«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد قرار رئيس مجلس الوزراء بالهدم
جدل حول مبنى "الوطنى" المنحل
نشر في الوفد يوم 25 - 04 - 2014

أسدل مجلس الوزراء، الستار على مبنى الحزب الوطنى، بصدور قرار من المهندس «إبراهيم محلب» فى مارس الماضى بهدمه وإزالته بالكامل وضمه لحديقة المتحف المصرى
دون النظر للقيمة التاريخية والمعمارية لهذا المبنى، ناهيك عن قيمة الأرض التى تصل إلى ملايين الجنيهات، والتى تعتبر جزءًا لا يتجزأ من المتحف المصرى، ولكن مهما كانت هذه القيمة فإنها لا تقارن بقيمة الحفاظ على التراث المصرى الذى يشكل جزءاً ثميناً من التراث البشرى.
فقد حرص الثوار على تدمير أى رمز لفساد السلطة حتى تكون عبرة لنهاية كل ديكتاتور وهو ما جرى مع مبنى الحزب الوطنى «المنحل» الذى شوه وحرق بالكامل فى أحداث جمعة الغضب التى وافقت 28 يناير من عام 2011، بعدما قام قادة مصر باستغلاله «سياسياً» بالقوة.
وتباينت الآراء إزاء هدم مقر الحزب الوطنى.. «الاتحاد الاشتراكى سابقاً»، بين مؤيد ومعارض، فالبعض يرى ضرورة الاحتفاظ بالمبنى كقيمة آثرية وتاريخية ضد الأيادى الطامعة فى الأراضى المصرية وإعادة دراسة هذه المبادرة على أسس قانونية وعلمية واقتصادية، بينما آخرون يرون أنه قرار خاطئ وينبغى ضم المبنى للمتحف المصرى، باعتباره جزءًا منه واستغلاله لصالح المنفعة العامة.
مبنى بلدية القاهرة هو ذلك المبنى «الشهير بالحزب الوطنى» المسجل طبقا للقانون رقم 144 لسنة 2006، وهو يدخل ضمن قوائم المبانى ذات القيمة المتميزة، ومن تصميم المعمارى محمود رياض أحد رواد العمارة المصرية، وتم بناؤه فى عهد الرئيس الراحل «عبد الناصر» فى أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات وتكلف ملايين الجنيهات ووقتها كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعطتها لمصر بهدف التأثير على موقفها المؤيد للقضية الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسى، وإنما هذا لم يخدع عيون الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لتغيير موقفه تجاه القضايا العربية، ورغم احتياج البلاد للموارد المالية، إلا أنه رفض الإنفاق على البنية الأساسية للمبنى، ولكن أراد عبدالناصر أن يبنى بناء يظل علماً بارزاً مع الزمن يعلّم المصريين الكرامة، وحتى وإن كانوا فى أشد الاحتياج، ليكون بعد ذلك مقراً للاتحاد الاشتراكى، ثم أعقبه على رئاسته الرئيس الراحل «السادات» ليكون مقراً للحزب الوطنى الديمقراطى الذى أسسه فى عام 1978، ومؤخراً كان هذا المبنى قلعة السلطة والثروة للرئيس المخلوع «مبارك» منذ عام 1981 وحتى فبراير 2011.
الدكتور على حسن، مدير عام المتحف المصرى سابقاً، ووزير الآثار والتراث القومي سابقًا بحكومة الوفد الموازية رحب بصدور قرار هدم المبنى وضم الأرض إلى المتحف المصرى، واصفاً القرار ب«الصائب».
واعتبر الدكتور «حسن» هذا الاقتراح بمثابة الحل الوحيد الذى يحول دون استغلال المبنى من جانب المستثمرين الذى يضمن الاستفادة الكاملة للمتحف به.
وقال الدكتور «حسن »: إن الأرض التى بنى عليها مقر الحزب الوطنى الديمقراطى الذى سيتم هدمه بناء على قرار رئيس مجلس الوزراء، كانت مملوكة للمتحف المصرى بالفعل منذ نشأته عام 1902، وجزءاً لا يتجزأ منه، وتم الاعتداء عليها واغتصابها – على حد وصفه - لتوظيفها سياسياً، فى ستينيات القرن الماضى.
وأشار إلى أنه على الفور شيد عليها هذا المبنى الاسمنتى ليكون مقرا للاتحاد الاشتراكى فى عهد جمال عبدالناصر، واستغله بعد ذلك الرئيس الراحل محمد أنور السادات ليكون مقرًا للحزب الوطنى الديمقراطى الذى أسسه فى عام 1978، وأعقبه على رئاسته الرئيس السابق محمد حسنى مبارك منذ عام 1981 وحتى فبراير 2011.
وأكد الدكتور «حسن» أن قرار رئيس مجلس الوزراء يستحق أن نهنئ به كل المهتمين بالآثار، لعودة الحق إلى أصحابه الأصليين.
وأشار إلى أنه يجب أن تستغل مساحة المبنى بعد هدمه لإقامة حديقة نستورد لها أجود أنواع الزهور فى العالم على غرار ما يوجد فى متحف اللوفر، والمتحف البريطانى ومتحف «متروبوليتان» بنيويورك، يخصص جانب فيها لإقامة الندوات وجزء للمثقفين، ليكون زوار هذا المتحف من المصريين والسياح.
حسين عبدالرازق، عضو المكتب السياسى لحزب التجمع، قال إن قرار الحكومة بهدم مبنى الحزب الوطنى المنحل، وضمه لأرض للمتحف المصرى قرار جيد وحكيم، وسيضيف للمتحف، وتطبيق لصحيح القانون.
وأضاف «عبدالرازق»: إن الأرض التى تم بناء هذا المبنى عليها كانت تابعة للمتحف المصرى فى الأصل، وأخذت بشكل غير قانونى، ورجوعها مرة أخرى للمتحف المصرى تطبيق للقانون.
وأكد «عبدالرازق» أن تلك الجهود التى تبذل تؤكد للعالم ان مصر بعد ثورتى 25 يناير و30 يونية تسير على طريق واضح ولغد واعد أكثر اشراقاً، معرباً عن أمله فى أن تكون تلك المبادرة هى البداية لرحلة جديدة وداعمة للسياحة الثقافية التى نتمنى ان تنتشر وتتوسع على المستوى القومى ككل.
وتابع «عبدالرازق» أن وزارة الآثار لديها خطة ومشروع متكامل لاستغلال مبنى الحزب والأرض المحيطة به لتوسعة حديقة المتحف والمخازن وإنشاء خدمات تحت الأرض وربط المتحف المصرى بميدان التحرير كشاهد على ثورة 25 يناير وغيرها من البنود الموجودة فى المشروع.
موضحاً أن إصدار القرار بتخصيص مبنى الحزب للآثار رغم قيمتها المالية الكبيرة وإمكانية بيعها بالملايين لمستثمر أو تحويلها لمشروع استثمارى، هو تطبيقاً لما جاء بالدستور الذى يلزم الدولة بكل مؤسساتها بالحفاظ على التراث المصرى.
الدكتور سهير حواس، رئيس لجنة حصر المبانى ذات القيمة المتميزة بالتنسيق الحضارى، رفضت هدم المبنى لسببين، أولهما احترام القانون حيث إن القانون رقم 144 لسنة 2006 لا يجوز هدمه، وإنما ينص على إجراءات فنية محددة للحفاظ على المبنى المسجل وترميمه.
وتحفظت «سهير» على صدور مثل هذا القرار دون الرجوع إلى المتخصصين الذين سجلوا المبنى ضمن قائمة التراث المعمارى، كما أنه من غير المنطقى أن تتصرف الحكومة فى المبانى دون أى اعتبار للقانون، خاصة وأنه طبقا لهذا القانون لا يمكن هدم المبنى إلا بعد خروجه من قوائم الحصر، والذى يقرر خروجه من قوائم الحصر طبقا للقانون ذاته هى لجنة التظلمات بناء على مبررات حددها القانون ذاته، والتى لم يعرض عليها أى طلب بهذا الشأن حتى الآن، وبناء عليه فإن قرار مجلس الوزراء بهدم المبنى يشكل مخالفة صريحة للقانون نربأ بمجلس الوزراء الموقر أن يفعلها.
وأضافت الدكتورة «سهير»، أن هذا المبنى أنشئ فى بدايات ستينيات القرن العشرين كمقر لبلدية القاهرة، وقد صممه أحد رواد العمارة المصرية «محمود رياض» والذى صمم أيضاً مبنى جامعة الدول العربية، ثم تحول بعدها إلى مقر الاتحاد الاشتراكى العربى عام 1966، ثم إلى محافظة القاهرة، وأخيراً ضم مقر عدة مؤسسات هى «المجالس القومية المتخصصة، والحزب الوطنى والمجلس القومى للمرأة والمجلس الأعلى للصحافة»، ولارتباط المبنى بأحداث وشخصيات سياسية ومعمارية، تم حصر المبنى ضمن قوائم المبانى ذات القيمة المتميزة طبقاً للقانون رقم 144 لسنة 2006 برقم توثيق «3180001204».
وتابعت الدكتورة «سهير»: إن المبنى يقع داخل نطاق «القاهرة الخديوية» المسجلة ذات قيمة متميزة طبقاً للباب الثانى من القانون رقم 119 لسنة 2008 والخاص بتنظيم أعمال الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، وطبقا لهذا القانون فإن أى قرارات تتخذ بشأن المبنى سوف يكون لها تأثير مباشر على المشهد البصرى للمنطقة، بما يستوجب الأخذ فى الاعتبار أسس الحماية الخاصة بتلك المنطقة والمعتمدة من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية فى 26 يناير 2011 ومنها الحصول على موافقة الجهاز القومى للتنسيق الحضارى قبل إجراء أى تغييرات على أى من مبان المنطقة.
وأشارت إلى أن هذا المبنى يشكل ثروة عقارية مادية يجب الاستفادة منها خاصة فى ظروف مصر التى يعانى اقتصادها تدهوراً شديداً، ونحن فى أمس الحاجة إلى كل ما يفيد هذا الاقتصاد، وبالتالى فإنه يمكن طرح هذا المبنى للترميم والاستغلال كأحد المشروعات الاستثمارية مثل الفنادق أو غيرها، وهذا يعود بعائد على الدولة بينما يمثل هدمه إهدارًا لهذه الثروة فضلا عن إهدار التاريخ .
كما ناشدت المسئولين بالدولة تجنب تكرار تجارب مؤلمة معاصرة كما حدث فى قصر أندراوس بالأقصر، ومشروع أبراج القلعة ومشروع جراج رمسيس وغيرها، مؤكدة أن مصر فقدت الكثير من ثروتها المعمارية المتميزة فى السنوات الأخيرة، ويجب أن يتوقف هذا النزيف.
الدكتور مختار الكسبانى، خبير الآثار الاسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة ومستشار أمين عام المجلس الأعلى للآثار سابقاً، أكد أنه لم يخرج حتى الآن أى إخطار رسمياً بالقرار الخاص بهدم مبنى الحزب الوطنى المجاور للمتحف المصرى وضم أرضه إلى المتحف.
وانتقد الدكتور «الكسبانى» اتخاذ قرار بهدم مقر الحزب الوطنى المنحل وتحويله إلى حديقة تابعة للمتحف المصرى دون الرجوع إلى خبراء الآثار مؤكدا أنها رؤية قاصرة وعلامات التعجب تحيط بقرار الحكومة الذى ينوى تحويل أرض المبنى إلى حديقة للمتحف المصرى الذى بالفعل بدأت تنقل الدولة معظم مقتنياته إلى المتحف المصرى الكبير.
وأضاف الدكتور «الكسبانى»: نحن نرفض تماماً العبث بتاريخنا العريق، خاصة وأننا لسنا فى حاجة لحدائق فى مقابل هدم مكان أثرى، وهو أمر لا يليق حضارياً، وبالتالى يجب النظر خارج الأمور التقليدية، خاصة وأن هذا المبنى هو جزء من تاريخ الحركة القومية المصرية بعد ثورة يوليو 1952، وكان يمكن الحفاظ عليه كجزء من التراث والحقبة التاريخية المهمة التى مرت بها مصر.
موضحاً إلى ضرورة وجود رؤية تطوير متكاملة تحرص على تسجيل امجاد الدولة المصرية وثقافتها وتاريخها العريق فى اطار عمل منظومة شاملة مع مراعاة النسب الجمالية للموقع الأثرى على ان يشارك فيها التنسيق الحضارى والأثريون واساتذة الهندسة والفنانون بأعمالهم الفنية، وذلك من خلال تطوير مبنى الحزب الوطنى مع امتداد كل المبانى المطلة على ميدان التحرير ووصولاً بشارع محمد محمود ليدخل ضمن خطة التطوير فى إطار المحافظة على مظهر حضارى لائق لمصر، بالإضافة إلى إمكانية توفير مساحات عرض مكشوفة داخل المتحف المصرى وقاعات ثقافية تعبر عن روح الثورة وتخلد ذكرى ثورتى يناير ويونية، الهدف منه التذكير بالثورة المصرية التى قامت بفضل الارادة الشعبية وأبهرت العالم وهو سيكون أكبر تمجيد وتعظيم للثورة وشهدائها الأبرار، كما أنه سوف يسهل الرؤية السياحية، خصوصاً وأن المبنى الأثرى داخل نطاق المتحف المصرى بما يحدث التنمية السياحية والثقافية المطلوبة ويضع مصر فى مكانتها اللائقة، مما ينتج عن ذلك جلب العوائد المالية الطائلة، داعمين فى ذلك قطاع السياحة فى مصر المورد الرئيسى الذى يعد من أكبر الروافد الداعمة للاقتصاد المصرى.
مؤكداً أنه لا يجب ان يستجيب المسئولون لأى ابتزازات من جانب بعض الطوائف التى تريد هدم آثار مصر التاريخية فى غفلة من الزمن. لافتاً إلى أن الثورة تعبر عن رموزها الأبطال ومن استشهدوا فى احداثها، بينما الحديث عن هدم واقامة متحف لشباب الثورة هو نوع من دغدغة المشاعر، وهو أمر غير مقبول.
عز الدين بركات، المهندس المعمارى، أضاف أن الأرض تمثل امتداداً لحرم المتحف الذى يعد فى حد ذاته مبنى أثرياً . مطالباً الحكومة المصرية بالتأنى فى تنفيذ هذا القرار الخاطئ، لأن المبنى يمكن ترميمه وتوظيفه لأغراض أثرية، بهدف تنشيط السياحة حتى تعود بفوائد مالية ضخمة على الاقتصاد المصرى، ونحن أشد الحاجة لذلك.
وأضاف «بركات»: لم أعرف ما سر الإصرار على هدم مبنى سليم ومتين، تقدر قيمته الحالية إلى المليار جنيه على الأقل لتحويله إلى حديقة، بينما نحن بحاجة ماسة إلى ترميمه واستغلال ال 10 أدوار المكونة له فى أغراض عديدة.
واقترح «بركات» أن تستغل قاعة الاجتماعات الكبرى ك«متحف للثورة» بدلاً من استراحة لكبار زوار المتحف، وأحد الأدوار يستخدم فى اقامة معارض أثرية، خاصة أننا لدينا مقتنيات أثرية كثيرة جداً لا نعرف كيف نعرضها ونسوقها بشكل جيد لأننا ليست لدينا الإمكانيات والمكان، والآخر لإنشاء مركز تدريبى وكذلك دور يستغل كمكتبة أثرية كبرى ومراكز للأبحاث الأثرية، وأدوار آخرى لترميم الآثار، لافتاً إلى أن مصر التى بها أهم آثار العالم تفتقد لمثل هذه الأماكن المهمة.
مشيراً إلى أن المتحف المصرى يحتوى على أكبر مجموعة من آثار مصر القديمة، وإن نافسه المتحف البريطانى واللوفر ومتحف متروبوليتان «نيويورك»، كما أنه يتواجد داخل المتحف حوالى 136 ألف أثر فرعونى، بالإضافة إلى مئات الآلاف من الآثار الموجودة فى مخازنه، وإنما هناك مشروع معد لتطوير المتحف المصرى بالتحرير بما يضمن عودة المتحف بمختلف جدرانه وأرضياته الداخلية إلى صورتها الأصلية وإزالة المدخلات التى أضيفت خلال السنوات الماضية الأمر الذى يعود بالمبنى المتحفى إلى حالته الأولى باعتباره مبنى أثريًا فى حد ذاته يستعرض روائع الفنون المصرية القديمة.
كمال زاخر، المفكر والباحث، يقول: أرفض تماماً فكرة هدم التراث المصرى دون وجود مبرر لذلك سوى الانتقام من شخص بعينه.
واستطرد «زاخر» أن مبنى الحزب الوطنى الذى انشئ فى حقبة تاريخية مهمة هى فترة الستينيات، تشكل أهمية معمارية وتاريخية، وبالتالى الأمر يحتاج إلى مراجعة وقراءة متأنية قبل اتخاذ قرار ليس كامل الدراسة فى هذا التوقيت الصعب، وهو ما يجعلنا نتريث قبل صدور قرار بهدم مبنى قوى الاساس مثله أو التخلص من معالمه الأثرية بسهولة هكذا، وربما يمكن ترميمه لما تقدر قيمته الحالية بالمليارات. مطالباً بضرورة اعادة توظيفه وتحويله الى مركز ثقافى فنى وقاعات للندوات والمعارض ومكتبة كبرى ومركز للابحاث الاثرية أو فندق سياحى.
فاروق العشرى، أمين لجنة التثقيف وعضو المكتب السياسى للحزب الناصرى، يرى أن القضية بحاجة إلى إعادة نظر إيجابية من حيث جدوى المكان واستخدامه كملحق للمتحف المصرى، لما لها أهمية تاريخية فى حياة المصريين، ولهذا لا يجوز الاسراع فى اتخاذ قرارات بلا دراسات عملية والتفريط فى آلالاف الأمتار بالهدم واهدار المال العام.
واقترح «العشرى» امكانية توفير مبنى كهذا لخدمة المشاريع الاساسية لكى تخدم الشعب والدولة معاً، مطالباً بضرورة عرض هذه الاقتراحات أو التوصيات على اللجان النوعية بوزارة الآثار بشرط وجود تمثيل مناسب من قوى الشعب والحكومة للتوصل إلى قرارات ايجابية يمكنها تحسين الوضع الحالى.
المهندس حسين منصور، الاستشارى المدنى، يؤكد ضرورة عمل دراسات هندسية حتى يقاس وضعه الانشائى والأعمال ومستلزماتها فى ضوء المنفعة العامة، وبناء على ذلك سيتقرر صلاحية المبنى على البقاء والاستمرار أو الهدم .
وأوضح المهندس «منصور» أن هذا المبنى الضخم بوضعه القائم المتعدد للأدوار لا يصلح لتحويله متحف لشهداء الثورة على الاطلاق وبالتالى الحديث استغلاله لهذا الغرض هو نوع من المزايدة غير البناءة أو الهادفة، وإذا ما كانت هناك ضرورة قصوى لإزالته واضافته للحديقة المتحفية فيجب اقامته بطريقة فنية ولا يكون متعدد الأدوار حتى يسهل الزيارة وقابلية الحركة حتى يمكن أن ندعو بجدية لعمل تطوير معمارى يعبر عن روح الثورة.
مضيفاً أن إعادة توظيف المبانى التراثية هى بالتأكيد سياسة متبعة فى العالم كله، وإنما تحكمها عدة معايير مثل قيمة المبنى والهيكل الداخلى له وما به من فراغات وموقعه والمحيط به، وبالتالى لابد أن تكون إعادة التوظيف ذات جدوى وعائد اقتصادى، لكى يحدث التوازن المطلوب بين القيمة التراثية للمبنى فى الذاكرة والقدرة على استغلاله بشكل جيد.
رضا محمود يعقوب، المحامى بالنقض، طالب بوقف هدم المبنى مؤكداً أنه يجب عدم المساس به إلا طبقاً لآليات القانون وتطبيقه على المبانى كلها سواء حكومية أو خاصة. مشيراً إلى أنه لا يجوز قانوناً للمبانى الحكومية اتخاذ قرارات مختلفة بشأنها، خاصة أن مبنى الحزب الوطنى يدخل ضمن قائمة المبانى ذات الطراز المعمارى الفريد، والتى تتبع جهاز التنسيق الحضارى بالقرار الوزارى رقم 144 لسنة 2006.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.