تكرر الحديث مرارا حول فرض ضريبة أرباح رأسمالية علي توزيعات أرباح شركات الأموال وفي كل مرة تنهار مؤشرات البورصة ويظهر بعدها مسئول البورصة المصرية وكذا رئيس مصلحة الضرائب لينفي الخبر . وبين التصريح بفرض الضريبة ونفيها يخسر المستثمرون الكثير من أموالهم نتيجة للذعر الذي يصيبهم خاصة المستثمرين الأجانب ، رغم أن هذه الضريبة ليست بدعة في بلادهم . وحسم مجلس الوزراء فى اجتماعه اليوم "الأربعاء" إلغاء مشروع الضريبة التى كانت مقررة على الأرباح الرأسمالية على توزيعات شركات الأموال والأشخاص والدمج والاستحواذ وإعادة تقييم الأصول والإبقاء فقط على فرض شريحة إضافية بنسبة 5% على أرباح شركات الأموال والأشخاص التى يزيد وعاء الضريبة بها على 10 ملايين جنيه. وكانت الأزمة الأولى لقرارات فرض الضرائب على البورصة يوم 5 مايو 2008، وأولى الهزات العنيفة للبورصة المصرية إذ انخفض المؤشر الرئيسى لها بنسبة كبيرة. وطبقا لنصوص قانون الضرائب علي الدخل في مصر، فقد أبقي مشروع القانون علي بعض الإعفاءات الضريبية القائمة حالياً، ومنها ناتج تعامل الأشخاص الطبيعيين عن استثماراتهم في الأوراق المالية المقيدة في سوق الأوراق المالية المصرية، مع عدم جواز خصم الخسائر الناجمة عنها أو ترحيلها لسنوات تالية بالإضافة إلي ما يحصل عليه الأشخاص الطبيعيون من عوائد السندات وصكوك التمويل علي اختلاف أنواعها المقيدة في سوق الأوراق المالية المصرية التي تصدرها الدولة أو شركات الأموال.. وكذلك التوزيعات علي أسهم رأس مال شركات المساهمة والتوصية بالأسهم.. والتوزيعات علي حصص رأس المال في الشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الأشخاص وحصص الشركاء غير المساهمين في شركات التوصية بالأسهم. وجاءت الأزمة الأيام الماضية بعد عودة الحديث عن هذه الضريبة من خلال تصريح لوزير التضامن الاجتماعي د. جودة عبد الخالق بفرض ضرائب علي الأرباح الرأسمالية للبورصة ، ويتم نفي الخبر من جانب إدارة البورصة وكذا مصلحة الضرائب ، ليخرج علينا بيان لوزارة المالية بعد ثلاثة أيام ليؤكد ما أعلنه د. جودة حيث أكد بيان رسمي للوزارة يقول "أكد مصدر مسئول بوزارة المالية انه فيما يتعلق بالضريبة الجديدة علي الارباح الرأسمالية ، فهي ضريبة بسعر 10% علي توزيعات أرباح شركات الأموال، بما في ذلك الشركات المقامة بنظام المناطق الحرة ، سواء كانت هذه الارباح دورية أو غير دورية وسواء تم توزيعها نقدا أو عينا علي شكل أسهم أو سندات أو حصص تأسيس أو علي إي صورة أخري ولو بطريقة غير مباشرة". وتأكيدا لذلك قال محمد عبد السلام القائم بأعمال رئيس البورصة المصرية أن تضارب التصريحات الحكومية أخيرا جاءت بتأثيرات سلبية على إستراتيجية إدارة البورصة خلال الجولة الترويجية التي أقيمت خارج مصر من أجل توضيح الصورة المستقبلية للاستثمار في مصر. وأشار إلى أنه منذ بداية تصريحات الدكتور جودة عبد الخالق وزير التضامن الاجتماعي بفرض ضرائب علي الأرباح الرأسمالية للبورصة وهو ما نفاه وزير المالية الدكتور سمير رضوان في اتصال هاتفي معه حول حقيقة تلك التصريحات وأحمد رفعت رئيس مصلحة الضرائب في تصريحاته لوسائل الإعلام، مما أثار حالة من البلبله خارجيا وأصاب المستثمرين بحالة من التردد ووضح ذلك من خلال التعاملات غذ تراجعت مشتريات العرب وتباين أداء المستثمرين الأجانب. وأضاف أن مقترح فرض ضرائب علي الأرباح الرأسمالية للبورصة يحتاج إلي توقيت مناسب للحديث فيه.. كما أنه لا يجب أن يتم إلا بالاتفاق مع الجهات المختصة كهيئة الرقابة المالية والبورصة. من جانب آخر أكد خبراء أسواق المال أن الحديث عن فرض ضرائب علي الأرباح الرأسمالية الناتجة عن التداول في سوق الأوراق المالية المصرية فى الوقت الحالي أمر بالغ الخطورة فضلاً عن أنه من غير المناسب على الإطلاق فى هذا التوقيت فى ظل استمرار تداعيات ثورة 25 يناير على الاقتصاد المصرى . لافتين إلى أن السوق ليس فى حاجة إلى مشاكل أخرى جديدة قد تؤدي إلي طرد رؤوس الأموال الأجنبية الحالية. واعتبر الخبراء الحديث عن فرض تلك الضريبة ينم عن جهل بالقوانين لأن هذا الأمر يتطلب تشريع قانوني وموافقة مجلس الشعب. وقال محمد ماهر، نائب رئيس مجلس الإدارة لشركة "برايم" القابضة للاستثمارات المالية، أن الوقت الحالى غير مناسب على الإطلاق للحديث عن فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية بالبورصة، لافتاً إلى أن الأمر يحتاج إلى وقفة من القائمين على سوق المال لمنع تكرار مثل تلك التصريحات التى من شأنها التأثير على السوق والمتعاملين سواء المحليين أو الأجانب. وأوضح أن إعفاء الأرباح الرأسمالية بالبورصة من الضرائب يعتبر ميزة نسبية خلقت طفرة فى الاستثمار الأجنبى وتدفقه إلى سوق المال فى أوقات سابقة، كما حافظ على أسعار صرف الجنيه. وأضاف ماهر أنه لو افترضنا قيام الحكومة بفرض ضرائب على أرباح البورصة يجب فى ذات الوقت تعويض الخسارة التى قد يتكبدها المستثمرين ، لافتاً إلى أن هناك دولاً لا تفرض ضرائب مثل مصر، وبعض الدول تفرض ضريبة إذا تم الشراء والبيع خلال مدة قصيرة مثل أمريكا. إلا أن محسن عادل العضو النتدب لشركة بايونيرز للإدارة صناديق الاستثمار قال أن الجدل المثار حول موضوع الضريبة علي التوزيعات اعلان هذا القرار في هذا التوقيت يرتبط بموعد الموازنة العامة للدولة التي ستبدء في 1 يوليو القادم و رغم اثرة السلبي علي اداء سوق المال فانه كان مرتبط بمنظومة عامه للدوله. ويري أن التأثير المالي للقرار ليس قويا كما حاول البعض تصويرة فبمراجعة توزيعات ارباح اخر 3 سنوات فان متوسط الاثر علي توزيعات الارباح السنوية ( نقدي + مجاني ) سيتروح ما بين مليار جنيه و 1.5 مليار جنيه فقط. مشيرا إلي ان هذه الضريبة مطبقة في أغلب أسواق العالم والتأثير علي تعاملات المؤسسات الأجنبية لن يكون عميقا إلا أنه لا يمكن الجزم بانها لن تعيد النظر في حجم استثماراتها في سوق غير معفي بصورة كاملة ضريبيا لكنني اتصور ان حجم اعادة النظر لن يكون مؤثرا وسيكون وقتيا فقط. وأكد أن التأثير النفسي هو الأثر الأكبر لهذا القرار من وجة نظري نتيجة الربط ما بين فرض ضريبة من جانب و تأثير ذلك علي المتعاملين الافراد خاصة المصريين من جانب اخر خاصة وأن القيود الضريبية عادة ما لا تتماشي مع مبدء حرية الاستثمار في أسواق المال. موضحا أن الفترة حتي مطلع سبتمبر المقبل ليست فترة توزيعات وستقتصر علي عدد ضئيل جدا من التوزيعات النقدية والعينية الصادر بشأنها قرارات سابقة وهو الأمر الذي سيمكن السوق من استيعاب متغيرات السياسة الضريبية الجديدة. وأضاف أن هذا القرار لازال يواجه شبه الإزدواج الضريبي في التطبيق وهو أمر يستلزم دراسته محاسبيا بصوره أعمق نظرا لأن أرباح الشركات يتم خصم الضرائب فيها بالفعل قبل اجراء التوزيعات ويعد المساهم في هذه الحالة شريكا في الشركة مما يعني حدوث ازدواج ما بين الضرائب التي فرضت علي نشاط الشركة و علي توزيعاتها للارباح. وأشار إلي أن هذه الضرائب تطبق في العديد من الدول ، مما ستساهم تقلص في حجم التوزيعات من جانب الشركات وأضعاف للجاذبية الاستثمارية للشركات التي تقوم بإجراء توزيعات أرباح وهو اتجاه سيحد من مورد هام لضخ السيولة داخل السوق خلال الفترة القادمة وسيؤدي الي نماذج من التحايل علي القانون. موضحا أن هذا القرار والتصريح التالي له اثار مشكلة محاسبية وضريبية دقيقه علي رأسها أن الضريبة ستفرض علي الأرباح التي يتم توزيعها عينا علي شكل أسهم أو سندات أو حصص تأسيس وهو أمر يثير التساؤل خاصة وأن الضريبه هنا ستكون مفروضه علي زياده رأس المال في هذه الحاله وهو أمر لا يتماشي مع النظم المحاسبيه والضريبية الحالية لأنه سيتسبب في ازدواج ضريبي جديد بفرض ضريبة علي مصدر تمويل زيادة رأس المال وعلي ناتج تشغيل رأس المال ( صافي الأرباح السنوية للشركة ) ثم علي توزيعات الأرباح لهذا فهناك ضرورة لإعادة النظر في هذا القرار خاصة فيما يتعلق بالتوزيعات العينية للأسهم. إضافة إلي أن قيمة الحصيلة المتوقعة للدولة مع هذا القرار لا تتماشي مع حجم خسائر الإستثمار التي قد تترتب علي تأثيراته خصوصا أن الفترة الحالية تستلزم زيادة حوافز الاستثمار لرفع المعدلات التشغيلية في قطاعات اقتصاد الدولة وليس فرض قيود جديدة علي الاستثمار.