هالتني تصريحات المهندس عبدالله غراب وزير البترول والثروة المعدنية والتي نشرتها صحيفة "الأهرام" يوم الأربعاء الماضي.. فهذه التصريحات تشير إلي أننا عدنا إلي الأساليب القديمة في مواجهة الأزمات.. وإلي ترديد العبارات نفسها.. وكأن الثورة لم تغير فينا شيئاً! ومادامت العقليات نفسها لم تتغير.. ومادام المسئولون يتعاملون مع الأوضاع بالطريقة نفسها.. فسوف تستمر الأزمات التي كنا نعاني منها علي مدي عقود عديدة.. فالقضية ليست في تغيير الأشخاص وإنما في تغيير أسلوب العمل وأسلوب التفكير.. ومواجهة الواقع بجرأة وموضوعية وصراحة حتي يمكننا التغلب علي المشاكل. لقد أطلت أزمة البوتاجاز برأسها من جديد وبصورة أكثر شراسة ووحشية عن ذي قبل. حتي وصل سعر الأنبوبة إلي ثلاثين جنيهاً في كثير من المناطق.. وكذلك أزمة السولار التي تزامنت مع أزمة البوتاجاز مما جعل الناس يتساءلون: ما الذي تغير في البلاد.. وأين هي حكومة د. شرف..؟! في ظل "خنقة" الناس من عدم توافر أنبوبة البوتاجاز وعجز قدرتهم الشرائية عن الحصول عليها.. وكذلك في غمرة اختناق الشوارع نتيجة لتزاحم السيارات علي محطات البنزين التي يوجد بها سولار نجد المهندس غراب يردد نفس النغمة النشاز التي كان يرددها سلفه سامح فهمي.. ويسوق نفس المبررات الواهية.. ويوجه إصبع الاتهام إلي أطراف أخري. ناسياً أنه- أو أن سياسته- هي المتهم الأول في هذه الأزمة باعتباره المسئول عن توفير السولار والبوتاجاز للناس! لقد استفزتني تصريحات الوزير- وأعتقد أنها استفزت الكثيرين- عندما قدم مبررات غير مقنعة حول أزمتي السولار والبوتاجاز.. وجاءت تصريحاته نسخة مكررة من تصريحات سابقيه والتي كانت تستفز الناس وتفجر فيهم مشاعر السخط والغضب لابتعادها عن المنطق ومجافاتها للواقع. قال السيد الوزير إن سبب أزمة السولار "يكمن في التداول لأن محطات البنزين في وسط البلد عددها قليل مقارنة بزيادة عدد السيارات وعربات النقل..". ومن يقرأ هذا الكلام يتخيل فجأة أن وباء "أنفلونزا البنزين" قد هبط فجأة فقتل عدداً من هذه المحطات في وسط البلد.. أو أن ملايين السيارات وعربات النقل قد هبطت علينا فجأة من السماء فتغير الوضع بين عشية وضحاها وأصبحنا نعاني أزمة سولار!. ومن بين ما ساقه الوزير من مبررات غير منطقية.. "أن عمليات التهريب والرغبة العارمة في اقتناء كميات كبيرة من السولار دون داع تعتبر من أسباب الأزمة". وهنا تتبادر عدة أسئلة: أين كان هؤلاء المهربون منذ أيام؟ وهل انشقت الأرض عنهم فجأة ليظهروا دون سابق إنذار؟!. وأين أجهزة الرقابة علي التهريب؟ ثم ما هو السبب الذي يدفع الناس لاقتناء كميات كبيرة من السولار؟. وهل توجد لدي الناس خزانات كبيرة في بيوتهم للاحتفاظ بالسولار فيها..؟! وفيما يتعلق بأزمة البوتاجاز.. قال سيادته "إن المشكلة تكمن في أن هناك من يتاجر بأنبوبة البوتاجاز ويريد أن يثري علي حساب المواطن البسيط..!! ولا ندري أيضاً.. هل الذين يتاجرون في أنبوبة البوتاجاز "موضة جديدة"؟!. أم أنهم موجودون بالفعل..؟!. لقد كان هؤلاء المتاجرون يبيعون الأنبوبة قبل الأزمة الأخيرة بعشرة جنيهات مع توصيلها لمنزل المستهلك.. أما الآن فقد وصل سعرها إلي ثلاثين جنيهاً فهل أصابهم سعار الثراء فجأة؟!. أم أن عدم توافر الأنابيب هو السبب.. فمع قلة المعروض تصبح الأنبوبة لمن يدفع أكثر. طبقاً لقانون العرض والطلب. نريد مواجهة حقيقية وواقعية للمشاكل. خصوصاً المشاكل المزمنة. مثل رغيف العيش وأنبوبة البوتاجاز والسولار وغيرها.. بدلاً من دفن الرءوس في الرمال والتنصل من المسئولية وتوزيع الاتهامات الباطلة يمنة ويسرة!.