فساد وإفساد وإخفاء للمعلومات عن مشروعات تكلفت مئات الملايين من الجنيهات بميناء الإسكندرية هذا ما كشفه تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن عمليات تطوير ميناء الإسكندرية ورغم قيام هذا الجهاز الرقابي بمطالبة هيئة ميناء الإسكندرية بتقارير ومحاضر تسلم مشروعات الهيئة إلا أن المسئولين ودن من طين وودن من عجين. وقد كشف تقريرالفحص المستندي لجهاز المحاسبات عدم قيام الهيئة بالإفصاح عن محاضر تسلم عدد من المشروعات داخل ميناء الإسكندرية والتي تم تسلمها وتشغيلها دون علم الجهات الرقابية مثل مشروعات الطريق الشرياني بالإسكندرية والدخيلة ومشروعات إعادة تخطيط وتطوير منطقة باب »27«، وقد أرفقت الهيئة بالرد بعض الصور الضوئية فقط من محاضر تسلم بعض مشروعاتها بالطريق الشرياني بالإسكندرية والدخيلة والتي تبين منها عدم إضافة قيمة بعض المشروعات المنتهية والتي تم استغلالها والاستفادة منها منذ العام المالي 2007/2006 وما قبله دون تعلية قيمتها علي الأصول الثابتة ومنها المبني الإداري الاستثماري ومبني مباحث الأموال ومبني البمبوطية ومبني الهيئة الجديد باب »11« والقاعات وغرف الخدمات والمتحف والميزانين والدور الثالث والدور الرابع. وأكد التقرير أن الهيئة لم تواف الجهاز المركزي للمحاسبات بالمقايسات التقديرية وجداول الكميات والأسعار النهائية لمعظم المشروعات والأسعار التقديرية للمشروعات التي لم تحدد لها أسعاراً والتي تم طلبها شفاهة وكتابة أكثر من مرة من رئيس قطاع الشئون الهندسية، من رئيس قطاع الشئون المالية والتجارية، وهو ما أدي إلي عدم تمكن الجهاز من مراجعة المستخلصات الخاصة بهذه المشروعات حتي الآن، أو التحقق من صحة ما تم سدادها منها للمقاولين القائمين بها أو الحكم علي صحة تقييم المشاريع المنتهية. تطوير منطقة باب 27 وأضاف التقرير أن الهيئة قامت بإسناد تنفيذ عدد من المشروعات بالأمر المباشر لشركة حسن علام بالمخالفة للقانون 89 لسنة 1998 دون الحصول علي موافقة رئيس مجلس الوزراء علي الإسناد المباشر التي شملت تنفيذ طريق البرج الإداري والنفق والساحات الخارجية بمحطة القطار السياحي وتطوير مخازن »32 و35 و64 و66« وعدايات سكة حديد الفحم وطريق محطة الحاويات وسور الأكاديمية وسور الرصيف البحري دون تحديد تكلفتها وبرامج التنفيذ والجدوي الاقتصادية من إنشائها. مخالفات بالجملة وفي سياق متصل، فجر التقرير مفاجأة من العيار الثقيل بقيام هيئة ميناء الإسكندرية بالتدليس والتلاعب في تنفيذ مشروع الطريق الشرياني والذي نفذته شركة النصر للمقاولات بالأمر المباشر أيضاً بعدما قام المسئولون بالهيئة بعرض مذكرة علي رئيس الوزراء، وتشير إلي أن الذي سيقوم بتنفيذ المشروع هي شركة حسن علام المنفذة عدداً من المشروعات بمبلغ 25 مليون جنيه إلا أن المسئولين قاموا بإسناد المشروع إلي شركة أخري بمبلغ 50 مليون جنيه دون الحصول علي موافقة السلطة المختصة علي زيادة قيمة الأعمال التي وصلت إلي 250 مليون جنيه رغم أن رئيس الوزراء وافق علي تنفيذ أعمال قيمتها 75 مليون جنيه فقط، بالإضافة إلي تهرب الهيئة من تحديد مسئولية إسناد أعمال هدم عدد من المباني إلي مقاول من الباطن وحصول هذا المقاول علي مخلفات الهدم دون مقابل مما كبد الهيئة خسائر 8 ملايين جنيه. كما كشف جهاز المحاسبات عن تهرب ميناء الإسكندرية عن إظهار محاضر تسلم مشروعات الطريق الشرياني التي تكلفت أكثر من 31 مليون جنيه وعدم إضافتها للأصول المملوكة للميناء، ومن ضمن مفاجآت التقرير قيام الهيئة بترميم مبني المستودعات بتكلفة قدرها نصف مليون جنيه وتشطيبه بمبلغ 30 مليون جنيه.. هذه التكلفة أكد جهاز المحاسبات مغالاتها لمبني مكون من 6 طوابق فقط، بالإضافة إلي الارتفاع الباهظ لتكاليف إنشاء المبني الاستثماري والذي تكلف أكثر من »40« مليوناً و»512« ألف جنيه حيث بلغت تكلفة المتر 5596 جنيهاً!! محطة الركاب البحرية وأضاف التقرير الرقابي أن هيئة ميناء الإسكندرية شرعت في تنفيذ مشروع تجديد محطة الركاب البحرية رغم عدم وجود دراسة لموقع المشروع بمعرفة المختصين وتحديد الأعمال المطلوبة قبل الطرح والإسناد تطبيقاً لأحكام المادة رقم »9« من القانون رقم 89 لسنة 1998 مما أدي إلي إجراء تعديلات جوهرية علي الأعمال المطروحة والتي ترتب عليها إعادة بناء المنشأ بالكامل بالإضافة إلي عدم تحديد تكلفة تقديرية بمطالبة الشركة المنفذة بأسعار مستجدة عن الأعمال التي تزيد علي 25٪ بالتعاقد علي المقايسة الأصلية. وعليه قام الجهاز برفع تقرير مفصل عن مخالفات هيئة ميناء الإسكندرية في تنفيذ مشروعات الطريق الشرياني، وقال تقرير المركزي للمحاسبات: »لم نواف بالتكلفة التقديرية الجديدة في ضوء ما تم من تعديلات جوهرية للمشروع ولم ترد بالقانون 89 لسنة 2008 المادة 78 المشار إليها بالرد ولم تلتزم الهيئة بأحكام المادتين 9 للقانون 89 لسنة 1998 و3 من اللائحة التنفيذية لذات القانون بشأن طرح المناقصات في ضوء مواصفات دقيقة ومفصلة يتم وضعها بمعرفة لجنة فنية ذات خبرة بالأعمال المطلوبة وما ترتب علي ذلك من مطالبة الشركة المنفذة بأسعار جديدة للزيادة علي نسبة 25٪ من كمية الأعمال المتعاقد عليها، حيث كان من الممكن تلافي هذا الطلب إذا ما تمت مراعاة الدقة المطلوبة في إعداد المقايسة التقديرية وبالتالي الحصول علي شروط وأسعار أفضل ولم توافنا الهيئة بردها بشأن إسناد أعمال مستجدة »رخام وجرانيت« بنحو 3 ملايين و629 ألف جنيه بخلاف ضريبة المبيعات والمصروفات الإدارية بالأمر المباشر، ولم نقف علي مناسبة أسعاره ودون الحصول علي موافقة السلطة المختصة وبالتالي فالملاحظة مازالت قائمة، كما كشف التقرير تأخر الهيئة في تسليم الموقع للمقاول وعدم الانتهاء من الأعمال في المواعيد التي حددتها قبل الطرح وردت الهيئة بأن ذلك نتيجة وجود معوقات مما استلزم الأمر لتعديل بعض المواقع قبل التنفيذ، مشيراً إلي أن رد الهيئة بوجود المعوقات يعني عدم بذلها العناية الكافية قبل الطرح والإسناد، حيث إنه كان يتعين علي الهيئة أخذ ذلك في الاعتبار لتلافي التأخر في انتهاء المشروع وعدم الاستفادة من استثمارات الهيئة في المواعيد المقررة. تراخيص فشنك كما كشف الجهاز المركزي للمحاسبات في تقريره عن وجود العديد من مخالفات في أعمال التراخيص بالهيئة، مؤكداً أن معظم الردود مخالفة للقرارات المنظمة لأعمال التراخيص والقانون 89 لسنة 1998 ولائحته التنفيذية، حيث لم تحقق الهيئة مبدأ المساواة فيما يتعلق بالحد الأدني للتخزين وقيامها بتحصيل غرامات علي بعض الشركات المرخص لها بالعمل داخل الميناء، مما يتطلب التحقيق وتحديد المسئولية، وأكد التقرير عدم التزام الهيئة بأحكام المادة 30 من القانون 89 لسنة 1998 التي تقضي بأن يكون الترخيص بالانتفاع بالعقارات عن طريق مزايدة علنية أو محلية بالمظاريف المغلقة وذلك عند تخصيص مكاتب النقل بمنطقة بوابة 27 و54 داخل الدائرة الجمركية بعدد 15 مكتباً بالأمر المباشر دون توافر شروطه المنصوص عليها بالمادة 31 من القانون ذاته، وبالتالي لازالت الملاحظة قائمة ويتطلب الأمر تحديد المسئولية في هذا الشأن. ورغم قيام جهاز المحاسبات برفع عدد من التقارير الرقابية لعدد من الجهات وعلي رأسها رئيس الوزراء ووزير النقل ورئيس قطاع النقل البحري منذ عام 2007 والتي كشفت خلالها العديد من المخالفات الجسيمة التي أهدرت مئات الملايين ومطالبة الجهاز بالتحقيق وتحديد المسئولية لاسترجاع أموال الدولة إلا أن الصمت كان سيد الموقف. وبذلك تضع هيئة ميناء الإسكندرية العديد من علامات الاستفهام حول عمليات تطوير ميناء الإسكندرية المزعومة التي لم تضف إلي خزينة الدولة أي مبالغ، بعدما قام المسئولين بتنفيذ العشرات من المشروعات دون دراسة جدوي مسبقة وبالأمر المباشر بالمخالفة للقوانين.