الشعب أسقط النظام لكن رموزه من داخل زنازينها مازالت تتحكم فى قوت الشعب فالأسمدة أساس نمو ورعاية الحاصلات وتغييبها بفعل فاعل يعنى الإهدار الذى يتلوه الدمار للإنتاج الزراعى وهذا ما يحدث الآن بالفعل الأوامر تصدر للفلول بتعطيش السوق من الأسمدة ليكون المعروض أقل من المطلوب.. وحتى المتاح من الكميات المعروضة يتم التحفظ عليها فى أكمنة السوق السوداء لآلاف من الأطنان المدعمة والتى لا تصل إلى المزارع المستحق يستحوذ عليها تجار القطاع الخاص لبيعها بضعف السعر مما يضع هذا الأمر الفلاح فى محنة تدفعه إلى هجر المهنة لأنه ببساطة وجد نفسه يزرع ولا يحصد بعد تربع فلول النظام على رئاسة المصالح والهيئات والشركات الحكومية. وتؤكد الأرقام للأجهزة الرقابية أن مصر تخسر4 مليارات جنيه سنوياً، تمثل فرق أسعار المنتجات الزراعية سواء المحلية أو المستوردة وذلك بسبب توقف إنتاج الحاصلات التى تم حرمانها من الأسمدة المدعمة كما ان المزارعين الذين اضطر معظهم إلى هجر النشاط تحملوا عبء 2 مليار جنيه تمثل فرق أسعار الشراء من السوق السوداء والأخطر من هذا كله أن قرار حظر تصدير الأسمدة مجرد حبر على ورق فالتصدير يتم حالياً بالتحايل على القرار الوزارى الصادر فى هذا الشأن. قبل الخوض فى التفاصيل لابد من الاشارة إلى ظاهرة الاعتداء المزدوج الشعبى، والرسمى الأول قام به أفراد ومازالوا من خلال التعدى بالبناء على الأراضى الزراعية وجعلها سلعة فى سوق العقارات.. بينما الاعتداء الثانى يتمثل فى تفريط الدولة من الأساس ببيع مصانع الأسمدة للقطاع الخاص، والاحتفاظ بالقليل منها وحتى هذا القليل فهى لا تحكم الرقابة على إنتاجه بل تتركه يذهب إلى نفس المصدر المحظوظ وهو القطاع الخاص فالأسمدة التى يتم تخصيصها كحصص مدعمة للأراضى الزراعية لا تصل إليها.. وان وصلت فهى تكون مرفوعة من الدعم. قاصد نبيل وخلف ثابت مزارعين من محافظة المنيا مركز سمالوط ذهبا الى الجمعية الزراعية سألا موظف الجمعية الزراعية عن الحصة الخاصة بكل واحد منهم لكنه طالبهم بالانتظار لعدة أيام لأن الشحنة فى الطريق ولم يكن أمامهم إلا الانتظار، خاصة أن السعر فى السوق السوداء يحرق الايدى ويكوى الجيوب ولما حان موعد وصول الشحنة عادوا إلى الجمعية مرة اخرى سألوا الموظف على حصصهم التى تأجل استلامها لكنه رفض نهرهم وقال لهم مفيش سماد روحوا اشتكوا المفاجأة اخبرهم زميل لهم ان الشحنة المدعمة يتم تفريغها من مخازن أحد تجار القطاع الخاص. وهذا قد يؤدى إلى تخريب للقطاع الزراعى مع سبق الإصرار والترصد هذا التخريب يراه د. نادر نور الدين الاستاذ بزراعة القاهرة وخبير بورصات الغذاء والحبوب العالمية.. يراه منذ سنوات طويلة.. منذ ان تولى أمين أباظة، وزارة الزراعة، عام 2005 وقتها بادر إلى ترجمة الخطة الشيطانية للجنة سياسات الحزب الوطنى المنحل.. حيث اصدر قرارا وزاريا برفع سعر الأسمدة الازوتية من 009 إلى 0051 جنيه للطن.. وكانت حجته فى ذلك ان قطاع الزراعة قد تحرر وبالتالى فلا بأس من تحرير سعر الأسمدة وتناسى ان مصانع الأسمدة تحصل على الطاقة مدعمة فى الوقت الذى تبيع إنتاجها بأغلى الأسعار.. المهم بدأ التخريب منذ ذلك الوقت، فرفع السعر خلق سوقا سوداء وغياب الرقابة جعلها أكثر سوادا. وقبل ان ينتهى د. نادر من استكمال خيوط المؤامرة على القطاع الزراعى تأتى مداخلة محمد عبدالقادر نقيب الفلاحين: الكثير من موظفى الجمعيات نجحوا فى جمع ثروات هائلة من الاتجار فى الأسمدة المدعمة.. فالشحنات يتم بيعها - بالتليفون - لتجار السوق السوداء ويتم حرمان الجمعيات منها.. وهذا المشهد تكرر كثيرا - ومازال مستمرا - ولابد لحكومة الثورة ان تعلم ان شخصيات معينة من رموز وفلول النظام السابق يمثلون الفئة المسيطرة على الأسمدة وسوقها ويحصدون منها المليارات حتى الآن. من المستفيد من إهدار الزراعة؟ ومن يحكمنا الآن المجلس العسكرى وحكومة شرف ام رموز وزويل النظام؟.. اذا كان النظام البائد قد أفسد الزراعة مثلما افسد كل شىء فى مصر، فلماذا لا تخلصنا حكومة الثورة من هذا الفساد؟ بأى منطق يظل احتكار الأسمدة قائما؟ ولمصلحة من السكوت على تبديد قطاع الزراعة؟.. فأزمة الأسمدة الراهنة والتى بدأت مع بداية هذا الصيف أطاحت بنصف إنتاجية الحاصلات الصيفية من خضراوات وفاكهة بجانب القطن والارز والأذرة والزيوت البذرية للصويا وعباد الشمس.. ويأتى تدنى انتاجية هذه الحاصلات فى الوقت الذى تشتعل فيه أسعار الغذاء عالميا.. وبالتالى فان تعويض العجز المحلى بالاستيراد يمثل عبئا كبيرا وخطيرا على الاقتصاد القومي.. خاصة اذا علمنا ان سعر طن الارز تجاوز الالف دولار عالميا، ووصل سعر الكيلو جرام منه محليا 7 جنيهات.. والأخطر من هذا كله يتمثل فيما يعكسه الرقم.. فمصر تخسر 5 مليارات جنيه هذا العام بسبب الأزمة المصطنعة للأسمدة . وماذا بعد؟ - التقرير الصادر عن المنظمة الدولية للأغذية والزراعة هو ارتفاع أسعار الأسمدة بشكل يتجاوز قدرات المزارعين واضطرارهم إلى تغذية أراضيهم بنصف الكمية الموصى بها فقط فإن ذلك يتسبب فى انخفاض المحصول بنسبة 03٪ وفى حالة عجز الفلاح تماما عن شراء أى كمية من الأسمدة والهروب من التعامل معها بسبب جنون أسعارها، فإن الأثر يتمثل فى انخفاض المحصول بنسبة 05٪ وهى النسبة التى نجدها بارزة فى قائمة الاستيراد. ويشير محمد عدلى ناشط سياسى ورئيس لجنة الوفد بالعدوة إلى أن فلول النظام السابق تقف وبشدة وراء ارتفاع أسعار الأسمدة الأزوتية من 72 جنيهاً للشيكارة إلى 140 جنيهاً بخلقها ما يسمى بمافيا السماد والتى تقوم بتمويلها لحصة الأسمدة المدعمة للمزارعين من الأبواب الخلفية وقبل وصولها لمخازن بنوك التنمية والجمعيات الزراعية فيتم التسليم والتسلم لحصة السماد على الطرق الفرعية وتفريغ تريلات ومقطورات السماد فى سيارات ربع نقل لمافيا وتجار الأسمدة ويضيع حق المزارعين الغلابة من القوت الضرورى للزرع فى ظل غياب تام للأجهزة الرقابية والأمنية والمحسوبة على النظام السابق. ويضيف أحمد سميكة، ناشط سياسى سكرتير عام لجنة الوفد بالمنيا، أن تضارب القرارات الوزارية فى عملية إسناد توزيع حصة الأسمدة الأزوتية للمزارعين مابين بنوك التنمية والجمعيات الزراعية تسببت فى أزمة اختفاء الأسمدة وارتفاع أسعارها إلى مايزيد عن الضعف وذلك لضياع مسئولية المحاسبة فيما بينهم وأن غالبية مزارعى المنيا يفضلون التعامل مع الجمعيات الزراعية وذلك لانتشارها بمايقرب من 370 جمعية بقرى ومراكز المنيا والتى تسهل بالفعل عملية نقل السماد للمزارع مباشرة على الزرع. كما أنها أيضا تقوم بصرف حصة السماد على عمر الإنبات الزراعى بمايحد ذلك من عمليات بيع الأسمدة أى الصرف على دفعات طبقا للمساحة المزروعة وعمر الإنبات الزراعى فى حين ان مندوبيات بنوك التنمية لا تتواجد سوى بالمراكز ولايزيد عددها عن 20 مندوبية مما يصعب ذلك عملية انتقال الأسمدة من البنوك وحتى مكان الزراعة ويحمل المزارع تكاليف نقل إضافية كما أنها لاتقوم بصرف حصص سماد لصغار المزارعين والتى تقل مساحاتهم عن 6 قراريط وتتعامل فقط مع كبار المزارعين وتقوم بصرف خاصة السماد كاملة مما يسمح ذلك بعمليات بيع الأسمدة وتداولها فى السوق السوداء.