عام 2016 يعتبر من الأعوام التى شهدت انتعاشة من حيث كم الألبومات التى تم طرحها، إلا أنه من الأعوام الفقيرة جداً فنياً من حيث جودة ما تم تقديمه من قبل نجوم الأغنية، طوال 12 شهراً عدد شهور السنة و365 يوماً عدد أيام العام لم نشهد عملاً غنائياً واحداً نتوقف أمامه ويغرينا حتى نضمه إلى ألبوم ذكرياتنا لهذا العام، والشىء الذى يجعلنا نقول إنه العام الأفقر فنياً هو أن أغلب نجوم الغناء طرحوا ألبوماتهم، ومن لم يطرح ألبوماً طرح أغنية «سينجل» والأغنية الفردية تعتبر هى أقوى ما يملكه الفنان، لذلك فهو يطرحها على اعتبار أنها خلاصة فكره فى هذا العام، فى 2016، رسبت أسماء كبيرة، أبرزها عمرو دياب ومحمد منير وتامر حسنى ومحمد حماقى، وهذه الأسماء تحديداً نذكرها لأن الأمل دائماً معقود عليها لكى تقدم الأفضل لنا، ولأن أصحابها دائماً يرون أنفسهم رواد الأغنية، وأنهم أصحاب السبق فى تقديم كل ما هو جديد ومفيد وسعيد للمستمع، ثلاثة أسماء من الأربعة التى ذكرتها طرحت ألبومات كاملة: عمرو دياب وتامر حسنى ومحمد حماقى، ولم نجد بين الأعمال التى تم تقديمها فكرة واحدة أو عملاً واحداً يمكننا كمستمعين أن نستمع إليه. الأفكار فى الكلمات ليست جديدة، والأفكار أن الكلمات ليست جديدة والأفكار الموسيقية معادة ومكررة وكالعادة التنفيذ الموسيقى والألحان تفتقد إلى حد بعيد الشرقية التى يجب أن تميز الغناء المصرى، وبالتالى على عمرو دياب وتامر حسنى تحديداً باعتبارهما يتعاملان بمنطق الملك وولى العهد أن يبحثا لمخرج لأزمة التكرار والنمطية التى اعتادا عليها. محمد منير قدم فى منتصف ديسمبر 2015 هدية لجمهوره بمناسبة قرب العام الميلادى 2016 وهى عبارة عن أغنية «أنا منك اتعلمت» وبالمناسبة على مستوى العالم كل الألبومات تطرح فى ديسمبر يحتسب طرحها مع العام الجديد، وليس المنتهى، وبالتالى أغنية أنا منك اتعلمت تحسب على العام 2016 الأغنية جاءت فقيرة فى كل شىء ولم تكن فى مستوى أعمال كثيرة قدمها منير من قبل، رغم أنه استعان بفريق ألمانى فى تنفيذ وتوزيع العمل موسيقياً، لكن الأداء لم يكن على المستوى الذى انتظره الناس، خاصة أن العمل سبقته حملة إعلامية كبيرة، ولأن منير فنان كبير وله تاريخ طويل يصل إلى 40 عاماً فى عالم الغناء، فالنظرة دائماً له مختلفة وقد نتعامل معه بقسوة لأننا نتطلع دائماً إلى أعماله باعتبارها سوف تحمل دائماً نكهة جديدة علينا، لكن على ما يبدو أن هناك حالة من الارتباك الفنى يعانى منها النجم الكبير، الآن منير وصل إلى مرحلة فنية وعمرية تجبره أن يفكر فى المستقبل بشكل مختلف عن الماضى، والأمر نفسه بالنسبة لعمرو دياب لأن تراكم الخبرات لديهما يمنحهم الأفضلية فى التفكير وطرق الاختيار، ما كان يصلح لهما من 20 عاماً لا يصلح لتقديمه الآن، والغريب أن عام 2016 شهد أول دويتو يجمع الثنائى وهو «القاهرة» ولم يكن العمل على المستوى الذى يليق بالهضبة والملك، كما يحلو لعشاق النجمين أن يلقبهما فى أغنية القاهرة لم نر هضبة ولم نسمع ملكاً، الأغنية كانت من حيث الكلمة واللحن والتنفيذ حتى التصوير لا تليق بالثنائى، وبالتالى لم تحدث الأغنية أى صدى، رغم أن كليهما كان فى احتياج شديد لنجاح هذا العمل. 2016 لم يكن عام عمرو دياب أو محمد منير، ولن نبالغ إذا قلنا لم يكن للأغنية المصرية أى حضور على المستويين المحلى أو العربى، هناك أرقام تظهر على صفحات الفنانين تؤكد أن عدد المشاهدين وصل إلى الملايين، لكن الحقيقة والواقع يرفضان تماماً تلك الأرقام، لأن الشارع لم يشعر بوجود أحد من الأسماء الأكثر انتشاراً ممن ذكرناها. على جانب آخر، لا بد أن نؤكد أن الفنان عمر خيرت يظل النغمة الحلوة التى تؤكد أن الموسيقى المصرية ما زالت بخير، فهو الوحيد الآن الذى يسبح ضد التيار بمفرده، والوحيد الذى يجمع بين أمرين والرقى والاحترام والإقبال الكبير على حفلاته سواء داخل أو خارج دار الأوبرا المصرية، ما زال خيرت هو الصورة الأجمل التى تمنحك أملاً وسط حالة متردية من الأعمال الموسيقية والغنائية. وفى النهاية فإن 2017 إذا ظل الفكر التقليدى والاستسهال فى الحصول على نغمة من الشرق، ولحن من الغرب من قبل نجومنا، فهذا يعنى أن لا أمل فى إصلاح حال الأغنية المصرية بصفة عامة ولا يليق بمصر صاحبة التاريخ الطويل فى الموسيقى والغناء والتى قدمت للعالم أبرز الملحنين والمؤلفين والمطربين أن يصل بها حال الأغنية لهذه الدرجة من الفقر.