فى انعقادها السادس والعشرون لم يغفل أى من الرؤساء والملوك والأمراء عن ذكر حكايتها وكأنها قصيدة غنائية عذبة أحببناها كثيراً فصرنا نرددها فى كل مناسبة تسمح لنا بذلك٬ لم يتردد أى منهم فى رفع الشعار الذى طالما رفعوا بقوة وحماس٬ لم يتخلى أى منهم عن توضيح دور جامعة الدول العربية في دعم قضيتها٬ لم ينكروا أنتهاك الحقوق والحريات فيها ولم يتنازلوا عن رفع الحصار عنها! إنها القدس العتيقة.. إنه الشعب الصبور.. إنها الدولة المستعمرة.. إنها القضية الفلسطينية! فلازال هناك من يتحدث ويشجب ويدين ويعترف وينكر ولازال هناك من ينصت لهذا العبث.. نعم هذا العبث! سألت نفسى كثيرا لماذا يخدع العرب أنفسهم طوال الوقت بشعارات رنانة ليدعموا ما كانوا وسيظلوا عاجزون عن دعمه ؟ لماذا ينكرون سلبيتهم وقلة حيلتهم وعجزهم عن مواجهة عدو محتل وهم متخفين خلف العبارات والمفاهيم الهشة في عالم لا يعرف سوى مفهوم واحد هو مفهوم القوة ؟ لماذا وقفوا عاجزين أمام تقسيم فلسطين ثلاث كيانات دولة عربية وأخرى يهودية وثالثة تحت وصايا دولية ؟ لماذا وقفوا مكبلو الأيدي أمام تهويد المدن الفلسطينية وإقامة المستوطنات الاسرائيلية ؟؟ ربما لأننا لم نتعلم كيف نقاتل صفاً واحداً تعلمنا فقط كيف نقاتل بعضنا البعض٬ فقد نجحنا فى فشلنا ببراعة لا نحسد عليها وحتى إن كان هذا هو المخطط المنشود فنحن من سمحنا يوماً بتنفيذه! والحقيقة أن ما يثير العجب والدهشة أن أحد أسباب نشأة جامعة الدول العربية كانت القضية الفلسطينية! فقد أصدرت جامعة الدول العربية قرار سنة 1946 يتعلق بفلسطين جاء فيه " إن مجلس جامعة الدول العربية يؤكد من جديد عزم دول الجامعة العربية مواصلة الدفاع عن حقوق عرب فلسطين حتى يرجع الحق إلى نصابه. وأن مجلس الجامعة لن يلين ولن ينثني عن عزمه على رفضه أي مشروع من شأنه أن يؤدي إلى تقسيم فلسطين، أو تأسيس رأس جسر صهيوني فيها. كما وأنه لن يدخر وسعاً في القيام بكل ما تتطلبه الظروف والأحوال للاحتفاظ بصفة فلسطين العربية باعتبارها جزءاً حيوياً من الوطن العربي الكبير"!! لم أفهم أبدا ما الفائدة من الأعتراف بأهداف ومبادىء لا نملك ولا نستطيع تحقيقها! فهذا القرار الذى صدر منذ حوالى سبعين عاماً حدث خلالهم كل ما يخالف أبسط حقوق أى أنسان ولم تأخذ دولة عربية واحدة موقف يذكره التاريخ ومع ذلك لازالوا حتى اليوم يسيرون على الطريق الغامض ذاته وربما عن أقتناع!! ضحكت اليوم كثيراً حين تذكرت تلك الدراسة التى وضعتها وزارة الخارجية البريطانية قبل توقيع ميثاق جامعة الدول العربية تحت عنوان "تاريخ القومية العربية وأصول الجامعة العربية" والتى أبدت فيها بريطانيا "تخوفها" من أزدياد المطالبين بالوحدة العربية مما جعلها تعلن خلال الحرب العالمية الثانية عن تعاطفها مع مطلب الوحدة العربية!! الوحدة العربية!!!! أعلم انه لم يكن محور إنعقاد هذه القمة فى الأساس هو القضية الفلسطينية وان ما يمر به الشرق الأوسط من مآسى ومن مآمرات داخلية وخارجية وتحالفات ونزاعات طائفية اليوم كفيل بتمزيق نسيج الأمة العربية - وان كانت فلسطين ذاتها هى نموذج واضح على هذا الانقسام والصراع الداخلى الأعمى - وأعلم كذلك أننا لازلنا على حافة الهاوية وأن تحميل النظام السياسي الحالي بأكثر مما يتحمله من معاناة داخلية وخارجية هو درب من دروب الخيال ولكن دعونا نتفق فى نهاية المطاف – شئنا أم أبينا - على أن توحيد صفوف الأمة العربية هو المخرج الوحيد من الأزمة كما ان الأعتراف ومواجهة الأخطاء المتراكمة على مدار سنوات طويلة يجب أن يكون فى مقدمة أى رؤية سياسية. فرق تسد..