مدبولى: تطوير الموانئ المصرية غير مسبوق وتنفذه شركات محلية    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي 2024 الترم الثاني في محافظة الفيوم    رئيس التمثيل التجاري: مصر تُولي اهتمامًا كبيرًا بتعزيز التكامل الصناعي مع الصين    34 مليون جنيه لتمويل 47 مشروعًا ضمن مبادرة «مشروعك» ببني سويف    فيديو.. جيش الاحتلال يعترف بإصابة 9 من قواته في اقتحام مخيم نور شمس    فريدة الشوباشي: الولايات المتحدة سبب خراب العالم    روسيا تعلن إنشاء مركز أبحاث وإنتاج للطائرات بدون طيار والأنظمة الروبوتية    استقبال 37 جريحا ومريضا فلسطينيا في معبر رفح البري    بث مباشر مباراة الأهلي ومازيمبي (0-0) في دوري أبطال إفريقيا (لحظة بلحظة) | خطيرررررررررررررة رضا سليم    الزمالك والترجي في بطولة إفريقيا لكرة اليد.. موعد اللقاء والقنوات الناقلة    تحرير 11 محضرًا للمخابز خلال حملة تموينية بمركز أبوتشت بقنا    انتشال جثة شاب مجهول الهوية من نهر النيل بالقناطر الخيرية    دار الأوبرا تقيم احتفالية «نجوم المستقبل» لطلاب مركز تنمية المواهب    السياحة والآثار تكشف حقيقة اختفاء سرير يزن طنا من الفضة بقصر محمد علي بالمنيل    «التنورة والفلكلور الواحاتي» في ختام برنامج التوعية التثقيفية بالوادي الجديد    الصحة تكشف ضوابط وإجراءات أداء مناسك الحج    وصول 23 فلسطينيا من مصابي غزة للعلاج بمستشفيات جامعة أسيوط    غدًا، "حياة كريمة" تنظم قافلة طبية مجانية بقرى المنيرة بواحة الخارجة    مفتي الجمهورية: الاجتهاد الجماعي أصبح مبدأً لا يمكن الاستغناء عنه    اتحاد الكرة يستبعد إقامة ودية بين منتخبي مصر وفرنسا    رئيس فلسطين: المنطقة بأسرها ستكون في مهب الريح دون حل عادل لقضيتنا    كلاسيكو الأرض.. أنشيلوتي يعلن قائمة ريال مدريد لمواجهة برشلونة    أنشيلوتي قبل لقاء برشلونة: لست متفاجئًا من الاتتقادات والكلاسيكو فرصة للفوز بالدوري    للاطمئنان على صحة الأنبا أبوللو.. وزير الأوقاف يزور مطرانية سيناء الجنوبية|صور    صور.. حضور المئات من طلبة الثانوية العامة بالمراجعات النهائية المجانية    مؤسس «أمهات مصر» تعلن مطالب أولياء الأمور بشأن امتحانات الثانوية العامة    «الداخلية» حملات لمكافحة جرائم السرقات تضبط 17 متهمًا ب 4 محافظات    المشدد 5 سنوات ل«تاجر مخدرات» والبراءة لمتهمين آخرين في المنيا    ضبط عنصر إجرامى لإدارته ورشة تصنيع أسلحة بالأقصر    وديعة البنك الأهلى.. كيف تحصل على عائد 2000 جنيه شهريًا؟    وزير الخارجية: جهود مكثفة من مصر لدعم غزة منذ اندلاع الحرب    رئيس الوزراء: التعاقد مع شركات عالمية لإدارة وتشغيل ميناء دمياط    «الزراعة»: 15 نصيحة لمربي ومنتجي الثروة الحيوانية والداجنة لمواجهة ارتفاع الحرارة    شم النسيم 2024.. اعرف الموعد وسبب الاحتفال وقصة ارتباطه بعيد القيامة    5 ملايين جنيه إيرادات أفلام عيد الفطر خلال 24 ساعة.. «شقو» في الصدارة    حكم انفصال الزوجين بدون طلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    تفاصيل استضافة محافظة جنوب سيناء للمسابقة العالمية للقرآن يوليو القادم| خاص    وكيل «مطروح الأزهرية» يتفقد فعاليات البرنامج التدريبي للشؤون الوظيفية    للمرة الأولى.. معهد إعداد القادة يستضيف اجتماع المجلس الأعلى لشئون التعليم والطلاب    ميدو يوجه رسالة إلى إدارة توتنهام بشأن عمر مرموش    كشف وعلاج ل1300 حالة في 6 تخصصات طبية ضمن حياة كريمة ببني سويف    محافظ الغربية يتفقد 12 مشروعا لحياة كريمة ورصف القرى بزفتى    مخاطرة بحرب إقليمية.. هآرتس تنتقد الهجوم الإسرائيلي على إيران    مفاجأة.. سبب عدم مشاركة صلاح السعدني في مسرحية مدرسة المشاغبين    الحكومة: وقف تنفيذ قطع الكهرباء عن الكنائس خلال احتفالات العيد    «يد الأهلي» يواجه أمل سكيكدة الجزائري بكأس الكؤوس    «فرح» تعيد الابتسامة لأهالي الصف بعد 4 أيام اختفاء.. ما القصة؟    مشوفتش عشيقة المدير نهائيًا.. أقوال شاهدة في قضية رشوة أسوان الكبرى.. فيديو    القابضة للمياه: تحديث المخطط العام حتى 2052 لمواكبة الاحتياجات المستقبلية    إياد نصار: بحب الناس بتناديني في الشارع ب «رشيد الطيار»    37 شهيدا خلال آخر 24 ساعة مع استمرار قصف الاحتلال لقطاع غزة في اليوم ال 197 من الحرب    فضل الذكر: قوة الاستماع والتفكير في ذكر الله    بروتوكول تعاون بين جامعة طيبة وجهاز المدينة الجديدة لتبادل الخبرات    كيف أدعو الله بيقين؟ خطوات عملية لتعزيز الثقة بإجابة الدعاء    ناقد رياضي شهير ينتقد شيكابالا وتأثير مشاركاته مع الزمالك .. ماذا قال؟    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    خالد منتصر: ولادة التيار الإسلامي لحظة مؤلمة كلفت البلاد الكثير    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أصبح (الأزهريون) أقلية فى الأزهر؟
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 10 - 2009

كانت نادية يوسف، مدرسة التاريخ بالمعهد الليبى الأزهرى فى مدينة نصر، إحدى من شهدن خروج شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوى من أحد فصول المعهد غاضبا وهو يقول إنه سيصدر قرارا بمنع النقاب فى الفصول، بعد الحديث المنفعل الذى نقلته الصحف بينه وبين طالبة تمسكت بتغطية وجهها فى حضوره هو ومدرسة بررت موقف الفتاة. تقول نادية يوسف: إن المنتقبات لا يمثلن نسبة كبيرة فى المعاهد الأزهرية ولكنهن موجودات: «فى المعهد الذى أعمل فيه أجد طالبتين أو ثلاثا فى كل فصل منتقبات، وهناك 10 مدرسات منتقبات بين ما يقرب من 150 مدرسة». وتضيف: «أنا لست مؤيدة لارتداء النقاب، وأحيانا ما أتناقش مع مرتدياته، وحتى إن كنت أراهن متشددات قليلا فى هذه المسألة، لكنهن فى الغالب نساء وفتيات فضليات ملتزمات. مجتمع المدرسات والطالبات فى المعهد مثل باقى المجتمع المصرى يضم غير متدينات ومتدينات ملتزمات ومتشددات بعض الشىء ولكن لا شىء أبعد من النقاب ولا أوافق على اتهامهن بأنهن يتبعن تيارات معينة».
تعبير «التيارات المتشددة» تكرر من رموز جامعة الأزهر عقب تفجر الجدل حول النقاب، ففى أثناء جولات د.أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر ومعه نوابه فى كلية البنات حرص «الطيب» على أن يتطرق لأمر النقاب، مؤكدا أنه ليس فرضا على المرأة ومحذرا الطالبات من الانسياق وراء التيارات الدينية المتشددة. وقال: إنه «تم إعداد منهج دراسى جديد هذا العام بدأ تدريسه للوافدين، عن نقد التيار السلفى والتيارات البعيدة عن وسطية الإسلام». فيما كان تعليق أحمد الحسينى نائب رئيس الجامعة أن «خريجى الأزهر هم سفراء للدين الإسلامى الوسطى المعتدل فى مصر والخارج ولن تسمح الجامعة لأى جهة بأن تخترق فكرها الوسطى وهويتها الإسلامية الأزهرية».
يبدى أحمد سعد المدرس بأحد المعاهد الأزهرية الثانوية اندهاشه من أن يتفجر كل هذا الجدل عن التيارات والاختراق من موقف طالبة فى معهد للمرحلة الإعدادية: «سبب دهشتى أن الطلبة فى المعاهد الأزهرية مهما كانت ميولهم يكونون بعيدا عن جدل التيارات الفكرية والسياسية كما يحدث فى المرحلة الجامعية، فهم لا يزالون صغار السن وبعيدين عن التأثيرات المختلفة اللهم إلا تأثيرات الأسرة. أحيانا أعرف من طريقة كلام بعض التلاميذ أنهم أبناء أسر إخوانية أو سلفية وهناك أعداد كبيرة من أبناء الأسر المصرية العادية المتدينة التى تتابع الدعاة على الفضائيات وهناك أبناء أسر أدخلت أولادها معاهد أزهرية لأنها الأقرب للمنزل أو لأنها تقبل سنا أصغر. من المؤسف فعلا أن عددا كبيرا من الطلبة لا يتأثرون بالتعليم الدينى الأزهرى تماما مثل ما يحدث بالنسبة لمادة الدين التى يعتبرها طلبة مدارس وزارة التعليم مجرد مناهج تعليمية يتلقونها». ويضيف: «ابنى فى جامعة الأزهر وحكى لى عن انقسام الطلبة الملتزمين بين الاتجاه السلفى والإخوانى، قلة فقط تشعر بأنهم أبناء التقاليد الأزهرية، أما الكارثة التى تهدد الهوية الأزهرية فهى الأغلبية التى تتلقى التعليم بروتينية ودون اكتراث».
ولكن يبدو أن ما يقلق الأستاذ أحمد سعد لا يمثل التحدى الأخطر بالنسبة لقادة الجامعة، ففى مقال كتبه د.محمد عبدالفضيل القوصى، نائب رئيس جامعة الأزهر، ونشرته «الأهرام» فى مايو الماضى بعنوان «الأزهر ومحاولات الاختراق» عدد التيارات التى تهدد الأزهر بأنها أولا التيار الوافد من بلدان مجاورة يغلب عليه الحرفية والتشدد (التيار السلفى) والتيارات التى ترفع لافتات سياسية (الإخوان) ثم تيار التشيع وأخيرا تيار التغريب الذى يريد أن يغير ثوابت الأزهر تحت دعاوى «التنوير والحداثة».
أسرة الجيل المنشود
هناك فارق شاسع بين التيارين الأخيرين الهامشيين واللذين يقتصران أحيانا على عناصر فردية أو مجموعات محدودة داخل جامعة الأزهر وبين التيارين الأولين اللذين يمثلان الاتجاهين الأكثر بروزا ونشاطا داخل الجامعة. يقول محمد، الطالب بكلية التجارة بالجامعة والقائد الكشفى فى عشيرة الجوالة: «فى أثناء تنظيم الجوالة حفل استقبال الطلبة الجدد فى بداية العام الدراسى وتعريفهم بالكليات وأنشطة الجامعة وجدت طالبا يسألنى: أين مقر أسرة الجيل المنشود؟ وهو اسم الأسرة غير المسجلة رسميا فى الجامعة والتى ينشط فيها طلاب الإخوان المسلمين. وعندما استفسرت منه عن السبب، قال إن أخاه الطالب السابق بالجامعة نصحه بالذهاب إليهم لأنهم ملتزمون ويقدمون خدمات للطلبة مثل ملازم الامتحانات». يروى محمد ذلك كدليل على النفوذ الكبير والمتجدد للإخوان داخل جامعة الأزهر، مؤكدا أنهم يجتذبون نسبة لا تقل عن ثلث الطلبة ويأتى بعدهم بقليل السلفيون غير المنظمين فى جماعات أو أسر ولكنهم يشكلون تيارا فكريا وسط الطلبة.
باقى الطلبة إما يدرسون بلا توجه فكرى محدد ووعيهم الدينى والسياسى محدود، ومنهم طلبة ريفيون أقصى آمالهم استكمال تعليمهم بأى طريقة للعودة إلى قراهم والعمل فى الخطابة أو التدريس بالمعاهد الأزهرية المنتشرة هناك، وهناك قلة فقط تمثل «الملتزم الأزهرى» بحق.
أنس السلطان الخريج الحديث من كلية الشريعة والقانون هو بالتأكيد من بين هؤلاء، فهو يقول إنه كان الطالب الوحيد فى الكلية الملتزم بالزى الأزهرى طوال سنوات الدراسة رغم الطابع الشرعى للدراسة، كما أنه ينتمى لقلة تريد الالتزام بما يعتبره «الفكر الأزهرى». وهو أيضا يؤكد على ملاحظات المدرس أحمد سعد وطالب التجارة محمد ويقول إنها صحيحة أيضا داخل الكليات الشرعية بالأزهر: «قلة فقط لا تزيد بأى حال عن 2 أو 3% يمكن أن نعتبرهم أبناء الفكر الأزهرى المتأثرين والمتتلمذين على العلماء الأزهريين مثل على جمعة وأحمد الطيب وأسامة السيد وغيرهم».
يضيف أنس السلطان إن ارتداءه الزى الأزهرى على الدوام جعله يشعر كيف ينظر الناس إلى الأزهرى هذه الأيام: «هناك إكبار واحترام شديدان من جانب البسطاء ولكن يقابله أيضا شعور بأن هذا الشخص ذو فكر قديم بعض الشىء، قد يكون فى نظرهم ضليعا فى جوانب الشرع من الناحية العلمية ولكنه من ناحية أخرى أقل فهما لكل ما هو حديث. ومن جانب آخر، فهناك النظرة للأزهرى باعتباره قريبا من السلطة وهو ما يجعلهم يعتبرون السلفيين أكثر صدقا وإخلاصا وقربا من الله».
يشير أنس إلى أن هناك العديد من الطلبة داخل الأزهر ينظرون إلى التعليم الأزهرى نفس النظرة فيرونه تعليما قديما ومتحجرا نوعا ما، كما أنه مرتبط بالسلطة، وكثيرون يعتبرون أساتذتهم مجرد أكاديميين لديهم حصيلة علمية وقلة قليلة منهم يعدون فى مصاف العلماء حاملى تقاليد الأزهر ،ويحرصون على طلب رأيهم.
وبالنسبة لأنس سلطان، فالفكر الأزهرى له ملامح مميزة، منها أنه يتبنى العقيدة الأشعرية (تنظير عقلى للتوحيد للرد على الفرق الإسلامية خصوصا المعتزلة) باعتبارها عقيدة أهل السنة والجماعة وفى الفقه يتمسك بدراسة فقه المذاهب المختلفة ولا يوجد أزهرى لم يدرس على مذهب معين على خلاف السلفيين وفى جانب السلوك والأخلاق فهم إما متصوفة مثل جمعة والطيب أو قريبون من التصوف مثل أسامة السيد ولكنهم متمسكون بالتصوف المعتدل وليس ما ينسب إليه من ضلالات وخرافات وبدع.
يستدرك أنس أن هناك بعض الاختلافات داخل هذا الفكر الأزهرى فهو ليس تيارا واحدا، فهناك علماء أزهريون يميلون إلى ناحية السلفية قليلا وهم أبعد عن التصوف ومتمسكون بالعقيدة السلفية المخالفة للمذهب الأشعرى وهم العلماء الذين يعتلون منابر الجمعية الشرعية. ويؤكد أيضا أن هناك تعددا داخل الأزهر فهم يدرسون الفقه على المذاهب الأربعة، ومنهم المذهب الحنبلى الذى يرجح علماؤه وجوب النقاب على المرأة وهو محل الجدل الحالى.
الأساتذة الأزهريون المتبنون المذهب الحنبلى الأقرب للاتجاه السلفى قلة داخل الأزهر، وعلى منتديات السلفيين يسأل طلاب الأزهر السلفيين بعضهم بعضا عن الأساتذة الحنابلة لكى يتواصلوا معهم كأنهم يبحثون عن إبرة فى كومة قش. والمعاهد الأزهرية التى تلتزم كل منها تدريس الفقه على مذهب معين، منتشرة فى كل مصر على المذاهب الثلاثة: الشافعية والحنفية والمالكية. لكن هناك معهدين فقط فى كل مصر يدرسان المذهب الحنبلى.
الحضور القليل للميل السلفى فى المعاهد الأزهرية وبين أعضاء التدريس فى الجامعة غير كاف لكى يكون وراء الحضور الكبير لهذا الميل بين طلبة الأزهر، وهو يؤكد أن دور الأزهر يتراجع فى تخريج رموز جماهيرية مؤثرة، ليس فقط للجمهور العادى ولكن أيضا بين طلبته والدارسين فيه الذين لم ينجح التعليم الأزهرى الذى ينخرطون فيه طوال حياتهم فى جعلهم يتبنون التقاليد التى تمثل الفكر الأزهرى الذى يشكل هوية المؤسسة. وقد يحمل الأمر وجها آخر إذا اعتبرنا الأزهر يخوض معركة ضد أحد تنوعاته وضد مدرسة من الاجتهادات موجودة بداخله ولو على الهامش. ولكن فى كلتا الحالتين فقد يصدق رأى أنس السلطان الذى يرى أن الأزهر مثل معظم المؤسسات فى هذا البلد تفتقد التواصل الجيد بين قيادتها ورموزها من جهة وأبنائها أو جمهورها من جهة أخرى.
قد يكون توصيف أنس السلطان الأزهرى الغيور على الهوية الأزهرية والفكر الأزهرى هو الأقسى، فافتقاد التواصل بين طرفى مؤسسة تعليمية ودعوية بالأساس يعنى انهيارا فى وظيفتها الأساسية ومعنى وجودها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.