جذوره تعود لآل البيت.. من هو إبراهيم الدسوقي بعد تعليق الدراسة أسبوعًا بسبب مولده؟

مع تزايد حركة الزوار والمتوافدين إلى مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ استعدادًا لاحتفالات مولد إبراهيم الدسوقي، خرج الدكتور وائل عبد الباري هراس، مدير عام إدارة دسوق التعليمية، بقرار استثنائي أعلن فيه تعليق الدراسة بعدد من مدارس المدينة تنفيذًا لتوجيهات المحافظ الدكتور علاء عبد المعطي، ووكيل وزارة التربية والتعليم بالمحافظة الدكتور علاء جودة، وذلك حرصًا على سلامة الطلاب وسط الأجواء الاستثنائية التي تشهدها المنطقة في هذا الوقت من كل عام.
وتضمن القرار تعطيل الدراسة لمدة أسبوع كامل في 5 مدارس بمدينة دسوق، بدءًا من السبت 25 أكتوبر 2025 وحتى الخميس الموافق 30 من الشهر ذاته، وذلك لتخفيف الزحام في المناطق الأكثر تكدسًا بالقرب من موقع الاحتفال الرئيسي، أما باقي مدارس المدينة، بالإضافة إلى مدرستي كفر إبراهيم الابتدائية والإعدادية، فتقرر تعليق الدراسة بها لمدة ثلاثة أيام فقط، خلال الفترة من الثلاثاء 28 أكتوبر وحتى الخميس 30 أكتوبر 2025، وفق ما أعلنته إدارة التعليم.
وأوضح مدير الإدارة أن قرار التعليق جاء نتيجة توافد أعداد ضخمة من داخل وخارج المحافظة للمشاركة في الاحتفال السنوي بالمولد، وما يصاحبه من إجراءات تستدعي إغلاق بعض الطرق وتغيير مسارات أخرى، الأمر الذي قد يعيق وصول الطلاب إلى مدارسهم أو يشكل خطورة عليهم في ظل الازدحام الكبير المتوقع.
فيما تعود جذور هذه الاحتفالات التي تتغير على وقعها الحياة اليومية في دسوق، إلى إرث صوفي عريق يرتبط باسم إبراهيم الدسوقي، أحد أبرز رموز التصوف في مصر، فالرجل الذي ينتسب إلى مدينة دسوق هو إبراهيم بن عبد العزيز أبو المجد الدسوقي، والذي تُرجع بعض المصادر نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب من جهة الأب، ما منحه مكانة روحية كبيرة بين أتباع الطرق الصوفية.
نشأ الدسوقي منذ طفولته على العزلة والخلوة، إذ تشير روايات إلى دخوله طريق التأمل والذكر في سن الثالثة، ليتدرج بعدها في طلب العلوم الشرعية على مذهب الإمام الشافعي، ويخالط كبار المتصوفة ويتأثر بعلومهم، ومع مرور السنوات، أصبح من أعلام التصوف وأحد أقطابه الأربعة في التراث المصري، كما تُنسب إليه الطريقة الدسوقية التي تتفرع منها طرق أخرى معروفة مثل الإبراهيمية والبرهانية، مع وجود روابط بين تعاليمه والطريقة الرفاعية التي انتسب إليها والده.
وخلال حياته التي حُفلت بالروايات والكرامات، حاز الشيخ احترام العامة والخاصة، واكتسب ألقابًا روحية من أشهرها لقب «أبو العينين» بسبب ما نُقل عنه من كرامات عند ولادته أو في أثناء خلوته، أما وفاته، فيختلف حولها المؤرخون بين عامي 676ه و696ه، بينما بقي مقامه في مدينة دسوق شاهدًا على حضوره الروحي، بعدما تحوّل إلى مزار كبير ومسجد يحمل اسمه ويستقبل زوارًا من كل أنحاء مصر وخارجها في ذكرى مولده سنويًا.
ومع استمرار الطريقة الدسوقية حتى اليوم واحتفاظها بمكانتها بين الطرق الصوفية، يبقى لمولد إبراهيم الدسوقي أثر يتجاوز الاحتفال الديني، فهو حدث اجتماعي وثقافي وروحي تتحول معه دسوق إلى مدينة لا تهدأ، ما يجعل الإجراءات الوقائية، ومنها تعليق الدراسة، جزءًا من طقوس تتكرر كل عام حين يعود اسم الشيخ ليجمع القلوب في مدينته التي ما زالت تحمل إرثه حيًا حتى اللحظة.