بداية نحن لسنا ضد النقاب الذي يحافظ علي العفة ويعطي نموذجا للمرأة أو الفتاة الملتزمة ولكننا مثل كل البشر نرفض استثماره كقناع أو سلوك ضد الإنسانية كما نرفض حرق وطن وتدمير مرافقه ومكتسباته برداء أجمع العلماء علي أنه ليس فرضا بل عادة، ويجب علينا جميعا أن نفرق بين النقاب الذي لا أصل له في الإسلام وبين الحجاب الذي أقره ديننا الحنيف. فكم من الجرائم ارتكبت باسم هذا الزي الدخيل علي الإسلام وكم من الأسلحة دخلت الجامعات والمؤسسات من خلاله وخلف ستاره، وكم من المجرمين اتخذوه ملاذا للفرار بجرائمهم لا نتحدث عن «طاقة الإخفاء» إنما عن النقاب ذلك الزي الذي أدخلوه علي الإسلام، وهو ليس منه، فإذا كان الحجاب فريضة نص عليها القرآن فإن كثيرا من العلماء ذهبوا الي أن النقاب ليس فرضا وأنه مجرد عادة، بل ان بعضهم اعتبره عادة يهودية!! .. واليوم وأمام كل تلك الجرائم التي ترتكب تحت ستاره وأمام حرب مصر ضد الإرهاب، جاءت معركة النقاب من جديد لتفرض نفسها علي الساحة فإذا كان من حق المنتقبة أن ترتدي ما تشاء فمن حق الآخر أن يعرف من يواجه ومع من يتحدث. و«الوجه» في اللغة معناه ما يواجه به الإنسان الآخرين ولكن هناك نساء ترين غير ذلك، فقد فضلن مواجهة المجتمع من خلف ستارة سوداء والمبرر.. «حرية شخصية». الآن وبعد كل الجرائم التي ثبت أنها ترتكب من خلفه أصبح النقاب مشكلة في ظل حرب الدولة علي الإرهاب، وما يفعله طلاب وطالبات الإخوان داخل الجامعات، فمن خلال هذا النقاب تمكن الدكتور محمد بديع مرشد الإخوان ورفاقه من الهروب من اعتصام «رابعة» وبه أيضا حاول عدد من قيادات الجماعة الهروب خارج مصر، وأسفله أدخلت طالبات الإخوان الأسلحة والقنابل والمولوتوف الي جامعات مصر لإشعالها، ناهيك عن عشرات الجرائم الجنائية الأخري التي ارتكبت تحت ستاره من قتل الي خيانة زوجية الي سرقة بالإكراه وإلي تسول، فواقعة الرجل الذي ضبط زوجته في حالة زنا، وتبين بعدها أن عشيقها كان يتردد عليها بملابس منتقبة، ليست بعيدة عن الأذهان وكم من الرجال تنكروا في زي منتقبة لارتكاب جرائم، بل إن المباحث وجدت صعوبة في البحث عن مرتكب جريمة قتل بشعة في المطرية لأن القاتل كان يتردد علي شقة القتيل في زي امرأة منتقبة. وأمام عملية الإخلاء التي تقوم بها القوات المسلحة لمنطقة رفح يخشي كثيرون أن يصبح النقاب وسيلة لهروب كثير من الإرهابيين وفي القاهرة وباقي المحافظات يستخدم النقاب لتهريب الأسلحة والمتفجرات الي داخل الجامعات، وبالتالي فلابد أن يكون للحكومة وقفة مع هذا الزي الدخيل علي الإسلام. شريعة يهودية ففي كثير من حواراتها أكدت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن النقاب فضيلة ملأتها الرذائل، مشيرة الي أنه من شريعة اليهود، حتي أنهم كانوا يعتبرون المرأة خارجة عن الديانة اليهودية إذا أظهرت وجهها، مؤكدة أن الإسلام جاء في ظل وجود قبائل يهودية مجاورة انتشرت بها عادة النقاب ولكن الإسلام لم يمنعه ولم يفرضه بينما وضع قواعد لزي المرأة مثل ألا يكون لا يصف ولا يشف وتعرضت الدكتورة آمنة لانتقادات شديدة من جانب السلفيين بسبب هذا الرأي الذي أكدت عليه مرارا وتكرارا. دفع الضرر وإذا كانت القاعدة تقول إن دفع الضرر يسبق جلب المنفعة فمن باب أولي منع دخول المنتقبات الي الجامعات أو منع ارتداء النقاب حتي يمكن كشف كل من تسول له نفسه ارتداء هذا الزي لارتكاب أي جريمة. يذكر هنا أن النقاب كان قد أثار معركة كبيرة في الشارع المصري منذ عدة سنوات حتي أن جامعة القاهرة أصدرت قرارا بمنع دخول الطالبات المنتقبات إلا بعد كشف وجوههن، وكذلك أصدر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر قرارا بمنع ارتداء النقاب داخل كليات جامعة الأزهر والمدينة الجامعية للبنات وأثناء الامتحانات مع عدم وجود رجال في هذه الأماكن ووقتها أثارت هذه القرارات ضجة كبيرة حتي أن الفتيات المنتقبات تظاهرن أمام مكتب رئيس جامعة القاهرة لإلغاء القرار وبعد قيام ثورة 25 يناير وازدياد نفوذ السلفيين في مصر تم تجميد هذه القرارات وانتشر النقاب حتي جاءت أحداث العام الماضي وما شهدته الجامعات من كر وفر وأحداث دموية لتكشف عن دور النقاب الخطير في معظم هذه الأحداث ومع شدة معركة الوطن ضد الإرهاب عاد الحديث عن النقاب الي الساحة، خاصة أنه أسهل وسيلة لهروب الإرهابيين ووسيلة سهلة لإدخال الأسلحة والمتفجرات لأي مكان. عادة وليس عبادة وكانت وزارة الأوقاف قد أصدرت منذ عدة سنوات كتاب تحت عنوان «النقاب عادة وليس عبادة» استندت فيه الي آراء مجموعة من كبار الشيوخ والعلماء علي رأسهم الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف وقتها والدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر سابقا والشيخ علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق وأكدت الآراء أن النقاب لا أصل له في الشريعة الإسلامية وأنه مجرد عادة اجتماعية وليس عبادة، وقد يؤدي الي تأصيل الفكر المتشدد وأشار «زقزوق» في رأيه الي أن النقاب يمثل حاجزا يحول دون التواصل بين الناس، مؤكدا أن ذلك الحاجز أصبح ينتشر وبسرعة بين النساء في الأماكن التي لا يصح معها النقاب كالمستشفيات والمدارس ولاسيما مدارس الفتيات، مما يؤصل لفكر متشدد في أذهان الفتيات ويؤيد الدكتور علي جمعة هذا الرأي في الكتاب، مشيرا الي أن النقاب ليس بواجب، مؤكدا أن زي المرأة شروطه معروفة وهي ألا يصف مفاتن الجسد ولا يشف ويستر الجسم كله عدا الوجه والكفين، وأكد أن المالكية أفتوا بأن النقاب مكروه بدليل حظره في الحج. ويتفق عدد كبير من العلماء مع هذا الرأي حيث يري الدكتور عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي بالأزهر أن النقاب ليس فريضة بعكس الحجاب لأن المرأة أو الفتاة مطالبة بأن ترتدي من الملابس ما يمنع النظر اليها فعليها أن تستر بدنها بملابس لا تصف ولا تشف وتغطي جسدها كله وشعرها ما عدا وجهها وكفيها عملا بحديث الرسول صلي الله عليه وسلم: «إذا بلغت المرأة المحيض فلا يظهر منها إلا هذا وهذا وأشار الي وجهه ويديه»، بل ان بعض الفقهاء ذهب الي تحريمه بدليل أن المرأة في الحج يجب ألا تغطي وجهها ويشكل عام، فالمرأة يجب عليها كشف وجهها إلا إذا كانت جميلة تخشي الفتنة فيمكن في هذه الحالة أن تغطي وجهها، أما النقاب الذي قد يتستر فيه الرجال فهو مرفوض، وأكد أن النقاب فضيلة وليس فريضة ومع استغلاله من قبل البعض، فالتخلي عنه يكون أفضل وعلي الفتاة ارتداء ملابس لا تصف ولا تشف ولا تتشبه بملابس الرجال فهذا أفضل من ارتداء النقاب. ليس مفروضا وليس مرفوضا ويري الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن النقاب ليس مفروضا وليس مرفوضا، فالحجاب هو المفروض وعلي المرأة أن ترتدي ملابس تغطي جسدها كله عدا الوجه والكفين وهذا هو الحجاب الصحيح أما النقاب فهو فضيلة فإذا أرادت المرأة ارتداءه فهو أمر جائز بشرط إذا ذهبت الي مكان ينبغي فيه أن تعرف شخصيتها كالجامعة أو المدينة الجامعية فلابد أن ترفعه وتكشف عن وجهها حتي لا يستغله الرجال في الدخول لهذه الأماكن وارتكاب أي عمل إجرامي. ويتفق الشيح علي أبوالحسن الرئيس الأسبق للجنة الفتوي بالأزهر مع الآراء السابقة قائلا: نحن أمام نص وعلة والحكم يأتي بالنص وإذا لم يوجد النص يمكن الأخذ بالعلة، والنص هنا يلزم المرأة بالحجاب فقط و الحجاب شروطه معروفة للجميع وهي أن يستر الجسد و لا يصف ولا يشف ويظهر الوجه والكفين فقط، أما إذا كانت المرأة جميلة يخشي أن يفتتن الرجال بها وأن ينشغلوا بالنظر اليها عن صناعة الحياة فهذه علة يمكن بموجبها علي المرأة الجميلة أن ترتدي النقاب، فالفتاة الصغيرة غير المشتهاة لا يلزمها النقاب، وكذلك المرأة الكبيرة التي لا تتمتع بالجمال اللافت لا يلزمها النقاب أيضا، فالحجاب هو الفريضة وعلي الرجال أن يعملوا بقول الله تعالي: «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم». وخلص الشيح أبوالحسن الي أن درء المخاطر مقدم علي جلب المنافع، فإذا كان النقاب يمكن أن يستغل فيما يضر الناس، فعدم ارتدائه أفضل.