بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح ولا عجب في ذلك،فالحذاء بلجيكي،القميص إيطالي،الكرافت فرنسي،الموبايل فلندى،اللاب توب يابانى،السيارة ألماني،القهوة برازيلي،سجادة الصلاة وفانوس رمضان حتى الذهب صيني،والقمح أمريكي،الأرز فلنبيي،اللحم هندي،كل هذا وأكثر مستورد،والمواطن فقط مصري!!. هذه حقيقة مرة،وكأنه جزء ثاني للفيلم الذى يحمل نفس الاسم،ونفس المعاناة. فلا يخلو حديث لنا من استخدام بعض الكلمات الأجنبية،لدرجة جعلت البعض لا يستطيع التفرقة بين هذه الكلمات ومرادفتها العربية،ولا أحد يستطيع أن ينكر دور الفضائيات_ التي انتشرت مؤخرا انتشار النمل حول قطعة سكر_ في دعم هذه الظاهرة السيئة خاصة على ألسنة الجيل الجديد،فهناك بعض الأشخاص غير المسلحين بسلاح الثقافة العربية يقومون بخلط اللغات بدرجة تجعلك غير قادر على التركيز في موضوع البرنامج،وما هدفه،لأن مقدمه يتحدث بأكثر من لغة،فرنسي على إنجليزي على عربي،فتارة يقولBnjour وتارة أخره Break وتارة WOW ،أما السادة معلقي كرة القدم،فيبدو أنهم تصورا أن الملايين في الاتحاد الأوروبي يجلسون في شغف لمتابعتهم،مع أن أخرهم جمهور الاتحاد السكندري_ مع كل التقدير والاحترام لسيد البلد_ فجعلوا الفانلة "تى شيرت" وتحولت الدكة على يديهم إلى "ديسك" والمدرب إلى "كوتش" ،المدير الفني إلى "هد كوتش"، والتسلل إلى " أوفسايد"،وبدأنا نسمع ال "كروس باس"،"تاكلينج"،"ميس باس"،"أوفر لاينج"، على كام "أوت" و"كورنر" وميضرش "بنالتي" على "دبل كيك" على "هاترك". وانتشار مثل هذه الكلمات يؤثر سلبيا على أطفالنا لأنهم يكونون في مرحلة هم في حاجة فيها إلى تكوين لغتهم الأم،كما أنهم في بداية تكوينهم المعرفي،وإحساسهم بالأشياء وبالكلمات وبالمعرفة الأشياء التي حولهم،وعندما تصل إليهم هذه الأشياء والمعارف بلغة إنجليزية،فإنها تظل معهم طوال حياتهم،فتخلق نوعاً من التغريب،مع التفرقة بين دراسة اللغة الإنجليزية _كمادة في المدرسة_ وبين انتشارها على ألسنة الأطفال والشباب_كلغة اعتيادية_وكأنها لغتهم الأم،وهذا موجود وبشكل مكثف في الطبقة العليا التي لا تبدو حريصة على أن تعلم أولادها العربية،ولا حتى أن تتكلم بها،فينشأ أطفال هذه الطبقة غرباء في مجتمعهم وغير قادرين على التفاعل والتعاطي معه. مع أن اللغة العربية ليست عاجزة،ولن تكون عاجزة في يوم من الأيام،لكنها بالتأكيد عقدة الخواجة،فلغتنا أوسع وأرحب مما نتصور،وهي قادرة على استيعاب كل جديد وكل تطور علمي واجتماعي وبكل مجالات الحياة،كما كانت سابقاً حين استوعبت كل الحضارات والتطورات،وحضنت التاريخ وكانت خير لغة حين كرمها الله_عز وجل_ وأنزل بها القرآن. والعجيب أنك أيضا تفعل نفس الشيء ولكن بدون قصد،فأنت تتكلم عدة لغات في سياق حوارك اليومي العادي،فمصدر بعض كلماتنا العامية يرجع إلى بعض اللغات الأخرى،كالتركية،أو الفارسية،أو اليونانية،أو الآرامية،أو حتى الهندية. واليك بعض من هذه المفردات : استمارة :كلمه تركية. أفندي :تركيّة تعنى موظف. باغة :تركية تعني بلاستك. كندرة :تركية تعني الحذاء. الباشا :تركيّة تعني الرئيس أو المسئول. الطوبجي :تركية بمعنى المدفعجي. أورطة :تركية تعنى الفرقة أو المجموعة. برلنت :تركية تعنى أصفى أنواع الماس. تنبل :تركية تعنى الكسلان البليد. دغري :تركيّة تعنى المستقيم. القبّاني :تركية تعنى وازن الأشياء. شفخانة :تركية تعنى بيت الشفاء . أدب خانة :تركية تعنى بيت الأدب أي المرحاض. أجزخانة :تركية تعنى مكان صنع الدواء. الخان :تركية تعنى الحي السكني. إشلاق :تركية تعنى سكن جماعي لموظفي الدولة. كومندان :تركية تعنى رئيس قطاع. تمرجي :تركية تعنى مساعد الطبيب. كركون :تركية تعنى قسم الشرطة. بشكير :تركية تعنى ما يلبس عند الخروج من الحمام. عفارم :تركية تقال للمديح والثناء. أوده أو أوضه:تركيّة تعني الغرفة. بفته :هندية تعني القماش الأبيض. بهار :هندية تعني بلاد الهند كمصدر للتوابل. طرمبة :إيطالية تعني مضخة المياه. الكوفية: معربة عن ( كوفا) الإيطالية ومعناها منديل يلف به الرأس. قرطاس :يونانية بمعنى الورق. القلقاس: يونانية وهو نبات أوراقه كبيرة خضراء ولبه نشوي يؤكل مطبوخا. الكرنب: يونانية تعنى نبات يتجمع أوراقه ويلتف حول رأسه. الدرهم: يونانية تعني قطعة من فضه مضروبة للمعاملة. الياقوت: يونانية تعني حجرا كريما صلبا شفافا تختلف ألوانه. الدلفين: يونانية تعني دابة بحرية كبيرة. الكنيس: آرامية تعنى المعبد و منها اشتقت كلمة كنيسة. كوز: آرامية تعني إناء كالإبريق لكنه أصغر منه. بخت :فارسيه تعني الحظ. بس :فارسيه تستعمل للإسكات. خيشه :فارسية تعني كيس من القماش. خبل :فارسيه وهو المجنون. دسته :فارسيه تعني حزمه من الورق. سروال :فارسية وهي مركبة من "سر" تعني فوق و"وال" تعني القامة. طشت :فارسية تعني إناء من النحاس لغسل الأيدي. الصَرم :فارسية تعني الجَلد. التخت :فارسية تعني المقعد أو السرير،كقولنا التخت الشرقي. مايغ :فارسية تعني ليس له طعم. الأسطى :فارسية تعني الصانع الحرفي الماهر. البازار :فارسية بمعنى السوق. الزبرجد: فارسية تعني حجرا كريما. الزمرد: فارسية تعني حجرا كريما شفافا شديد الخضرة. الفيروز: فارسية تعني حجر كريم. الفرسخ: فارسية تعني ثلاث أميال وهي تقريبا ثمانية كيلومترات. الجهبذ :فارسية تعني الناقد والعارف. الصك :فارسية تعني كتاب الإقرار بالمال أو غير ذلك. المنجنيق: يونانية تعني آلة حربية تُرمى بها الأحجار والقذائف. الحرباء: فارسية تعني نوعا من الزواحف تتلون في الشمس ألوانا مختلفة. البقسماط: فارسية تعني نوعا من الكعك أو الخبز. السرج : فارسية تعني ما يوضع على ظهر الدواب. الخندق: فارسية تعني حفرا حول أسوار المدينة. الدبوس: فارسية تعني عصا من خشب أو حديد في رأسها شيء كالكرة. الدفتر: فارسية تعني مجموعة من أوراق مضمومة. الدكان: فارسية تعني المحل. الدهليز: فارسية تعني ما بين الباب والدار أو المسلك الطويل الضيق. الدولاب: فارسية تعني صندوق بابه يدور على محور. الزلابية: فارسية تعني عجينا يقلى بالزيت ثم يعقد بالسكر. الشاويش :فارسية تعني رتبة عسكرية. الشطرنك: لعبه فارسية تعني الألوان الستة للقطع التي تلعب بها. النرد: فارسية وتعرف باسم لعبة الطاولة أو الزهر. الطاقة: فارسية تعني النافذة،ونحن مازلنا نستخدمها كقولنا طاقة القدر. الكرباج: فارسية تعني السوط. الطباخ: فارسية تعني صانع اللحم. القز: فارسية تعنى ما يُسوّى به الحرير،ومنها جاءت دودة القز. النرجس: فارسية وهو ينبت من الرياحين . وغيرها من المصطلحات التي مازالت تجرى على ألسنتا حتى اليوم،كجراب،قهوجي،بوسطجي، سفرجي،الخ،كما أن هناك العديد من الاستعارات الحديثة من اللغات الأوربية،والتي تعبِّر عن مفاهيم لم تكن موجودةً في اللغة سابقا،مثل المصطلحات السياسية" كالإمبريالية،والأيديولوجي"أو في مجال العلوم والفنون"كرومانسية،والترجيديا،والكوميديا"أوالتقنيات"كالباص،وتلفزيون،وكمبيوتر،ودش، وموبايل،واللاب توب ،إلخ"ورغم وجود نزعة إلى تعريب_ ابتداع كلمات عربية لتعبر عن مصطلحات موجودة بلغات أخرى_كافة الكلمات الدخيلة؛إلاّ أن ذلك لا ينجح في معظم الأحيان،لسببين: الأول أن المقابل المعرّب لا يستعمل فعليا،مثل الراديو مقابل (المذياع)،ويتماشى مع هذا الثلاجة مقابل (المبردة)،والتليفون مقابل (الهاتف). الثاني أن التعريب يتم عن طريق مجامع اللغة العربية،ولكثرتها في وطننا العربي قد تختلف في تعريبها،مما يخلق بلبلة كبيرة في أوساط المستخدمين. وقد يري البعض أن انتشار الكلمات الأجنبية في اللغة العربية وفي اللغات الأخرى يمثل ظاهرة طبيعية،بحجة أن هناك تفاعلاً بين اللغات،فهناك كلمات عربية موجودة في اللغات الأجنبية،وهذا مقبول في حدود التفاعل الصحي،فالقرآن الكريم قد استعمل ألفاظاً غير عربية الأصل مثل: المشكاة من الحبشية. إبريق،طبق،سراب،سجيل،سندس،كافور،إستبرق،وهي من الفارسية. ومنبر،وصلاة،وصراط،من السريانية،والقسطاس،والفردوس من الرومانية. وقد روي أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ تكلم بما لم تسمعه العرب،مثل قوله "حمي الوطيس". ولكن المشكلة في تزايد في الفترة الأخيرة،وهو ما أصبح يمثل في حقيقة الأمر وجهاً من أوجه ضياع الهوية الثقافية،فلقد أصدرت فرنسا في أحد الأوقات قرارا بمنع منح تراخيص للمحلات التي يطلق عليها أسماء أجنبية،وذلك من منطلق الحرص على اللغة الفرنسية،في حين إننا نطلق الآن على أصغر (كشك) سوبر ماركت،أو مينى ماركت،هههه فالأرض بتتكلم عربي وإحنا بنتكلم لغات!!!. اعتقد لو أننا كأمة نملك موقفاً قوياً في العالم،لما استطاعت اللغات الأجنبية أن تغزونا،ولكن لأننا الأدنى،فإن لغة الآخرين تصبح هي النموذج الأمثل،وهو ما نجده منتشراً في إعلانات التوظيف في بلادنا التي تسمي مجازا بلاد العرب،فالشرط الأساسي يكون هو إجادة اللغة الإنجليزية،دون اهتمام بمدى جودة اللغة العربية،ولا بمدى سلامتها،وبالتالي تصبح لغتنا هي الإنجليزية،فهي التي نعمل على أساسها ،ورغم كل ذلك لا خوف على اللغة العربية من مثل هذا الاستفحال والتضخم،فهي ليست عاجزة ولن تكون عاجزة في يوم من الأيام،فلقد استطاعت منذ بداياتها الدفاع عن نفسها،رغم كل محاولات التغريب التي حدثت،وما زالت تحدث،ويحضرني هنا قول حافظ إبراهيم: أن اللغة العربية أصبحت كثوب ضم70 رقعة،علما أنها اتسعت لآيات القرآن الكريم فلن تكون عاجزة عن بعض هذه التسميات المعاصرة. على أسماعنا كانت لنا برداً على الأكبادِ ستظل رابطة تؤلف بيننا فهي الرجاء للناطق ِ بالضاد ويبقي السؤال،هل إدخال كلمات أجنبية في حديث عربي،عجز في اللغة الأم أم مباهاة في معرفة لغة؟هل باتت اللغة العربية عاجزة عن استيعاب أفكار شبابنا أم أنهم عاجزوا عن استيعابها واستخدامها بالشكل الأمثل؟ ستظل لغة الضاد التي يحسدنا عليها المسلمون غير العرب لغة تطرب لها النفوس،لغة يتعلمها الصغار قبل الكبار،لغة تكتب فيها القصائد والأشعار،لغة تزن ألف عيار؟!! وائل مصباح عبد المحسن