أضع يدى على قلبى من مفاجآت الانتخابات البرلمانية القادمة.. فهى لن تكون أبداً مثل الاستفتاء على الدستور أو انتخاب الرئيس السيسي.. فقد كان الناس يقفون ساعات طويلة فى الطوابير الممتدة بالملايين عن حُب وتأييد شعبى عظيم للعهد الجديد بعد سقوط عهدى مبارك والإخوان. كان الناس يعمُهم التفاؤل والأمل في صباح جديد، فاندفعوا لقول نعم للدستور الجديد.. ثم اندفعوا بالملايين مرة ثانية لإنجاز المرحلة الثانية من خارطة الطريق بانتخاب رئيس الجمهورية بأغلبية كاسحة. فهل سيكون نصيب الخطوة الثالثة من خارطة الطريق مثل الخطوتين السابقتين؟ هل سيذهب الناس بالملايين لطوابير انتخاب المرشحين الذين يؤيدون نظام حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى؟ سوف يسأل المواطن نفسه.. لماذا أذهب للانتخابات البرلمانية وأنا أعانى معاناة هائلة من أزمة البوتاجاز وعذابى بالوقوف في الطوابير الطويلة أياماً وليالى دون جدوى لمجرد الحصول علي أنبوبة في ذلك الجو شديد البرودة في النصف الأول من شهر يناير والأسبوع الأول من شهر طوبة الشهير بالمثل الشعبى (بأنه يجعل العجوزة كركوبة) من شدة البرودة. لماذا أذهب وأنا لا أسمع إلا إجابات خائبة من الوزير المسئول عن سبب أزمة الأنابيب بحجة أن السفن القادمة من الخارج بشحنات الأنابيب لم تصل بسبب سوء الجو.. فهل كان سوء الجو في شهر يناير وطوبة مفاجأة لأى أحد في مصر؟ ألم يتعايش الناس عشرات ومئات السنين مع شتاء رأس السنة المعروف بنواته وزوابعه وأمطاره وشدة برودته حتي تعمل الوزارة المختصة احتياطاتها قبل هذه الظروف بشهور لتوفير أنابيب البوتاجاز سواء بالإنتاج المحلي أو المستورد قبل الهنا بسنة كما يقول المثل الشعبى؟ هل هي حجة مقبولة من الوزارة كلها لتبرير فشلها في توفير أنابيب البوتاجاز في رأس السنة الميلادية وشهورها القبطية المعروفة للفلاح المصرى من آلاف السنين بأنها موسم البرد والأمطار الغزيرة فيستعد لها في فلاحة الأرض وزراعة أو حصاد المحاصيل المعروفة في مثل تلك الأجواء الشتوية الباردة؟ فهل كان الوزير ووكلاء الوزارة وآلاف موظفيها لا يعرفون النشرة الجوية أيام رأس السنة الميلادية الجديدة ونواتها المعروفة جيداً لإخوتنا الأقباط الذين يحتفلون فيها بعيد الغطاس.. فيستعد لها الوزير المختص قبل شهر أو شهرين بتوفير أنابيب البوتاجاز ورحمة الناس من التعب المضنى في الحصول علي الأنبوبة؟ ألم يشاهد الوزير المختص طوابير الناس أمام مراكز توزيع أنابيب البوتاجاز؟ كم كان عددها وعدد المواطنين الغاضبين الذين يُطلب منهم التوجه لصندوق الانتخابات في شهر مارس لاختيار نواب الشعب مع أمنياته وأمنيات مجلس الوزراء، بل والرئيس السيسي نفسه، بأن يكون الاختيار لصالح العهد الجديد، خاصة أن الدستور يعطي البرلمان سلطات واسعة جداً حتي إقالة الحكومة بل وإقالة رئيس الجمهورية وأنه في المواد 122 و130 و131 و137 و146 و147 و151 و152 و154 و159 و161 من دستور 2014. ليت أحد الصحفيين النشطين كان قد استطلع آراء الناس في طوابير البوتاجاز وألقي عليهم سؤالاً.. هل ستذهب لصندوق الانتخابات القادمة؟ وهل ستنتخب المرشحين باسم هذا النظام الذي فشل في توفير أنابيب البوتاجاز وانقطاع التيار الكهربى في أشد أيام الشتاء برودة وقسوة؟ وإذا كان الناس في مصر يتألمون ويتكلمون ويشكون.. فما بال الكتاكيت الصغيرة وأمهاتها اللواتى أصابهن برد شهر طوبة في مقتل مما تسبب في موت عشرات الآلاف وهي تبكي مُرّ البكاء في مزارعها التي كانت تعتمد علي أنابيب البوتاجاز فى تدفئة العنابر التي تضم هذه الكائنات الحية الضعيفة.. فمن المسئول عن ذلك؟ ومن يتحمل أمام الله سبحانه وتعالى شكوى وآلام تلك الحيوانات الأليفة الضعيفة التي وضعها الله أمانة في رقبة البشر الفاشل في توفير التدفئة اللازمة لها؟ وللأسف الشديد فإن الدستور الجديد يتحدث كثيراً عن حقوق الإنسان ولكنه لم يتكلم كلمة واحدة عن حقوق الحيوان التي اهتمت بها مجتمعات متحضرة وأنشأت لها قسماً خاصاً بكليات الحقوق وكرسي أستاذية متخصص في حقوق الحيوان... ولو أن ما حدث للكتاكيت وأمهاتها وموتها الجماعي بسبب نقص التدفئة في عنابر تربيتها.. لكان البرلمان في الدول الأوروبية أو الكونجرس في أمريكا قد وجَّه أسئلة محرجة بل واستجوابات نيابة عن تلك الحيوانات النافعة لإثارة مسئولية الوزير المسئول وإقامته. فهل سيذهب أصحابها في مصر إلى صناديق الانتخابات القادمة لاختيار مرشحي نظام الحكم الحالى؟ ولماذا يذهبون وقد كانوا ضحاياه هم وحيواناتهم؟ وهل سيذهب الذين فرحوا بصدور حكم براءة الرئيس مبارك ووزرائه وهم يؤمنون بأن حكم القضاء هو عنوان الحقيقة؟ ويضيفون قولهم بأن نظام حكم مبارك كان أكثر توفيقاً من النظام الحالى في توفير الأمن الجنائى والغذائى للشعب بصرف النظر عن كل الاتهامات لنظام حكم مبارك في الثلاثين سنة الماضية. هؤلاء.. ألم يتمسكوا من الأمس واليوم فصاعداً برموزهم في الحزب الوطنى الذين سيرشحون أنفسهم في الانتخابات القادمة لمناوءة ومعارضة حكم الرئيس السيسي؟ هواجس كثيرة تثير القلق حول نتيجة الانتخابات البرلمانية بعد شهرين.. وأنا واحد من الناس القلقين ولسان حالي يقول: ربنا يُستر ويُنير بصيرة المخلصين علي مصلحة البلاد.