محافظ الأقصر والقيادات الأمنية يهنئون الأقباط بعيد القيامة    العمل: «سلامتك تهمنا» لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية فى المنشآت الحكومية بالمنيا    توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وشركة «إكسيد»    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: بن غفير يطالب نتنياهو باقتحام فوري لرفح الفلسطينية    الخارجية الفلسطينية تدين قيود الاحتلال على كنيسة القيامة والاعتداء على مسيحيي القدس    «ماكرون» يدعو «نتنياهو» إلى استكمال المفاوضات مع حماس    الجيش الروسي يسيطر على مستوطنة أوشيريتينو الأوكرانية    خبير علاقات دولية يوضح أهمية زيارة الرئيس الصيني إلى فرنسا    علياء صالح تفوز في منافسات بطولة أفريقيا للجمباز الإيقاعي وتتأهل للأولمبياد    «أسماك الجبلاية».. قصة إنشاء أشهر حديقة في حي الزمالك    الآن.. رابط تحميل نماذج استرشادية للصف الثالث الإعدادي 2024    في أجواء مفرحة.. البابا تواضروس يتلقى تهنئة آباء وأبناء الكنيسة بعيد القيامة    شيرين عبد الوهاب تكشف سبب بكائها في حفلها بالكويت أثناء غناء «كده يا قلبي»    هيئة الدواء تحذر من مرطب شهير للجلد موجود بالأسواق    «صحة كفر الشيخ» تُعلن استعداداتها لاستقبال شم النسيم    «حافظا على صحتك».. تحذيرات من شرب الشاي والقهوة بعد تناول الفسيخ والرنجة    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    الآن.. طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    الأهلي يبحث عن فوز غائب ضد الهلال في الدوري السعودي    هل يجوز أداء الحج عن الشخص المريض؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    البطريرك كيريل يهنئ «بوتين» بمناسبة عيد الفصح الأرثوذكسي    «مراتي قفشتني».. كريم فهمى يعترف بخيانته لزوجته ورأيه في المساكنة (فيديو)    كردون أمني بعد مقتل شخص على يد ابن عمه لخلافات على قطعة أرض في أسيوط    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    «الزراعة» تواصل فحص عينات بطاطس التصدير خلال إجازة عيد العمال وشم النسيم    وزارة العمل تنظم ندوة لنشر تقافة الصحة المهنية بين العاملين ب"إسكان المنيا الجديدة"    إصابة 3 إسرائيليين بقصف على موقع عسكري بغلاف غزة    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الاثنين 6-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    المعرض العام للفنون التشكيلية.. تكريم 14 فنانا خلال فعاليات الدورة ال 44.. وهذه أبرز إسهاماتهم وعلامات مسيرتهم    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    جناح مصر بمعرض أبو ظبي يناقش مصير الصحافة في ظل تحديات العالم الرقمي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    بين القبيلة والدولة الوطنية    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    وزير الإسكان: قطاع التخطيط يُعد حجر الزاوية لإقامة المشروعات وتحديد برامج التنمية بالمدن الجديدة    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغامرة صحفية تكشف الغاز وخيوط مافيا تجارة الاعضاء البشرية
الكلية ب25 الي50ألف ..و"قاطني الشوارع" فريسة سهلة

بعد الكشف المذهل عن عصابات بيع الأعضاء البشرية وتورط مراكز ومستشفيات و أطباء كبار في تلك الجريمة البشعة، ووفاة العديد من المواطنين نتيجة عمليات التبرع وبيع الاعضاء، إلا أنه حتى الآن لم يتم سن قوانين رادعة للحد من هذا النوع من التجارة الذي حرمها الشرع و القانون بل العكس يزداد الوضع سوءً وسط إنتشار تلك التجارة بشكل مبالغ فيه خلال الأشهر القليلة الماضية.
لذلك قررت محررات الوفد خوض مغامرة صحفية للكشف عن الطريقة التي يتم بها استقطاب الفقراء المرضى لبيع أعضاءهم بثمن بخس لصالح مافيا تجارة الأعضاء البشرية، من خلال التخفي في ثلاث شخصيات الأولى كبائعة بالمترو تود التبرع بكليتها لإتمام عرسها، والشخصية الثانية إبنة بحاجة إلى متبرع كلى لإنقاذ والدها المريض، والشخصية الثالثة فتاتين تعمل كوسيط لصالح مافيا أعضاء بشرية تستقطاب الضحايا من قاطني الشوارع و الأرصفة.
طرف الخيط كان بعض الصفحات و "الجروبات" علي موقع التواصل الإجتماعى "فيس بوك" تُروج لهذا النوع من التجارة و كأنها سلع تُباع و تشترى على مرأى ومسمع من الجميع.
بائعة المترو تود إتمام عرسها ببيع كليتها
تواصلت مع أحد مديري مجموعة لبيع الاعضاء البشرية على الفيس بوك، من خلال رقم هاتفه الذي تركه في إحدى الصفحات يطلب فيه متبرعين بالكلى، وكأنه أمر عادى.
وعلى الفور إتصلت بيه هاتفيًا لمعرفة كافة التفاصيل حول عملية التبرع وماهى الإجراءات المتبعة.
الكلية ب25 ألف يابلاش
انتحلت صفة بائعة متجولة بالمترو تريد شراء أجهزة كهربائية لاتمام جهاز عرسها،وتود عرض كليتها للبيع بأعلى سعر، ليجيب:" إجراءات العملية تستغرق شهر، واعدًا بحصولى على مصروف يومي طوال الشهر يقدر ب50 جنيه يوميًا، بالاضافة ل25 ألف جنيه ثمن للكِلية عقب اتمام عملية البيع.
لمجاراته أبديت إعتراضي على ثمن بيع الكلية، مضيفة:"25 ألف جنيه قليل أوي على ثمن الكلية" ليرد " أحنا مركز طبي مش سماسرة وده السعر الي بندفعه مقدرش أزود"، فطلبت مقابلته للتفاوض بشكل أفضل وبالفعل تم تحديد مقابلة بشارع محي الدين أبو العز بمنطقة الدقي.
وفي اليوم المحدد للمقابلة إتصلت به لتأكيد الموعد لأُفجأ بأنه سيرسل شخص آخر من طرفه لمقابلتي قائلًا:" أنا هبعتلك حد من طرفي يقابلك تروحوا معمل التحاليل و أنا هحصلكم بعدين"، بدأ القلق ينتابني لتغير الاتفاق فكان من المفترض أنه يقابلني بشخصه، لأرد "أنا مش هعمل أي تحاليل غير لما نتفق انا لسه بفكر" ليجيب" أخويا هيقابلك وبعد متتفقوا تروحوا المعمل علشان تحاليل العملية" بمجرد سماعي لكلمة "المعمل" شعرت بالخطر فالأمر صعب للغاية و لا يحتمل اخطاء، ولكن فضولي الصحفي كان أكبر من شعوري بالخطر الذي سأتعرض له فقررت إكمال التحقيق للنهاية ومقابلة شقيق زعيم العصابة والذى يدعى"أدهم" حسبما اخبرنى خلال لقائي به.
الهروب من "كمين" العصابة
تواصلت مع " أدهم" شقيق السمسار وحدد معي موعد جديدًا بميدان الجيزة بعدما أُلغي موعد شارع محي الدين أبو العز، ليكون اللقاء بمنطقة نصر الدين الشهير بأنه وكر للبلطجية والمجرمين، حاولت التهرب وتغير خطته تجنبًا لأية أكمنة يكون قد أعدها لى، تُشكل خطر على سلامتي، و زيادة فى الحرص أدعيت بأنني ضللت الطريق، ولم أتمكن من الوصول للعنوان المطلوب، واخترت احد المقاهي القريبة من تجمع لقوات الأمن، بجوار محكمة الجيزة على بعد أمتار من قوة تأمين المحكمة.
لاحقتنى نظرات رواد المقهى الفضولية، خاصة وأنني كنت الفتاة الوحيدة التى تجلس بها، وجاء "صبي" القهوة ليسألنى "تشربي أيه؟"، طلبت مشروبًا غازيًا وجلست أنتظر شقيق سمسار بيع الأعضاء، وعلى الرغم من خجلى الشديد من تواجدى في مكان أنا الفتاة الوحيدة فيه، تلاحقنى نظرات رواد المقهى الشعبى الفضولية إلا أنى أصررت على المُضى قدمًا لإنهاء التحقيق، منتظرة سمسار تجارة الأعضاء.
واتصلت به لأخبره أنني لم استطيع الوصول للعنوان الذى حدده لي للقاء، ليجيبني:" أنا قدامي 10 دقايق وأكون عندك"، وبالفعل وصل بعد ما يقرب من ربع ساعة، وفور وصوله اتصل بي هاتفيًا ليتعرف عليا، واقترب منى فى حذر ليسألني "انت ياسمين"؟.
أجبته:" أيوة..أنت أدهم اللي هتفق معاه،صح"؟.
وبدأت حديثي معه علي مقهي بلدي بجانب الرصيف وبجوار مدرعات الشرطة.
بادرت بالحديث إلى السمسار مبدية قلقي وتخوفي من العملية "هي العملية مفيهاش خطر علي صحتي" ليجيب " أنا قدامك أهو إتبرعت بالكلية و عايش حياتي بشكل طبيعي زي مانتي شايفة ومش مأثرة عليا" ربط بين عمله كسمسار أعضاء بشرية وبين تبرعه بكليته ورجحت أنه قد يكون تم إستقاطبه بهذا الشكل ثم عمل بهذا المجال فيما بعد أو بشكل آخر أنه يود بأن يذوق الناس ما ذاقه كنوع من الإنتقام.
مركز طبي يدعم تجارة الأعضاء
وإستكمل حديثه بشأن المبلغ المتفق عليه " أنتي بتتعملي مع مركز طبي رفض ذكر أسمه .. و عندنا مصاريف كتير، شغلنتنا أننا نقصر المسافة للمريض لأن موضوع الكلى لو ماشي بشكل سليم هياخد على الأقل 5 شهور بسبب الإشاعات و بلاغ القسم و التسجيل في الشهر العقاري بياخدوا وقت كبير، احنا بنختصر كل ده في شهر واحد وده كله بيتكلف"، وتابع "المبلغ الي المريض بيدفعه 35 الف المتبرع بياخد 25 الف و احنا بناخد 10 الف، وكل ده بنعمله في الأخر لوجه الله".
أثناء حواري مع "أدهم" إستوقفتني كلمة " إيصال أمانة" فسألته " إيه حكاية إيصال الأمانة؟" ليجيب "عشان نضمن حق المريض لازم المتبرع يمضي على وصل أمانة عشان ميرجعش في كلامه أو يتبرع لحد تاني يدفع أكتر".
تفاوضت مع السمسار حول المبلغ المالي وكيفية الحصول عليه وهل في إمكانية لأتسلم جزء قبل إجراء الفحوصات " أحنا بنسلمك الفلوس كلها قبل ساعة العملية لأن المريض معندوش ثقة في حد وصعب أنك تاخدي فلوس قبل إجراء العملية".
إستمر السمسار في طمأنتي من الخطوة التي سأقبل عليها" نسبة نجاح العملية 98% يعني متقلقيش من حاجة وأنا مش بتحرك غير لما المتبرع يقف على رجليه لازم نطمن علي الناس الي معانا" ما أثار دهشتي هو إقتناعه الكامل بأن الكلية ليس لها أهمية في الجسم فوجودها مجرد تحصيل حاصل "العملية مش بتاثر عليكي خالص انتي شيلتي حاجه مالهاش لزمه في الجسم مش شغالة".
تورط مستشفيات ومعامل كبرى مع العصابة
فجر السمسار مفاجأة جعلتني اتاكد تمامًا أن كل ما أقرأه عن المستشفيات الإستثمارية وتورطها في سرقة الأعضاء أمر صحيح مئة بالمئة فقد ذكر لي 7 أسماء لمستشفيات شهيرة بالقاهرة يتم فيها إجراء العمليات فضلًا عن إشتراك أطباء كبار معاهم في إجراءها إلى جانب معمل تحاليل شهير يتم فيها عمل التحاليل و الفحوصات اللازمة متورط أيضًا معاهم، وروي لي السمسار ما يتم داخل هذه المستشقيات " العملية في المستشفيات الي زي دي بتتكلف أكثر من 16000 وممكن المريض يدفع أكتر من كده عشان يضمن سلمته و الدكاترة الي بيعملوها كبار يعني تدخلي و أنتي مطمنة، ومش هتقعدي غير 3 أيام بس في المستشفى".
إعتراف السمسار بجريمته
وبعد مدة من جلسة التفاوض يبدو ان السمسار إطمئأن و تأكد من حاجتي للعملية بالفعل بعدما أصابه بعض الشكوك مني لدرجة أنه تحدث لي عن طبيعة وظيفته المشبوهة " أنا مش هكدب عليكي شغلنتي دي خطر لأن انا مش معايا الصفه الي تخلني ابيع و إشتري بالشكل ده طالما الموضوع دخل في فلوس يبقي أنا في حالة شبهة لكن لو مجانًا محدش يقدر يكلمني حتى وزير الداخلية"، وبحذر شديد وصوتًا خافت "أنا شغال في الكلى لأنه مفيهاش ضرر للشخص لكن الكبد مشكله كتيرة وأنا مش عايز آذي حد".
ثم أخرج قائمة بالاسماء التي يتعاملون معاها ومستعدون للتبرع كان بها حوالي 6 اسماء كل اسم به الكود الخاص بكل شخص و فصيلة دمه مدتها يومين أي أن ال6 أشخاص تقدموا للتبرع خلال يومين فقط، ليؤكد لي أن الموضوع جاد وكان أسمي هو أولى الأسماء.
مافيا الأعضاء "شغالة طوال ال24 ساعة"
لاحظت أثناء جلستي معه أنهم عصابة تعمل طوال الوقت فأثناء صفقتي مع " أدهم" كان زميله يعقد صفقة أخرى مع مريض آخر بنفق نصر الدين علمت ذلك من خلال الهاتف الذي جاء له ويبدو أنها من السمسار الذي تحدثت إليه في البداية، وأثناء المكالمة بلغ أن هناك حالة أخرى وهي سيدة مطلقة لم تكمل مسيرتها بسبب خلاف في الأموال.
متبرع يطلب 50ألف جنيه للكلية "وكله لوجه الله"
تواصلنا مع العديد من متبرعي الكلى من خلال أرقام هواتفهم الذين تركوها أسفل إعلانات التبرع مُبدين إستعدادهم الكامل للتبرع، أجرينا بعض الإتصالات الهاتفية معاهم و أدعينا بأننا في حاجة شديدة لمتبرع كلى فصيلة دمه "o" لإنقاذ والدنا المريض ليجيب " أنا طالب 50 ألف جنيه و مقدرش آقلل عن كده" أعترضت على الثمن الباهظ الذي طلبه " أحنا مش معانا المبلغ ده وأحنا محتاجين الكلى في أسرع الوقت" أستمر في الرفض " أنا هتبرع لوجه الله، والسعر الي طلبته مش هتلاقيه عند حد تاني" طالبت تحديد موعد معه للإتفاق على التفاصيل وأخبرنا أنه من أسوان ومن الصعب أن يأتي القاهرة لمقابلتنا.
مطلوب متبرع
فإتجهنا إلى متبرع آخر ويدعى " محمد عيد" وبالفعل اجريت اتصالا هاتفيا لمعرفة التفاصيل والإتفاق معه وانتحلت صفة فتاة عشرينية تدعى "شيماء" ترغب في إنقاذ والدها المصاب بفشل كلوى وتود العثور على متبرع كلى بأسرع وقت لإنقاذ حياته.
فى البداية أوضحت له أنني بحاجة لكلية فصيلة دم "o"، ليرد " أنا مش عارف فصيلة دمي إيه أنا كنت عامل تحاليل من زمان و مش فاكر" تفاوضت معه بشأن سعر الكلية لإزالة الشكوك و إثبات جدية الموضوع ليجيب" انا مش عارف هيكون ايه نظام السعر لأن متعاملتش مع سماسرة قبل كده، وممكن لما نتقابل نتفاوض فى الموضوع ده"، وعلى الفور قمت بتحديد معه موعد بمنطقة الدقي بجوار محطة مترو البحوث.
يوم اللقاء
قبل الذهاب إلى مقابلته إتفقت مع أحد مصوري الجريدة بمراقبتنا و إلتقاط بعض الصور دون أن يشعر وذهبت أنا وزميلتي للإتفاق معه، إنتظرنا مايقرب ربع ساعة بجوار المترو على الرغم أنه تم إبلاغنا بوصلوه منذ فترة بالمكان المحدد، بدأ الشك ينتابني خاصًة بعد إجراءه مكالمه بعد رؤيتنا من بعيد و إمتلاكه لهاتف ماركة مشهورة و غالية الثمن.
كانت هيئته لا توحي بأنه بحاجة إلى مبلغ لبيع كليته، بادرنا بالحديث إليه " أنت محمد عيد" ليجيب " أيوة أنا المتبرع"، لنسأله " ممكن نعرف إيه طلباتك؟" كنت أظن أنه سيتحدث عن مبلغ معين، ليرد، "اللي تدفعيه أنا موافق بيه" إستمرينا في الإلحاح عليه لمعرفة طالبته إلا أنه رفض تحديد أي سعر.
تبادلنا أطراف الحديث و أثناء حوارنا معه أوضح لنا الدوافع التي دفعتها ببيع كليته" انا بنتى تعبانه عندها الطحال ومحتاجه فلوس كتير عشان تتعالج وحاولت ادبر لها المبلغ المطلوب بس مقدرتش وقررت أبيع كليتي"، كانت نبرة صوته به شئ من الأهتزاز وعدم الثقة بالنفس مما دفعنا لعدم الإقتناع بكلامه.
المتبرع النصاب
لاحظنا ان كاميرا هاتفه تعمل وفور معرفته بذلك قام بإغلاقها، مفسرا ذلك بأنه خطء غير مقصود زادت الشكوك تجاهه، وطلبنا رؤية بطاقته لمعرفة هويته، تأكدنا أنه نصاب من الدرجة الأولى لإظهره بطاقة مزورة لا تحتوي على خانة المهنة و لا المؤهل من بين كم الكارنيهات و البطاقات الهائلة الموجودة داخل محفظته.
ولعدم إظهار شكوكنا تجاهه إستمرينا في عملية التفاوض "احنا هنحتاج انك تكون موجود لمدة شهر عشان نعمل تحاليل قبل العمليه والموضوع هيمشى بشكل قانونى وهنعمل بلاغ في القسم والمبلغ ده هيكون هديه مننا"، وتابعنا أننا مستعدون لدفع 25 ألف جنيه للكلى، ليرد مسرعًا، "انا كنت فاكر ان السعر مش هيقل عن 50 الف جنيه"، حاولنا إقناعه بالمبلغ وأبلغنا بأنه سيفكر في الأمر وإذا تمت موافقته سيتواصل معي هاتفيًا، ومن الواضح أن كشف أمرنا فحتى الآن لم نتلقى أي إتصال.
وانتهى حديثنا وهممنا بالانصراف وخلال سيرنا جائنا اتصال من المصور الذى كان يراقبنا يخبرنا فيه بأنه "النصاب" قام بتعقبنا خلال سيرنا، ولكنه بعد أن تأكد من سيرنا بمفردنا دون الإتفاق مع أحد هم بالانصراف الى محطة المترو.
السوشيال ميديا سلاح خطير في تجارة الأعضاء
كان الفضل في توصلنا لهؤلاء السماسرة هو مواقع "السوشيال الميديا" من خلال صفحات التواصل الإجتماعي على موقع "الفيسبوك" فأثناء محاولتنا للتواصل مع أي طرف من مافيا الأعضاء البشرية أكتشفنا بعض الصفحات التى تروج لهذه التجارة وإعلانهم عن حاجتهم للتبرع بالكلى أو الكبد و البنكرياس، وعلى جنب آخر إبداء العديد من الأشخاص موافقتهم بالتبرع مقابل مبلغ مالي.
"قاطني الشوارع" فريسة سهلة بين قبضة مافيا الأعضاء
إتجهنا إلى محور آخر وهو كيفية إستقطاب فقراء المرضى من قاطنى الشوارع حيث أنهم أكثر فئة عرضة للوقوع بين مافيا تجارة الأعضاء، فتجولنا في شوارع منطقة الدقي وأدعيت أنا وزميلتي بأننا وسطاء خير نبحث عن متبرع كلى لأحد معارفنا.
أستمرينا في التجول حتى نجد الشخص الملائم للحديث معه وبعد مرور نصف ساعة تقريبًا من بحثنا، جذبنا أحد الأشخاص في سن الستينات، يجلس في الحديقة ويبدو عليه ملامح البُئس والإجهاد وحينما إقتربنا منه لاحظنا وجود عطب في عينيه، فبادرنه الحديث عن حالته المادية ومعيشته بشكل عام ليقول، "أنا راجل على باب الله ببيع سبح والحال واقف لكن الحمد الله على كل حال"، وعن مسكنه وأولاده تابع " أنا عايش في شقة على قد الحال في صفط اللبن، وأولادي سبوني وأختروا يعيشوا بعيد عني".
تأكدنا من حديثه أنه سيوافق على الفور بتبرع مقابل مبلغ مالي يحل مشاكله، توجهنا إليه بالحديث " إيه رأيك في الي يخلصك من كل مشكلك ويدفعلك خمسين ألف جنيه من غير تعب؟"، بإبتسامة ساخرة "ياريت حد لاقي"، وإستكملنا حديثنا "في واحد عنده فشل كلوي وبيدور على حد يتبرعله وهيدفعلو 50 الف، أيه رايك" صدمنا رده وبكل صارمة، رد قائلًا "ولا ملايين الدنيا تخليني أبيع جسمي" لأ.... أستمرينا بإقناعه وإغرأه بالمبلغ المالي لكنه أستمر على موقفه من الرفض.
فتوجهنا إلى آخر، يدعى "م.ع" 40 عام، و وجدناه نائم على أحد المقاعد على النيل بمنطقة العجوزة لم نتعرف على ملامحه نظرًا لإرتدائه "بطانية" وبعد أن قمنا بإيقاظه عرضنا عليه العرض السابق بعدما سرد لنا تفاصيل حياته التي لم تختلف كثيرًا عن الشخص الأول فقد تركته زوجته وأولاده وعاشو بعيد عنه لعدم قدرته على الإنفاق عليهم، وبعد محاولات لم تستمر سوى بضعة دقائق، قال أنه سيفكر فى الأمر وسيتم التواصل هاتفيًا إذا تمت الموافقة.
وأستكملنا جولتنا حتى وصلنا إلى أحد الأشخاص من قاطني الأرصفة ويدعى "عبدالله" الذي تركته أمه ومات والده ولم يمتلك أي أوراق رسمية تثبت شخصيته فلم يجد خيارًا سوى أن يجاور الطرق، وبعد علمي بقصته وحياته عرضت عليه على الفور التبرع بكليته مقابل 50 ألف جنيه، " في ناس كلموني عايزين حد يتبرع بكلية أيه رأيك؟" أعترضت في البداية لكن أستمريت بإقناعه و أغرته بالمبلغ المالي " الكلية مش هتأثر عليك وعلميًا الإنسان بيعيش بكلية واحدة وأسال أي دكتور" بدأت ملامح وجهه تغير وبدأ بالاقتناع فسألني عن تفاصيل أكثر حول هذا الإجراء " الراجل موجود في مستشفي إستثماري كبيرة وبنته الي هتتواصل معاك عشان تعملو التحاليل" وبعد حوار لم يتجاوز الثلاث دقائق أبدا موافقته بكل فرحة وحددنا موعد لإجراء التحاليل.
الإتجار بالأعضاء عقوبته 15 سنة سجن مشدد
قال إبراهيم أحمد أستاذ القانون الدولي، أن هناك مقترح في مجلس النواب بشأن تعديل قانون الإتجار بالأعضاء البشرية وتحويله من عقوبة الجنح إلى الجنايات لتصل أقصى عقوبة إلى 15 سنة إذا ثبتت الجريمة.
و أضاف "إبراهيم" في تصريحاته ل"بوابة الوفد" أن القانون الحالي غير منصف فأقصى عقوبة لهذه الجريمة من 3: 7 سنوات فقط وفي حال توفى المتبرع سيتم دفع غرامة قدرها 100ألف جنيه و السجن المشدد.
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن القانون الجنائي الجديد لايفرق بين أحد فإذا ثبت تورط أحد الأطباء سيتم معاقبته جنائيًا إلى جانب حذفه من نقابة الأطباء، وإغلاق مؤسسته بالكامل بحسب ما ينص عليه القانون و الدستور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.