في سابقة هي الأولى في مصر قبل وبعد ثورة 25 يناير، وبما يمثل ضربة إجهاضية لمخططات اختراق المجتمع المصري من جانب منظمات أجنبية مريبة بأدوات داخلية مشبوهة. وبعد تمام التحقيقات القضائية في ما عرف بفضيحة بعض مؤسسات "المجتمع المدني" المتهمة بالعمل ضد أمن مصر وسيادتها الوطنية، أحالت اللجنة القضائية المصرية المستقلة إلى محكمة الجنايات المصرية. 44 متهما من بينهم 19 أميركيا فيهم ابن وزير النقل الأمريكي هو "العم سام لحود"، إلى جانب بقية المتهمين الخمسة والعشرين المتعاونين معهم من المصريين والعرب والأوروبيين. وفي مقدمة الجهات التي ينتمي إليها المتهمون "المعهد الجمهوري"، و"المعهد الديمقراطي"، و"مؤسسة فريدم هاوس" الأميركية، وإحدى المؤسسات المماثلة الألمانية. والتهم الخطيرة الموجهة لهؤلاء تتصل بإنشاء منظمات أجنبية في المدن المصرية، من وراء ظهر الحكومة المصرية، وتلقي تمويلات مالية سرية من دوائر حكومية أميركية وغربية، تحت لافتات منظمات مدنية الشكل واستخبارية المضمون. والعمل بدون تصريح من الدولة وبخطة ممنهجة وتوزيع أدوار متكاملة، إعلاميا وحقوقيا وسياسيا، في اتجاه زعزعة استقرار المجتمع وتفكيك مؤسسات الدولة، وصولا إلى تفكيك مكونات الوطن خدمة للمشاريع الأجنبية المشبوهة في المنطقة، طبقا لأجندة "السيد الرئيس".. وتعرفونه طبعا! لقد اتخذت الدولة المصرية ممثلة في القضاء المصري الشامخ، هذه الخطوة القانونية الشجاعة، فاستقبلت بتأييد جارف من قطاعات واسعة من الشعب المصري، الذي صنع الثورة ضد التبعية للخارج وضد التدخل أو الوصاية الأجنبية، والذي يرفض أي تدخل خارجي في الشؤون المصرية، وأي عبث تآمري ضد الأمن الوطني، عبر سيناريو الفتنة والفوضى، وصولا إلى هدف الانقسام والتقسيم. وعلى العكس من موقف القطاع الأوسع من الشعب المصري، فقد جاء هذا القرار القضائي كالصاعقة على رأس الدوائر الأجنبية المنتهكة لأمن واستقرار مصر، وعلى رؤوس عملائها المحليين، فأصابتهم بالهذيان بتهديدات ومحاولات ابتزاز مرفوضة، وبدعاوى غير منطقية تثير السخرية،. وحملات إعلامية هستيرية مفضوحة، سعيا لإجهاض مسارات التحول الديمقراطي المصري، بزعم حماية الديمقراطية! سعيا لإجهاض الثورة الشعبية المصرية بسيناريو الفوضى والاشتباكات والإضرابات والفتن الأهلية للوقيعة بين الجيش والشرطة والشعب. ومحاولة إشغال الجيش بإحداث فراغ أمني وطني لن يستفيد منه سوى إسرائيل، وفراغ مجتمعي باستنزاف الشرطة، لن يستفيد منه سوى بقايا النظام السابق وأتباع أميركا، وتتحرك فيه الثورة المضادة، باسم الثورة، لفرض قيادة مصطنعة، والقفز على الثورة الحقيقية وتحويل وجهتها بعناوين ثورية زائفة! كما يعمد هؤلاء وأمثالهم أيضا، إلى اختراق القانون المصري تحت زعم غياب القانون، وإلى تشويه القضاء المصري والتشكيك فيه، ومحاولة عرقلة استمراره في نظر قضايا القتل والفساد ومحاكمة رموز النظام الساقط، بمزاعم ساقطة مثل ما يسمونه "تطهير القضاء"، أو "إقالة النائب العام"، أو وقف محاكمة الرئيس الساقط باعتبارها بطيئة وهزلية! ورغم كل هذه الحملات الإعلامية الأميركية والغربية ضد المجلس الأعلى للجيش المصري المدافع عن الأمن الوطني، وضد أجهزة القضاء المصري الحارس على سيادة القانون باعتبارها أساس السيادة المصرية.. جاء القرار بالإحالة للمحكمة، رسالة واضحة بأن أمن مصر خط أحمر تجاوزه مرفوض وغير مقبول. ولن تؤثر في ذلك، رسائل الترغيب والترهيب والتهديدات الرسمية الأميركية بالمعونة الأميركية، والاستغلال الرخيص للظروف الاقتصادية الصعبة. وقد أقامت الدوائر الغربية والتابعين لها إعلاميا وسياسيا واقتصاديا، الدنيا ولم تقعدها حتى اليوم.. بعد هذا القرار القضائي المستقل عن أية دوائر سياسية أو عسكرية مصرية، سواء بالتحقيق في البلاغات المقدمة من العديد من الوطنيين المصريين وبعضها منذ سنين ضد المراكز الممولة، أو بالتفتيش لمقار هذه المنظمات الأجنبية والمحلية غير الشرعية، أو بمواصلة التحقيق ومنع المتهمين من السفر، وأخيرا بالإحالة إلى محكمة الجنايات. وقد تعاون مع تلك الدوائر والجهات الغربية، بعض وسائل الإعلام المصرية الملونة والمتلونة المروجة للأجندة الشرق أوسطية الصهيو أميركية، على حساب المصالح العليا للوطن، وضد توجهات غالبية الشعب المصري وضرورات الوحدة الوطنية، سواء بإشاعات ومقالات صفراء بأقلام متلونة أو في حفلات ردح ليلي في بعض القنوات، دون وازع من ضمير! ومع ذلك كله، فليس هناك إنسان عربي أو وطني عاقل، يمكن أن يقف مدافعا عن تحول الحكم في بلد عربي أو إسلامي إلى تحكم، أو عن تحول السلطة إلى تسلط، في موقف معادٍ للمفاهيم الشورية والآليات الديمقراطية، أو لحقوق الإنسان المشروعة وللحرية والمشاركة السياسية لجميع القوى الشعبية، ممثلة فى الأحزاب والنقابات أو الجمعيات الأهلية النوعية والخيرية التطوعية، فى صنع القرار الوطني. غير أننا يجب أن نفرق بين منظمات أهلية وطنية وعربية المنبع والهوية والهدف، للمساهمة فى التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، ومنظمات وطنية عربية الشكل أو المكان، لكنها أمريكية غربية الأهداف والتمويل والبرامج، وبأسماء جذابة لكنها كذابة، وتحت لافتات الديمقراطية والحرية والحقوق الإنسانية، بينما هي في الواقع تعمل ضمن مشاريع "الغزو من الداخل"، لخدمة أهداف صهيو أميركية غير وطنية، وغربية غير عربية. وأخيرا قد تكون صديقي أو شريكي، لكن الحق والعدل والكرامة أولى بالصداقة منك، ومن يريد أن يحترمه الناس فعليه أن يحترم نفسه ووطنه وقيمه أولا، قبل حرصه على ما يبدو على مكاسب صغيرة مادية أو حتى كبيرة آنية أو مستقبلية.. فماذا يجدينا أن نكسب العالم كله ونخسر أنفسنا؟! نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية