الأزهر يعلن أسماء أوائل مسابقة تحدي القراءة العربي في موسمها التاسع    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    وزيرة التنمية المحلية تترأس اجتماع اللجنة العليا لتراخيص المحال العامة    وزير الخارجية الإسباني: ندرس فرض عقوبات على إسرائيل    كرة سلة.. طاقم تحكيم أجنبي لنهائي دوري السوبر بين الأهلي والاتحاد السكندري    الزمالك يفاضل بين هذا الثنائي لضم أحدهما    ترتيب مجموعة الهبوط في الدوري المصري قبل مباريات اليوم    طلاب ثانية ثانوي بالدقهلية: الفيزياء صعبة والأحياء في مستوى الطالب الدحيح (فيديو وصور)    السجن 6 سنوات لربة منزل قتلت ابنها بعد وصلة تعذيب بالقليوبية    مواعيد عرض مسلسل خطيئة أخيرة على قناة CBC    كوارث وصدامات وخسارة فلوس.. تحذر من حدث فلكي يغير في حياة 4 أبراج للأسوأ    وفاء عامر تحتفل بعيد ميلادها.. وتوجه رسالة لجمهورها: حبكم سند    محافظ دمياط يستقبل نائب وزير الصحة ووفد حقوق الإنسان لبحث الخدمات الصحية والاجتماعية    مصطفى يونس: محمد صلاح لم يحصل على الكرة الذهبية بسبب «العنصرية»    إصابة فالفيردي بعرق النسا.. وتقارير توضح موقفه من كأس العالم للأندية    موعد امتحانات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة القاهرة.. وجدول المواد    كارثة إنسانية.. ارتفاع معدلات سوء التغذية في غزة    تنخفض 9 درجات.. موعد تحسن حالة الطقس    «التضامن» تؤسس معسكرا لتأهيل مدربين في تعزيز التواصل الأسري بين الآباء وأبنائهم    رسميًا.. السعودية تحدد موعد استطلاع هلال ذي الحجة لتحديد أول أيام عيد الأضحى 2025    رئيس البرلمان العربى يهنئ قادة مجلس التعاون الخليجى بذكرى التأسيس    مجلس النواب يوافق على تقسيم الجمهورية إلى 4 دوائر لنظام القائمة الانتخابية    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    «الطوب اللبن في مصر القديمة».. اكتشاف جديد يروي حكاية منسية في منقباد    بالدموع تحرك جثمان سلطان القراء إلى المسجد استعدادا لتشيع جثمانه بالدقهلية.. صور    توقيع عقد توريد جرارات بين الإنتاج الحربى والشركة المصرية للتنمية الزراعية    عاشور يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    تمهيداً لانضمامه لمنظومة التأمين الصحي.. «جميعة» يتسلم شهادة الاعتماد الدولية لمركز «سعود» بالحسينية    صلاح يترقب لحظة تاريخية في حفل تتويج ليفربول بالدوري الإنجليزي    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    عيد الأضحى 2025.. هل تصح الأضحية بخروف ليس له قرن أو شاه؟ «الإفتاء» تجيب    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    عاجل- مجلس الوزراء يوضح موقفه من جدل "شهادة الحلال": تعزيز المنافسة وإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص    محمود فوزى يؤكد: الإِشراف القضائى على الانتخابات لازال قائما ولم يتم إلغاؤه    «بني سويف الأهلية» تناقش مشروعات طلاب المحاسبة والتمويل الدولي.. والجامعة: نُعد كوادر قادرة على المنافسة العالمية    منافس الأهلي - ميسي يسجل هدفا رائعا في تعثر جديد ل إنتر ميامي بالدوري الأمريكي    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    قبل التفاوض على التجديد .. عبد الله السعيد يطلب مستحقاته المتأخرة من الزمالك    رئيس وزراء باكستان يتوجه إلى تركيا أولى محطات جولته الآسيوية    سعر الريال القطرى اليوم الأحد 25-5-2025 فى البنوك الرئيسية    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    ساهم فى إعادة «روزاليوسف» إلى بريقها الذهبى فى التسعينيات وداعًا التهامى مانح الفرص.. داعم الكفاءات الشابة    ارتفاع أسعار البيض في الأسواق اليوم 25-5-2025 (موقع رسمي)    "آل مكتوم العالمية": طلاب الأزهر يواصلون تقديم إسهامات مؤثرة في قصة نجاح تحدي القراءة العربي    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    خلال زيارته لسوهاج.. وزير الصناعة يفتتح عددا من المشروعات ضمن برنامج تنمية الصعيد    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    ضبط 11 قضية مواد مخدرة وتنفيذ 818 حكما قضائيا متنوعا    مصرع ربة منزل في سوهاج بعد تناولها صبغة شعر بالخطأ    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    مسيرات استفزازية للمستعمرين في القدس المحتلة    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالوهاب بدرخان يكتب :"دولة الساحل" بين الأسد وليبرمان عبر وسيط روسي
نشر في الوفد يوم 02 - 07 - 2015

بعد ثلاثة أسابيع على بدء الانتفاضة السورية، في نيسان (ابريل) 2011، أسرّ رئيس الأركان السوري السابق حكمت الشهابي لصديقه الزعيم السياسي اللبناني وليد جنبلاط خشيته من أن سورية ذاهبة إلى حرب أهلية، ومن أن بشار الأسد، في تقديره، «يريد التقسيم». ثم عاد فأكد لجنبلاط في 2012 أن سورية «متجهة إلى ما يشبه الصومال». وقبيل وفاة الشهابي (آذار/ مارس 2013) قال لجنبلاط الذي اتصل به في لوس انجليس «تذكّر كلامي، يريدون التقسيم، سورية التي نعرفها لن تعود». وبعد الوفاة نُشر أن الشهابي قال لقريبين منه قبيل مغادرته سورية نهائياً أن بشار وماهر الأسد «أولاد ذاهبون في المعركة إلى النهاية، لن يصلحوا ولن يسلموا السلطة ولن يتركوا الشام إلا وهي أنقاض... أولاد ذاهبون إلى التقسيم، ولكن ليس قبل أن يحرقوا البلد بما عليها وبمَن عليها».
ويروي ديبلوماسي عربي، نقلاً عن وزيره الذي التقى مسؤولاً روسياً رفيع المستوى، أن الروس نقلوا كلاماً من الأسد إلى وزير الخارجية الإسرائيلي السابق افيغدور ليبرمان يدعو فيها إلى تأييد «دولة الساحل» كونها «لن تكون معادية لإسرائيل»، وردّ ليبرمان مطالباً بتسليم رفات نحو ثلاثين جندياً إسرائيلياً قتلوا خلال اجتياح لبنان في العاشر من حزيران (يونيو) 1982 في معركة السلطان يعقوب (البقاع الغربي)، وعندما عاد الديبلوماسي الروسي بردٍّ إيجابي من الأسد طرح ليبرمان مطلباً آخر وهو رفات جاسوس الموساد الياهو كوهين الذي أُعدم شنقاً في ساحة المرجة في دمشق عام 1965. وفيما كان جوهر «الرسالة» (دولة الساحل) واضحاً لم يؤكد المصدر ما إذا كان الأسد لبّى المطالب، لكن الواقعة تظهر أن موضوع «دولة الساحل» متداول بين الأسد والروس، وبطبيعة الحال مع الإيرانيين. المتداول أيضاً أن سيناريوات لهذه «الدولة» تضعها في إطار تطبيع أميركي - إيراني - إسرائيلي متوقع نظرياً ويعتبره كثيرون نتيجة موضوعية إذا كانت إيران تتطلّع إلى اعتراف بدورها ونفوذها الإقليميين.
ليس الحديث عن التقسيم ترويجاً له، بل تحذيراً منه، ولمقاومته لا بدّ من وعيه وإدراك أنه يكمن حالياً في خلفية الاتصالات الدولية والإقليمية التي تواصل الثرثرة عن «حل سياسي» بذل أصحابه كل شيء لإحباطه وأهدروا الوقت في تقويض مقوّماته حتى بات غير ممكنٍ بل مستحيلاً. في الأساس كان هناك حلّان، أولهما إسقاط النظام عسكرياً وهو بدا ممكناً منتصف 2012 لكن القوى الخارجية خذلت «الجيش الحر» وفرملت اندفاعه، والآخر انتصار النظام وإسقاط الشعب وقد جرّبه الإيرانيون وميليشياتهم واضطرّوا للاعتراف بحدوده فراحوا يرسمون تلك الحدود ويدافعون عنها. في غضون ذلك طُرحت فرصة الحل السياسي الذي يفترض تسوية بين الطرفين، طالما أنهما عجزا عن الحسم، لكن إيران عارضتها لأنها ليست جزءاً منها فأوعزت إلى الأسد بإفشالها وعدم الانخراط فيها، ولم تبدُ روسيا متحمسة لذلك الحل بل اعتبرت مفاوضات جنيف مجرد مناورة ضرورية للتخلص مما التزمته في إطار صفقة حماية الأسد من العقاب على استخدامه السلاح الكيماوي.
منذ ذلك الوقت، لم يعد الحل السياسي مطروحاً سواء بسبب القطيعة الاوكرانية بين أميركا وروسيا أو حتى قبل ذلك في 2013 لم يعد واقعياً لأن النظام والإيرانيين تصلّبوا في السعي إلى حسم عسكري، وأيضاً لأن ظروف المعارضة تغيّرت، فالفصائل تشرذمت في مناطق سيطرتها وتداخلت فيها التيارات الجهادية و «القاعدية»، واخترقها النظامان السوري والإيراني بتنظيم «داعش» مستقدمَين الإرهابيين والتكفيريين لإثبات أنهما يحاربانهم. وإزاء وضع كهذا وجدت إدارة باراك اوباما ذرائع كافية لاتباع السلبية وتعميمها على دول غربية أخرى، بل حتى لترويج اقتناع ضمني بأنه بين أطراف سيئة جميعاً قد يكون النظام الأقلّ سوءاً لمجرد أنه، وفقاً لموسكو، لا يزال «ممسكاً بالدولة والمؤسسات». وعندما خرق الأميركيون القطيعة أخيراً لمعاودة التشاور مع الروس بشأن سورية، وجد الطرفان أن دوافع حمايتهما المباشرة وغير المباشرة لنظام الأسد لم تعد مجدية ولا مفيدة، فهو يتهاوى من تلقائه. وليس واضحاً ما إذا كانا دخلا في مصارحات ثلاث: أولاً بشأن الأوهام التي سوّقاها سابقاً، طالما أن الجيش والدولة والمؤسسات لم تعد في حال يمكن الاعتماد عليها، وثانياً حول تكاذبهما في صيغتي الحل المتناقضتين وفقاً ل «بيان جنيف»: بوجود الأسد وبقيادته (روسيا) أو من دون الأسد (أميركا)، وثالثاً بالنسبة إلى عدم توافقهما، حالت دون ارتسام إرادة دولية حقيقية لدفع الأزمة إلى حل انتقالي.
لعل الأسوأ أن روسيا وأميركا لم تعطيا مؤشرات إلى مراجعات منفردة أو مشتركة للسياسات والخيارات، بل تبديان ميلاً إلى ترك الأوضاع تزداد تعفّناً ريثما يُنجز الاتفاق النووي لاستكشاف إمكانات اختراق الأزمة عبر الأوراق الإيرانية. لكن إيران ستبرز الخريطة لاستدراجهما إلى الأمر الواقع، ف «الجيش» و «الدولة» و «المؤسسات» موجودة بالنسبة إليها حيث يوجد النظام وحيث ينشط «خبراؤها» فيما يقوم «حزب الله» والميليشيات المستوردة بالدفاع عن «سورية الحيوية» هذه في القلمون غرباً كما في الجنوب والشمال. ولا شك في أن روسيا وإيران شريكتان متضامنتان في هذا الأمر الواقع، الذي لن تجد أميركا خياراً آخر غير التعامل معه.
وفيما يبدو اليوم أن حلفاء النظام لم يستبعدوا ورقة التقسيم ولم يُسقطوها، حتى وهم يدعمونه ليتمكن من حسم الصراع عسكرياً، يتبين أن داعمي المعارضة ظلّوا طويلاً من دون استراتيجية واضحة أو تأخروا في بلورتها. لذلك أعلن رجب طيب اردوغان أخيراً أن تركيا «لن تسمح إطلاقاً ببناء دولة في حدودنا الجنوبية (شمال سورية) مهما كان الثمن، ولن تتغاضى عن عملية تغيير التركيبة السكانية في المنطقة». لكن التطوّرات الميدانية لا تنفكّ تتجاوز تركيا، فهي ليست مسيطرة على ورقة «داعش» كما يقال عنها، كما أن غموض النيات الأميركية يربك تطوير تدخلها في سورية. أما الائتلاف السوري المعارض فأكّد حصول «تجاوزات» على أيدي «وحدات حماية الشعب» الكردية في تل أبيض والقرى المجاورة لها، إذ أقدمت على إجبار السكان العرب والتركمان على النزوح نحو الأراضي التركية، ولم تسمح بالعودة إلا للأكراد. وكانت واشنطن صرّحت بأن التهجير القسري «إذا صحّ، فهو غير مقبول»، ورغم تأكيده لاحقاً من جانب الأتراك والمعارضة السورية، إلا أن الأميركيين لم يقولوا أنهم سيمنعونه. ذاك أن «الأولوية» الأميركية، إن صحّت، هي الآن لمَن يساهم في «الحرب على داعش»، وما دامت «الوحدات» مستعدة للمهمة فإنها تريد «مكافأتها» بأن يُجاز لها بإقامة «دولة» أو «كيان» كردي، وتأكيداً لذلك لم تكتف عناصر «الوحدات» بالتهجير بل دعّمته بنهب البيوت والممتلكات، محواً لأي أثر للسكان.
لم يهتم المسؤولون عن «الوحدات» بنفي الاتهامات، والأهمّ أنهم لم يسمحوا للناس بالعودة إلى قراهم ومنازلهم. وعندما يحدّد صالح مسلم رئيس «الحزب الاتحاد الديموقراطي» (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني بزعامة عبدالله اوجلان) «اللامركزية» كهدف لحزبه في سورية ما بعد نظام بشار الأسد، فإنه يراوغ لأن مقاتليه يذهبون أبعد من ذلك على الأرض. فما حدث هو عملية اقتلاع سكان من منطقة غير كردية. وما أظهره الاستهداف الطائفي والعرقي للمهجّرين أثبت أن الحزب الاوجلاني السوري أراد كشف عدائه لتركيا، وأنه جيّر ذلك التهجير لمصلحة العلاقة التي لم تنقطع بينه وبين النظام السوري وحليفه الإيراني. ومنذ معارك حلب عام 2012 وما تلاها في المحافظات المجاورة اتخذ حزب صالح مسلم موقفاً مناكفاً للمعارضة، ثم اعتمد على دعم دمشق وطهران للشروع في بلورة «استقلالية» المناطق الكردية، لا لأن الأسديين أو الإيرانيين محبذون أصلاً ل «دولة كردية» وإنما لأن مشروعاً كهذا يضرب طموح المعارضة بإبقاء سورية موحدة ويهدّد تركيا في عمقها، وبالأخصّ لأنه يقدّم مساهمة مهمّة في عملية تفكيك سورية. فإذا افتتح الأكراد عمليات الانفصال فإنهم يعطون مبرراً وحتى «مشروعية» ل «الدولة العلوية» أو «دولة الساحل».
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.