هل مازال هذا الخبر الحكومي يسلي الناس!، إليكم الخبر الذي ينشر بين الحين والحين علي سبيل تسلية الناس أو يتسلي به الذين ينشرونه من المسئولين، يقول الخبر: «قررت وزارة الري والمسطحات المائية البدء في إزالة التعديات الموجودة علي النيل بمنطقتي المعادي وحلوان، ورصدت هيئة حماية النيل التعديات وردم النيل خلال الشهور الماضية، وتشمل اقامة مبان خرسانية ومشاتل وكافتيريات وأوكار للمخدرات في غيبة القانون والانفلات الأمني، وأكد وزير الري أنه لا تهاون مع المخالفين والمتعدين علي مجري نهر النيل أو التصالح معهم، وسوف تتم إزالة المخالفات دون الرجوع لأصحابها، وتطبيق القانون بقوة لعودة النيل إلي طبيعته، والحفاظ علي المجري المائي، من التلوث طبقاً لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1984، وما أؤكده أن نفس الخبر قد نشر علي الناس مئات المرات خلال سنوات طويلة، الجديد فقط في الخبر المسلي هذه المرة أن الوزارة المعنية قد حددت منطقتي المعادي وحلوان هدفها من الإزالة للتعديات في المنطقتين!، كأن التعديات علي النيل قد اكتشفت فجأة في المعادي وحلوان، أما باقي شاطئ النيل في مختلف المناطق فلا تشهد تعديا يستوجب الإزالة من أي نوع!، والجديد الآخر في هذا الخبر أن التعديات التي اكتشفت في المعادي وحلوان قد تمت في غيبة القانون والانفلات الأمني الذي تشهده البلاد منذ وقوع ثورة 25 يناير 2011!، وكأن المعادي وحلوان وباقي مناطق شواطئ النيل لم تشهد التعدي عليها إلا بعد أن غاب القانون وساد الانفلات الأمني!، ومما يزيد عندي الإحساس بسخافة هذه الأخبار المسلية هذا «الظلم البين» الذي حمله الخبر لغياب القانون والانفلات الأمن، فكأن التعدي قد ارتبط بهذين العاملين فقط فلم يكن قبل غيبة القانون والانفلات الأمني. تعديات علي النيل من أي نوع!، سواء في المعادي وحلوان، أو في سائر المناطق التي تقع علي شاطئ النيل!، وعندي شهادة صدق في هذا الصدد لا أستطيع كتمانها بتأكيد أن التعدي علي نيلنا العظيم قد تراكم خلال عقود طويلة حتي أنه قد حجب الرؤية لمن يريد الاستمتاع بمطالعة مياهه!، وأصبحت رؤية مياه النيل وضفافه فقط مما يكلف من يريدها نفقات باهظة قررها أصحاب التعديات!، ومن خلال الجلوس فقط في ملاهيهم ومطاعمهم وفيها وجبة طعام!، سواء كان التعدي ثابتا خرسانيا، أو من مرسي لبعض المطاعم العائمة التي تتيح للجالس فيها السير في مياه النيل بواحد من المطاعم العائمة، ولا حاجة بي لإشارة مفادها أن السكن علي النيل هو من الأحلام الخرافية للأغلبية الطامحة من المصريين!. وهل أكون مغاليا إذا ما طرحت التحدي علي أي سلطة مصرية - قائمة بدون غيبة القانون أو الانفلات الأمني - بأن تحاول مجرد محاولة إزالة أي من التعديات التي أصبحت أمرا واقعا رغم الأنوف!، فهناك النوادي الفئوية التي لم تجد بديلا لنواديها غير شاطئ النيل!، وهذه النوادي الفئوية تابعة لتشكيلة من النقابات والهيئات والوزارات صاحبة النفوذ التي لا تلتفت لأي حظر أو تهديد بالإزالة، ويقابل هذا «النفوذ القوي» نفوذ مماثل لأصحاب المطاعم الثابتة والعائمة التي أقامت مراسي ومداخل علي شاطئ النيل بالخرسانة المسلحة!، وأصبح شارع النيل الذي تقع عليه هذه المنشآت حكرا علي البلطجية الذين يفرضون إتاوات باهظة علي أصحاب السيارات الذين يذهبون للنوادي والمطاعم!، ويتقاسمون الأموال التي يحصلونها مع بعض من عناصر الرقابة المرورية في هذا الشارع الذي يمسك بخناق النيل من شاطئيه!، وكثيرا ما نشر الخبر المسلي عن إزالة التعديات هنا وهناك، لكن هذا الخبر يسقط عمدا المخالفات والتعديات علي شاطئ النيل - مركز أصحاب النفوذ - دون إشارة لهذا التعدي الإجرامي علي الشاطئ!، والذي يتحول بفعل النفوذ إلي مستوطنة يحكمها الرعاع والبلطجية!، ولكن الحكومة مازالت تنشر أخبارها المسلية عن إزالة التعديات!.