شهدت الصادرات الزراعية المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأخيرة طفرة غير مسبوقة، تعكس ما حققته الدولة من نهضة زراعية شاملة في ظل "رؤية الجمهورية الجديدة"، التي وضعت القطاع الزراعي في مقدمة أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ووفقًا لأحدث البيانات الرسمية، بلغت إجمالي الصادرات الزراعية المصرية نحو 5.669 مليون طن خلال موسم 2022/2023، بزيادة بلغت 29.2% مقارنة بالموسم السابق، واحتلت دول الاتحاد الأوروبي نحو ربع هذه الكميات، أي ما يعادل 1.4 مليون طن بقيمة تقدر بحوالي 917 مليون دولار، بحسب تقارير وزارة الزراعة ومصادر الاتحاد الأوروبي. اقرأ ايضا|الزراعة تعلن زيادة الصادرات إلى أكثر من 7.2 مليون طن حتى الآن ◄ أوروبا.. السوق الأكثر تطلبًا والأكثر ثقة في المنتج المصري تُعد الأسواق الأوروبية من أكثر الأسواق العالمية صرامة في معايير الجودة وسلامة الغذاء، ومع ذلك فقد تمكن المنتج المصري من النفاذ بقوة إلى هذه الأسواق، بفضل تطبيق منظومة التكويد والتتبع والرقابة المشددة على مراحل الزراعة والحصاد والتعبئة والنقل. وتتصدر الحمضيات المصرية قائمة الصادرات إلى أوروبا، تليها البطاطس والبصل والعنب والفراولة، إلى جانب توسع ملحوظ في صادرات البطاطا الحلوة والرمان خلال السنوات الأخيرة. وأكدت تقارير أوروبية أن مصر أصبحت ثاني أكبر مُصدّر للفواكه والخضر الطازجة إلى القارة الأوروبية خلال موسم 2023–2024، بإجمالي نحو 917 ألف طن من الحاصلات الطازجة، بزيادة 7% عن الموسم السابق، وهو ما يعكس ثقة الأسواق الأوروبية في جودة المنتجات الزراعية المصرية. ◄ رؤية الجمهورية الجديدة.. من الاكتفاء إلى التصدير ترتبط هذه القفزة ارتباطًا وثيقًا بالمشروعات الزراعية القومية التي أطلقتها الدولة المصرية خلال العقد الأخير، وفي مقدمتها مشروع مستقبل مصر والدلتا الجديدة، ومبادرات التوسع في استصلاح الأراضي وتطبيق نظم الري الحديث والتوسع في الزراعات التعاقدية، مما أسهم في تعزيز إنتاجية الفدان وتحسين جودة المحاصيل. وفى ذات السياق قال الدكتور خالد شعبان طرخان، الأمين العام للمجلس العربي الإفريقي للزراعة والشراكة من أجل التنمية، إن التوسع في الصادرات الزراعية إلى أوروبا يمثل أحد ثمار سياسات الجمهورية الجديدة التي ركزت على تحديث البنية الزراعية والإنتاجية، وتطبيق المعايير الدولية لضمان سلامة الغذاء وجودة المنتج. وأضاف أن مصر استطاعت في وقت وجيز تحويل تحديات المناخ والمياه إلى فرص للنمو الزراعي من خلال التركيز على أصناف أكثر ملاءمة للبيئة الجافة وتبني التكنولوجيا الزراعية الذكية، وهو ما جعل المنتج المصري منافسًا قويًا في الأسواق العالمية. ◄ عائد اقتصادي متنامٍ وتحديات قائمة من الناحية الاقتصادية، تُمثل الصادرات الزراعية إلى الاتحاد الأوروبي مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة، كما تسهم في رفع دخول المزارعين وتحفيز الاستثمار في قطاع التعبئة والتغليف وسلاسل التوريد. لكن رغم هذا النجاح، تظل هناك تحديات قائمة، أبرزها ضرورة التوسع في التصنيع الزراعي والتعبئة الذكية، وتحديث منظومة النقل المبرد واللوجستيات، إضافة إلى الحاجة المستمرة لتدريب المزارعين على تطبيق الممارسات الزراعية الجيدة (GLOBAL GAP) لتلبية متطلبات الأسواق الأوروبية المتجددة. ◄ نحو مستقبل زراعي مستدام تسعى الدولة المصرية إلى زيادة صادراتها الزراعية إلى أوروبا لتتجاوز ملياري دولار سنويًا خلال السنوات القليلة المقبلة، من خلال فتح أسواق جديدة، ودعم المجتمعات الزراعية في مناطق التوسع الأفقي، وتطبيق نظم الزراعة الذكية مناخيًا. ويؤكد الخبراء أن نجاح مصر في تعزيز موقعها داخل السوق الأوروبي هو تتويج لسياسة زراعية رشيدة تستند إلى التخطيط العلمي والاستدامة، وأن هذا النجاح يعكس الوجه الجديد للزراعة المصرية التي باتت تمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي.