وعقب تصريحات الوزير الفرنسي حول حرص فرنسا بصفتها الرئيس المقبل للاتحاد الأوروبي على إقامة علاقات بناءة مع روسيا باعتبارها الشريك الأساسي للاتحاد الأوروبي، وتأكيد كوشنير على أن الهدف الأهم خلال فترة ترؤس فرنسا الاتحاد الأوروبي في إيجاد علاقات شراكة لأن روسيا شريك ضروري للاتحاد الأوروبي وليس من الجانب الجغرافي فقط. أعلنت سلوفينيا التي تترأس الاتحاد الأوروبي حاليا أن مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد منح المفوضية الأوروبية تخويلا ببدء محادثات مع روسيا حول إعداد اتفاقية جديدة للشراكة والتعاون بين روسيا والاتحاد الأوروبي. \r\n \r\n \r\n وقد رحبت وزارة الخارجية الروسية بقرار الاتحاد الأوروبي وأعلنت عن استعدادها لبدء المحادثات، وأشار المتحدث الرسمي باسم الخارجية الروسية اندري نيستيرينكو أن موسكو تأمل في أن تصبح الاتفاقية الجديدة الخاصة بالتعاون الاستراتيجي والمباحثات حولها وسيلة لتقارب حقيقي بين الجانبين على أساس التكافؤ واحترام المصالح المتبادلة، ووحدة المواقف تجاه القضايا الرئيسية للأمن. \r\n \r\n \r\n وكانت اتفاقية التعاون والشراكة التي وقعتها روسيا مع الاتحاد الأوروبي عام 1997 لفترة 10 سنوات، قد وضعت الأهداف المشتركة، والإطار المؤسسي للاتصالات الثنائية، بدءا من تعزيز السلم والأمن الدوليين، ومرورا بدعم المعايير الديمقراطية وكذلك من أجل الحريات السياسية والاقتصادية. كما حددت هذه الاتفاقية هدفا للعمل المشترك يتمثل في إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا. \r\n \r\n \r\n وبعد انتهاء مدة الاتفاقية فشل الجانبان خلال لقاءين في التوصل إلى اتفاقية جديدة، ولابد من القول إن مواضع الخلاف بين روسيا وأوروبا كثيرة، وهي تبدأ من رفض الأوروبيين إنشاء ممر خاص لسفر الرعايا الروس ونقل السلع بين منطقة كالينينغراد الروسية وباقي روسيا (وأصبحت منطقة كالينينغراد جيباً روسياً داخل الاتحاد الأوروبي بعد انضمام جمهورية ليتوانيا إليه) بالإضافة إلى توسع الخلاف ليشمل ملف كوسوفو. \r\n \r\n \r\n حيث بدأت الأطراف الغربية تمارس ضغوطاً على موسكو للاعتراف باستقلال كوسوفو، وكان الوزير لافروف قد أشار إلى أن منح الاستقلال لهذا الإقليم سيشكل سابقة تدعم طموح جمهوريات معلنة من جانب واحد في الساحة السوفييتية سابقاً للاستقلال، على غرار ابخازيا وآوسيتيا الجنوبية. \r\n \r\n \r\n كما أثار قرار موسكو بالانسحاب من معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا إلى حين مصادقة دول حلف الناتو على الاتفاقية قلق اوروبا. بالرغم من أن هذا القرار جاء بعد سنوات طويلة حاولت روسيا خلالها إقناع الدول الأوروبية بالمصادقة على التعديلات التي تم التوصل إليها في اسطنبول، بعد تغير موازين القوى وانهيار حلف وارسو، وتوسع الناتو عبر انضمام 6 دول أعضاء حلف وارسو السابق، ما جعل من المعاهدة قيدا على روسيا في تسليح جيشها في شطرها الأوروبي من جانب واحد. \r\n \r\n \r\n إلا أن هذه الخلافات لم تكن سبب فشل روسيا والاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاقية تعاون وشراكة جديدة. وإنما كان السبب المباشر هو اعتراض بولندا بسبب قرار روسيا بفرض حظر على استيراد اللحوم البولندية، واعتبرت الحكومة البولندية أن سياسة موسكو تجاه الصادرات البولندية تضر بأمن بولندا وتؤثر على سيادتها. \r\n \r\n \r\n اضافة لاعتراضات أخرى منها معارضة وارسو لمشروع أنبوب الشمال الأوروبي لنقل الغاز الروسي عبر قاع بحر البلطيق بين روسيا وألمانيا والذي يشرف على تنفيذه المستشار الألماني السابق شرويدر، باعتبار أنه يضر بالمصالح البولندية، ويحرم دول الإقليم من عائدات مرور الغاز عبر أراضيها. \r\n \r\n \r\n واللافت أن قرار الاتحاد الأوروبي باستئناف المحادثات حول معاهدة الشراكة والتعاون الجديدة، والذي جاء بعد تأكيدات فرنسية بضرورة التوصل إلى صيغة تعاون بين الجانبين، ترافق مع ظهور اقتراح بولندي سويدي يدعو إلى إنشاء منظمة جديدة تسمى ب«الشراكة الشرقية» تضم إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي خمس جمهوريات سوفييتية سابقة جورجيا وأوكرانيا وأذربيجان ومولدافيا وأرمينيا. \r\n \r\n \r\n ويذكرنا الإطار المقترح بمنظمة توفيت في مهدها، بعد أن فشلت في القيام بأي عمل مشترك بين أعضائها ولم تستمر أكثر من عامين، وهي (جووام) وكانت تضم جورجيا وأوزبكستان وأذربيجان ومولدافيا وأوكرانيا، وكان هدف هذا الإطار هو نفس ما يسعى لتحقيقه الغرب اليوم عبر هذا المشروع، وهو استقطاب هذه البلدان إلى منطقة النفوذ الغربي وفصلها عن روسيا. ما يجعل المقترح البولندي السويدي ليس أكثر من محاولة يائسة لإحياء مشروع فشل بجدارة، بعد استبدال أوزبكستان بأرمينيا. \r\n \r\n \r\n إلا أن هذا المقترح يكشف أيضا عن أن الاتحاد الأوروبي يسعى لإيجاد السبيل لاستبعاد هذه الدول عن عضويته، لذا لجأ لاقتراح تشكيل إطار يستوعب هذه البلدان دون فتح أبواب عضوية الاتحاد لها. ويبدو أن الغرب لا يدرك أن السيطرة على ثروات القوقاز تتطلب أيضا التعامل مع أزماته، ومساعدة حكومات دول الإقليم على تحقيق الاستقرار. \r\n \r\n \r\n مركز دراسات الطاقة الروسي \r\n \r\n