أبدت صحيفة "هآارتس" الإسرائيلية استغرابها الشديد من عجز إسرائيل عن فهم التغيرات التي حدثت في العالم العربي، وأنها ضيعت في الماضي فرص كثيرة لتسوية النزاع القائم بينها وبين العرب برغبتها، وأنها الآن لن سوف تعجز عن تسوية الصراع ولكن بسبب رفض الحكام الجدد، للوطن العربي. وقالت إن اقتراح أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني بإرسال قوات عربية إلى سورية للمحافظة على السلام كان إيذانا بالتغير الكبير الذي طرأ على الدول العربية، إذ إن هذه هي المرة الأولى التي تقترح فيها دولة عربية إرسال قوات ضد دولة عربية أخرى لمساعدة مواطني هذه الدولة، كما أن هذه هي المرة الأولى التي تبحث فيها الجامعة العربية في خيار التدخل العسكري العربي،بدلا من التدخل العسكري الغربي، ولا يمكن لمن يتابع النتائج التي أسفرت عنها الثورات العربية إلا أن يصاب بالذهول وهو يشاهد كيف يجري استبدال "تحالف الطغاة" القديم بتحالف جديد بين الحكام والجماهير، فلا يمكن بعد الآن أن تسمح الأنظمة لنفسها، حتى تلك التي لم تواجه بعد ثورة شعبية مثل السعودية وقطر والكويت، بتجاهل مطالب الشعب. ومع هذا التحول، يتغلغل إلى وعيهم أيضا إدراك أن منظمات دولية كالأمم المتحدة أو حلف شمال الأطلسي لن تتحرك إلا حسب مصالحها،فحينما أصبح النفط الليبي واستثمارات شركات غربية في ليبيا تحت تهديد عملت قوات حلف شمال الاطلسي، كما أثار احتلال حقول نفط الكويت على يد العراق في 1990 فورا عملا عسكريا دوليا. في حين ما يزال احتلال آخر هو احتلال فلسطين المستمر منذ نحو من 45 سنة ينتج أوراق عمل فقط. وأضافت: واليوم، وبعد أن بدأت تتضح النتائج، يبدو أن إسرائيل غير مهتمة بها، ويبقى "العالم العربي - الإسلامي" هو الخطر الأوحد عليها، أما حقيقة أن هذا العالم "العربي - الإسلامي" هو الذي تبنى طيلة عشرة أعوام المبادرة العربية [التي أعلنت في قمة بيروت سنة 2002]،والتي تعهدت بالسلام وضمان أمن إسرائيل،فقد دفنت في مستودع النسيان الإسرائيلي. واليوم أيضا في زمن الثورات، ما زالت إسرائيل تدعي عدم وجود من تتحاور معه، فهل يمكن، في رأيها، التحاور مع الجمهور المصري الذي انتخب الإخوان المسلمين؟ أو مع التونسيين الذين اختاروا حكما إسلاميا؟ أو مع تركيا التي تطالب باعتذار إسرائيلي منها وبتعويضات؟ بالنسبة إلى إسرائيل،فإن الثورات شأن عربي لا علاقة لها به،وكل تغيير يجري في الشرق الأوسط هو مناسبة لإعادة تقويم المخاطر عليها.