يرجع تاريخ المدارس الاسلامية الى العهود الأولى بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة وبداية عهد الخلفاء الراشدين، حيث كان المسجد هو الشكل الأول لمقر المدرسة التي كان يدرس فيها علوم القرآن والحديث وأدب الاسلام، ثم تطور الوضع الى ما سمى بعد ذلك بالكتاتيب التي كانت في بيوت العلماء أنفسهم أو الأمكنة الصغيرة، ثم جاءت عهود الدولة الشيعية في العالم الاسلامي مثل الفاطميين، وكانوا أول من أدخل نظام التعليم بشكل ممنهج وأسموا المدارس «بدار العلم»، ثم جاء الأكراد والمغول من أصحاب المذهب السني ونشروا كلمة «مدرسة» في غرب العالم الاسلامي فازدهرت المدارس الاسلامية في العراق وكان أولها مدرسة الامام أبي حفص الفقيه البخاري والتي كانت تدرس مذهبا فقهيا واحدا ثم سوريا والشام ثم مصر في العهد السلجوقي سنة 44 هجريا، وفي مصر انتشرت المدارس النظامية في عهد صلاح الدين الأيوبي الذي حارب المذهب الشيعي ونشر المدارس السنية في عدة جوامع مثل الأزهر الشريف، بن طولون، عمرو بن العاص، ثم مدرسة الوزير الناصرية سنة 566 هجرياً التي كانت تدرس المذهب الشافعي، ثم القمحية، والتي كانت تدرس المذهب المالكي، وازدهرت مدرسة السلطان حسن في العهد المملوكي والتي تعد تحفة معمارية ومزاراً سياحياً اسلامياً بارزاً حتي الآن ثم أقيمت المعاهد الأزهرية التي تتبع الأزهر فقط ويديرها الأزهر وهى مملوكة للأزهر بالكامل بما فيها الأرض وتكون مصروفاته رمزية أمثال المعهد الأزهري الذي تخرج طه حسين عميد الأدب العربي، ويمكننا ملاحظة أن هذا النوع من المعاهد أو المدارس كان جلياً في عهد الملكية، ثم أصبح لدينا معاهد أزهرية خاصة يكون مالكها شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً خاصاً، يقوم بالتبرع بقطعة أرض يشرف في اعتمادها لجنة متخصصة من المجلس الأعلى للأزهر، يكون لها مواصفات هندسية معينة لاستيعاب قدر محدد لكثافة الفصول الملائمة لكل مرحلة دراسية، ويكون الأزهر شريكاً في الادارة ومشرفاً على المناهج في مثل هذا النوع من المدارس، وظهر هذا النوع مع السبعينيات عندما أصبح هناك رأس مال خاص مع خروج العمالة المصرية للعمل في دول الخليج، وخاصة في المحافظات، وتقوم هذه المدارس بتدريس العلوم بالمدنية بأنواعها مثلها مثل المدارس العادية، بالاضافة الى تدريس العلوم الدينية مثل مواد الشريعة وعلوم القرآن والمجتمع الاسلامي بالاضافة الى فصل البنين عن البنات في مرحلتي الاعدادي والثانوي، وهناك ضوابط وشروط تم تعديلها في احد قرارات أمين عام المجلس الأعلى للأزهر لسنة 2013، التي تستوجب الآن الحصول على جواب موافقة الجهة الزمنية المختصة حتى يتم التأكد من سلامة التحريات الخاصة بمالك المعهد الديني الأزهري الخاص. مع بداية الثمانينيات ظهر نوع ثالث من هذه المدارس الاسلامية الخاصة بالكامل ولا تتبع الأزهر لا في مناهجها ولا في اجراءاتها، والتي قامت بانشائها الجمعيات الأهلية ذات الطابع الاسلامي والتي أنشأت عدداً كبيراً من هذه المدارس على مستوى المحافظات مثل الاسكندرية ودمنهور والمنوفية والشرقية واسيوط وبني سويف، وامتلك مع الوقت عدد من مشاهير الدعاة ونجمات الاعلام المعتزلات مثل هذه المدارس، ذاع سيتها مع الوقت وخاصة مع تحقيق نسب نجاح عالية والتحق بها حتي أبناء رجال الداخلية والقضاء، وبعض ملاك هذه المدارس سواء من الجمعيات الأهلية أو الأفراد لديهم وجهة نظر في نشر هذا النوع من المؤسسات التعليمية بحجة مواجهة التيار القوى من المدارس الامريكية والفرنسية على مستوى الجمهورية الذي زاد على 220 مدرسة، والذي لا يهتم بالعلوم الإسلامية واللغة العربية على العكس من توجهاتهم، ويعتبرون أنفسهم أصحاب رسالة في تخريج أجيال مرباة على الخلق الاسلامي القويم الذي يقف بالمرصاد أمام استجابة الدولة المصرية للاملاءات الامريكية والتي تستخدم فيها العصى الأمنية لتحقيقها حسب مزاعمهم، ولكن مع الوقت خلعت هذه المدارس من الجيل الجديد هذا الرداء الفضيل، وأصبح مشروعها تجارياً بحتاً باسم الدين واصبح هناك مغالاة شديدة في مصاريفها قد تصل في بعض الأحيان لأكثر من 40 ألف جنيه لطالب المرحلة الأولى من رياض الأطفال مع الزيادة من 10 إلى 20 في المائة سنوياً، وذلك لأن المصاريف تتضمن تعليم الأطفال علوم الفقه والشريعة وركوب الخيل والسباحة وغيرها من الأنشطة والرياضات التي أوصى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، مع أن هذه الرياضات مكانها النادي وليس المدرسة بالاضافة الى كم العلوم الدينية التي تضاهي نفس الكم المقرر من وزارة التعليم المصرية أي أنه منهج مشابه تقريباً للمنهج العادي، والطريف التخلي عن مبدأ البعد عن التقليد الأعمى للأمريكيين في طرق تعليمهم ومناهجهم، الا أن نفس هذه المدارس الاسلامية توجهت الآن الى المنهجين الأمريكي والانجليزي العالميين، بل وتستورد المدرسين الأمريكيين ولكن بالنقاب أو الحجاب بحجة أنهم مسلمون لتدريس هذه المناهج وحتى يكون هناك مبرر لزيادة المصروفات. وتفرض هذه المدارس غير الأزهرية زياً على المدرسات في شكل عبايات بلون معين وعادة ما يكون إما أسود أو كحلي أو بني وبعضها بيج، حتى تكتمل الصورة والمنظومة. ويبقى السؤال المهم: كيف يمكن فرض قواعد تضبط اداء هذه المدارس وتجعلها تركز على العملية التعليمية وتجاوز الجري وراء المال؟