كنت واحد من الذين إعتقدوا خطا أن ثورة يناير إستطاعت أن تؤثر فى فكر المسرحيين وأعمالهم حينما بدوا مطالبهم لوزير الثقافة بإجراء إنتخابات لإختيار مديرى المسارح وكذلك أعضاء المكتب الفنى مما جعلنى اتصور إنهم وضعوا أيديهم على مشاكلهم الحقيقية التى تسببت فى حدوث الانهيار الكبير الذى يعانى منه المسرح المصرى وإنهم بصدد القيام بنهضة مسرحيه تنتشله من هذا التدهور الذى أصابه نتيجه للمحسوبية والشللية و.... الخ. لكن للاسف لم يحدث أى تطوير فى البنية التحتية للمسرح ولا حتى فى فكر المسرحيين او فى إدارتهم لشئون المسرح فقد ظل التفكيرالنمطى لديهم كما كان بل تزايد فى الفترة الاخيرة اى بعد الثورة ، فالعروض التى قدمت خلال الفترة الماضية لم تكن على مستوى الاحداث او التغييرات التى يمر بها المجتمع المصرى فالمسرح حاليا ليس كما كان يقول يوسف بك وهبى : " ما الدنيا الا مسرح كبير " اذن فالمفروض أن المسرح يعبر عما يجرى فى هذه الدنيا اللهم إلا عدد قليل جدا من هذه الاعمال التى عبرت بحق عن بعض مشاكلنا مثل مسرحية " فى ايه يامصر " والتى تعتبر دروس تقوية فى الوحدة الوطنية. اذن فطريقة التفكير القديمة التى يفكر بها المسرحيين وعدم تقبل بعضهم لأى تطوير سواء فى الفكر او حتى فى البنية التحتية للمسارح يظهر واضحا ويوكد على استمرار تدهور المسرح حتى الان. ثم كيف سنتطور اذا اقتصر فكرنا على النظر تحت اقدامنا دون الاهتمام بالمصلحة العامة كما فعل فنانى مسرح الشباب الذين تظاهروا ضد تقرير هيئة الدفاع المدنى الذى أوصى بإغلاق قاعة يوسف إدريس فى مسرح السلام وتحويلها إلى ممر خروج آمن وباب خلفى للمسرح الذى سيشهد خلال الشهر المقبل تطوير شامل فى البنية التحتية وفق خطة وضعها الفنان جمال عبد الناصر الذى لم يضيع الوقت منذ قدومه مديرا للمسرح الحديث الذى عانى تدهورا شديدا فى الفترة الاخيرة وبدا فى وضع خطه لتجديد الشبكات الكهربائية والتكييف وخشبة المسرح وكراسى المشاهدين ولكى يكون المسرح آمن ومجهز بأفضل التكنولوجيا ووسائل الآمان فيجب أن يكون به ممر آخر غير بابه الرئيسى لإنقاذ الجمهور والفنانين فى حالة حدوث اى مكروة خاصة ان بابه الرئيسى على شارع القصر العينى هو ايضا غير مناسب . فالمفروض إننا اخذنا درسا قاسيا فى محرقة بنى سويف التى هزت وجدان كل مصرى وراح فيها نخبة من افضل المسرحيين نتيجه للإهمال ولعدم وجود منفذ آخر للمسرح . وكان لابد من اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتأمين المسارح وتزويدها بالمعدات لمنع انتشار الحرائق و تنفيذ توصيات هئية الدفاع المدنى فى كل المسارح عقب هذة الكارثه، خاصة أن جميع الخبراء أكدوا أن جميع مسارح مصر غير مؤمنة وتنتظر دورها في الاشتعال . لكن للا سف لم يحدث ذلك وأعتقد أن الوقت قد حان لكى نقوم بهذا التطوير والتامين خاصة أن فنانى مسرح الشباب ليسوا مضاريين بشىء لكى يقوموا بهذا التظاهر فقد خصص لهم المسرح العائم الصغير ليقدموا عليه أعمالهم وهو أكبر من قاعة يوسف إدريس بكثير حيث يستطيعون ان يقدموا أعمالهم على خشبته التى سيراها العشرات من المشاهدين وليس عشرة مشاهدين بالكاد كما كان يحدث فى القاعة أم يجب أن ننتظر حدوث كارثة أخرى حتى نتحرك لإنقاذ المسارح . فهذا الامر يجعلنا نوكد على ضرورة التطوير الفكرى للمسرحيين الذى لا يقل أهمية عن التطوير التكنولوجى للمسرح بل اعتقد إنه أهم من تطوير البنية التحتية لأن الأعمال المسرحيه يمكن تقديمها فى أى مكان بل يمكن ان تقدم فى الشارع لكن تطوير الفكر المسرحى يمكنه ان يوجد مسرح حقيقى يستمتع به الجمهور لان المسرح هو مرآة المجتمع الذى يعرض مشاكله ويوجد له الحلول .