يبدو أن جماعة الإخوان الإرهابية بدأت تفقد قدرتها على الأرض يوما تلو الاَخر في كافلة البلدان، وتتساقط أوراقها ويتغير المشهد برمته، بالإضافة إلى أن بعض الدول التي كانت ترعى وتدعم تلك الجماعة سواء في الخفاء أو العلن بدأت تلفظهم وتقف لهم بالمرصاد لما رأوه منهم من أعمال إجرامية. فرنسا بدأت تعيش حالة من القلق؛ بسبب النشاط المتزايد لتنظيم الإخوان الإرهابي داخل البلاد، ومحاولتهم المستميته للتسلل داخل المجتمع الفرنسي من خلال استقطاب أبناء جاليات الدول العربية والإسلامية. وحذرت السلطات الفرنسية من تنامي الجماعة الإرهابية داخل البلاد، حيث أخذت خطوة لقطع الطريق أمام هذه الجماعة المشبوهة من خلال فتح ملف الإخوان والتيارات المتطرفة من جديد . وكان قد كشف وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، في أحد خطاباته، عن وجود أكثر من 8 آلاف شخص مسجلين حتى الآن في "ملف الإنذارات"، حيث أكد أن التهديد الإرهابي لا يزال مرتفعا للغاية في المنطقة، وأن الخطر الإرهابي من الجماعات المتطرفة لا يزال يمثل التهديد الرئيسي الذي تواجهه البلاد. وعلى عقود طويلة استمر التنظيم الدولي للإخوان في رفع شعار المظلومية وتضييق الحريات عليهم وملاحقتهم من قبل الأنظمة العربية بل والأوروبية، وحينما جاءوا إلى الحكم في مصر عام 2013 ذاق الشعب المصري بأكمله مراره حكمهم، ومازالت الدول العربية تدفع ثمن جرائمهم حتى الاَن. وبسبب أفعال التنظيم الإرهابي بدأت الدول المستضيفة لقيادات تلك الجماعة إلى مراجعة علاقاتها معهم بعد أن انكشفت مناوراتهم الفكرية والأيديولوجية، وباتت أجهزة استخباراتها تحذر من خطر توغلهم وتداعيات ذلك على السلم المجتمعية. وفي هذا الإطار قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، عمرو فاروق، إن جماعة الإخوان استطاعت من خلال "اتحاد المنظمات الإسلامية" بفرنسا، الذي تحول مؤخرا إلى "إسلاميو فرنسا"، التوغل والسيطرة على المجتمع الفرنسي، وإقامة مايسمى بالمجتمعات الموازية من خلال السيطرة على الطلاب المسلمين، ودور العبادة، ووسائل الإعلام المحلية التي تحمل أهداف وأفكار المشروع الإخواني. وأوضح فاروق في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن المال القطري لعب دورا محوريا في علمية الاختراق الإخواني للمجتمع الفرنسي عبر مجموعة من المنظمات والجمعيات والمراكز الإسلامية العاملة في مجال التوعية المجتمعية وحقوق الإنسان، والإغاثة الإنسانية. وأكد الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، أن هناك مخططا ومجموعة من الوثائق وضعت في ثمانينات القرن الماضي من قبل قيادات التنظيم الدولي، لاختراق الغرب بشكل ممنهج، ضبطتها السلطات السويسرية في نوفمبر 2001، خلال مداهمة فيلا في مدينة "كامبيون"، مملوكة لرجل الأعمال المصري البريطاني يوسف ندا، الأمين العام السابق للتنظيم الدولي للإخوان، عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ونشر مضمونها في الصحافة السويسرية تحت عنوان "المشروع السري للإخوان المسلمين لاختراق الغرب"، فضلا عن وثيقة "الجهاد الحضاري"، الإخوانية التي كتبت عام 1991 ، وتهدف إلى "القضاء على الحضارة الغربية وتدميرها من الداخل".. تحت عنوان "مذكرة تفسيرية.. الهدف الاستراتيجي العام للجماعة في أمريكا الشمالية". وأشار فاروق، إلى أن الوثائق كشفت عملية تغلغل في مؤسسات الدول الغربية، ومحاولات الهيمنة والسيطرة على الجاليات العربية والإسلامية، فضلا عن احتواء عدد كبير من السكان الأصليين تجاه المشروع الفكري للإخواني . وأكد، أن فرنسا تعد من أكثر الدول التي حظيت بأكبر عدد من المؤسسات الإخوانية الممولة من قطر عن طريق ما يسمى بمؤسسة قطر الخيرية وصندوق رحيق القطري، ومؤسسة أمل، فضلا عن أن الجماعة عملت على تفعيل مشروع فكري للتأثير على المسلمين في فرنسا، أطلق عليه "مشروع الغيث"، ووضعت برامج فكرية وثقافية وتنظيمية لنشر المنهج الأيدولوجي والعقائدي لأفكار حسن البنا وسيد قطب، ومشروع "دولة الخلافة" التي يسعى التنظيم لإقامتها من خلال اختراق الدول العربية والغربية. ولفت فاروق، إلى أن فرنسا انتفضت مؤخرا عقب الانتشار الهائل لتيارات الإسلام السياسي وزيادة نفوذ جماعة الإخوان وقياداتها وارتباطهم مع عدد كبير من دوائر صنع القرار في فرنسا، وذلك من خلال تقرير صادر عن مجلس الشيوخ الفرنسي، اعتبر أن مؤيدي الإسلام السياسي يسعون حاليا إلى السيطرة على الإسلام في فرنسا من أجل تأسيس دولة الخلافة، ويتجهون لما يسمى بالنزعة الانفصالية، التي تشكك في القيم المجتمعية الغربية، ودعي تقرير مجلس الشيوخ الفرنسي إلى اتخاذ نحو 40 إجراء للحد من نفوذ جماعة الإخوان وتيارات الإسلام السياسي، من خلال المراقبة المستمرة للمدارس والجمعيات والمؤسسات التي يرتكزون عليها في نشر أهدافهم. وتابع "كل هذه الخطوات التي اتخذتها الجماعة الإرهابية دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في فبراير2020، للتحذير من مخاطر الإسلام السياسي، مشددا على أنه لا مكان له في فرنسا، مؤكدا أن معركة مجابهة الانفصال الإسلامي، ليست موجهة ضد المسلمين، بل هي تعزيزا لاستعادة دور الدولة وقيم الجمهورية، والتصدي لتجارة المخدرات ومظاهر العنف، فضلا عن وجود جيرالد دارمانين، وزيرا لداخلية الفرنسي، المعروف عنه مواقفه الحادة تجاه تيارات الإسلام السياسي".