تعد الشركات المشتركة احد اهم القطاعات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، والتى تملك نسب مشاركات فيها تمثل ثقلا كبيرا وارقاما لا بأس بها. وهى احد اهم روافد العوائد فى الوزارة والتى تتطلب اعادة النظر فيها، وتحويلها من مجرد اماكن لمجاملة البعض بتعيينات فى مناصب بدون داع، ليتم النظر اليها بوصفها مجالا ثريا للاستثمار وتحقيق عوائد. وإذا ما تمت ملاحظة ان هناك تعثرا ما فلا بد من التخارج من تلك الشركات، حتى لا تتحول الى استنزاف لموارد القطاع. تعد تلك المعضلة من أهم القضايا التى لابد أن تشغل المهندس محمود عصمت، وزير قطاع الأعمال الجديد والذى تلاحظ رغبته فى دراسة عدد كبير من ملفات الوزارة خلال الفترة الماضية، ويبدو ملف الشركات المشتركة احد اهم تلك الملفات والتى لا بد أن تلقى اهتماما يوازى حجمها. والسؤال الملح فى هذا الملف هو: ماذا حققت مساهمات قطاع الأعمال العام فى الشركات المشتركة من عوائد طيلة الاعوام السابقة؟ الاجابة عن هذا السؤال تثير الحزن لضعف العوائد مقابل حجم المشاركات، الامر الذى يدعو قطاع الأعمال العام لإعادة النظر فى الأمر، خاصة وأن هناك مساهمات فى نحو 300 شركة مشتركة يصل اجماليها الى نحو 10 مليارات جنيه تحقق عوائد اقل من 4% سنويا. وكان هشام توفيق وزير قطاع الاعمال العام السابق، قد صرح بأن لدينا 300 شركة مشتركة نساهم فيها، وقال سنفصل جزءا للمتاجرة والآخر للاستثمار، وبالتالى يجب أن نختار ممثلين فى مجلس الإدارة، للحصول على بيانات دقيقة، وحتى أغلق أى مجال لأن يكون تمثيلنا فى مجالس إدارات الشركات المشتركة عبارة عن «باب رزق»، ونحن أكبر مستثمر فى السوق، بالإضافة إلى بنكى الأهلى ومصر فى هذه الشركات المشتركة. وسبق هذا التصريح قيام عدد من الشركات القابضة بالبدء فى التخارج من عدد من الشركات المشتركة، والتى ثبت انه لا جدوى من الاستمرار فيها، مثل قيام شركة مصر للفنادق بالتخارج من شركة هوتك للتنمية السياحية ودراسة القابضة للسياحة التخارج من بعض الشركات لضعف العوائد، حيث تملك القابضة للسياحة مساهمات في نحو 26 شركة مشتركة مع القطاع الخاص جميعها بنسب صغيرة، عدا ثلاث شركات هى المنتزه بنسبة 50% والتعمير السياحي بنسبة 67% والشركة العربية للاستثمار السياحي والفندقي «اشتى» بنسبة 72%، وكانت القابضة للسياحة قد قررت التخارج من شركتين، نظرا لضعف العائد الاستثماري من تلك المشاركات الأولى شركة الإسماعيلية التي تمتلك فيها مصر للفنادق نسبة15٪ الشركة الثانية الإسماعيلية للفنادق التي تمتلك فيها «إيجوث» نحو 10% وبدأت اجراءات التخارج بعد موافقة المساهمين. ومنذ سنوات وضعت وزارة الاستثمار والتى كانت تتبعها شركات قطاع الاعمال العام حتى عام 2016 خطة للاستفادة من نصيب قطاع الاعمال العام فى الشركات المشتركة، وتدور الخطة حول اعادة تقييم اداء الشركات المشتركة من خلال العوائد التى تحققها الشركات، وتم طرح فكرة التخارج من بعض الشركات وفقا لمؤشر تقييم ادائها اذا انخفضت العوائد المحققة. ووفقا لأحدث البيانات حول الشركات المشتركة فى قطاع الأعمال العام، فإن حصة المال العام فى رؤوس اموال الشركات المشتركة تبلغ نحو 59 مليار جنيه يخص حصص شركات قطاع الأعمال العام فيها عشرة مليارات و600 مليون جنيه بنسبة 18%، فى نحو 336 شركة. وتشيرالدراسة الى ان الشركات الرابحة تبلغ 298 شركة و82 شركة خاسرة و6 شركات لم تحقق ربحا او خسارة. وحول توزيع نسب المشاركات فى الشركات تحتل القابضة للتأمين اعلى مشاركة بنسبة 59.9% وتبلغ 6 مليارات و353 مليون جنيه، تليها القابضة للصناعات الغذائية بنسبة 12.2%- قبل نقل تبعيتها الى وزارة التموين - تليها القابضة للنقل البحرى والبرى بنسبة 10.5% والقابضة للصناعات الكيماوية بنسبة 5% والقابضة للصناعات المعدنية بنسبة 4.9% والقومية للتشييد والتعمير بنسبة 2.7% والقابضة للسياحة والفنادق بنسبة 2.5% والقابضة للغزل والنسيج 1.4%والقابضة الدوائية بنسبة 0.9% . وتشارك القابضة للتامين فى 249شركة والقابضة للنقل البحرى والبرى فى 20 شركة والقابضة للسياحة فى 24 شركة والقومية للتشييد والتعمير فى 23شركة والقابضة للادوية فى 9 شركات والغذائية فى 30 شركة والقابضة الكيماوية فى 15 شركة والقابضة للغزل والنسيج فى 9 شركات والقابضة للصناعات المعدنية فى 12 شركة. كما يبلغ عدد البنوك التى تشارك فيها شركات قطاع الاعمال العام نحو 18بنكا بنسبة 5,4% من اجمالى التمثيل، فى حين تحتل الشركات الصناعية اعلى تمثيل بعدد 100 شركة نسبتها 29% واقل نسبة فى مجال الاتصالات بعدد 5 شركات بنسبة 1,5% فقط، وتحتل الشركة القابضة للتأمين وشركاتها التابعة اعلى نسبة مشاركة تليها القابضة للأغذية. ويؤكد التقرير غياب الرقابة الفاعلة على اداء المال العام فى الشركات والبنوك المشتركة، ومن ذلك عدم الالتزام بقرار وزير الاستثمار رقم 180 لسنة 2008، والخاص بتقديم تقرير ربع سنوى عن نتائج اعمال الشركة، حيث اشارت تقارير المتابعة الى انه من اصل 417 تقريرا، يفترض وصولها من ممثلى المال العام فى الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام ما يصل لا يمثل اكثر من 10% من التقارير المطلوبة. وبالتالى، فإن افضل الحلول بالنسبة لحماية حصص المال العام فى تلك الشركات المشتركة، فإنه اما البحث عن تعظيم العوائد بالرقابة المستمرة والمتابعة للمال العام بالكثير من التدقيق، وإما التخارج من مساهمات لا تحقق عوائد تتوافق مع حجم الاستثمارات وتعد فى النهاية اهدارا للوقت والجهد.