أعلنت الدكتورة منال عمر أخصائي الصحة النفسية عن مبادرة لمجموعة من الأطباء النفساويين لعلاج اضطراب الكرب ما بعد الصدمة الذي أصاب معظم المصريين ممن شاهدوا أحداث الضرب والسحل، أو تعرضوا للأذى بشكل مباشر. وعبرت الدكتورة منال عن الفكرة فى لقائها أمس مع الإعلامية ريم ماجد، بقولها:" مبادرة إنت مش لوحدك، نبعت من إحساسنا بأن الثورة هى الإمام وإحنا دخلنا واصطففنا خلاص وراها بنصلى، وعن نفسي هبذل كل جهدى لإنقاذ من قاموا بالثورة وآمنوا بها". وأكدت إخصائية الصحة النفسية أن اضطراب الكرب ما بعد الصدمة، يصيب على الأقل 30 بالمائة من مجموع من شهدوا الأحداث سواء كان ذلك بشكل مباشر، أو عن طريق الفضائيات. وقالت عمر إن أعراض الكرب قد تظهر فورا أو بعد شهر أو شهور أو سنوات، وأن تراكم الصدمات، أو تنوعها يزيد من فداحة الموقف، محذرة من أن من يتعرض لكرب شديد تتغير لديه المنهجية فى التفكير، ومن ثم المشاعر، مما يؤدى لتغيير السلوك. وناشدت عمر من يعانى من واحدة من هذه الأعراض بالاتصال بأرقام الخط الساخن لأطباء المبادرة وهى :" لو المشهد بيجي لك تانى وكأنه لسه حاصل، أو بتتحاشي تروح شارع مجلس الوزرا أو تروح هناك ولكن تشعر بتنميل فتشعر انك بلا شعور، أو كان عندك ترقب مستمر لحدوث الأسوأ والفزع، وانا شخصيا مصابة بهذا العرض من يوم ما رحت فى أحداث محمد محمود، بل واتصور اننا من الممكن ان نهاجم ونمنع ونعذب كأطباء حتى نمتنع عن الفعل". وفى تحليل نفسي لردود أفعال الشارع المصري تجاه الأحداث، تحدثت اخصائية الصحة النفسية عن ميكانيزمات الدفاع النفسي، واصفة إياها بأنها هى التى تحمى الإنسان من الإنهيار لدى تعرضه للصدمات، قالت:" هذه الدفاعات تحدث حتى لا يدخل الانسان فى " حالة " قلة الحيلة، ومن ثم تأنيب الضمير فيصل الى اكتئاب شديد يقعده تماما، وهى نوعين ، دفاعات على مستوى الوعى وأخرى فى اللاوعى، الأولى تكون فى شكل عدوان لأنى مش عارف أقاومك، لأنك أقوى ولأنى متأكد انك على حق، فأطلّع عليك عدوان غير مبرر بمجرد استفزازى، ومدى شدة العدوان تكون مرتبطة بشدة الخوف، وهذا يحدث ممن لديهم مصالح خائفون عليها، وهم أصحاب السلطة غالبا الذين لا يهمهم سوى الحفاظ عليها". وعن دفاعات اللاوعى، قالت:" الإنسان عندما يداهمه احساس " قلة الحيلة " لأنه خايف ومش قادر يواجه الظالم، يأتيه تأنيب الضمير لأنه مش قادر يدرأ الظلم عن نفسه والآخرين، فلابد يطلع دفاع نفسي من عقله الباطن لطرد هذه الصورة الذهنية السيئة عن النفس، ومن ثم نجد مثلا ناس تقول :" هيه ايه اللى كان موديها"؟! وتحدثت عمر عن نوع من الدفاعات اسمتها بالطفولية، ومنها الإنكار، قالت: "يعنى الواحد فينا يقعد يقول هوه معقول ان دم الشهداء يروح هدر، ويرد على نفسه، لا طبعا أكيد هيجي، هوه معقول مبارك مش هيتحاكم، لا طبعا لابد يحصل، ويحدث هذا مع أنه لا يوجد أى مؤشر على عدم حصوله، والدفاع النفسي الآخر هو " الانسحاب" وهو دفاع بدائي، بمعنى، خلصوا كل شئ أنا مليش دعوة وقولوا لى علشان آجى آكل لقمة عيش، ودفاع آخر هو " الإزاحة" للاحساس بالعجز داخلى، وبالتالى بدلا من أنى ألوم الطاغية ألوم من هو أقل منه، وهو فى الحالة المصرية الحالية " البلطجى " أو " أطفال الشوارع"، وبعدين ألصقهم بالتانيين الثوار، الشلة الكبيرة، ونقولهم كلهم توقفوا، والأسوأ على مستوى الدفاعات النفسية هو " الإسقاط " ، ويحدث عندما أكون قربت أنهار من تعرية نفسي قصاد نفسي، ومعاتبتها لرضاها بالظلم وهى على حق فألقي باللوم على الضحية، " هيه اللى عرت نفسها"، وأخيراً بالنسبة لأنواع الدفاعات النفسية يأتى " التوحد مع الطاغية"، فلما تقع تحت ايدي فريسة انهال عليها بفظاعة، ولأنى متوحد مع الطاغية فلابد يبقي فيه طغيان زيادة لا يتركنى فريسة للتعاطف مع الضحية. وشددت الدكتور منال عمر على أن الدفاعات النفسية السابقة هى أنواع وليست مراحل، وأنه كلما زاد تأنيب الضمير كلما تم استخدام أكثر نوع منها معا. ونبهت الدكتورة منال على أن معظم الشعوب التى تربت على أن مراكز قيادتها خارجية وليست نابعة من ذاتها، هى الاكثر عرضة لاستخدام دفاعات نفسية، قالت:" نحن نعيش بالطبع فى مجتمعات أبوية، و أى حد ينشق عن طبيعة المجتمع دى بيكون مربك، ويصنف على أنه متمرد ومن الأسهل إلقاؤه فى النار"، وتابعت:" 18 يوم مش كفاية علشان الناس تفوق، لكن هى مطولة وهيفوقوا، احنا بنتحط فى امتحانات تساوى محن، وكل واحد هيطلع كل الدفاعات اللى عنده، وبعدين ينهزم، ويضطر يواجه، ويكتشف فى نفسه القوة، وانه مكانش محتاج كل هذه الدفاعات، زى زويل كده، مصر تستطيع". ونصحت اخصائية الصحة النفسية المصريين باتخاذ الإجراءات الأربعة التالية لمقاومة الكرب، قالت:" من اهم الحاجات اللى تمنع الكرب من التمكن من الانسان، الدعم الإجتماعى من الأسرة والأصدقاء وكل الناس من تعرفهم ومن لا تعرفهم، لذلك أدعوا لزيارة المصابين، ولو مش عارف تروح بنفسك ارسل له وردة، برقية، وثانياً مستوى الذكاء والوعى، حيث يدافع وعيك عن احساسك انك قليل الحيلة، وأيضاً البهجة واثارة روح الفرح، فهى نوع من مقاومة اجهاز الكرب عليك، وأخيراً اذكر لنفسك العمل الجيد الذى حدث". واختتمت الدكتورة منال حديثها بالقول:" هدفنا بعد ما نخلص المبادرة ولو بعد سنة، نودع بعض واحنا مش محتاجين لبعض، فمن روائع الثورة انك لا تنتظر اصحاب المناصب ان يبدؤا ولكن تبدأ القاعدة العريضة بالمبادرة". شاهد الفيديو ;NR=1&feature=endscreen