داخل قسم شرطة السيدة زينب.. شاهد محقق «فيتو» فتاة شابة تقف فى ركن بعيد وسط المتهمين بالاتجار فى الأعضاء البشرية وقد بدت على ملامحها علامات الهم والحزن الشديدين.. اقترب منها وسألها عن حكايتها وتهمتها.. انهمرت دموعها قبل أن تجيب: «أنا لست متهمة.. أنا ضحية بعت جزءا من جسدى ثم تعرضت لعملية نصب ولم أحصل على باقى الثمن».. هدأ المحقق من روعها وقال «قصى على حكايتك».. كفكفت دموعها واستطردت: «اسمى مروة وعمرى 24 سنة.. انتمى لأسرة فقيرة جدا فاضطررت للعمل لتوفير احتياجات أشقائي الصغار.. أثناء المظاهرات والاعتصامات تعرفت على شابين فى ميدان التحرير احدهما اسمه محمود والآخر يدعى محمد، وعرفت منهما أنهما باعا كليتيتهما مقابل مبلغ كبير وانهما أجريا الجراحة فى مستشفى الجنزورى بسراي القبة.. ولأن ظروفى صعبة للغاية فقد أبديت لهما رغبتى فى بيع كليتى.. عرفانى على سيدة اسمها «صباح»، ورجل يدعى «أبو اسكندر» واتفقت معهما على بيع كليتى مقابل 23 ألف جنيه. صمتت الفتاة قليلا وأضافت: «ذهبنا جميعا الى المستشفى وهناك تقابلنا مع سيدة تدعى «نادية» وهى المسئولة عن إجراءات زرع الكلى، ووقعت على إيصال أمانة وبدأت فى إجراءات العملية.. عدت من المستشفى إلى شقة فى منطقة فيصل خاصة بأبو اسكندر، وأقمت فيها مع 10 شباب فى مثل حالتى تحت الطلب لإجراء أى تحاليل او فحوصات طبية، وكنت أتقاضى 20 جنيها مقابل كل يوم أقضيه فى الشقة.. بعد انتهاء التحاليل اصطحبونى الى قسم الشرطة وحررت محضرا أقر فيه بتنازلى وتبرعى بكليتى، ثم توجهت إلى وزارة الصحة ونقابة الأطباء وحررت إقرارا مماثلا يؤكد اننى تبرعت برغبتى ودون حصولى على اى مقابل مادى». واصلت مروة حديثها موضحة: «بعد انتهاء هذه الإجراءات توجهت إلى مستشفى آخر غير الجنزوري بعد حدوث مشكلة بين اهالى احد المتبرعين وإدارة المستشفى وتم تحديد موعد العملية، وقبل دخولى غرفة العمليات وقعت إقرارا آخر يؤكد موافقتى على الجراحة، مع علمى بخطورتها وعدم تحميل المستشفى أية مسئولية فى حالة وفاتى.. وبعد ان أخذوا كليتى اقمت فى المستشفى أيام قليلة ثم اخرجونى منها.. حصلت على 15 ألفا فقط رغم اتفاقى على 23 وعندما استفسرت من السماسرة ماطلونى فى استكمال المبلغ، ثم بدأوا يتهربون منى ويقولون إنهم اجروا لى تحاليل بمبالغ باهظة».. انخرطت الفتاة فى بكاء شديد وهى تقول: «أنا ندمانة على اللى عملته.. بعت جسدى واتنصب علىَ».. لاحظ المحقق أن كلام الضحية يتطابق مع كلام السمسارة «وفاء» فيما يخص مستشفى الجنزوري، والمدعوة «نادية» وإيصالات الأمانة وإجراءات التبرع، وهو ما يؤكد أن هذه المافيا تعمل منذ فترة وفق نظام محكم يبعدها عن الوقوع فى مشاكل قانونية. التقى المحقق داخل القسم أيضا بأحد أعضاء الشبكة واسمه عثمان معروف وشهرته «أبو اسكندر» أردنى الجنسية وسأله عن دوره فى الشبكة فقال: «تعرفت على الشبكة منذ عامين تقريبا، ومهمتى كانت إجراء التحاليل والفحوصات الطبية مقابل 3 آلاف جنيه للفرد، ولا علاقة لى باستقطاب المتبرعين أو البائعين.. هذه كانت مهمة زعيمة الشبكة صباح عيد، ومحمد الأسمر، ومصطفى عمر وباقي السماسرة». على جانب آخر أكد العقيد احمد خالد مفتش المباحث، والمقدم محمد الشرقاوى رئيس مباحث السيدة زينب، والرائد باهر المشلاوى معاون المباحث، ان التحريات والتحقيقات كشفت عن ان أعضاء الشبكة يتخذون من ميدان السيدة زينب والشوارع المحيطة بالمسجد مسرحا لاستقطاب ضحاياهم، مستغلين كثرة أعداد المتسولين وأطفال الشوارع والفقراء من الباعة الجائلين، وأنهم يجرون العمليات فى عدة مستشفيات منها الجنزورى، وابن سينا، والأزهرى بمدينة 6 أكتوبر، ومصر الدولى.. ويتعاملون مع معامل تحاليل شهيرة منها كايرو سكان، والحرية.. وأضافوا إن زعيمة الشبكة أجرت أكثر من 50 جراحة خلال 4 أشهر فقط، وأن المريض الذى يأخذ الكلية كان يدفع مبالغ تتراوح بين 60 و100 ألف جنيه، تعطى 10 او 15 للمتبرع وتقتسم الباقي مع المستشفى وأعضاء شبكتها.