٌ، وقنبُلتانِ من رُمَّان.
ولها شعرٌ يلوِّحُ بالقلوبِ، وعيونٌ وسعَ المدى، وحكايةُ حبٍّ، وسيفٌ،
وحَدَّان.
(5)
ويمرُّ الخزّافُ، بالأحمرِ القاني ولونِ بندورةِ الشّيري النّاضِجة، على حافّةِ الشَّفةِ المستديرةِ، ويمدُّ صوتَهُ بحِداءٍ معقوفٍ، يشبِهُ عنقَ بعيرِ على حافّةِ صحراء:
للسَّيفِ حدّان.
واحدٌ لذبحِ القتيلِ من الوريدِ إلى الوريد، وإثارةِ النَّوافيرِ الدّمشقيّةِ على إيقاعِ خِياناتِ
غرناطة
، في شكلِ قوسِ قُزح.
وحدٌّ لذبحِ صاحبِهِ،
بلُيونةٍ،
بطَراوةٍ،
بلطافةٍ،
مثلِ القُبْلةِ الخبيثة.
ويُقهقهُ الملِكانْ(6).
(6)
ثمَّ كان، في الزَّمنِ المبتعِدِ-المقتربِ، أنَّ الخزّافَ وضعَ قلبَهُ في الجرَّةِ القيشانيّة(7)، وأخذَ يغنّي من داخلِها:
للشَّمسِ بابان،
وبابٌ خامسٌ، وليلٌ يسهَرُ كلَّ الّليلِ عندَ الجِدار.
وللبابِ بطنٌ وظَهرٌ وإفريزٌ وبابان.
وبابٌ ثالثٌ.
وأسرارٌ وذاكرةٌ وثُقْبٌ وخيطُ هباءٍ ووجْهان.
ووجهٌ ثالثٌ.
وفَيْروزٌ عندَ العيونِ، واستراقةٌ مثلُ مفتاحِ علي بابا، وأكثرُ من شهْوَةٍ، وصَخَبٌ خفيفٌ وهمسٌ صاخبٌ، وبياضٌ كامِلٌ،
ولها أرجوحتانِ على الصّدرِ الرّخاميِّ، وتأَرجُحٌ وانكسارُ قلوبٍ وذؤابَتان.
(7)
واسترسلَ الخزّافُ الهرِمُ، فيما تردَّدَ الصَّدى في جَنَباتِ الصَّلصالِ الآيلِ إلى حوريّةٍ، بدونِ وساطةٍ من ضِلعٍ قصيرٍ:
للسّيفِ حدّان،
أو أكثر،
وغِمدٌ وَيَدٌ وقابيلٌ كثيرٌ وقتيلان.
والشيءُ شيئان.
وشيءٌ ثالثٌ.
والرِّيحُ قابِلةٌ، والرُّوحُ شِقّان.
وشِقٌّ ثالثٌ.
والعمرُ سَيَّان.
(8)
وبكى الخزّافُ، بعيونِ الغيبيِّ(8)، فأورقَ الخَزَفُ وغنّى:
للقلبِ بابان؛
بابٌ إليكِ،
وبابٌ إليكِ،
وشبابيكُ مُشرَّعةٌ على كلِّ الفُصول.
وبابٌ ثالثٌ ينتظرُ الخريفَ وسقْطَةَ الألوان.
(9)
ونامَ الخزّافُ نوماً طويلاً، واقتربَ الزَّمان.
وحينَ أفاقَ على فوّهةِ الجرَّةِ، ألقى عينيْهِ المبحوحتَيْنِ عليْها فاكتملت اللَّمْسةُ الأخيرةُ.
وراحَ يُغنّي:
للثَّغرِ الضَّحوكِ العَبوسِ الشّقيِّ،
شَفَتان.
وحُنجرةُ المغنّي انقطعتْ،
وللبحْرِ لِسان.
وعلى الشّفتَيْنِ زفيرٌ
وشَهيقْ.
ومدٌّ وجزْرٌ وسُمٌّ عتيقٌ
وَرَحيقْ.
ودَمٌ
وعَقيقْ.
وشقائقُ النُّعمان.
(10)
عندَ الظهيرةِ انتهى الوقتُ فماتَ الوقتُ، وماتَ الخزّافُ قليلاً في قَيْلُولةٍ عابرةٍ. وعلى الوَحلِ المُقدَّدِ، في هيئةِ هيرموفروديت(9)، انطلقَ عزفٌ منفردٌ وأناملُ كثيرةٌ.
وحينَ أفاقَ من موتِهِ الطَّفيفِ، اكتشفَ الخزّافُ أنّه امرأةٌ.
فراحت تُغنّي فوقَ صَلصالِها ومائِها وروحِها، تحتَ مِحرابِها المُزدانِ بالسّيراميك.
********
إضاءات:
****
1. استعارةُ خلطِ الرّوح بالوحل في صناعة الخزفيّات والفخّار مستوحاةٌ من كتاب "نشيد الحياة" للشاعر العملاق بابلو نيرودا. وهو شاعرٌ من أصلٍ تشيليٍّ، اشتهر بشِعرِه الملحميِّ الذي وثَّقَ تاريخَ استعمار أميركا الجنوبية ومجَّدَ تحريرَها. وقد حاز على جائزة نوبل للآداب.
2. مدينة يابانية قُصفت بقنبلة نوويّة خلال الحرب العالمية الثانية. واليابان تُسمَّى "بلاد الشمس المشرقة"، على أساس المتعارف عليه بأن شروق الشمس يبدأُ من هناك.
3، 4 و 8: صانعو خزف مشهورون في التاريخ الإسلامي، من مناطق مختلفة في العالم العربي والإسلامي.
5. باليونانية. معناها: صانع الفَخَّار. ومن هنا جاءت سيراميك أو كيراميك. والتسمية الأصحّ هي كيراميك.
6.الملكان فرديناند وإيزابيلا اللذان انتصرا على آخر ملوك الأندلس، وطردا المسلمين واليهود.
8. نوع من الخزف الفارسي، نسبة إلى مدينة قاشان الفارسيّة، ثم تطوَّرت صناعتُه وازدهرت في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي.
9. هيرموفروديت، هو المزجُ بين هرمس الرجل الجميل وذي الخِصال الرجوليّة المتكاملة (إلٰه)، وبين أفروديت، إلٰهة الجمال والحب. وكان هذا المزج، بين الرجل والمرأة، هاجساً في الفنون والآداب والفلسفة على مرِّ العصور وله علاقةٌ بظاهرة الخصيِ والغناء.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
أعاد فن الخزف بعد 400 سنة من موته على يد العثمانيين
الصدر.. ساحر الأوانى الذى لا يعرفه المصريون
صبى الفسطاط العصامى.. محمد مندور.. من الفواخير إلى العالمية
قرية تونس
مسافر زادهُ الخيالُ .. والسحرُ والعطرُ والظلالُ .. ظمآنُ والكأسُ في يديه.. والحب والفن والجمالُ
آنية محمد مندور ترقص "باليه"!
هل تعلم ما الفرق بين الخزف والفخار؟
أبلغ عن إشهار غير لائق