دعا الكاتب الإسرائيلي "آري شافيط" السلطات الإسرائيلية، إلى ضرورة التخلص من صيغ الاتفاقات القديمة التي كانت تعقد مع الدول العربية، وكان فيها مصالحها هي الأساس فقط، دون النظر لمصلحة الطرف الأخر، ودون تقديم أي تنازلات تذكر، الأمر الذي يجعل فرص السلام في المستقبل القريب بعيدة جدا، فلا يمكن أن يكون توقع اتفاق على غرار "أوسلو أو كامب ديفيد" مرة أخرى. وقال الكاتب في مقاله الذي نشر بصحيفة "هآارتس" الإسرائيلية إن ثمة حاجة لصيغة جديدة للسلام تقوم على فرضيات مختلفة، الفرضية الأولى هي أن الأعوام المقبلة لن تشهد توقيع اتفاق سلام إسرائيلي- فلسطيني، ففي ظل الأجواء الإستراتيجية الحالية لا أمل بحل مشكلة القدس ، ومشكلة اللاجئين، من هنا فالسلام لن يتحقق في هذا العقد. الفرضية الثانية هي أن الاحتلال يشكل خطرا على إسرائيل لا يقل عن أي خطر آخر، وهو خطر أخلاقي وديموغرافي وسياسي كما هو خطر على الهوية، إذا يشوه الاحتلال الطابع الديمقراطي اليهودي للدولة، ويقوم بعملية تغيير تدريجي لهويتها ، ويهدد جوهر وجودها، وإن استمرار الوضع القائم هو أشبه بمرض السرطان الذي لا نشعر به، لكنه قادر على القضاء علينا إذا لم نعمل على وقفه. أما الفرضية الثالثة فتقوم على أن الانسحاب الإسرائيلي من طرف واحد من الضفة لا يمكن أن يكون فوريًا وأحاديا وبعيد المدى، إذ ليس واضحا حتى الآن كيف سنواجه قواعد الصواريخ الإيرانية الموجودة في الشمال والجنوب، والتي نشأت في أعقاب الانسحابات السابقة التي جرت من طرف واحد،ومن المؤكد أننا لا نستطيع المغامرة بقيام قاعدة ثالثة للصواريخ الإيرانية قريبة من وسط إسرائيل. وأي انسحاب إلى الخط الأخضر لا يقدم ردا حقيقيا على خطر الصواريخ هو خطوة مرفوضة تعرض أمننا القومي للخطر. وتبين الفرضية الرابعة أن العالم العربي الإسلامي الجديد لن يسمح بتوقيع اتفاقات سلام من الطراز القديم ،فهذا العالم فتح الباب أمام فرص وتحالفات وتفاهمات من نوع جديد، صحيح أنه لم يعد ممكنا التوصل إلى اتفاقات مع حكام عرب فاسدين وعلمانيين، إلا إن هناك فرصة لتلاقي المصالح المشتركة البعيدة المدى بين إسرائيل وجيرانها. وتشدد الفرضية الخامسة على ضرورة أن نعمل. فلو كان دافيد بن-غوريون حيا اليوم لكان انقض على الوضع الإقليمي، الجديد لكان البحث عن حلفاء جدد وعن ترتيبات إستراتيجية وتفاهمات سياسية جديدة، صحيح أن بن- غوريون لم يعد حيا، لكن أسلوب عمله ما زال صحيحا.وفي مواجهة العاصفة الإقليمية ، على إسرائيل أن تقوم بمبادرة. تؤدي هذه الفرضيات الخمس إلى خلاصة واحدة هي أن المطلوب توجه سياسي جديد، فلم يعد اتفاق أوسلو صالحا، كما فقدت الخطوط السياسية التي وضعت في "كامب ديفيد" وفي أنابوليس صلاحيتها، والسلام مع سورية لم يعد مطروحا، ويجب البحث عن أفكار مبتكرة للسلام الجديد. إن ما يتطلبه السلام الجديد هو التالي: إعلان إسرائيل استعدادها تجميد البناء في المستوطنات الواقعة خارج خط الجدار الفاصل،والبدء بتطبيق خطة الإخلاء والتعويض للمستوطنين خارج هذا الخط،وإخلاء نحو 20 مستوطنة في الضفة الغربية، الأمر الذي سيمنح الفلسطينيين تواصلا جغرافيا مهما، وعلى إسرائيل مطالبة المجتمع الدولي أيضا بعقد تحالفات معها ومنحها شبكة أمان تضمن بقاء كل منطقة تنسحب منها منزوعة السلاح تماما، لقد حان الوقت كي نرفع رؤوسنا ونفتح أعيننا ونرى المحيط الذي نعيش وسطه، إن السلام القادم لن يخرج من البيت البيض،وإنما سيكون النتيجة النهائية والمتأخرة للعملية الطويلة والشاقة لإنهاء الاحتلال . ويجب أن تكون هذه العملية تدريجية ومبتكرة وفعلية، كما يجب أن تبدأ الآن.