إن ساعدتك الظروف علي بناء عقار، فأنت أمام ماراثون طويل من الإجراءات قد لا تنجح في إنهائه، وتضطر إلي اللجوء لسمسار متخصص لإنهاء هذه الرحلة الطويلة من الإجراءات، فبناء العقارات في مصر يمر بمرحلة طويلة ومعقدة تبدأ من إنشاء رسومات هندسية وتنتهي بالموافقة والحصول علي رخصة البناء أو ينتهي بك المطاف إلي اللجوء إلي أحد المكاتب الهندسية الكبري لتتفادي المعاناة التي قد تراها داخل المجمعة العشرية. المجمعة العشرية في مصر تم إنشاؤها باتفاق مجموعة من شركات التأمين، الغرض منها تأمين المسئولية المدنية عن أخطار أعمال البناء، ولكن السؤال: أين دور المجمعة من المباني المخالفة وهل هناك تعاون بين المجمعة والأحياء لرصد مخالفات المباني وإزالتها وهل تكفي مجمعة واحدة لسكان القاهرة والجيزة لتغطية حجم التعاملات الهندسية التي تتم داخل مصر؟ «الوفد» رصدت معاناة المواطنين التي تستمر لأشهر طويلة داخل المجمعة ودورها في تسهيل ومراقبة المنشآت السكنية. نشأة المجمعة العشرية يتحدث كمال محمد علي، مدير عام المجمعة، حول إنشاء المجمعة ودورها فيقول: المجمعة جهاز معاون لشركات التأمين، تم إنشاؤها باتفاق مجموعة من شركات التأمين، والهدف منها طبقاً للنظام الأساسي مراجعة الرسومات الإنشائية للمشروعات، وتغطية المسئولية المدنية تجاه الغير، في حالة انهيار العقار أو أجزائه، وإنما الأضرار التي تصيب الغير تكون مسئولة عنها شركة التأمين، فالوثيقة الصادرة من الشركة تغطي مبلغ 2 مليون جنيه، بينما المجمعة هي جهة استشارية لشركات التأمين وعدد أفرعها 4 أفرع، فرع رئيسي بالقاهرة وفرع بالإسكندرية وآخر في طنطا وفرع بأسوان، وهو عدد قليل بالنسبة لحجم المشروعات التي ترسل إلينا، ويتبع المجمعة 80 مكتباً استشارياً مقيدة بوزارة الإسكان يقوم علي مراجعة الرسومات من الناحية الفنية للعمل علي إنجازها، نظراً لوجود مهندسين متخصصين أكفاء، ويوجد بالفرع الرئيسي 18 مهندساً، ولا يجوز لأحد أن يذهب لتلك المكاتب الهندسية من تلقاء نفسه، بل يبدأ عمله بعد مراجعة البيانات الخاصة بالعقارات، منعاً للتحايل علي القانون وتجنباً للشبهات، ثم يقوم مهندس المجمعة بمتابعة الإنشاءات علي الطبيعة بمعدل 3 مرات أثناء مراحل الإنشاء والتنفيذ للوقوف علي الأخطاء الفنية ومعالجتها والتأكد من مطابقة الإنشاءات للرسومات الهندسية، وإذا لم يتطابق الأمرين يتم إخطار المالك وشركة التأمين والمهندس المشرف علي التنفيذ وجهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء التابع لوزارة الإسكان لأنه هو صاحب السلطة مع إرسال توصية للحي بوقف الأعمال حتي يتم الانتهاء من إزالة تلك المخالفات. وبسؤال مدير عام المجمعة عن المشروعات التي يسمح بقبولها، وهل يحق للمالك الذهاب لأحد المكاتب التابعة لوزارة الإسكان للحصول علي موافقة، يقول: لا يجوز لصاحب المشروع أن يذهب من تلقاء نفسه لتلك المكاتب لأن الأحياء المفروض أنها لا تقبل التصميم إلا بختم المجمعة لتفادي أعمال التزوير المرفوضة شكلاً وموضوعاً، لأن كل المباني المرخصة مقيدة لدي المجمعة، أما المباني المخالفة فهي تنتظر الإزالة الفورية من الأجهزة المختصة. وعن حالات انهيار العقارات المنتشرة في مصر، يقول مدير عام المجمعة: لا توجد حالات انهيار للعقارات التي حصلت علي موافقة من المجمعة، فكل حالات الانهيار لم تكن للمجمعة علم بها، لأن دور المجمعة يبدأ من سلامة التأكد من المبني الموجود علي الطبيعة ومطابقته للمواصفات الفنية. وعن الخلاف بين المالك والمجمعة في التصميمات، يقول: من حق العميل تحويل الرسم لمكتب آخر من المكاتب المسجلة في وزارة الإسكان، بعد طلب إعادة الإسناد وفحص الرسم الفني، ويتم إرسال المشروع حسب جدول موجود بالمجمعة لكل مكتب حسب دوره وتتقاضي المكاتب 90٪ من 1٪ من قيمة الأعمال.. ويتساءل حول سعر المتر في التجمعات السكانية المتميزة كالتجمع الخامس علي سبيل المثال، فسعر المتر حسب قانون وزارة الإسكان في المتر السكاني يساوي 600 جنيه برغم أن سعره أكثر من ذلك، وهنا المجمعة لا تتقاضي شيئاً من السعر الحقيقي، والأغرب هو أن الأسعار محددة في الوزارة تساوى بين المتر فى التجمع الخامس وبين سعر المتر في منطقة شعبية كالمرج وغيرها وكل منطقة تتبع القاهرة تتقاضى مبلغاً لا يذكر من المشروع. سماسرة المجمعة ويشرح مدير المجمعة المشكلة التي يعاني منها مهندسو المجمعة من السماسرة فيقول: «إن الوسطاء هم السبب في تأخير الأعمال، فالتعامل مع السمسار يختلف عن المهندس لأن الأخير هو علي دراية بالأمور الهندسية بدءاً من تطبيق الكود المصرى في البناء الموجود بأجهزة الحاسب الآلى حتي الانتهاء من تنفيذ المنشأة السكنية، أما مالك العقار لا يعلم شيئاً عن الإجراءات، فكل ما يتم هو عمل توكيل لأحد الأشخاص غير مسجلين بشركات التأمين أو المكاتب الخدمية الذين يقومون بجميع الإجراءات المطلوبة، وهذا أفضل بكثير لتفادى حدوث كوارث انهيارات العقارات المستمرة. تأمين المجمعة التأمين بالمجمعة هو إجبارى بناء علي القرار الصادر عن وزير الاستثمار رقم 203 لسنة 2010 الخاص بتنظيم العمل بالمكاتب الاستشارية بالمجمعة المصرية لتأمين المسئولية المدنية عن أخطار العمل، فمن يريد الحصول على التأمين حسب القانون يأتي بالأوراق الخاصة بالبناء وتخضع المبانى لشرائح مالية وهي المباني التي تتجاوز تكلفتها مليون جنيه أو النوع الآخر وهو أى مبني يتعدى أربعة أدوار بدون الأرضى. أما المهندس ماهر مصطفى، رئيس مهندسى المجمعة، فيتحدث عن إجراءات المجمعة قائلاً: «الإجراءات تتم كالآتى، أولاً: معرفة ما إذا كان المبني خاضعاً للتأمين أم لا، وإذا كان لم يخضع فيتم الذهاب لمكاتب التأمين ويتم سحب طلب تأمين لمبني جديد ويلحق بملف الرسومات الهندسية وتقرير التربة وبعض الأوراق الأخرى، ويتم الكشف عن الملف بالحاسب الآلى منعاً للتلاعب، وبعد ذلك يتم عرض الملف. أما علي مهندسي المجمعة أو المكاتب الاستشارية، بعد موافقة المجمعة يتم استلام الوثيقة وتقديمها للجهة المختصة سواء كان الحي أو الجهاز، وأثناء مرحلة البناء يقوم أحد مهندسي المجمعة بمعاينة المشروع لأكثر من مرة للتأكد من مطابقة التنفيذ للرسومات المعدة مسبقاً، فإذا كانت هناك مخالفات يتم تحرير محضر بإيقاف سريان وثيقة التأمين ويتم الرد علي المشروعات المقدمة للمجمعة في خلال فترة من ثلاثة إلي خمسة أيام، وهناك بعض المشروعات التي تأخذ فترة أبعد تتجاوز الستة أشهر، والسبب في ذلك يرجع إلي الوسيط الذي لا يلتزم بمواصفات الرسومات الفنية. ويتحدث «ماهر» عن الادعاءات بتعطيل مصالح الجمهور بعرض إحصائية عن شهر أبريل تم مراجعة 1673 من مجموع 2117 وهي إحصائية رسمية للمجمعة. وعن مخالفات البناء، يقول المهندس «ماهر»: من المستحيل أن تخرج رخصة بناء من المجمعة لمبني مخالف، وأن ما يحدث أن المالك بعد البناء يزيد طابقين أو طابقاً بدون الحصول علي موافقة رسمية من الدولة، وفي هذه الحالة ليس للمجمعة أدني مسئولية أو ذنب في ذلك، ولكن ذلك دور الأحياء وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير لا توجد إزالة للمخالفات. التعاملات الحقيقية وعن كثرة شكاوي المواطنين من المجمعة سواء سماسرة أو ملاكاً من طول فترة بحث ودراسة المشروعات المقدمة للمجمعة يقول أحمد حامد، الذي أبدى غضبه من مهندسي المجمعة قائلاً: «أغلب المشاريع ترسل لمكاتب استشارية وتظل فترة تصل إلي عشرة شهور دون رد وبعض المهندسين لا يتعاملون بجدية مع المشاريع وآخرون يتحججون بوجود عيوب في التصميم، ورغم ذلك عند الانتهاء من تعديل التصميمات تظهر عيوب أخرى والسبب أن المهندس لا يعطي رأيه كاملاً في التصميم وذلك بسبب حجم الضغط علي المهندسين. أما عبدالرحمن شعبان، الذي يعاني كل يوم من الذهاب للمجمعة لإنهاء إجراءات المشروع، يقول: «المجمعة متعسفة في جميع إجراءاتها فكيف لها أن تطبق القرارات بأثر رجعي، والعميل ليس له إلا يري خدماته تقدم على أرض الواقع. أما عبدالله حسن والذي أتى من الإسماعيلية قائلاً: «المجمعة الموجودة لدينا ما هي إلا مجرد مخزن للرسومات الفنية.. فأنا أضطر إلى قطع مسافة طويلة من أجل إنهاء الإجراءات لا أعلم متي ستنتهي، فتقديم التوكيلات للشئون القانونية للتأكد من صحتها يستغرق وحده 3 أيام، فكيف يدعي مديرو المجمعة أن الانتهاء من فحص المشروعات يتم في 3 أيام. وبالتحدث مع أحد العاملين بشركات التأمين والذي رفض ذكر اسمه قائلاً: «إجراءات المجمعة تسير ببطء شديد، فبعض مهندسي المجمعة عندما نتحدث معهم عن سبب تأخر المشروعات يكون الرد «ربنا يسهل» ويشرح سبب الزحام الموجود أمام المجمعة ومنافذ التعامل مع الجمهور، وقلة أعداد المجمعة في مصر التي تصل إلي 4 أفرع فقط. وأضاف: أن المبني الموجود به المجمعة تتواجد به شركات التأمين التي سارعت لحجز شقق بنفس المبني حتي وصل سعر إيجار الشقة 8 آلاف جنيه، وهناك حرب بين شركات التأمين الخاسر فيها الأول هي شركة مصر للتأمين، فشركات القطاع الخاص تعطي عمولات تصل إلي 30٪، أما شركة مصر للتأمين تعطي عمولة 7.5٪ وهو ما جعل الشركة خارج المنافسة. أما سليمان محمود، الذي يأتي يومياً إلي المجمعة ومعروف بين سماسرة المجمعة، يقول: «عند الذهاب لأول مرة للمجمعة، سيرقم المشروع ترقيماً جديداً خاصاً بالمجمعة، وسيطلب منك موظف الاستقبال الانتظار مدة أسبوع حتي يتم توزيع المشروع علي المهندسين بعد أسبوع ستأتي ليتم إعلامك باسم المهندس المراجع لمشروعك الذي ستتقابل معه بعد ذلك، وسيتم تحديد ميعاد بعد أسبوع من تاريخ المقابلة الأولى، وفي المقابلة الثانية سيطلب منك المهندس مراجعته بعد أسبوع، في المقابلة الثالثة سيطلب منك المهندس الاتصال به بعد أسبوع، وبعدها يتهرب من الرد عليك، مما يجعلك تضطر إلى الذهاب إلى المجمعة للمرة الرابعة، وسلسلة من المراوغات والهروب المتكرر بحجة الانشغال الدائم في مشاريع أخرى، ولكن يظهر ليظل المواطنون في عذاب مستمر أمام أبواب المجمعة بلا رحمة أو شفقة بالعجائز أو الشيوخ أو الشباب المتعطل عن العمل الذي يأمل في الخلاص من إجراءات تستمر لأشهر طويلة بلا داعٍ.