الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
الوزراء: نستهدف الحفاظ على مكتسبات ذوي الهمم من إعفاءات السيارات
"القومي للسكان" ينفذ قافلة سكانية طبية توعوية شرق مدينة العريش
محافظ السويس: متابعة المشروعات وتكليف الأحياء لإنجاز ملفات التقنين والنظافة
بشرى سارة.. دعم مشروعات المرأة والشباب في مطروح بتمويلات ميسرة
سفارة الهند بالقاهرة تبحث تعزيز التجارة الثنائية مع مصر
الجامعة العربية تدين تصريحات نتنياهو بشأن إقامة ما تسمى "إسرائيل الكبرى"
وزير الخارجية: الاعتراف الدولى بفلسطين يكشف عزلة إسرائيل
مقتل 3 أشخاص على الأقل ونزوح الآلاف جراء حرائق غابات في جنوبي أوروبا
الزمالك مطالب بسداد 130 مليون جنيه تجنبا لإيقاف القيد.. اعرف التفاصيل
عودة الشيبى لقائمة بيراميدز فى مواجهة الإسماعيلى واستمرار غياب رمضان صبحى
اتحاد جدة يدعم صفوفه بظهير الفتح
عاصفة ترابية تحجب الرؤية فى أسوان.. وإيقاف الملاحة بنهر النيل
محمد شردى يشيد بحملة الشركة المتحدة الخاصة بآداب وقواعد المرور
"ستوديو إكسترا" ينعى الأديب صنع الله إبراهيم: تفرد في الأسلوب وكان صوتا مختلفا بالرواية
وجهان مختلفان ل علا رشدي في "بنج كلي" و"العند"
«السيرة أطول من العمر».. نصائح قاسية من استشاري نفسي للفنان محمد رمضان
"ملف اليوم" يسلط الضوءَ على أزمة تعيينات جيش الاحتلال الإسرائيلي
ما حكم من يحث غيره على الصلاة ولا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب
زوجي رافض الإنجاب مني لأن لديه أبناء من زوجته الأولى.. فما الحكم؟.. وأمين الفتوى ينصح
محافظ قنا يحيل صيادلة في الوحدة الصحية بعزبة الأمير إلى التحقيق
مصر تحصد ذهبية تتابع الرجال ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا بالإسكندرية
السكة الحديد تُعلن مواعيد تشغيل قطارات خط القاهرة - السد العالي
مصرع شاب سقط من أعلى حائط بسوهاج
أمين الفتوى بقناة الناس: المتوفى يشعر بالزائر ويستأنس به
رئيس الأركان الإسرائيلي: نواجه حربًا متعددة الساحات ونتبنى استراتيجية جديدة
محافظ المنيا ورئيس الجامعة يفتتحان وحدة العلاج الإشعاعي الجديدة بمستشفى الأورام
محافظ الجيزة يعتمد تخفيض تنسيق القبول بالثانوية العامة ل220 درجة
ارتفاع مخزونات النفط الخام ونواتج التقطير في أمريكا وتراجع البنزين
خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين
خالد الجندي يوضح أنواع الغيب
إخلاء سبيل 6 متهمين بالتشاجر في المعادى
السلطة الفلسطينية تعرب عن استعدادها لحكم قطاع غزة
الرئيس والإعلام ورهانه الرابح
رئيس اتحاد اليد بعد التأهل التاريخي: قادرين على تخطي إسبانيا
وصية محمد منير
تستعرض جمالها.. ياسمين صبري تخطف الأنظار والجمهور يعلق
بيكو مصر تخفض أسعار أجهزتها المنزلية 20%
محمود ناجي حكما لمباراة أنجولا والكونغو في أمم إفريقيا للمحليين
لتركه العمل دون إذن رسمي.. إحالة عامل ب«صحة الباجور» في المنوفية للتحقيق
الصحة تستكمل المرحلة الرابعة من تدريب العاملين بمطار القاهرة على أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)
أتالانتا يقدم عرضًا ب40 مليون يورو لضم رودريجو مونيز من فولهام
قناديل البحر تعطل أحد أكبر المفاعلات النووية في فرنسا
هذه الأبراج دائما مشغولة ولا تنجز شيئا ..هل أنت واحد منهم؟
روبيو: لا أفق للسلام في غزة مع بقاء حماس في السلطة
التنمية المحلية: مسار العائلة المقدسة من أهم المشروعات التراثية والدينية
رئيس الوزراء يؤدي صلاة الجنازة على الدكتور علي المصيلحي بمسجد الشرطة
مفتي القدس: مصر تسعى جاهدة لتوحيد الصفوف وخدمة القضية الفلسطينية والوصول بها إلى برِّ الأمان
شروط تقليل الاغتراب لأبناء مطروح الناجحين فى الثانوية العامة
حبس وغرامة 2 مليون جنيه.. عقوبة الخطأ الطبي الجسيم وفق "المسؤولية الطبية"
وزارة الرياضة: نسعى لمنظومة خالية من المنشطات.. ونراقب عقوبات الجماهير وعقود اللاعبين
رئيس الوزراء يوجه الوزراء المعنيين بتكثيف الجهود لتنفيذ الوثائق التي تم توقيعها بين مصر والأردن وترجمتها إلى خطط وبرامج على الأرض سعياً لتوطيد أطر التعاون بين البلدين
رغم انخفاض الأمطار وسد النهضة.. خبير يزف بشرى بأن مياه السد العالي
وزير التعليم يكرم الطلاب أوائل مدارس النيل المصرية الدولية
مدبولى يشهد توقيع عقد إنشاء مصنع مجموعة سايلون الصينية للإطارات
الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام
البيضاء تواصل التراجع، أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 13-8-2028 بالفيوم
أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)
كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
خزّافٌ وبابانِ وأكثر – (من كتاب "ترنيمةٌ للقديم)
فريد قاسم غانم
نشر في
شموس
يوم 21 - 11 - 2015
(1)
وكانَ أنْ قيلَ لهُ إنَّ لكلِّ شيءٍ أَجَلاً، وأنَّ كلَّ شيءٍ عُرضةٌ للتغييرِ والتحوُّلِ والنّهايةِ، بما ذلك الوقتُ.
وقيلَ لهُ إنَّ الذي لا يتغيّرُ، تتغيرُ النَّظرةُ إليه والموقفُ منهُ والتعاملُ به.
وكان هو يُحاولُ أن يترُكَ ما يعيشُ أكثرَ منه. وتساءلَ، بلُغةٍ يكادُ لا يفهمُها: ألَسْنا، جميعاً، نتحدّى النهايةَ ببناءِ ما يصبو إلى البقاءِ؟
كان ذلك في زمنٍ بعيدٍ كَسَتْهُ الطَّحالبُ ورُفَاتُ الفقَريَّاتِ البحريّة حتى صارَ مثلَ رُكامِ سفينةٍ أبحرتْ عاموديّاً إلى بطنِ المحيطِ. وحدثَ أنَّ الخزّافَ الهَرِمَ مرَّ في هذا الزّمنِ المُطَحْلَبِ على مكتبةٍ شبهِ مُعتِمةٍ. فاستنشقَ فيها رماداً دافئاً وملأ جيوبَهُ بالضَّوءِ الممزوجِ بالعَتْمةِ، وغسلَ وجهَهُ بغُبارِ الأيامِ والشِّعرِ المُشْبَعِ بالمعادنِ. وراحَ يخلِطُ الصَّلصالَ والماءَ بروحِهِ المُتْعَبَة(1).
وكان يدندِنُ:
للشَّمسِ بابان،
ورُواقٌ فضفاضٌ مُتهدِّلٌ، يبدأُ مِنْ عينيْنِ مائلتيْنِ، خلفَ شرقِ ناغازاكي،(2) ويسقطُ عندَ غربِ الجبالِ المُضمَحِلّة.
أخذَ الخزّافُ من العينَيْن لونَ قشرةِ الباذنجان، ووضعَهما عندَ جبينِ الجرَّةِ، وواصلَ الدَّنْدنة:
للشَّمسِ بابان،
وعشّاقٌ ينامونَ حتى الضّحى،
وعمّالٌ وفلّاحون ينتظرونَها عندَ المفترقاتِ،
وسيِّداتٌ ينتهينَ من أحمرِ الشِّفاهِ، بدقَّةٍ دوماً، بعدَ الظّهيرة.
ولها رملٌ راحِلٌ أَبَداً يبحثٌ عن رفيقٍ أو جناحِ نسرٍ يستظلُّ بهِ أو مكان.
ولها حصىً يئنُّ تحتَ وقعِ الخطى فيُفشي سِرَّ المُشاةِ السَّائرين على حذاء.
ونمْلٌ صامتٌ على روائحِ دَرْبِهِ،
وقفزةُ يَعْسوبٍ، نافدُ الصّبْرِ، نحوَ شبَّاكٍ في الفضاء.
وسِربٌ من طُيورٍ في شكلِ نونٍ. ولَها،
قُبيلَ الرّحيلِ، بحرٌ مِن أُرْجُوان.
(2)
كانَ الخزّافُ يُحِسُّ بالكلامِ يدفقُ في شرايينِهِ، ويُصابُ بدوارٍ من غزارةِ الأشياءِ، ولكنَّهُ لا يفهمُ شيئاً أو هكذا يظنُّ.
وكانَ، حينَ استراحَ على دُخانِ سيجارتِهِ وقهوتِهِ التي فتَرَتْ عندما تُرِكتْ وحيدةً على خشبةٍ مسكونةٍ بالرُّطوبةِ، أنْ وقَعَ منه الإيقاعُ فانكسر.
لملمَ، برموشِهِ المُشعَّثةِ، شظايا الّلحنِ، جبَلَها بزخَّةٍ من عرقِهِ المُتساقطِ من مزرابِ أنفِهِ التُّرابيِّ، ورمّمَها بالسَّبّابةِ والإبهامِ والنَّفسِ الدّاكنِ وألصقَ النُّوتاتِ الصّامتةَ على حزامِ الجرَّةِ.
ثمَّ مرَّرَ الخزّافُ راحةَ أبي نصرٍ البُصَري(3) على بطنِ الجرَّةِ، وداعبَها عند السُّرَّةِ بلونٍ خَبَّازيٍّ.
وراحَ يُغنّي:
للشَّمسِ بابان،
وبابٌ ثالثٌ.
وخلقٌ كثيرٌ يخلعونَ الحراشِفَ والخياشيمَ في الطَّريقِ من بحرٍ إلى برٍّ،
ووسادةُ ريشٍ مُبعثرَةٌ على السَّقفِ القديم.
وأطفالٌ مُعلَّقونَ على رُسومٍ نائِمَةٍ في الشّاشاتِ النائِمة.
وكهولٌ يسهرونَ على جمْرِ الذكرياتِ وعلى رسوماتِ الكهوفِ المُظلِمة.
ولها كلُّ شيء.
لها كلُّ النّهارِ.
لها حَمَامٌ يطير.
لها هديلٌ.
لها ثُغاءٌ وصرصرَةٌ.
ولها صريرٌ وريشةُ طاووسٍ وغيثٌ غزيرٌ وبردٌ زمهريرٌ وقحطٌ جزيلٌ ومواءٌ وزئير.
ولها صهيلٌ سريعٌ ونهيقٌ بطيءٌ ورفسَةُ جاموسٍ ولسعةُ برغوثٍ وخرطومٌ ونابان.
لها نعيقٌ، ولها نعيبٌ، ولها زعيقٌ، ولها نُباحٌ وانفلاقةُ صرخَةٍ وتنهيدةُ عاشقٍ وبهرجَةٌ ولطمٌ على صدرٍ وهرجٌ ومرجٌ وولولةٌ وكفٌّ وخدّان.
لها نَقْرُ قَطْرٍ من سطحٍ دالِفٍ،
لها شفاهٌ مُشقَّقةٌ وتململُ جذرٍ وطرفَةُ نجمةٍ وخَرير.
لها سقسقةٌ تَخرُجُ خِلسةً من خلفِ ستائرِ الأشجارِ، وصلاةُ حرذونٍ على حجرٍ ساخنٍ على درْبِ الحَرير.
لها لحظةُ دفءٍ تحتَ الِّلحافِ،
ولحظةُ ريحٍ على سعفِ النَّخيل،
ولها حفيفُ فُستانٍ، ودغدغةٌ وهأهأةٌ ونقيقُ ضفدعةٍ وفحيحُ الأفعُوان.
(3)
لم يفقهْ حرفاً واحداً ممّا كانَ يغنّي، لكنَّهُ كان مغموراً بالمَشاعِر.
وحينَ نضجت الجرَّةُ على راحتيِّ أبي العزِّ الفُسطاطي(4) واشتدَّ صدرُها واكتحلَتْ بدائرةٍ من الخُضرةِ النُّحاسيّةِ وزهرةِ الّلوتُس، واستلقَتْ في استداراتٍ أخّاذةٍ في انتظارِ الّلمْسَةِ قبل الأخيرةِ، غابَ الخزّافُ في دخانِهِ، وراحَ ينفثُ بصوتِهِ المهروء:
للشَّمسِ بابان.
وبابٌ ثالثٌ ووجوهٌ كثيرة.
والّليلُ وحيدٌ، خارجَ الأسوارِ، يبيعُ الخِفافَ الثَّقيلةَ والخناجرَ، والنجومَ المخبوزَةَ بالسُّمسُمِ، وكعكاً مقدسِيّاً بنكهةِ نجمةِ الصُّبحِ والأرصفةِ الحجريّةِ، وحكاياتٍ عن وحْلٍ وفخّارٍ، وقهوةً مُرَّةً في الطريقِ إلى جنازةِ البحرِ الميِّتِ، وإعصاراً حبيساً في جوفِ حِصان.
(4)
وأنشَدَ الخزّافُ، فيما كان يعانِقُ الجرَّةَ ويكفكفُ دمْعَها على كتِفِ كيراميكوس(5)، وينفخُ النّارَ وأنفاسَهُ على حبَّاتِ النّدى المُستظلَّةِ عندَ انحناءاتِ العُنُق:
للشَّمسِ بابان.
وبابٌ رابعٌ.
ومَمرٌّ رتيبٌ، وغيمٌ شاردٌ على طولِ الطّريقِ وعَرضِ الطّريقِ،
وخصرٌ نحيفٌ، وقنبُلتانِ من رُمَّان.
ولها شعرٌ يلوِّحُ بالقلوبِ، وعيونٌ وسعَ المدى، وحكايةُ حبٍّ، وسيفٌ،
وحَدَّان.
(5)
ويمرُّ الخزّافُ، بالأحمرِ القاني ولونِ بندورةِ الشّيري النّاضِجة، على حافّةِ الشَّفةِ المستديرةِ، ويمدُّ صوتَهُ بحِداءٍ معقوفٍ، يشبِهُ عنقَ بعيرِ على حافّةِ صحراء:
للسَّيفِ حدّان.
واحدٌ لذبحِ القتيلِ من الوريدِ إلى الوريد، وإثارةِ النَّوافيرِ الدّمشقيّةِ على إيقاعِ خِياناتِ
غرناطة
، في شكلِ قوسِ قُزح.
وحدٌّ لذبحِ صاحبِهِ،
بلُيونةٍ،
بطَراوةٍ،
بلطافةٍ،
مثلِ القُبْلةِ الخبيثة.
ويُقهقهُ الملِكانْ(6).
(6)
ثمَّ كان، في الزَّمنِ المبتعِدِ-المقتربِ، أنَّ الخزّافَ وضعَ قلبَهُ في الجرَّةِ القيشانيّة(7)، وأخذَ يغنّي من داخلِها:
للشَّمسِ بابان،
وبابٌ خامسٌ، وليلٌ يسهَرُ كلَّ الّليلِ عندَ الجِدار.
وللبابِ بطنٌ وظَهرٌ وإفريزٌ وبابان.
وبابٌ ثالثٌ.
وأسرارٌ وذاكرةٌ وثُقْبٌ وخيطُ هباءٍ ووجْهان.
ووجهٌ ثالثٌ.
وفَيْروزٌ عندَ العيونِ، واستراقةٌ مثلُ مفتاحِ علي بابا، وأكثرُ من شهْوَةٍ، وصَخَبٌ خفيفٌ وهمسٌ صاخبٌ، وبياضٌ كامِلٌ،
ولها أرجوحتانِ على الصّدرِ الرّخاميِّ، وتأَرجُحٌ وانكسارُ قلوبٍ وذؤابَتان.
(7)
واسترسلَ الخزّافُ الهرِمُ، فيما تردَّدَ الصَّدى في جَنَباتِ الصَّلصالِ الآيلِ إلى حوريّةٍ، بدونِ وساطةٍ من ضِلعٍ قصيرٍ:
للسّيفِ حدّان،
أو أكثر،
وغِمدٌ وَيَدٌ وقابيلٌ كثيرٌ وقتيلان.
والشيءُ شيئان.
وشيءٌ ثالثٌ.
والرِّيحُ قابِلةٌ، والرُّوحُ شِقّان.
وشِقٌّ ثالثٌ.
والعمرُ سَيَّان.
(8)
وبكى الخزّافُ، بعيونِ الغيبيِّ(8)، فأورقَ الخَزَفُ وغنّى:
للقلبِ بابان؛
بابٌ إليكِ،
وبابٌ إليكِ،
وشبابيكُ مُشرَّعةٌ على كلِّ الفُصول.
وبابٌ ثالثٌ ينتظرُ الخريفَ وسقْطَةَ الألوان.
(9)
ونامَ الخزّافُ نوماً طويلاً، واقتربَ الزَّمان.
وحينَ أفاقَ على فوّهةِ الجرَّةِ، ألقى عينيْهِ المبحوحتَيْنِ عليْها فاكتملت اللَّمْسةُ الأخيرةُ.
وراحَ يُغنّي:
للثَّغرِ الضَّحوكِ العَبوسِ الشّقيِّ،
شَفَتان.
وحُنجرةُ المغنّي انقطعتْ،
وللبحْرِ لِسان.
وعلى الشّفتَيْنِ زفيرٌ
وشَهيقْ.
ومدٌّ وجزْرٌ وسُمٌّ عتيقٌ
وَرَحيقْ.
ودَمٌ
وعَقيقْ.
وشقائقُ النُّعمان.
(10)
عندَ الظهيرةِ انتهى الوقتُ فماتَ الوقتُ، وماتَ الخزّافُ قليلاً في قَيْلُولةٍ عابرةٍ. وعلى الوَحلِ المُقدَّدِ، في هيئةِ هيرموفروديت(9)، انطلقَ عزفٌ منفردٌ وأناملُ كثيرةٌ.
وحينَ أفاقَ من موتِهِ الطَّفيفِ، اكتشفَ الخزّافُ أنّه امرأةٌ.
فراحت تُغنّي فوقَ صَلصالِها ومائِها وروحِها، تحتَ مِحرابِها المُزدانِ بالسّيراميك.
********
إضاءات:
****
1. استعارةُ خلطِ الرّوح بالوحل في صناعة الخزفيّات والفخّار مستوحاةٌ من كتاب "نشيد الحياة" للشاعر العملاق بابلو نيرودا. وهو شاعرٌ من أصلٍ تشيليٍّ، اشتهر بشِعرِه الملحميِّ الذي وثَّقَ تاريخَ استعمار أميركا الجنوبية ومجَّدَ تحريرَها. وقد حاز على جائزة نوبل للآداب.
2. مدينة يابانية قُصفت بقنبلة نوويّة خلال الحرب العالمية الثانية. واليابان تُسمَّى "بلاد الشمس المشرقة"، على أساس المتعارف عليه بأن شروق الشمس يبدأُ من هناك.
3، 4 و 8: صانعو خزف مشهورون في التاريخ الإسلامي، من مناطق مختلفة في العالم العربي والإسلامي.
5. باليونانية. معناها: صانع الفَخَّار. ومن هنا جاءت سيراميك أو كيراميك. والتسمية الأصحّ هي كيراميك.
6.الملكان فرديناند وإيزابيلا اللذان انتصرا على آخر ملوك الأندلس، وطردا المسلمين واليهود.
8. نوع من الخزف الفارسي، نسبة إلى مدينة قاشان الفارسيّة، ثم تطوَّرت صناعتُه وازدهرت في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي.
9. هيرموفروديت، هو المزجُ بين هرمس الرجل الجميل وذي الخِصال الرجوليّة المتكاملة (إلٰه)، وبين أفروديت، إلٰهة الجمال والحب. وكان هذا المزج، بين الرجل والمرأة، هاجساً في الفنون والآداب والفلسفة على مرِّ العصور وله علاقةٌ بظاهرة الخصيِ والغناء.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
أعاد فن الخزف بعد 400 سنة من موته على يد العثمانيين
الصدر.. ساحر الأوانى الذى لا يعرفه المصريون
صبى الفسطاط العصامى.. محمد مندور.. من الفواخير إلى العالمية
قرية تونس
مسافر زادهُ الخيالُ .. والسحرُ والعطرُ والظلالُ .. ظمآنُ والكأسُ في يديه.. والحب والفن والجمالُ
آنية محمد مندور ترقص "باليه"!
هل تعلم ما الفرق بين الخزف والفخار؟
أبلغ عن إشهار غير لائق