في مثل هذا الشهر من كل عام تبدأ الصحف المصرية والفضائيات والإذاعات ما يسمي بحصد العام المنتهي، وبعض الصحف تستطلع ما قد يحدث خلال العام الجديد، وغالبا ما تطرح خلال هذه المناسبة أسئلة من نوعية من هو الأفضل خلال السنة التي أوشكت علي الانتهاء سواء كان ملحنا أو شاعرا أو مطربا أو ممثلا... إلخ. أو ما التوقعات خلال العام القادم، وفي أغلب الأحول تصب هذه الاستفتاءات أو أسئلة الحصاد والتوقعات في مصلحة بعض النجوم أملا من هذه القناة أو الإذاعة أو الصحيفة في حضور السوبر ستار للاحتفالية الخاصة بهم لاستغلال اسم النجم، وبالتالي ووفقا لتلك المقاييس تكون الضحية هي الساحة الفنية المصرية لأن الترويج لهذه النجوم بهذا الشكل خاصة في مجال الغناء يشعر من حولنا أن الأمور تسير بخير لكن الحقيقة والواقع الذي نعيشه يقول إن 99٪ من المطربين المصريين لم يكونوا حاضرين خلال عام 2014. أما الآن فبعضهم طرح ألبوما يضم أغاني مكررة ونسخا بالكربون من أعمال سابقة طرحت في ألبوم لنفس الأسماء، أو أن الغياب جاء لعدم طرح ألبومات واكتفوا بالمشاهدة والمتابعة لما يحدث في سوق الغناء. من الأسماء البارزة التي طرحت ألبومات لها هذا العام عمرو دياب وتامر حسني وباعتبار أن هذا الثنائي يمثل جيلين مختلفين وكل منهما يعتبر نفسه «رقم واحد» في جيله، ودائما ما تصاحب صدور أعمالهما ضجة وصخب إعلامي سوف نناقش علي أرض الواقع مدي هذا التأثير سواء من حيث المبيعات أو من الناحية الفنية. الأول عمرو دياب.. طرح ألبومه الذي يحمل «شفت الأيام» وسبق طرحه كالعادة أخبار ودعاية علي المواقع وجاء الألبوم بلا جديد وغير مقنع للمهتمين بالموسيقي والغناء، نفس الأشكال الموسيقية التي يقدمها عمرو والتي يستوردها من الموسيقي اللاتينية وغيرها، والغريب أن تجد المحيطين بعمرو يصورون له أن العمل عالمي وهذا ما كشفه عادل حقي الموزع الموسيقي للألبوم، في حواره مع الشاعر مدحت العدل في برنامج «انت حر» بعد طرح الألبوم، وكانت المفاجأة، التي أضحكت لبعض منا أن عادل حقي قال خلال البرنامج إن عمل ألبوم عمر وصل في السنوات الأربع الأخيرة وأثناء عملهم في الألبومات أن نفس الأشكال الموسيقية التي هم بصدد العمل بها موجودة في أغاني شاكيرا الجديدة - وهذا حسب كلام «حقي» - يؤكد أنهم يفكرون بفكر متطور من نوعية ما يقدم في بلاد برة.. وأنهم أيضا كفريق عمل عمرو يحاولون دمج التيمة الشرقية، وأضاف «حقي» أيضا أنه اكتسب هذه الثقافة من خلال وجوده في إسبانيا. الي هنا انتهي كلام «حقي» وبالقطع اذا كان هذا هو فكر الشخص الأهم في ألبومات عمرو فبكل تأكيد أن «دياب» مقتنع بهذا الكلام وأن شاكيرا القادمة من أمريكا اللاتينية أصبحت علي نفس خط فكر عمرو وعبدالباسط دياب. هذه السطور لا تعني أننا نحاول التقليل من جماهيرية وقيمة عمرو لكن الأفضل له أن يحلل كلام المحيطين به لأن هناك موسيقيين آخرين يجلسون أمام الشاشات ويتلقون هذا الكلام بسخرية، بعيدا عن هذا الكلام علي المستوي الفني لم يحمل ألبوم عمرو الجديد الذي ينتظره منه الجمهور في 2014، ومن ثم عليه في 2015 أن يستغرق وقتا أطول في التفكير فيما يقدم عمرو كعادته وعادة كل النجوم يجب أن يظل في دائرة الضوء بدليل أنه أنهي العام بشيء اسمه «عالم عمرو دياب» الذي طرحه مع إحدي شركات المحمول، وبالتالي سوف يقع الغلابة من الناس في هذا الفخ، وعالم عمرو دياب عبارة عن خدمة اخبارية تلاحقك بآخر أخباره، ووفقا لما نشر أن عمرو شريك مع شركة المحمول وبالتأكيد طالما أن الهضبة أدخل هذه الخدمة الجديدة فخلال أيام سوف نجد نجوم الغناء الآخرين والسينما يقدمون نفس الخدمة وهذا يعني الغلابة من المصريين خاصة الآباء والأمهات مطالبين بزيادة ميزانية أبنائهم من أجل عمرو ورفاقه طبعا هذه الخدمة هي نوع جديد من التواجد لأن أخبار عمرو سوف تلاحقك أينما كنت. هذا هو عمرو دياب في 2014. أما تامر حسني نجم الجيل فطرح ألبومه «180 درجة» وهو أقل من عادي من حيث الكلمة والألحان الي جانب هوس العالمية الذي يعيشه تامر وكلله بأغنية مع مغني أمريكي، هذا هو حال الساحة الغنائية في مصر علي مستوي الأسماء الكبيرة الموجودة والتي من المفروض أنها تحمل لواء الغناء المصري، والأزمة أن كل المؤلفين والملحنين أصيبوا بلعنة عمرو دياب ثم تامر حسني، ونقلوا فكرهم الي كل مطربي مصر إلا القليل ممن لهم شخصية غنائية مثل علي الحجار أو محمد منير. شهدت الساحة الغنائية في 2014 استمرار ظاهرة أغاني المهرجانات ووجود مثل هذه الأغاني لا يليق بالساحة الغنائية المصرية صاحبة التاريخ الأهم بين كل الدول ليس من المعقول أن البلد الذي أنجبت سيد درويش والقصبجي والسنباطي وعبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم يقدم للوطن العربي «أوكا» و«أورتيجا» و«مانو» وأغاني «الجدي والخروف»، خاصة أن هذه الأغاني بدأت تقدم في الدول العربية علي أنها الأغنية المصرية، ففي الوقت الذي تصدر فيه الأصوات اللبنانية مثل وائل كفوري ونجوي كرم وقبلهم ماجدة الرومي أعمالا تحمل القيمة، نجد «أوكا» و«أورتيجا» المتصدرين المشهد المصري في غياب تام لكبار النجوم، الذي اكتفي بعضهم بالظهور في الفضائيات للحكي عن مشوار حياته أو ضيف يحصل علي أجور بالدولار. أزمة الأغنية في 2014 هي نفس التراجع الذي نعيشه منذ ظهور هوجة حميد الشاعري في الثمانينات والتسعينات وهي الهوجة التي اختلط بها الحابل بالنابل، وأصبحت الساحة مهيأة لدخول أنصاف وأرباع الموهوبين. 2015 ربما لن يحمل جديدا في هذه التركيبة مادام نفس الفكر يسيطر علي أهل المغني من الشعراء والملحنين في ظل اختفاء الأسماء الكبيرة، التي من المفترض أن تتولي عملية قيادة الدفة.