«فرض ضريبة رأسمالية 1٪ للتعامل علي الأسهم التي لم يمر عليها عام في البورصة» هذا ملخص توصيات اتحاد الصناعات لوزارة المالية لتوفير التمويل اللازم لمواجهة العجز في الموازنة التي يواجهها الاقتصاد الوطني.. المقترح في ظاهره الرحمة للاقتصاد وباطنه العذاب للمتعاملين في البورصة، إذ ان المقترح سيضطر حامل السهم الذي يتخارخ منه قبل مرور العام بسداد ضريبة بنسبة 1٪ وهو ما يعتبره المستثمر أمرا غير مرغوب فيه، ولسان حاله يقول من يعوضني عن الخسائر التي تكبدتها منذ اندلاع شرارة الثورة وللآن نتيجة عدم استقرار الأوضاع في السوق بسبب الاضطرابات السياسية. تجدد ملف الضرائب علي الأرباح الرأسمالية بالبورصة بين الحين والآخر دفع العديد من المتعاملين إلى البحث عن الفرصة البديلة للاستثمار بعيدا عن الأوراق المالية وهو ما أضر سوق الأوراق المالية، تكرار الحديث عن ضرائب يعيد للذاكرة قانون سوق المال 95 لعام 92 الذي صدر للعمل علي تطوير وانتعاش سوق المال مع عودة العمل بالبورصة بدايات تسعينيات القرن الماضي، إلا أنه قد جاء به بعض المواد التي أثرت سلبيا علي أداء السوق وكان منها ما جاء بالفقرة الثانية من المادة 14 من استحداث ضرائب رأسمالية جديدة بنسبة 2٪ علي الربح الرأسمالي المحقق من العمليات بيع الأوراق المالية المتحققة من عمليات بيع الأوراق المالية المقيدة بالجدول الرسمي، وبالتالي عاق ذلك عملية تشجيع تأسيس شركات الاكتئاب العام وتشجيع تداول الأوراق المالية بين الأفراد لتوسيع قاعدة الملكية ووقتها ساهمت هذه الضريبة في أحجام الكثير من المتعاملين عن التعامل في السوق الي ان تم إلغاؤها بموجب القانون 89 لسنة 96. حرب شرسة أعلنها مجتمع سوق المال ضد توصيات اتحاد الصناعات باعتبار ان التوقيت غير مناسب في ظل تدهور أوضاع الاستثمار وتعرض المستثمرين بالبورصة الي خسائر وضربات متتالية. «غير قانوني» هكذا وصفت الدكتورة هدي المنشاوي خبير أسواق المال توصيات اتحاد الصناعات، إذ ان التعاملات بالبورصة قائمة علي تقبل المكسب والخسارة ففي حالة الخسائر التي يتكبدها المستثمرون هل ستقوم الحكومة بتعويضه عن هذه الخسائر بالطبع الأمر في غاية الصعوبة بحسب قول «المنشاوي». «أي اقترح بفرض ضريبة علي البورصة سيؤثر علي معدلات الجاذبية الاستثمارية لسوق المال، وبالتالي سينعكس سلبا علي القيمة الحالية للوفورات الضريبية» يقول محسن عادل نائب رئيس الجمهورية للتمويل والاستثمار «أن فرض ضرائب ستدفع حملة الأسهم عن أحجام إعادة استثمار أموالهم بالبورصة». «الأمر يتطلب ضرورة النظر للحفاظ علي معدلات الجاذبية الاستثمارية المتاحة لدي قطاعات الاستثمار في الدولة وعلي رأسها البورصة المصرية التي نجحت خلال الأعوام الماضية في إدارة استثمارات 1٫7 مليون مستثمر أغلبهم من الأفراد المصريين بحجم تعاملات سنوي بلغ نحو 400 مليار جنيه وبرأسمال سوقي يمثل نحو 35٪ من حجم الناتج المحلي الإجمالي في مصر «بحسب قول عادل». وسبق أن أصدرت جمعيات سوق المال المصري دراسة عن تأثير الضرائب علي أوضاع سوق المال المصري وتقدمت بها سابقا لوزارة المالية أوضحت فيها ان القيمة الحالية للوفورات الضريبية تكون أقل في حالة خضوع المستثمر للضريبة علي الدخل وبالتالي لا يفضل المستثمرون إعادة استثمارها بالبورصة مما يؤدي إلي انخفاض الوفورات التي كانت تتولد بالسوق ولا تؤدي في النهاية للحفاظ علي استقراره وبقاء دوره كمصدر تمويل أساسي للاستثمار في مصر. «كما أن مثل هذه التعديلات تفقد البورصة المصرية تنافسيتها بين الأسواق الأخري المماثلة فكل دول المنطقة وأغلبية الأسواق الناشئة تعفي التعاملات والتصرفات التي تتم داخل أسواق المال من أي ضرائب أو رسوم لتشجيعها «وفقا للدراسة». وتابعت أن «التعديلات تأتي في وقت يعاني فيه السوق من عدة مشكلات هيكلية تتمثل في ضعف الجاذبية الاستثمارية، عدم الاستقرار، نقص السيولة، انخفاض أحجام التعاملات، ضعف الاستثمار المؤسسي، خروج العديد من الشركات العملاقة من القيد بالبورصة المصرية» وهو أمر قد يؤدي إلي الإخلال بمبدأ العدالة في توزيع الأعباء العامة للمستثمرين نتيجة تدمير هذه الصناعة الحيوية بمثل هذه التعديلات الضريبية الجديدة. كما ان أثر الضريبة الجديدة علي الاستثمار يعتمد علي مدي الزيادة التي يحدثه فرض الضريبة علي الاستثمار العام بسوق الأوراق المالية فالضريبة لن تؤدي إلي زيادة الطلب العام وبالتالي تعويض النقص في الاستثمار الخاص نتيجة لفرض الضريبة بينما يؤدي قيام الدولة بتجميد الحصيلة الضريبية الي الحفاظ علي مستويات الاستثمارات الحالية في أقل تقدير. كما أن أثر الضريبة الجديدة علي صغار المستثمرين الذين يمثلون القطاع الأكبر في البورصة المصرية يقلل من مقدرتهم علي الاستهلاك وكذلك علي الإنتاج وهو ما يؤدي إلي انخفاض ونقص في الإيرادات العامة للدولة». وطبقا للدراسة فإن جانباً رئيسياً من المستثمرين من المؤسسات في سوق المال المصري جهات تابعة للدولة تتمثل في البنوك العامة، صناديق التأمينات الاجتماعية هيئة البريد، الشركات القابضة، الهيئات العامة، وهو ما يعني اتساع مساحة التأثير صورة واضحة علي موازنة الدولة من جانب آخر غير منظور من خلال انخفاض في عوائد استثمارات الدولة بالبورصة. «المقترح سيؤدي إلي نقص السيولة داخل البورصة المصرية في الوقت الذين يعاني فيه السوق من مشكلة نقص السيولة تدفق الأموال حسبما قال وائل أمين خبير أسواق المال فمع تنفيذ المقترح فلن يتجاوز أحجام التداولات 100 مليون جنيه في الجلسة الواحدة. «ان فرض ضريبة 1٪ علي الأسهم لن يأتي بحصيلة العديد من المليارات كما يتخيل أصحاب فكرة فرض الضرائب علي البورصة المصرية بل سيؤدي إلي زيادة مرض السوق المصري». ان أي عملية صعود تحدث داخل البورصة تعد في إطار تقليص الخسائر التي لحقت بالمتعاملين بها علي حد تعبير «أمين». واجهت محمد البهي رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات عن الرفض الكامل لمجتمع سوق المال للمقترح أجابني قائلاً ان «المقترح بفرض ضريبة 1٪ للتعامل علي الأسهم التي لم تمر عليها عام مجرد اقتراح بهدف توفير تمويل للدولة لسد عجز الموازنة». «متي نظل تحت رحمة صندوق النقد كي نحصل علي قرض لا يتجاوز 4٫8 مليار دولار ونحن نمتلك مقترحات من شأنها تعمل علي تحقيق وتوفير تمويل للاقتصاد الوطني»!! إن المضاربات التي تشهدها البورصة لا تمثل بأي حال استثماراً طويل الأجل يهدف إلي تكوين اقتصاد قوي وإنما هي مجرد أموال ساخنة حسبما ذكر «البهي» وليس من المعقول ان يقابل كل اقتراح بالهجوم. ستظل حرب فرض الضرائب بين مجتمع سوق المال والمؤسسات المالية تشتعل بين الحين والآخر مع كل حديث عنها والضحية في الصراع صغار المستثمرين.