أكدت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية الصادرة اليوم الأربعاء أن الوقت قد حان لإنهاء الصراع الدموي في أوكرانيا. ومع ذلك، ذكرت الصحيفة –في تقرير لها بثته على موقعها الإلكتروني- أنه لو انتهجت الولاياتالمتحدة وأوروبا فكرا عقلانيا، لكانوا قد استغلوا قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) الأخيرة في مدينة ويلز البريطانية خلال الأسبوع الماضي لاقتناص الفرصة ومناقشة إيجاد حل دائم للأزمة التي تجتاح أوكرانيا حاليا، والتي حصدت أرواح آلاف وكبدت خسائر كبيرة للاقتصاد الوطني. وقالت:" إنه بدلا من ذلك، ووسط اتفاق وقف إطلاق النار الهش، الذي تم بين كييف والمتمردين الموالين لروسيا في الشرق، استغل القادة المجتمعون هذه القمة للحديث بشكل مستفيض عن الحروب وأجواء قعقعة السلاح في ظل عدم وضوح هدفهم النهائي، الذي ربما يلوح في الأفق وينذر بتحالف بين قادة الناتو لشن حقبة جديدة من الحرب الباردة مع روسيا أكثر من محاولة التوصل إلى السلام". واعتبرت الصحيفة أن القمة أظهرت أحدث مثال على كيفية تمكن قادة الناتو "المتعجرفين والساخرين"- ومن بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما- من تصعيد التوترات، بينما يرفضون جميع الفرص الرامية إلى التوصل لنتائج معقولة ومرضية لكلا الطرفين في أسرع وقت؛ فعلى الرغم من الرواية السائدة بأن روسيا هي المُلامة في غموض مستقبل اوكرانيا، يروي التاريخ لنا قصة مختلفة، ومن بين أهم فصولها أن سلوك الغرب الاستفزازي كان له دوما تداعيات وخيمة يمكن التنبؤ بها". ومضت الصحيفة تقول:" إن الحرب الأهلية في أوكرانيا ما كانت لتندلع إن لم يصر الاتحاد الأوروبي على ابرام اتفاقية شراكة حصرية من شأنها أن تضر الصناعة الأوكرانية في الشرق والتجارة مع روسيا، أو إن حرصت الولاياتالمتحدة وأوروبا على بسط نفوذهم على المتظاهرين للالتزام باتفاق 21 فبراير الذي وقعه الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش وكان يقضي بمنح المزيد من القوة للبرلمان ويدعو لانتخابات مبكرة في شهر ديسمبر، أو إن أبدى الغرب الرغبة في العمل مع روسيا لاستعادة العمل بالاتفاق وتهدئة المخاوف في شبه جزيرة القرم ومخاوف روسيا على حقوق الناطقين بلغتها في أوكرانيا". وأوضحت الصحيفة أن الولاياتالمتحدة والغرب شجعوا بدلا من ذلك العناصر المتطرفة داخل الحكومة الأوكرانية على المضي قدما في حملتهم لإخضاع الشرق للقوة العسكرية ولإيجاد حل عسكري لمشكلة سياسية في الأساس كانت تعاني منها دولة منقسمة واقتصاد هش. وأعادت (واشنطن بوست) إلى الأذهان حقيقة أن الناتو ضم في عضويته عام 2004 سبعة أعضاء جدد، من بينهم دول البلطيق المتاخمه للحدود الروسية، فيما فشلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قبل أربعة أعوام في كسب قبول اضافة جورجياوأوكرانيا إلى الحلف- وهي المحاولة التي لاقت رفضا شديدا من جانب فرنسا وألمانيا- بيد أن الحلف أظهر رمزيا إمكانية أن تنال الدولتان عضوية الناتو، وهي الأفعال التي ألقت حتما بظلالها على جميع التطورات التي تلت ذلك. وأردفت تقول:" إنه ما من شك في أن روسيا ساهمت في أوقات معينة في تأجيج التوترات بالمنطقة، غير أنه كان ينبغي على الغرب أن يعي حقيقة أن أي محاولة لإبرام توقيع حصري مع أوكرانيا من شأنه إثارة الفتن والمشاكل وإظهار الانقسامات التاريخية بداخل الدولة، بجانب تصعيد مخاوف روسيا". ومع ذلك، اعتبرت الصحيفة الأمريكية أن الوقت قد حان لإمعان التفكير في إيجاد حل للأزمة وعقد المفاوضات الشاملة لإنهاء هذا الصراع الدموي، وقالت:" إنه لحسن الحظ قد تم تأسيس معايير الحل السلمي، إذ يمكن الاستناد على وقف اطلاق النار لبدء رحلة تأمين مستقبل اوكرانيا". وفي هذا، سردت الصحيفة عدة حلول من بينها، وأولها: استبعاد أي احتمالية لضم أوكرانيا الى حلف الناتو أو نشر قوات له على الأراضي الأوكرانية، ويمكن القول إن فرص حل الأزمة في أوكرانيا تعتمد في الأساس على بناء علاقات ايجابية بين روسيا وأوروبا. ورأت (واشنطن بوست) أن ثاني هذه الحلول قد يتمثل في تأسيس نظام فيدرالي في أوكرانيا يمنح استقلالية كبيرة للمناطق الشرقية ويحمي حقوق الناطقين باللغة الروسية، كما يتعين على الاتحاد الأوروبي وروسياوالولاياتالمتحدة تفعيل خطة مشتركة لإنقاذ وضع الاقتصاد الأوكراني، وأخيرا يجب على منظمة الأمن والتعاون في أوروبا نشر مراقبين وقوات حفظ سلام لرصد التقدم المحرز في المناطق التي مزقتها الحروب