رغم مرور عام علي قيام ثورة 25 يناير إلا أن هناك إحساساً عاماً بأن الحال لم يتغير وكأنه لم تقم ثورة.. وأن الرئيس المخلوع لايزال قائما فعليا وليس كما ادعي محامي مبارك فريد الديب أن مبارك لايزال الرئيس الشرعي لمصر وأنه مستمر حتي انتخاب رئيس جديد.. فهل من المعقول بعد سقوط مبارك وأركان نظامه ومحاكمتهم لايزالون يحكمون ويتحكمون في مقدرات الوطن؟.. الكل لديه إحساس ان كل المشكلات والأزمات التي كانت تفرض علينا قبل الثورة وطوال 30 عاماً حكم فيها الرئيس المخلوع بالحديد والنار .. مازالت تلك الأزمات تظلل علينا بقصد أو بغباء حكومي رغم ان دور الحكومة هو حل العقد والمشكلات وتقديم الخدمات وإدارة شئون البلاد والعباد.. لاتزال مطالب الثورة بعيدة المنال فالثوار طالبوا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وسرعة محاكمة قتلة ثوار الثورة ومصابيها.. لاتزال هذه المطالب المشروعة لم يتحقق منها شيء وكل ما يحدث هو توالي سقوط النوائب والكوارث علي رؤوس المصريين.. أحلام بسيطة ولكن ليس هناك إرادة حقيقية من الحكومة والمجلس العسكري في تحقيقها.. قد نكون قد تأخرنا كثيراً في السعي نحو الديمقراطية حين ضللنا الطريق بعدم وضع الدستور أولاً.. وكنا نستطيع توفير مليارات الجنيهات التي أنفقت في الانتخابات.. ولكن علي كل حال بدأنا في الخطوة الأولي ديمقراطيا بانتخابات مجلس الشعب الذي سيتولي مسئولية التشريع من المجلس العسكري ورقابة أعمال الحكومة ومحاسبتها.. فهل تكتمل الخطي ويودعنا «العسكري» الي ثكناته في نهاية يوينو المقبل حسب تعهداته؟ لاتزال الأزمات تحاصر المواطن في حياته المعيشية صعوبة في الحصول علي رغيف العيش وصعوبة أكثر في الحصول علي أنبوبة البوتاجاز وصعوبة في الحصول علي لتر بنزين أو سولار اللذين يمثلان عصب الاقتصاد فبدون الوقود تتوقف الحياة ويضعف النمو الاقتصادي الحلم المستحيل بعينه!! فإلي متي تظل هذه الأزمات المصدرة منذ عصر الرئيس المخلوع مستمرة وهل كتب علي جموع المصريين الشقاء والتعب والمعاناة ومتي تتحسن حالته.. إذا كان الحال قد تحول إلي الأسوأ خلال العام المنصرم من ثورة 25 يناير.. لقد أصبح في زمن حكومة الثورة برئاسة السابق د. عصام شرف وحكومة الإنقاذ المزعومة برئاسة د. كمال الجنزوري الحصول علي أنبوبة البوتاجاز مأساة إنسانية قد تزهق فيها الأرواح ولا يتم الحصول عليها.. وقد سقط كثير من الضحايا في محاولة للحصول عليها.. فهل نقص الأنابيب في الأسواق إحدي الوسائل الحكومية للحد من زيادة السكان؟.. لماذا أصبحت الأنبوبة حلم المواطنين وخاصة ان الحكومة تمن علينا صباحاً ومساء بضخ مليارات الجنيهات كدعم في هذه الأنبوبة؟.. يمنون علينا انهم يبيعونها لنا بخمسة جنيهات وتكلفهم أربعين جنيها.. فأين هذه الأنبوبة الحلم وخاصة أننا لا نستنشقه ولا نستخدمه كعطر حتي يختفي بهذا الشكل المتعمد؟.. أعتقد أن الحكومة تتعمد تعطيش الأسواق حتي يئن ويستمر في الشكوي؟!.. رغم أنها حريصة كل الحرص علي توفير الغاز لاعدائنا في إسرائيل، فمتي يتحقق الحلم المستحيل في أنبوبة البوتاجاز؟.. وإلي متي يستمرون في جرنا لعصور الظلام؟.. وهل المطلوب أن نعود إلي عصر وابور الجاز وإلي الفرن البلدي «والكاتون»؟ ومع أزمة أنابيب البوتاجاز التي تتفاقم كل يوم ويقوم المواطنون بقطع الطرق والسكك الحديدية..تتفاقم أيضاً أزمة البنزين في محطات تمويل السيارات وكأنهم يريدون لنا ان نعود إلي عصر الجمال والبغال والحمير وكأنهم لم يسمعوا أن العالم قد طوي صفحة الأزمات في الوقود لانهم يدركون أهمية هذا السائل الساحر في إدارة الاقتصاد وضع الحضارات.. ولكن حكامنا لم يدركوا هذه البديهة ويريدون لنا ان نعيش الأزمة المصطنعة بأيديهم!!.. هناك حالة تعمد في طرح المنتجات البترولية في محطات البنزين وطوابير السيارات لا أول لها ولا آخر بسبب سياسة تعطيش السوق.. بدليل الكميات المطروحة التي تتناقص كمياتها في المحطات بسبب عدم تشغيل معامل التكرير بكامل طاقتها.. أو التأخر في استيراد الكميات المناسبة لسد العجز في الأسواق.. لقد صدعنا وزراء الحكومة بالحديث علي مليارات الدعم التي يقدمونها للبنزين والسولار والبوتاجاز والغاز.. رغم ان معظم هذا الدعم يوجه إلي الصناعات كثيفة استخدام الطاقة مثل الحديد والسيراميك والسماد.. ثم يدعون أنهم مدينون للبنوك ب 61 مليار جنيه وأنهم يقدمون دعماً للطاقة يصل إلي 90 ملياراً فإلي من يوجه هذا الدعم؟.. نفس ألاعيب وحيل حكومات مبارك حين كانت تفتعل الأزمات لإثبات مدي قدرتها علي حلها وكأنهم قد فعلوا «جميلة» في المواطنين.. تقوم الحكومات ما بعد الثورة بفعل نفس الدور وكأننا لم نتغير ومازال النظام السابق يحكمنا؟ البنزين والسولار اختفيا بفعل فاعل وليس كما تدعي الحكومة بسبب التهريب والبيع الجائر خارج محطات البنزين في الشوارع بالجراكن والبراميل.. البنزين اختفي بسبب عدم وجود العملة الأجنبية الكافية لاستيراده فلماذا لا تقولوا لنا الحقيقة حتي نتفاعل معكم؟ لاتزال طوابير الخبز أمام منافذ البيع طويلة كاليالي السوداء ورغم ان وزير التموين الرفيق جودة عبدالخالق ينتمي إلي التيار الاشتراكي إلا إنه فشل في إيجاد منظومة لتوصيل الخبز بكرامة إلي المواطنين.. تزاحم وتراشق بالألفاظ ومشاجرات أمام منافذ رغيف الخبز المر فهل تحقق هدف الثورة في العيش وهو أبسط حقوق الإنسان.. وهل المواطن في الصومال التي تشهد حرب أهلية أو في العراق الممزقة والمحتلة طوال 9 سنوات لديه هذه المهانة في الحصول علي رغيف الخبز برغم أنه لا توجد دولة ولا حكومة علي أرض الواقع.. ولكن لدينا وزير تموين عجز عن توفير «رغيف الكرامة» وأنبوبة البوتاجاز والسلع التموينية مثل الأرز الذي اختفي من البطاقات في ظروف غامضة وإذا حضر فإنهم يقدمون أسوأ الأنواع وكسره رغم تصريحاته «الطنانة» في الحصول علي السلع التموينية بسعر مناسب!!.. الظروف المعيشية صعبة للغاية بل وازدادت صعوبة خلال عام الثورة بسبب غياب الدور الرقابي للحكومة ممثلا في وزارة التموين في مطاردة الجشعين والمحتكرين والمغالين في الأسعار بسبب حرية الأسواق وخضوعها للعرض والطلب.. رغم ان الدولة لها دور أساسي في محاسبة كل من تسول له نفسه المساس بقوت الشعب. البطالة في حالة زيادة مستمرة.. ومئات الآلاف من الخريجين في الجامعات والمدارس يخرجون للانضمام الي طوابير العاطلين.. فهل سألت الحكومة نفسها جدوي العملية التعليمية التي تخرج جهلاء وأشخاصاً غير مرغوب فيهم في سوق العمل؟.. هل من العدل أن يعمل خريج بعد 16 عاماً من التعليم في المدارس والجامعات حمالاً في «سوق الرجالة»؟.. لقد أصبح حكم كثير من الشباب أن يلتقطه أحد ليحمل عربة رمل أو زلط أو طوب للحصول علي قوت يومه.. أين العيش الذي نادت به الثورة وأين العدالة الاجتماعية التي طالبت بها؟.. جاءت حكومة عصام شرف وقضت 10 شهور في الحكم وتركتها دون أن تصدر قانون الحد الأدني والأقصي للمرتبات في الحكومة؟.. حكومة الجنزوري فعلت الحد الأقصي ب 35 ضعفاً للحد الأدني الذي اختفي في ظروف غامضة وربما خرج ولم يعد!! .. هناك أكثر من 1500 مصنع مغلق بسبب مشكلات يسهل حلها مثل التمويل أو التسويق ويمكن للحكومة أن تتفاعل معها سريعاً لإعادة تشغيلها وإعادة عمالها إلي العمل بدلا من انضمامهم لطوابير العاطلين.. فما الذي يؤخر الحكومة المنقذة لاتخاذ هذا الإجراء؟ الصوت الاحتجاجي أصبح زاعقاً وعالياً بسبب عدم اتخاذ أية خطوات عملية نحو تحقيق العدالة الاجتماعية.. لذلك أصبحت المطالب الفئوية قنابل موقوتة تنفجر في أماكن عديدة تصل إلي إيقاف العمل واحتجاز القيادات والاعتداء عليها.. إضافة إلي تعطيل حركة القطارات والطرق من أجل الضغط علي الحكومة لتحقيق مطالبهم سواء برفع المرتبات.. وهذا يتحقق بسهولة لو صدر قانون الحد الأقصي والأدني من الأجور وما بينهم يساعد كل المظلومين إضافة إلي طلبات التثبيت في العمل وخاصة ان هناك عاملين في جهات حكومية يعملون مؤقتين لأكثر من 10 و15 عاماً.. مشاكل العمال ومشاكل الفلاحين مع السماد وتوفير مياه الري إلي حد أن بعضهم يقوم بزراعة أرضه بمياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي بما يحمله من سموم.. فأين الحكومة المنقذة من هذه المشكلات؟.. الفساد والرشوة والمحسوبية مازالت تعشش في دواليب الحكومة لا فرق بين قبل الثورة وبعدها فمن المسئول؟.. لابد من صدور قوانين عن مجلس الشعب لمعالجة هذه الكوارث التي لن تقوم للوطن قائمة دون محاربتها.. إضافة إلي صدور قوانين تعالج مشكلة قطع الطرق التي أصبحت ظاهرة في أنحاء المحروسة من أجل الحصول علي المطالب ولي ذراع الحكومة.. لابد وأن يتصدي مجلس الشعب لهذه الظاهرة التي تعطل مصالح العباد واقتصاد البلاد.. الأزمات والمشكلات تحاصر الوطن وتطحن المواطنين لابد من حلول عاجلة حتي لا نفقد الحلم والأمل وساعتها سيندم الجميع.