فبعد حملة طغت عليها الشعارات القومية، كان من المتوقع أن يهيمن الحزبان اللذان يقودهما حارس سيلادزيتش، رئيس وزراء البوسنة المسلم خلال الحرب التي استمرت بين عامي 1992 و1995، وميلوراد دوديك، السياسي المعروف من صرب البوسنة، على المؤسسات الرئيسية في البلاد. أما النتائج الكاملة لانتخاب نظام الحكم المعقد في البلاد، فمن المتوقع ألا تظهر قبل نهاية الأسبوع. \r\n وكان الرجلان قد تعرضا خلال الحملة الانتخابية لانتقادات لاذعة، واتُهما بتأجيج التوترات العرقية بعد إفصاحهما عن آراء متعارضة حول مستقبل البوسنة. إذ يدافع كل من الرجلين عن نسخة صارمة للسياسات التي تؤيدها عادة المجموعة العرقية التي ينتمي إليها؛ حيث يسعى المسلمون البوسنة الذين يمثلون أكبر مجموعة عرقية في البلاد، بدعم من بعض حلفائهم الكروات الكاثوليكيين، إلى إنشاء دولة أكثر مركزية. كما يرغبون في تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي من شأنها تمكين البوسنة من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. غير أن كثيرين من الصرب ما زالت تحدوهم الرغبة في استقلال نصف البلاد الذي يهيمنون عليه. \r\n وقد قام الناخبون يوم الأحد باختيار أعضاء الرئاسة البوسنية المؤلفة من ثلاثة أعضاء، والتي تضم عضواً من كل واحدة من المجموعات العرقية الرئيسية، إضافة إلى أعضاء برلمان وطني وأعضاء برلمانيْن محليين هما الفدرالية الكرواتية- المسلمة وجمهورية صرب البوسنة. كما تم اختيار ممثلين لكانتونات الفدرالية العشرة التي تتولى توفير الخدمات الطبية والتعليم وخدمات الشرطة. وقد تم التوصل إلى هذه الإجراءات المعقدة تحت اتفاقية \"دايتون\" للسلام، التي ساهمت في وضع حد للحرب. \r\n وقد فاز سيلادزيتش، من \"حزب البوسنة والهرسك\"، بالرئاسة المسلمة، في حين فاز نيبويْسا رادمانوفيتش، العضو في \"حزب دوديك\"، \"ائتلاف الديمقراطيين الاجتماعيين\"، بمقعد صرب البوسنة. أما التنافس بين مرشحي كروات البوسنة فمن الصعب تخمين نتائجه، بعد أن تم فرز 50 في المئة فقط من بطاقات التصويت إلى غاية مساء الاثنين. هذا ومن المرجح أن يحصل حزبا سيلادزيتش ودوديك على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان الاتحادي. ونتيجة لذلك، يخشى المسؤولون الدوليون هنا أن تتسبب مواقف الحزبين المتعارضة كثيراً في انتكاسة التقدم الذي تم إحرازه على مستوى التعديلات السياسية الرامية إلى تسهيل عملية انتقال السلطة من المسؤولين الأجانب إلى الساسة الداخليين. \r\n وكان سيلادزيتش دعا خلال حملته الانتخابية إلى استبدال هياكل المحاصصة العرقية بدولة مركزية واحدة. أما دوديك، فقد رد بالقول إن أي محاولة لتنفيذ مثل هذا المخطط من شأنها أن تدفع صرب البوسنة إلى إجراء استفتاء حول الاستقلال. ونتيجة لذلك، يخشى الدبلوماسيون الأجانب أن تطلق هذه التطورات شرارة أعمال العنف. \r\n وبعد أكثر من عقد على نهاية الحرب التي حصدت أرواح نحو 100000 شخص من جميع الأطراف، مازال للمسؤولين الدوليين تأثير مهم على حكم البلاد. إذ يحق لأكبر مسؤول دولي في البوسنة، وهو من يشغل منصب المندوب السامي–الذي تتولاه حالياً الألمانية كريستيان شوارز شيلينغ- أن يقيل السياسيين ويفرض القوانين. ومن المرتقب أن تقوم الحكومات التي تشرف على مكتب المندوب السامي– ومعظمها غربية- بمراجعة ما إن كان ينبغي إغلاقه بحلول منتصف عام 2007 أو تمديده. ومما يذكر أنه ما زال للاتحاد الأوروبي قوات حفظ سلام في البلاد يبلغ قوامها 6000 جندي. \r\n وقد أعلن سيلادزيتش يوم الاثنين أنه مصمم على بدء العمل على خلق \"بوسنة جديدة، لم تعد تستند فيها السياسةُ والمؤسسات الى العرقية إذ قال في حوار صحفي \"علينا أن نُحول أنفسنا من بلد قائم على الحقوق العرقية إلى آخر يقوم على حقوق المواطنة\"، مضيفاً: \"ما لدينا اليوم هي نتائج اعتداء وحرب إبادة، وينبغي تغيير ذلك\". \r\n ومن جانبه، قال دوديك إن التأييد الذي حظي به حزبه إنما يؤكد أن صرب البوسنة يفضلون البنية الفدرالية، ولكنه كرر تحذيراته قائلا: \"في حال تم تكرار المطالبة بإزالة الجمهورية الصربية، فسنعيد المطالبة بإجراء استفتاء مجددا\". \r\n ومما يجدر ذكره أن الاتحاد الأوروبي أخبر البوسنة أنه من أجل تقدمها نحو إمكانية نيل عضويته، فيجب عليها أن تصلح دستورها من أجل تبسيط بنياته التحتية وإنشاء قوة وطنية واحدة للشرطة. غير أن المحادثات بين الأحزاب البوسنية حول الموضوعين دخلت نفقا مسدوداً في وقت سابق من هذا العام. \r\n \r\n نيكولاس وود \r\n مراسل \"نيويورك تايمز\" في سراييفو \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n \r\n