«هى فوضى» هو اسم آخر افلام المخرج العبقرى الراحل يوسف شاهين الذى شاركه إخراجه تلميذه خالد يوسف، ويتنبأ الفيلم بحدوث فوضى شاملة فى مصر بسبب انتشار الفساد على نحو غير مسبوق مع تجاوزات الشرطة، وتدور أحداث الفيلم في الزمن الحالي ويروي قصة تدور بشكل أساسي حول شخصية واحدة، كما يبرز الفساد المتجسد في القمع المباشر والرشوة والمحسوبية وتزوير الانتخابات والسيطرة الغاشمة للسلطة والكبت الجنسي. وينتهى كل هذا إلى ثورة جماعية في النهاية باعتبارها نتيجة حتمية. «هى فوضى».. هى أيضا عنوان للمشهد السياسى الحادث فى مصر الآن بعد إحالة 21 متهما فى قضية مجزرة بورسعيد الى المفتى، وما ترتب على ذلك من فوضى شاملة فى مصر تركزت بشكل أساسى فى مدن القناة، وتضمنت الصدام بين الشرطة والمتظاهرين، ومنها انتقلت الاحداث والمصادمات الى عدة محافظات بالجمهورية، خصوصا الدقهلية والقاهرة والجيزة، والجديد هنا هو ظهور فصيل سياسى جديد لم يكن معروفا من قبل وهو «البلاك بلوك» الذى مارس أقصى درجات العنف ضد الممتلكات الخاصة والعامة، وفى محاولة لامتصاص غضب المتظاهرين والسيطرة على الدولة، فرض الرئيس مرسى حظر التجوال على مدن القناة من التاسعة مساء الى السادسة صباحا، كما دعا الى حوار وطنى مع المعارضة للوصول الى نتائج وقرارات تمتص غضب المتظاهرين، إلا أن جبهة الإنقاذ اشترطت الحصول على ضمانات لإجراء الحوار، وأكدت أن الخطاب الوحيد المقبول شعبيا هو النزول على إرادة الشعب والحوار الوطني، شريطة التوصل لآليات وضمانات جادة للحوار، وشدد بيان الجبهة على رفض الدخول في حوارات إعلامية شكلية تزيد من غضب واحتقان المواطن، وأهالي الشهداء، دون توفير حل لأي مشكلة من مشاكله اليومية والحياتية.وطالبت الجبهة بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، ولجنة لتعديل الدستور، وإزالة جميع آثار الإعلان الدستوري وإقالة النائب العام، وتشكيل لجنة قضائية للتحقيق في سقوط الشهداء والمصابين، وإخضاع جماعة الإخوان المسلمين للقانون بعد أن أصبحت طرفا أصيلا في إدارة البلاد دون سند شرعي. بعيدا عن الرئيس وجبهة الإنقاذ، الثابت أن هناك مأزقا وإشكالية فى إدارة الدولة المصرية، وأن حالة الاستقطاب بين التيار المدنى والإسلامى، إذا لم يتم تداركها والوصول الى نقاط وأرضية مشتركة بينهما، يمكن أن تنتقل فى لحظة الى فوضى عامة ومنها الى حرب أهلية شاملة، تنتهى الى نزول الجيش وإعلان الأحكام العرفية وتأجيل الديمقراطية الى حين إشعار آخر قد يمتد الى سنوات طويلة، بعد أن كنا قاب قوسين أو أدنى بعد انتخاب مرسى. المطلوب الآن مصالحة وطنية بين التيار الليبرالى والإسلامي، وأن يتنازل الإسلاميون عن شعار المغالبة الى المشاركة فى بناء الدولة، وتعديل قانون الانتخابات بما يسمح لأحزاب المعارضة الضئيلة بالتمثيل فى البرلمان، وتشكيل حكومة إنقاذ من كل التيارات السياسية، وأن يختار الرئيس مرسى مستشارين أكفاء لهم دور بغض النظر عن لونهم السياسى، لأنه لم يعد مقبولا أن يصدر قرارات ثم يتراجع عنها وفى أسوأ الحالات يرفضها المجتمع أو يسخر منها، مثل قرار حظر التجوال فى مدن القناة، فلكل مكان طبيعته الجغرافية وتقاليده الاجتماعية، ومدن القناة هى خط الدفاع الأول عن مصر طوال حروبها، ومن غير المعقول أن تعاقب كلها جماعيا، بسبب انفلات الأوضاع الأمنية بعد إعلان محكمة بورسعيد أحكامها فى قضية الاستاد، لأنه لم يكن يفترض أصلا عقد المحكمة هناك والجو مشحون بالتوتر، ناهيك عن شعور أبناء بورسعيد بالظلم فى القضية، لأنه تم الزج بأبنائهم فيها والمتهمون الحقيقيون تم التستر عليهم أو لم يتم التوصل اليهم أصلا. نحن نرفض المطالبة بإقالة مرسى لأنه رئيس منتخب، وإذا كان قد جاء بالصندوق فليرحل بالصندوق أيضا، ولكننا نسجل رفضنا لقراراته الأخيرة من أول الإعلان الدستورى الى الانحياز الى الإخوان الى لجنة الدستور وإقرار الدستور المعيب.. الكرة الآن فى ملعب الرئيس وإلا البديل.. «هى فوضى»!