سلام من صبا بردى أرق ودمع لا يكفكف يا دمشق تجرى الآن على الأرض أكبر صفقة بين «الإخوان وأمريكا» لتقسيم سوريا إلى دويلات (سنية وعلوية وكردية...) وتقوم ميليشيات الإخوان بتخويف الأقليات السورية التى تشكل فى مجموعها 50% من السكان، مطلقة الجملة الشهيرة لبوش الأب: «من ليس معنا فهو عدونا» بقولها: فى حال قبلتم التقسيم الأمريكى الإخوانى لسوريا ستعيشون معنا، وفى حالة رفضتم فلا حياة لكم، وصدق أو لا تصدق أن تلك الجرائم الإخوانية اعترف بها حليف الإخوان الأول، الجيش الحر، فى بيانه، وكالعادة وكما فى مصر كذلك فى سوريا، شاركت الأقليات فى الثورة وأقصاهم الإخوان من المشهد.. ويصرح الناشط والمحامى «المسيحى» السورى أنور البنى قائلا: كان هدفنا ولا يزال بناء دولة مدنية ديمقراطية ونتمنى ألا يحدث ما يُدبر لنا من مخططات للتقسيم، أما الناشط «الدرزى» جاد الجباعى، فيقول: الأقليات الدينية والعرقية تخاف من الإسلاميين، وهذا الأمر يجعلها تفكر فيما يحدث لها لو انتصر الإسلاميون، وهذا يجعلهم بين سندان السلطة ومطرقة الإسلاميين، ويشاركه الرأى الزعيم «الكردى» حسن صالح، قائلا: الأقليات فى سوريا هى العمود الفقرى للثورة، ولكن الإخوان يسرقونها الآن، والولاياتالمتحدة تؤازرهم ولا بديل عن النضال ضد أسلمة الثورة وتقسيم سوريا، الأمر الذى يحتاج إلى معجزة. ومن تصريحات القيادات السورية، نعود لأحمد شوقى ودمشق والشعر، هكذا بكى أحمد بك شوقى، دمشق حينما أمطرتها الطائرات الفرنسية بالقنابل عام 1925، والآن 2013 قصفت إسرائيل دمشق فلا شعر ولا نثر؛ بل يسعى الإخوان المسلمون لتقسيم سوريا، وترجم ذلك الكاتب الإسلامى فهمى هويدى، فى برنامج على «مسئوليتى» لقناة الجزيرة (الاثنين 6 مايو): «حل أزمة سوريا، هو إقامة دولة علوية سورية، تكون مستقلة تماماً عن سوريا السنية، وأن تصبح اللاذقية عاصمة هذه الدولة»، وبرر ذلك: «لأن هذا النظام لن يستطيع العيش فى المجتمع السورى».. وانتهى: «سوريا قبل الحرب لن تكون سوريا بعد الحرب»، وتتطابق رؤية «هويدى» مع ما قاله القيادى الإخوانى عصام العريان، نائب الشورى، فى لجنة العلاقات العربية بمجلس الشورى، اليوم التالى الثلاثاء 7 مايو: «الأمر الأهم ما بعد سقوط بشار وحزب البعث ما سوف يحدث لسوريا». وكان السفير ناصر كامل، مساعد وزير الخارجية للشئون العربية، قد أكد خلال اجتماع اللجنة أن هناك مخاطر من تقسيم سوريا، وأضاف «أن المستفيدين من الهجمة الإسرائيلية يريدون تدمير الشعب السورى وتقسيمه»، وعندما يقول بشار الأسد، إن سقوط نظامه يعنى أن «سوريا تنتهى»، فإن الأمر لا بد أن يؤخذ مأخذ الجد، وعندما تلجأ الدول الكبرى للحوار مع إيران على قاعدة (حماية الأقلية العلوية) وكذلك تهجير وإعادة تسكين العلويين فى (بانياس وحمص واللاذقية وصولا إلى الساحل السورى)، وكذلك كشف بيان صادر مما يسمى «القيادة المشتركة للجيش السورى الحر» جاء فيه: «إن القيادة المشتركة تراقب بعين القلق تسلط جماعة الإخوان المسلمين على المشهد السياسى، ونحن نلتزم بالدفاع عن المدنيين ومدننا وقرانا ووحدتنا الوطنية والترابية، ولوضع حد لهيمنة وتسلط الجماعة ومحاولاتها سرقة الثورة واستعدادها لامتطاء الدولة السورية ومؤسساتها بعد سقوط النظام»، ويحذر البيان من «القتل والفتنة الطائفية.. ونقل المعركة إلى مدينة القرداحة، ومناطق أهلنا وإخوتنا من أبناء الطائفة العلوية.. وبث الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد فى المساجد والكنائس.. وبين السنة والعلويين والدروز وبين المسلمين والمسيحيين». ويضيف البيان: «نشدد على أن الجماعة لا يمكن اعتبارها ولا بأى شكل من الأشكال وتحت أى ظرف كان، واجهة سنية أو ممثلة لسنة سورية، وهذا منطق مرفوض أساساً، فالجماعة لا تمثل إلا نفسها، والصراع فى سوريا وطنى»، وانتهى البيان الصادر فى 9 أبريل الماضى باتهام جماعة الإخوان صراحة «بالمسئولية الكاملة عن دفع الميليشيات التابعة لها للدخول فى اقتتال ومعارك مع بعض الأطراف والحض على الفتنة الطائفية.. والتوافق على ذلك مع قوى إقليمية ودولية، خصوصاً الولاياتالمتحدةالأمريكية». انتهى البيان، ولكن الذى لم ينته هو الاتهام الصريح من قيادة الجيش الحر (حليف الإخوان) للجماعة بالاستعداد لتفكيك سوريا بعد سقوط بشار، وصناعة تخويف للأقليات الدينية والعرقية ودفعها إلى الانكفاء فى مناطق بعينها، لتسهيل مهمة التقسيم، والأخطر هو اتهام الإخوان بالتوافق على ذلك مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالطبع الجيش الحر (مثل السلفيين فى مصر) فضَّ التحالف مع الإخوان للخلاف على الغنائم بعد سقوط الأسد، وترتبط بداية ذلك الخلاف (مارس وأبريل) بزيارة رجل الإخوان القوى معاذ الخطيب، لروسيا، وخلاف المجلس الوطنى الذى كان يترأسه الخطيب (يسيطر عليه الإخوان) مع الجيش الحر؛ لأن ما تسرب من الزيارة وبثته وكالة «الإنتر فاكس» الروسية فى 19 أبريل عن موافقة الإخوان على مقترح تقسيم سوريا، وطرح الجماعة لنفسها على أنها ممثلة للسنة.. الأمر الذى استدعى استباق الجيش الحر للأحداث وفضح مخطط الإخوان، مما استدعى استقالة معاذ الخطيب من رئاسة المجلس الوطنى فى أبريل الماضى، وكان المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع، قد التقى معاذ الخطيب فى تركيا أول مارس الماضى، وبعدها التقى المرشد وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، مما يؤكد أنه فى مارس وأبريل الماضيين قد (نضجت الطبخة) وتلت ذلك زيارة الرئيس الإيرانى نجاد، لمصر (فى ذلك التوقيت حاور الروس الإيرانيين حول الحفاظ على حلفائهم العلويين والساحل السورى مقابل انتهاء الحرب)، وكما باع الإخوان السوريون حلفاءهم فى الجيش الحر بأوامر أمريكية، باع الإخوة الكبار فى مصر حلفاءهم السلفيين فى إطار ذات الصفقة، وحدث التقارب الإخوانى الإيرانى بوصاية أمريكية أيضاً. دارت العجلة وذهب د. محمد مرسى إلى موسكو فى ذات التوقيت، موفداً من المرشد بحثاً عن الثمن، ولكن «بوتين» التاجر الروسى، اللى أشطر من «الشاطر»، أكد للبائع الإخوانى أن لا ثمن إلا بعد إتمام الصفقة بالكامل. وفى الوقت الذى كان يهمس جون كيرى فى أذن سيرجى لافروف، فى المؤتمر الصحفى أمس الأول، كان جيش النصرة ينسحب من حمص لتدخل قوات الأسد إلى المعقل العلوى مقابل انسحاب الجيش العربى السورى، وهكذا على غرار ما حدث لألمانيا قبل تقسيمها ودخول الحلفاء برلين، يتم التقسيم على الأرض، وتعبر عائلة الأسد إلى القرداحة فى حماية ميليشيات الإخوان، ويُسحب التوكيل الأمريكى الخاص بالمعارضة السورية ويعطى للمملكة العربية السعودية، لضمان موافقتها وباقى دول الخليج على حضور المؤتمر وتداعياته. لم يبق أمامنا سوى أن نعود للشعر وأمير الشعراء: بنى سورية.. اطرحوا الأمانى وألقوا عنكم الأحلام.. ألقوا فمن خدع السياسة أن تغروا بألقاب الإمارة وهى رق ولكن هل يواجه الشعر المَدافع؟ وما عسى أمير الشعراء أن يفعل فى مواجهة أمراء الموت؟