\r\n ومن المنتظر أن يسفر القرار الذي ستتخذه هذه الدول عن تداعيات كبرى على الجهود الرامية لتحويل البوسنة إلى دولة موحدة وقادرة على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي و\"الناتو\". \r\n \r\n \"شوارتز شيلينج\"، الذي جادل ذات مرة بضرورة إغلاق مكتب الممثل السامي في الثلاثين من يونيو لإتاحة المجال للبوسنيين لتحمل مسؤوليات بلادهم، تراجع مؤخراً عن موقفه؛ حيث دعا خلال اجتماعات رفيعة المستوى في كل من برلين وواشنطن ولندن هذا الأسبوع إلى الحفاظ على المكتب. وترى بعض المصادر أن تغير موقف الدبلوماسي الألماني إنما مرده إلى تضافر عدة عوامل؛ ذلك أن حملة الخطابات القوية قبل انتخابات أكتوبر زادت من حدة التوتر بين المجموعات العرقية الثلاث في البوسنة–وهي الصرب والكروات والبوسنيون- مثلما فعل انتصار القوميين الراديكاليين في انتخابات الحادي والعشرين من يناير في صربيا المجاورة. يُضاف إلى ذلك قرار الأممالمتحدة الوشيك حول ما إن كان ينبغي منح كوسوفو الاستقلال عن صربيا. \r\n \r\n ويقول \"كريس بينيت\" المتحدث باسم \"شوارتز شيلينج\"،\"لكل هذه الأمور تأثير نفسي على البوسنة، وتفضي إلى وضع معقد للغاية\"، مضيفاً أن إغلاق مكتب الممثل السامي يعني\"مواجهة عدد من الأخطار التي علينا أن نعرف ما إن كنا مستعدين لمواجهتها\". \r\n \r\n منذ 1997، يتمتع الممثل السامي بسلطة فرض التشريعات وإقالة المسؤولين الرسميين، وهي صلاحيات دأب على استعمالها الأشخاص الذين شغلوا المنصب من قبل. أما \"شوارتز شيلينج\"، الذي تسلم مهامه مطلع 2006، فقد انتصر لمقاربة عدم التدخل على اعتبار أن الحلول التي تُفرض إنما هي حلول غير بناءة وتعطي الانطباع بإحراز التقدم. وفي هذا السياق، يقول \"بينيت\": \"إذا لم يكن ثمة دعم محلي، فإن هذه القوانين المفروضة لا تجد طريقها إلى التطبيق\"، مضيفاً \"إن الأمر يتعلق بتمكين السلطات المحلية وتقويتها، وتقليدها مسؤولية مستقبل بلادها\". \r\n \r\n والواقع أن هذه المقاربة الناعمة تحظى برضا صرب البوسنة، الذين خاضوا الحرب من أجل إنشاء دولة صافية عرقياً خاصة بهم؛ حيث يقاومون عموماً أي خطوة من شأنها تقوية المؤسسات الوطنية على حساب كيان صرب البوسنة. غير أنها لم تحظ بالشعبية بين العرقيات غير الصربية، والتي تعيش ضمن اتحاد يضم البوسنيين والكروات. ومن المرتقب أن تصدر \"مجموعة الأزمات الدولية\" تقريراً في المقبل من الأيام يُنتظر أن يتضمن انتقادات لأداء \"شوارتز شيلينج\". وفي هذا السياق، يقول \"سيناد سلاتينا\"، المحلل السياسي بسراييفو: \"إن المقاربة التي تبناها \"شوارتز شيلينج\" أضعفت كل ما تم تحقيقه، وقوضت أي فرصة لنجاح الإصلاحات المتبقية والضرورية للرحيل النهائي للمجتمع الدولي\"، مضيفاً \"كيف يمكنك أن تنقل السلطة إلى ساسة البوسنة والهرسك إذا كانت السياسة القائمة على الحسابات العرقية، وهي السياسة التي أدت إلى الحرب، لم تُحل بشكل جدي في هذا البلد؟\". \r\n \r\n وقد وضعت اتفاقية السلام لعام 1995– أو ما يعرف باتفاقات دايتون- حداً للحرب الأهلية التي استمرت لأربع سنوات في البوسنة، غير أن أسبابها العميقة لم تحل. إذ يشير المنتقدون إلى أن التسوية، التي قسمت البوسنة إلى \"كيانين\" على أساس عرقي تحت حكومة مركزية ضعيفة، جعلت إمكانية حكم البلد لنفسه من دون الإشراف والتدخل المنتظم للممثل السامي ومسؤولين أجانب آخرين أمراً شبه مستحيل. وفي هذا الإطار، يقول \"جاكوب فينشي\"، رئيس الإدارة المدنية في البوسنة، \"لقد منحتنا دايتون نظاماً حيث يمكن لمجموعة من الأشخاص عرقلة أي قرار أو تشريع، وحيث من المستحيل تمريره من دون تدخل الممثل السامي\". مضيفاً \"وبالتالي، فمن الصعب تخيل أن يدير هذا البلد شؤونه بدون مكتب الممثل السامي\". \r\n \r\n وقد أشار الرئيس البوسني حارس زيلاديتش، في حوار مع \"كريستيان ساينس مونيتور\" إلى أن الكونجرس الأميركي مرر قرارا في 2005 يعتبر أن صرب البوسنة ارتكبوا جريمة إبادة جماعية ضد شعبه خلال الحرب ما بين 1992 و1995، وقال \"إلا أنه بالرغم من ذلك، فإن الغرب يفضل الحديث عن ثلاثة \"فصائل متناحرة\" لأن ذلك يسمح له بالقيام بدور الوسيط\"، ويضيف أن على القوى الغربية أن تعترف بأنه كان ثمة معتدون وضحايا واضحون، وعليها أن تعمل على محو آثار التطهير العرقي والسياسة القائمة على الحسابات العرقية \"حتى وإن كان ذلك يقوم على حرق بعض الأوراق السياسية\". \r\n \r\n وتتركز جهود المجتمع الدولي اليوم على تأهيل البوسنة لأولى الخطوات في اتجاه عضوية الاتحاد الأوروبي. غير أنه بالنظر إلى التوترات التي تعرفها المنطقة، يُتوقع على نطاق واسع أن يحافظ المجتمع الدولي على مكتب الممثل السامي هناك. أما الأمر الذي لم يُحسم بشأنه بعد، فهو نوع الصلاحيات التي تمنح للممثل السامي المقبل– صلاحية التدخل مثل تلك التي كان يتفاداها \"شوارتز شيلينج\"، أو الصلاحيات المحدودة مثل تلك التي كان يمارسها. إلا أنه بصرف النظر عن القرار النهائي الذي سيتخذه المجتمع الدولي، فإن الأكيد هو أن الطريق إلى الأمام سيكون شاقاً وصعباً نظراً لأن إنشاء حكومة وطنية ناجحة سيتطلب من البوسنيين والصرب والكروات أن يتفقوا على إدخال تعديلات مهمة على دستور \"دايتون\". \r\n \r\n ويقول \"فينشي\":\"من الواضح أننا لا نستطيع الاتفاق على نوع الدستور والبلاد اللذين نرغب فيهما؛ ومما لا شك فيه أننا سنبقى على الوضع الحالي في السنوات القليلة المقبلة لأنه لا توجد صورة واضحة بعد لما سيكون مقبولاً من قبل المجموعات الثلاث\". \r\n \r\n كولين وودارد \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في سراييفو \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n \r\n