كان الهدف الأسمى والأساسى من نشأة الجامعات الأهلية والخاصة نقل الخبرات التعليمية العلمية.. إلا أن نشاط تلك الجامعات المعلن وما تحققه من أرباح بالملايين كان وراء اختلاف الهدف والنظرة، ومن ثم دخول أصحاب المصالح والمنتهزين إلى تلك المنظومة، آخرها 10 جامعات جديدة يحاول أصحابها الترخيص والتصريح لهم بالعمل.. ولما لا وهناك إحدى الجامعات الخاصة سمعنا أنها حققت نحو 25 مليون جنيه ربحية فى سنة واحدة.. فأصبح إنشاء جامعة خاصة حلم كثيرين والبيزنس المضمون لملايين الأرباح والذى أصبح اللغة التى تتحكم وتفرض سيطرتها كاملة ودون أى مراعاة للمصلحة العليا للعملية التعليمية فى جامعات خاصة أصبحت على كل شكل ولون.. ما يطرح حولها تساؤلات عديدة حول إشكالية واعتراض بعض رؤساء النقابات وفى المقدمة تأتى نقابتا المهندسين والطب اللتان اعترضتا على ضم بعض خريجى هذه الجامعات الخاصة والأهلية، رغم اعتماد شهادة الخريجين منها من خلال المجلس الأعلى للجامعات وهو ما يعيد للأذهان حملات التشكيك التى يمارسها البعض فى مستوى خريجى هذه الجامعات.. وهو على خلاف الواقع، فالهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد التابعة لمجلس الوزراء تراقب المناهج والتدريس ومدى التزام تلك الجامعات.. حيث يتم زيارة ومراقبة هذه الجامعات، ولذلك فإن الكليات تمنح شهادة الجودة والاعتماد بعد تطبيق كل اشتراطات الهيئة وهى صالحة ل5 سنوات فقط ثم تكرر عملية الفحص مرة أخرى، وعلى ضوء النتيجة يتم المنح من عدمه مرة أخرى.. والذى دائمًا ما يمنح لجودة التعليم وضآلة أعداد المقبولين وتوافر الأجهزة والمعدات اللازمة للتدريب وهو ما يؤهل الخريج للالتحاق بسوق العمل بسهولة سواء فى الداخل أو الخارج.. كما أن الجامعات الخاصة لا تسمح بزيادة عدد الطلاب إلا وفق الإمكانات والمعدات المملوكة لها والخاصة بالعملية التعليمية.. ولذلك ولأن المصريين تعدى عددهم ال90 مليون نسمة فنحن بحاجة إلى 10 جامعات جديدة سواء حكومية أو خاصة سنويًا، وإلى 150 جامعة بشكل عام لاستيعاب ملايين المصريين بحسب آراء بعض الخبراء والمتخصصين. اختلاف المناهج! من جانبه، أكد الدكتور محمود فهمى، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للجامعات الخاصة، أن الشرط الأساسى لإنشاء الجامعات الخاصة أن تكون مختلفة عن الحكومة، بإدخال تخصصات جديدة فى مناهجها وأقسام جيدة غير موجودة بالجامعات الحكومية مثل تخصص النانو تكنولوجى وكذلك كلية العلوم الطبية المساعدة والعلوم التطبيقية.. ولذلك فإن زيادة مصروفات الجامعات الخاصة بنسبة ال5٪ سنويًا عادة ما تخضع للعرض والطلب، كما أن الجامعات لها الحق فى تحديد مصروفاتها ولكن وفقًا للقانون الخاص بإنشاء الجامعات الخاصة والأهلية والتى طبقًا لنص المادة رقم 5 فإن للجامعات الخاصة الحق فى تحديد مصروفاتها الدراسية السنوية. التعميم مرفوض الدكتور أحمد محمد الحمد، رئيس الجامعة البريطانية، والتى فازت بالمركز الأول فى التصنيف العالمى للجامعات الخاصة المعتمدة بمصر فى ترتيب المؤسسات التعليمية على المستوى العربى والتى يتنافس عليها آلاف الجامعات الخاصة والحكومية سنويًا.. يرفض وبشكل قاطع التعميم بأن جميع الجامعات الخاصة هدفها الأساسى الربح وهو ما يضر بسرعة الجامعات الخاصة الملتزمة والتى تقدم تعليمًا جيدًا ومتميزًا، ولذلك تحصل الجامعة البريطانية دائمًا على مراكز متقدمة فى التصنيفات الدولية والخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فالجامعة لديها شراكات علمية واتفاقيات تعاون مع 3 جامعات بريطانية ولذلك فإن كثيرًا من الخريجين التحقوا بشركات عالمية مثل مايكروسوفت وجوجل من خريجى كليات الهندسة والحاسبات. وتأكيدًا لالتزام بعض الجامعات الخاصة تجاه المجتمع بدفع جميع الضرائب المطلوبة والمقررة والتى، بحسب كلام الدكتور أحمد الحمد فالجامعة البريطانية تدفع ضرائب تقدر ب20 مليون جنيه سنويًا رغم عدم تحقيق أرباح خلال السنوات الماضية، ومع ذلك ترسل الجامعة للآن عددًا من أبنائها للخارج كبعثات للحصول على درجة الدكتوراه والعمل على تعيين معيدين من أبنائها. الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد والمالية بكلية التجارة بجامعة بنها، ورغم تحفظاته على أسعار ومصروفات الجامعات الخاصة: فمن غير المقبول وصف مستوى الخريجين بها بالضعيف أو المتدنى وهو بالفعل ما كان الأساس زمان ولكنها وعلى العكس الكثير من تلك الجامعات اتخذت إجراءات لتحسين مستوى العملية التعليمية واستحداث التخصصات والكليات التى تفتقدها بعض الجامعات الحكومية للدرجة التى جعلت البعض منها مستوى التدريس فيها أفضل من جامعات حكومية لا تزال المشاكل العديدة تحاصرها بسبب ضعف الإمكانيات وزيادة أعداد المقبولين فيها. ويرى الدكتور النجار أن العائد من وراء التعليم الخاص لابد أن يتجلى على مستوى الاقتصاد الكلى للدولة ولكنه عائد لا يزال ضعيفًا، ولذلك لا يمكن إنكار أن العملية التعليمية فى حالات كثيرة وبعض الجامعات الخاصة وحتى الحكومية تحولت إلى تجارة ومجرد بيزنس ولذلك هناك من يرى التعليم الموازى فى الجامعات الحكومية مجرد محاولة منها للتقاسم فى الأرباح والمنافسة مع الجامعات الخاصة، وينهى النجار كلامه، بالتأكيد على أن المقارنة بين مستوى التعليم الخاص والحكومى فى غير محلها وغير عادلة وعمومًا فلكل منهما عيوبه ومزاياه التى تتباين وتختلف حولها آراء الخبراء والطلاب وأولياء الأمور. تحذير الصيادلة الدكتور مصطفى الوكيل، وكيل نقابة الصيادلة رئيس لجنة القيد بالنقابة، حذر أولياء الأمور والطلبة الناجحين فى الثانوية العامة من الالتحاق بأى جامعة داخل أو خارج مصر تقبل طلبة فى كليات الصيدلة بمجموع أقل من الحد الأدنى للتنسيق، ولذلك فالنقابة لن تقبل قيد خريجى صيدلة الحاصلين على مجموع أقل من 5٪ مقارنة بأقل جامعة حكومية، وأكد أن مثل هؤلاء الخريجين لن يتم منحهم ترخيص مزاولة المهنة من وزارة الصحة لتحايلهم على قواعد التنسيق المعمول بها داخل مصر، وأشار إلى وجود عدد كبير من خريجى كليات صيدلة لم يحصلوا على ترخيص وزارة الصحة أو قيد بالنقابة بعد كل ما دفعوه من مبالغ فى الجامعات الخاصة. نفس السيناريو فى نقابة المهندسين، حيث قرر المجلس الأعلى للنقابة عدم قبول قيد أى خريج من معهد أو كلية خاصة ثبت أنه حصل على الثانوية العامة لعام 2015 / 2016 بمجموع أقل من 10٪ عن الحد الأدنى للقبول بكليات الهندسة الحكومية وبما لا يزيد على الأعداد التى أقرتها لجنة القطاع الهندسى بالمجلس الأعلى للجامعات. الدكتورة فوزية عبدالستار، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، ترى أنه ليس من حق أى نقابة حرمان المنتمين للمهنة التى تمثلها من العضوية والقيد بها طالما أن الدولة وقوانينها سمحت لهذه الجامعات الخاصة بالعمل بها ومن ثم طلابها بحكم القانون والدستور لابد من قيدهم فى تلك النقابات فالاستثناء لا يجب القاعدة.. وتغير الحد الأدنى من وقت للآخر استثناء وطالما المجلس الأعلى للجامعات الخاصة أقر بتلك الجامعات بل ووضع للقبول بها حدًا أدنى دون التفرقة بين الطلاب الناجحين بالثانوية العامة فمن حقهم التقييد بتلك الجامعات إذا لم ينص صراحة فى قانون أو قرار إنشاء أى جامعة ما يحرمهم هذا الحق وفقًا لمجاميع الثانوية العامة.