أكد هشام رامز نائب محافظ البنك المركزي أن الإصلاح المصرفي الذي قاده البنك المركزي علي مدي ال8 سنوات الماضية كان بمثابة الدرع الواقي للإقتصاد المصري والمساند للثورة المصرية البيضاء.والتي إنطلقت في الخامس والعشرين من يناير مؤكدا أن هذه الثورة كانت خيرا لمصر حيث ستنقلنا إلي ديمقراطية كاملة تنتهي معها المخاطر السياسية التي كانت تقلل من تقويم المؤسسات المالية للإقتصاد المصري. وأكد هشام رامز في حواره لصحيفة الاهرام أن العاملين بالبنوك المصرية وطنيون مخلصون, وأن الإعتصامات الفئوية إنتهت بمجرد دعوة البنك المركزي للحوار. واشاد بالقيادات المصرفية المصرية التي إستجابت لمطالب العاملين المشروعة وتفهمتها في إطار حوارها مع البنك المركزي مؤكدا أن هذه القيادات قامت بدور وطني في حماية المؤسسات مرة بتبني سياسات الإصلاح والتخلص من تركات الماضي ومرة أخري بتسيير العمل خلال وبعد الثورة لحماية الجبهة الداخلية وضمان استقرار الأسواق وتوافر السلع. بداية هل إنتهيتم من الحوار مع ممثلي العاملين بالبنوك المختلفة؟ وماهي النتائج؟ .. إنتهينا من الحوار مع البنوك العامة وبعض البنوك الخاصة, وهناك بنوك حلت مشاكلها بنفسها وأخطرتنا بالنتائج وسنستمر في الحوار لكل من يرغب فيه. هل كان التفاوض صعبا أم كان يتم في إطار من العقل والحكمة؟ .. التفاوض كان صعبا لأن المطالب متعددة, والبعض منها يتفق مع القانون والبعض الأخر لا يتفق, كما أن البعض منها ممكن والبعض الأخر غير ممكن ويضر بالبنوك في حالة تطبيقه. ولكن دائما كنا نصل إلي نقطة إلتقاء, وقد يستغرق التفاوض إجتماعات مطولة علي مدي أسبوع, وفي النهاية لابد وأن ندرك أن العاملين في البنوك المصرية هم في النهاية مصريون وطنيون ويعرفون أن مصر في أشد الإحتياج حاليا لوقفة كل إبن بار بها. . تراجع حجم الإحتياطي من النقد الأجنبي منذ بداية الثورة وحتي الأن.. فما هو حجم الإحتياطي الحالي ؟ وهل هناك مخاوف علي مواردنا من النقد الأجنبي؟ .. الإحتياطي من النقد الأجنبي إنخفض من36 مليار دولار قبل الثورة إلي33 مليار دولار في نهاية فبراير ثم إلي30.1 مليار دولار في نهاية مارس. وإلي الأن هذا الحجم من الإحتياطي يمكن أن يؤمن واردات نحو سبعة شهور إلي جانب أقساط الدين الخارجي. وسبب تناقص الإحتياطي عدم توافر موارد جديدة من النقد الأجنبي من قطاعات مثل السياحة والتصدير وتحويلات المصريين, ولكن هناك بوادر تحسن في قطاع السياحة, كما أن مظاهر الحياة بدأت في الإنتظام خاصة مع عودة البورصة للعمل وتجاوز الفترة الصعبة متمثلة في الأسبوعين الأولين من عودتها للنشاط. وكنا نتوقع خروجا أكبر من ذلك للمستثمرين الأجانب بعد حبسهم في السوق لفترات طويلة ولكن والحمد لله ما خرج عاد معظمه مرة أخري. وحاليا لا توجد أي ضغوط علي سوق النقد الأجنبي فمن يطلب نقدا أجنبيا لفتح إعتمادات أو مزاولة نشاط يجد تلبية فورية من البنوك. . إذا كانت هناك مخاوف تتعلق بخروج المستثمر الأجنبي المباشر, فهل هناك ذات المخاوف من خروج لبنوك أجنبية عاملة في مصر؟ .. البنوك الأجنبية العاملة في مصر هي مؤسسات مصرية تنظر إلي الإقتصاد المصري علي المدي المتوسط وهم علي قناعة بأن القضاء علي الإحتكار والفساد سيحقق نتائجا إيجابية في المستقبل, كما أن الديمقراطية التي ستتحقق والإصلاح السياسي سيرفع من تقويم مصر, وكل المعطيات بعد الثورة إيجابية فيما عدا أمرين يمثلان خطورة, الأول المطالب الفئوية وتوقف الناس عن العمل والإنتاج. والثاني مناخ غير محفز للإستثمار يتمثل في الهجوم علي القطاع الخاص ككل دون تمييز بين من هم شرفاء وهم الأغلبية ومن هم غير ذلك هم الأقلية. هذا المناخ خطيرللغاية لإنه سيؤدي إلي إحجام المستثمر المحلي, وإبتعاد الشرفاء وذوي الخبرة عن العمل العام. وإحجام المستثمر المحلي علامة سلبية أمام المستثمر الأجنبي. ولكن البنوك الأجنبية تعمل في مصر بذات النشاط وتدرك خطورة وأهمية المرحلة الإنتقالية, كما أنها علي يقين أنه بعد مرور هذه الفترة سيكون المستقبل أكثر إشراقا ومصر أكثر إستقرارا. . لو وضعت نفسك بدلا عن الحكومة. بماذا ستبدأ؟ .. سأبدأ بوضع أهداف عامة مطلوب تحقيقها ثم اضع السياسات التي تساعد علي تحقيقها.. مثلا هدف عام أن نعيد الأمن إلي الشارع وإلي الحياة في مصر عموما.. هدف عام أخر أن نصل بالإقتصاد إلي نقطة إستقرار.. ثالثا أن نعيد تشغيل الإقتصاد حتي تعود طوابير العاطلين إلي العمل.. رابعا ان أنقي المناخ العام من التوتر وأستعيد حالة الهدوء مرة أخري.. هذه الأهداف العامة نتبعها بسياسات لتحقيقها علي الأرض.. يجب أن نحدد الأولويات بكل دقة خاصة وان الأهداف الأساسية للثورة تحققت ومن أهمها مكافحة الفساد والقضاء علي الإحتكار وتحقيق الشفافية.. الأن علي الجميع أن يهدأ ليعطي الحكومة فرصة للعمل, فلا توجد حكومة في العالم تتم محاسبتها يوما بيوم.. . متي ستعود مواردنا من النقد الأجنبي إلي ما كانت عليه؟ وهل هناك خوف من عدم قدرة علي سداد أقساط الديون؟ .. موارد السياحة ضعيفة حاليا ولن تسترد عافيتها قبل شهري يوليو أو أغسطس المقبلين. وأهمية السياحة ليست في كونها موردا من موارد النقد الأجنبي ولكن في قدرتها علي إتاحة فرص عمل كثيرة, فمن المعروف انه من بين كل سبعة مواطنين هناك مواطن يعمل في قطاع السياحة. وبالنسبة للتصدير لا نستطيع أن نحكم علي حجم التصدير في مصر خاصة بعد المشاكل التي ظهرت في منظومة دعم الصادرات أيضا الواردات كانت أحيانا تقدر بقيم أعلي من قيمتها لأسباب خاصة, كل هذا يحتاج إلي مراجعة. وبالتأكيد مواردنا من النقد الأجنبي ستتأثر بشدة إذا طالت الفترة الإنتقالية واستمر التوقف في عجلة الانتاج. وبالطبع سيكون هناك تراجعا في تحويلات المصريين بالخارج خاصة من دول مثل ليبيا واليمن والبحرين. غياب الامن كذلك أحد العناصر الخطيرة والمؤثرة في النشاط الإقتصادي. فنحن نطالب بعودة الأمن ثم الامن ثم الأمن وبعد ذلك النشاط يعود بسهولة. وبالنسبة لسداد أقساط الديون نحن ملتزمون بها حرفيا ومعظم ديوننا الخارجية قصيرة الأجل والديون التجارية قصيرة الاجل محدودة للغاية وغير مؤثرة. . كيف يمكن إستعادة الثروات التي تردد أنه تم تهريبها؟ .. هناك شركات عالمية متخصصة في هذه الأمور واسترجاع الأموال والثروات المهربة سهل من خلالها وهذا سيستغرق وقتا, وأهم وسيلة لعودة هذه الأموال إصدار أحكاما حقيقية في قضايا الفساد لإن عدم إصدار حكم حقيقي معناه ضياع هذه الأموال وعدم عودتها. والحكم الحقيقي هنا يستند إلي المحاكمة العادلة وبالقانون الطبيعي وبالعقوبة الصحيحة التي لا يشوبها ظلم. . كيف تقدر وزن مصر علي المستوي العالمي بعد الثورة؟ .. العالم سيرانا بعيون مختلفة. فالثورة أوجدت صورة ذهنية جديدة للمصريين وليس لمصر.. فمصر علي مر التاريخ ستكون لها مكانة خاصة لدي العالم ولكن المصريين ستختلف النظرة لهم. فالعالم لن يستخف بنا والدول ستقدرنا ولكن علينا بذل ما يجب من جهد حتي نحافظ علي هذه النظرة الإيجابية.. أولا أن نوقف كل مظاهر البلطجة والفوضي, ثانيا أن ننخرط في عملية إنتاج ونشاط اقتصادي وسياسي واجتماعي وعلي كل الأصعدة, ثالثا أن نحتكم للقانون في كل صغيرة وكبيرة. وأود ان أشير إلي أن نتيجة الإستفتاء وسلوك المصريين والحرص علي المشاركة كانت محل إشادة العالم. وهذا هو المطلوب خاصة في الإنتخابات البرلمانية المقبلة.. لابد من أستثمار نظرة العالم الجديدة لنا وأن نحقق لمصر مصالحها الخارجية في علاقات مع العالم تتسم بالندية والإحترام. . العالم كان منبهرا بالثورة فهل وجدت ذات الإهتمام من دول الخليج؟ .. العالم كله ساندنا وزارنا بعد الثورة ولكن لم نلحظ زيارات من المنطقة العربية خاصة الخليجية منها. نسأل عن دور دول الخليج في مساندة الإقتصاد المصري, نتحدث عن دور دول وليس أفراد.أنا علي يقين من أن دول الخليج تحتاج مصر بأضعاف ما كان في السابق فالمخاطر تحدق بنا جميعا. . من وجهة نظرك ما هو المطلوب إقتصاديا؟ .. كتبت مجموعة من النقاط لتحقيق حياة إقتصادية صحيحة نبدأ بتعليم أصول ومبادئ وثقافة البيزنس لأطفالنا في المدارس, وأن يعكس نظامنا القانوني والقضائي النصوص التي تشجع العمل الخاص الوطني, وأن نؤمن بضرورة تعزيز الشفافية ومكافحة الإحتكار والفساد والبيروقراطية. وأن تكون هناك نظرة متوسطة وطويلة الأجل لدور الحكومة في الحياة الإقتصادية. كذلك مطلوب تغيير عقليتنا ونظرتنا للقطاع الخاص, فالبيزنس والعمل الخاص للأجل الطويل وليس بطريقة إخبط واجري. هذه النقاط يمكن أن نبدأ بها الحوار, مصر لديها قوة كامنة ولكن للأسف لايتم التركيز عليها فنحن دائما نعتقد أننا الأذكي وهذا غير صحيح!! لا يجب أن نخترع العجلة حيث أن المسألة تكمن في التركيز علي نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف. ومن أهم نقاط القوة عندنا السياحة التي يجب أن نركز عليها في المستقبل القريب.