بعد أن هدأت عاصفة اغتيال النيل في القرصاية والبدرشين وجزيرة الدهب، انتقلت التعديات إلي الضفة الأخري من النهر.. ففي حلوان والمعادي والمعصرة.. اختار المتعدون قبلتهم الجديدة.. ليغتصبوا النهر ولكن علي «نار هادئة»! أساتذة جامعة ومزارعون بسطاء وجهات حكومية، انضموا لطابور الطامعين في «شريان حياة المصريين»، «روزاليوسف» كشفتهم بالأوراق الرسمية والصور في استقصاء برفع شعار «أنقذوا النهر».. إلي التفاصيل. «روزاليوسف» رصدت بالصور محاولات التعدي علي النيل في حلوان وحدائق حلوان والمعصرة، كما رصدت حملات أحياء حلوان للتصدي لعمليات ردم النهر. غابات الحشائش هنا وعلي امتداد جانب النهر المواجه لأبراج منتصر وأبراج الدواجن، وحتي حدائق حلوان، لا تري من النيل إلا مجموعات من الجزر والمساحات المردومة وغابات البوص والحشائش.. عشش متناثرة.. وجاموس يرعي في البراري.. تلك إحدي الحيل التي يلجأ إليها بعض الطامعين في أراضي النهر.. تبدأ بربط جاموسة.. ثم ردم مساحة من النيل وبناء عشة، تمهيدًا لتحويلها إلي منزل.. ثم نادٍ سياحي أو فيللات في المستقبل القريب أو حتي البعيد. وكما يقول لنا أحد الصيادين المتضررين من أعمال الردم، فإن اقتطاع مساحات من النهر يتم ببطء، يعني علي «نار هادئة».. تمهيدًا للوصول إلي «حالة وضع اليد»، وفرض الأمر الواقع. قبل جولتنا بيوم واحد، كان المهندس هاني عبدالفتاح مساعد رئيس حي المعصرة، والمهندس أشرف فرج مسئول الإشغالات بالحي علي رأس حملة لضبط سيارات نقل الردم في جزر النيل. عمليات الردم والتجريف كما يقول عبدالفتاح مستمرة، وكلما يتم ضبط مخالفات بالردم، يسارع واضع اليد بتقديم بلاغات تفيد بعدم مسئوليته عن الردم، وأن مقاولي ردم ألقوا بهذه المخلفات دون علمه، بل رغمًا عنه. تحايل علي القانون مساعد رئيس الحي الذي بدا مغلوبًا علي أمره، أكد لنا أن المتعدين يتحايلون علي القانون في محاولات مستمرة لتحويل هذه الأراضي المردومة إلي مبانٍ ونواد سياحية علي طرح النهر، وخلال مايو ضبط الحي 10 سيارات محملة بمخلفات أثناء إلقائها علي شاطئ النيل. المحافظ قدري أبوحسين أكد من جهته أن محافظة حلوان خاطبت وزارة الري لإجراء حصر دقيق بالتعديات علي نيل حلوان، موضحًا أن المحافظة تطارد في حملات دورية كل من يحاول القاء مخلفات ردم علي النيل ويتم التحفظ علي السيارات المضبوطة لمدة ثلاثة شهور وتغريم صاحبها 5 آلاف جنيه. أبوحسين كشف عن مفاجأة عندما أكد أن المحافظة ستقوم بدراسة الأوراق التي يمتلكها بعض المواطنين من واضعي اليد علي الجزر النيلية. إلي أوراق وزارة الري التي كشفت أن حجم مخالفات التعديات خلال شهر مايو فقط بلغ 700 مخالفة علي مستوي الجمهورية، كان للقاهرة الكبري النصيب الأكبر منها تمت إزالة 635 منها من خلال حملات مكثفة قامت بها الوزارة بالتنسيق مع شرطة المسطحات المائية والأجهزة المحلية. حصر المخالفات ووفقًا لآخر إحصائية للري بلغت مخالفات التعديات علي ضفتي النيل 21 ألف مخالفة بالردم والبناء منها 17 ألفًا و700 مخالفة تصعب إزالتها لأنها آهلة بالسكان منذ ما يزيد علي 30 عاما، بينما هناك 3300 مخالفة جار العمل علي إزالتها من خلال حملات لوزارة الري، لكن الصعوبة تكمن في أساليب المتعدين المتغيرة في التحايل علي الأجهزة المعنية للحيلوية دون إزالة تعدياتهم حتي أن الأجهزة المعنية لجأت إلي تحديد مواعيد الإزالة من خلال خطابات سرية. وما يثير الدهشة هو إن قطاع حماية النيل بوزارة الري حرر ما يقرب من 3 آلاف محضر مخالفة خلال الثلاثة أشهر الماضية منها مخالفات تعدٍ لشركات وهيئات حكومية، ومن أبرز الأمثلة الصارخة محضر حررته مديرية الري ببني سويف ضد هيئة النقل النهري وشركة الكراكات المصرية لمخالفتها عقود مشروع تكريك النهر لتسهيل الملاحة النهرية وقيامها برفع ناتج التكريك والقائه علي جوانب أخوار الجزر النيلية علي مساحة 120 ألف متر بمنطقة قبلي الواسطي. «روزاليوسف» رصدت أبرز الأمثلة الصارخة للتعديات علي مدي الشهر الماضي وكان في مقدمتها جريمة اغتيال عدد من أساتذة الجامعات علي نهر النيل منهم أستاذ جامعي يدعي حسن حمدتو تم تحرير 7 محاضر مخالفة وقرارات إزالة له لقيامه بردم مساحات كبيرة في عرض النهر وفي كل مرة يتم مخاطبة المتعدي وانذاره بمعرفة شرطة المسطحات المائية بإزالة المخالفة وإعطائه مهلة وتنتهي دون أن يقوم بإزالة المخالفة، ويضاف إلي تعديات حمدتو علي نيل حلوان والمعادي عدد آخر من التعديات التي يقوم بها آخرون لصالح سماسرة المتاجرة بأراضي النيل لصالح أصحاب الحظوة والرغبة في اقامة مبانٍ لمنشآت سياحية طالما أنه حتي في أسوأ الظروف لن تطالهم إلا غرامات ضئيلة وبخسة ومن بين هؤلاء مدين عبدالرحمن منصور الذي تم تحرير محضر مخالفة له برقم 74 لسنة 2010 لقيامه مؤخرا بمعاودة ردم النيل بمساحة 20 في 60 مترًا مربعًا تقريبا بالاضافة إلي 10 نقلات تشوينات باجمالي 60 مترًا مكعباً وذلك بالبر الشرقي لنهر النيل بمنطقة حدائق حلوان والصادر لها قرار الإزالة رقم 102 لسنة 2010، وهناك أيضًا محضر المخالفة رقم 75 لسنة 2010 ضد زكريا منصور سيد لقيامه بردم وتعلية منسوب النيل بمساحة 40 في 80 مترًا مربعًا وبارتفاع واحد متر بالبر الشرقي لنهر النيل بمنطقة حلوان، والصادر له قرار إزالة برقم 103 لسنة 2010 . ويبدو أن منطقة حلوان وحدائق حلوان والمعادي والمعصرة أصبحت وجهة مافيا التعديات علي النيل، حيث شهدت خلال شهر مايو أعلي نسبة تعديات بمنطقة القاهرة الكبري ولعب تجار الأراضي الدور الأكبر في جلب كميات ضخمة من الأتربة والطمي لتحويل مساحات شاسعة من المجري المائي إلي أراض زراعية لبيعها وانتظار هدوء الأوضاع لتحويلها إلي مبان ومنشآت سياحية وتم تحرير المحضر رقم 76 لسنة 2010 ضد هاني أحمد جاد الذي تزعم عملية سطو ليلية علي مجري النيل بحدائق المعادي بجلبه 10 نقلات من مخلفات المباني والقمامة بإجمالي 60 مترًا مكعبًا لردم مساحة تزيد علي 100 متر وتم إنذاره لإزالة المخالفة وانتهت المهلة دون الاستجابة وتم تحرير قرار الإزالة رقم 104 لسنة 2010 كما قام جار له يدعي خيري فتحي قاسم بتعلية منسوب أرض المجري المائي بمساحات كبيرة، وتم تحرير محضر مخالفة له هو الآخر برقم 77 لسنة 2010 ورفض أيضًا الامتثال لمخاطبته بإزالة المخالفة. تجارة الأراضي ظاهرة تجار الأراضي امتدت إلي مناطق الصف وتحديدًا في منطقة خور مزغونة بالشوبك الغربي، حيث قام عدد من سماسرة بيع أراضي ردم النيل بالتعاون مع مجموعة من المعروفين بمقاولي ردم النيل باستقطاع 4 كم من مجري النهر وردمها لتوسعة الخور، تمهيدًا لبيع هذه المساحات نظير ملايين الجنيهات، تم بيع مساحة منها بالفعل تقترب من 5 أفدنة لصالح أحد أصحاب المصانع بالمنطقة وأنشأ عليها بالفعل مصنعا للطوب. وقامت إدارة حماية النيل ببني سويف بإزالة ما يقرب من 100 متر مخلفات ردم خلال الشهر الماضي، إلا أن أصحاب المخالفات كانوا يعاودون الردم من جديد طالما لا يطالهم إلا الإنذارات والغرامات التي لا تتجاوز في كثير من الأحيان مائتي جنيه عن المخالفة. من جانبه قال المهندس محمد شبل رئيس قطاع حماية النيل بوزارة الري ل«روزاليوسف» إن القطاع قام بتكثيف حملاته لإزالة أي تعديات جديدة علي نهر النيل وهناك لجنة مشكلة من كافة الجهات المعنية تقوم مع الوزارة بدراسة كل حالات التعديات واتخاذ اللازم لافتًا إلي أن الوزارة تضع كافة إمكانياتها لمحاربة أصحاب التعديات علي النيل والتصدي لهم. حماية النيل وكشف شبل أن قطاع حماية النيل بالوزارة اشترط مجموعة من الضوابط الجديدة في عقود تنفيذ مشروعات تكريك النيل لتسهيل الملاحة النهرية لمنع تكرار أزمات ترك هذه المخلفات داخل المجري حيث تشترط الوزارة في العقود الجديدة مع هيئة النقل النهري عدم صرف أي مستحقات إلا بعد تحرير محضر يفيد برفع كامل المخلفات إلي مقالب عمومية بعيدة عن مجري النيل، كما سيتم عمل مقايسات بالمساحات بالتنسيق مع معهد بحوث النيل لتحديد كميات الرفع مسبقا ومقارنتها بما سيتم رفعه فعليا لمنع التصرف فيه بأي شكل غير قانوني.