التعامل مع المجهول هو أكثر ما يزعج إنسانا.. كمكان مظلم لا ترى حتى كف يدك، أو أن تضطر أن تغطس فى عمق الماء فى ليلة ليس بها قمر، أو أن تتعامل مع شخص لا تراه، والأغرب أن يراك هو بوضوح ويظل هو داخل ستار من السواد.. غامض.. أليس من العدل أنك كما ترانى أراك.. تدور فى رأسى التساؤلات لماذا يخرج إنسان من بيته وهو يخبئ وجهه؟! فإذا كان الهدف ألا يراه الناس فلماذا يخرج أصلا من بيته؟!.. وهل هذا من حقه؟! تساءلنا مع صفوة من المثقفين فكانت هذه الإجابات.. الكاتبة إقبال بركة بدأت كلامها قائلة: ليس من حق إنسان أن يخفى شكله أو هويته، كما أن ذلك مرفوض دينيا، والدليل على ذلك أنه ممنوع إخفاء الوجه فى الحج حتى على المنتقبة أصلا فرض عليها خلع النقاب فى بيت الله كما أنه فى الصلاة لا يحق للنساء إخفاء الوجه والكفين، فلماذا يخفى الإنسان وجهه الذى يعبر عن شخصيته وجنسيته وكل ما يدل عليه إذا كان رجلا أو سيدة.. المعروف أن الإنسان لا يخفى إلا ما يخجل منه أو يشينه مثل عيب خلقى، حرق، وحمة تشوه الوجه وليس لسبب آخر.. والنقاب ليس حرية شخصية، فهو يزعج المحيطين به حتى الأطفال وحتى إذا كان السبب كما يقول البعض هو الجمال الشديد، فهذا يعتبر إعلانا ويعرضها للشبهات.. وإذا كانت المنتقبة ترى أن من حقها ارتداء النقاب فإن من حق أى إنسان أن يمتنع عن التعامل معها. ومن البداية كان السماح بارتداء النقاب فى الجامعات هو أكبر غلطة وقعنا فيها فدخول منتقبات إلى الجامعة هو شىء فى منتهى الخطورة، فنحن لا نعرف من هو المختبئ داخل هذه الخيمة السوداء، كما أن الأمن يتهاون فى دخول المنتقبات فى الأماكن العامة التى تحتوى على التجمعات فمثلا فى مبنى التليفزيون يستفزنى تعامل الأمن مع المنتقبات العاملات داخل المبنى.. فمن يتعامل مع المنتقبات كمن يتعامل مع المجهول. أما الأستاذ الكاتب أسامة أنور عكاشة، فقد أكد أن النقاب ليس فرضا على أى مسلمة وقال إن المنتقبات لهن حريتهن الشخصية فى ارتدائه ولكن ليس فى الأماكن العامة كالمدارس والجامعات والمؤسسات، حيث من حق الناس أن ترى وجوههن والكشف عن شخصيتهن كما أن من حق أى إنسان أن يتعامل مع من يشاء ويرفض أن يتعامل مع من يشاء، فهذه هى الحرية الشخصية، ولا يوجد اضطهاد فى ذلك.. فكيف تعطى المنتقبة لنفسها حق ارتدائه ولا تعطى للناس حق قبولها أو رفضها. لا أنصح بدخول المنتقبات بين التجمعات مما يمكن أن يعرض الناس للخطر إلا بعد الكشف عن هويتها. ولقد شاركت الكاتبة فتحية العسال الرأى بعدم فرض النقاب وقالت إنه بدعة بدليل أنه غير مصرح به فى الأماكن المقدسة ثم إننى لا أعلم عند رؤية المنتقبة إذا كانت رجلا أو امرأة حتى أن الأزهر الشريف أصدر قرارا بعدم ارتداء النقاب فى الفصول ولجان الامتحان.. وتقول إنه فى يوم قابلتها منتقبة تريد سؤالها عن شىء ما فقالت لها اكشفى لى عن وجهك كى أستطيع التعامل معك، وتضيف أن المنتقبات لهن تفسيرات خاصة بهن للقرآن والسنة أنا لا أعلمها ولا أستطيع الحكم عليها، ولكن أنا لا أرى فى القرآن أو السنة نصا يدل على أن النقاب فرض أما هن فتفسيراتهن تفرض عليهن النقاب.. وإذا كان لهن حق فى ارتدائه فلكل إنسان الحق فى رفض التعامل معهن لأنك كما ترى وجهى من حقى أن أرى وجهك. ويبدى الكاتب الروائى محمد صفاء عامر دهشته من الحالة التى وصلنا إليها، قائلا بأنه من أخطر الأمور أن نجد من يدافع عن النقاب ويصفه بالإسلام، لافتا إلى أن المنتقبة ترتكب إثما شديدا بارتدائها النقاب، فهى تسىء إلى مظهر الإسلام والإساءة إليه يعاقب عليها عند الله ، ويوضح صفاء عامر حديثه قائلا بأن الفتاة فى هذه الحالة تشوه صورتها أمام العالم المتحضر وإثمها كبير عند الله، لافتا إلى أن الذى يدافع عن هذا ويطالب به فإثمه كبير. ويطالب صفاء عامر بقانون لمنع ارتداء النقاب ومعاقبة من ترتديه، مؤكدا أنه ليس حرية شخصية كما يقول البعض، موضحا أن ارتداء الملابس حرية شخصية، ولكن حينما يمس صورة الإسلام فإنه لا يعتبر حرية شخصية، وانتفت عنه هذه الصفة، ولذلك فلابد من منعه بأى وسيلة من الوسائل حتى إذا تطلب الأمر تطبيق عقوبات مدنية. ويصف صفاء عامر الانتقادات والهجوم الذى تعرض له شيخ الأزهر بعد مطالبته بعدم ارتداء الفتيات المنتقبات للنقاب فى المدارس (بالتخلف والاعتداء على الإسلام) موضحا أن هناك من يحاول أن يلصق بالدين والإسلام ما ليس فيه، بل وصل الأمر إلى أنهم يحرفون أحكامه أكثر مما حرف أهل الكتاب. يبدأ الكاتب محمد الغيطى حديثه قائلا بأن ارتداء النقاب ليس حرية شخصية كما يقول البعض وليس أيضا دليلا على تدين الفتاة أو المرأة، فلم يرد نص صريح فى القرآن يؤكد ذلك، ويضيف الغيطى بأن من تراه من تلك الظواهر يعتبر نوعا من الخلل الاجتماعى بأن تصر فئة أن تميز نفسها عن بقية المجتمع تحت دعوى (التدين والأخلاق). فالمنتقبة تعطى تميزا لنفسها هى ليست أهلا له، ويبدى الغيطى دهشته من وجود فتاة تغطى نفسها بالكامل وتريد أن تتعامل مع المجتمع وأن يتقبل ذلك بدون اعتراض، لافتا إلى أن هذه الفتاة إن أرادت العيش فى جزيرة فهى حرة فيما تفعله، ولكنها مادامت إن أرادت أن تحتك وتعيش فى المجتمع، فلابد من إظهار هويتها، وهو وجهها، لافتا إلى أن الفتاة حينئذ تعطى لنفسها صورة ذهنية هى ليست أهلا لها، مشيرا إلى أنه لا ينبغى أن ننسى بعض الجرائم التى ترتكب تحت ستار النقاب. ويضيف الغيطى أن الاعتراض نحو الفتاة المنتقبة لا يختلف إطلاقا نحو السيدة العارية، مشيرا إلى أن (الوسطية والاعتدال) ينبغى أن يكون هو المعيار الأساسى فى أى مجتمع، ويوضح الغيطى أن الفوضى الأخلاقية والتطرف وجهان لعملة واحدة، فالمتطرف لا تقل خطورته عن الفوضوى، ويؤكد الغيطى أننا كمجتمع مدنى، من حقه أن يحافظ على هويته ولابد أن يقنن ذلك السلوك الناشز سواء بالحوار ، والإقناع أو بإصدار بعض القرارات. وتقول الكاتبة الصحفية فريدة النقاش رئيس تحرير الأهالى أن ارتداء النقاب يشكل حاجزا اجتماعيا بين القناة ومن حولها حيث تنتفى فكرة (التواصل) وهو التعامل الأساسى الشائع بين البشر بعضهم البعض ممن يجعله بمثابة عدوان على المجتمع، ولعلنا نتذكر العديد من الوقائع التى حدثت فى الجامعات وغيرها من خلال تخفى بعض الرجال تحت ستار النقاب وإخفاء شخصيتهم وارتكاب بعض الجرائم. وتضيف النقاش أن النقاب ليس له أى علاقة بالدين، فهو عادة بدوية تم تصديرها إلى مصر عبر مجموعة من الأطروحات والأفكار المعادية للمرأة باعتبار أن جسد المرأة عورة، وهذا مفهوم متخلف فى النظرة كما أنه يسئ للدين، لافتا إلى أن الفتاة المنتقبة لا تستطيع أن تكون عضوا فعالا، كما أن نظرتها لنفسها متدنية جدا، لأنها تعتبر نفسها مجرد جسد وفتنة تمشى فقط على قدمين، موضحة أن هذه النظرة تعتبر قمعا ذاتيا ضد نفسها ومجتمعها، وترد النقاش على بعض المنظمات الحقوقية التى تدافع عن ارتداء النقاب باعتباره حقا من الحقوق الخفية قائلة: إن المنتقبة عاجزة على التواصل الاجتماعى مع الآخرين فهى تقمع نفسها، لافتا إلى أن ممارسة الحرية الشخصية تعنى التواصل، وهذا ينتفى تماما مع المنتقبة لأنها فاقدة الحرية تماما فهى امرأة ذات وعى مشوه وتقوم بقمع نفسها. ويبدى الكاتب الصحفى صلاح عيسى دهشته من تمسك بعض الفتيات المنتقبات بارتداء النقاب وترغب فى استكمال دراستها بالجامعة، وفى نفس الوقت ترفض الضوابط المقررة لذلك من خلال كشف وجهها، مشيرا إلى أن ارتداء النقاب قد يصلح فى وقت ماضٍ عندما كانت المرأة لا تخرج من بيتها (إلا لتعبر) لا تتعلم ولا تعمل، ولكن الآن فلقد تغيرت ملامح الحياة هذا فى الوقت الذى يؤكد فيه الشيوخ المعاصرون بأن ارتداء النقاب عادة وليس عبادة، قائلا بأنه إذا كانت المنتقبات يتمسكن بالنقاب لا داعى للعمل والعلم، وليبقين فى بيوتهن، وللأسف فالفتاة المنتقبة تنظر لنفسها باعتبارها كائنا بيولوجيا فقط ومناطق للشهوة. ويضيف صلاح: إن ارتداء النقاب ليس دليلا على الفضيلة فليس مجرد تغطية الجسد بالكامل هو الفضيلة فهناك فضائل كثيرة من المفترض أن يتبعها المسلم، مشيرا إلى أن النقاب يسئ لصورة الإسلام والمسلمين ويعطى لأعداء الإسلام صورة مغلوطة ويحرضهم على الإرهاب ويعادى حرية المرأة. ويؤكد صلاح أن ظاهرة المنتقبات تعتبر من عجائب الزمن، فليس هو من الإسلام فى شىء بل بدعة. ويضيف صلاح: إن ارتداء الملابس بشكل عام يعتبر حرية شخصية إلا فيما يتعلق بالنظام العام والآداب العامة، لافتا إلى أنه على سبيل المثال نجد أن ارتداء المايوه فى بعض الشواطئ قد يشترط أن يكون قطعة واحدة أو قطعتين وكذلك بدلة الرقص فلها اشتراطات معينة وأيضا نجد أن المسلم عند صلاته لا يجب أن يرتدى حذاء وأيضا المرأة عند صلاتها وقيامها بفريضة الحج يجب كشف وجهها، وهذا نجده أيضا فى بعض الوظائف التى يلتزم أصحابها بارتداء ملابس محددة مثل العاملين بالشرطة والقوات المسلحة والمستشفيات، وهذا شىء إلزامى لا يوجد اعتراض عليه، وفى هذا السياق فالفتاة المنتقبة إذا رغبت فى الاستمرار فى ارتداء النقاب، فلتستمر ولكن إذا تعارض ذلك مع النظام المؤسس الذى تتواجد فيه أو تتعامل معه فيجب عليها التخلى عنه، موضحا أنه من الضرورى أهمية معرفة وجه من تتحدث معهم والتعرف على هويته وهذا ما يشترطه النظام العام، وبالتالى فالفتاة المنتقبة إذا أرادت أن تدخل المدينة الجامعية وبما أن قواعدها تلزم الفتيات بكشف وجوههن وعدم تغطية الوجه فعليها الالتزام بذلك. ويقول صلاح: إن الإنسان إذا كان من حقه حرية ارتداء ما يرتديه من ملابس باعتبارها من ضمن الحريات الشخصية التى يكفلها الدستور، فهناك قانون ينظمها ونظام عام فإذا تعارضت النظم العامة مع ما أقوم به فيجب أن أتخلى عنه سواء كان ذلك فى منظومة العمل أو التعليم.؟