هذه القضية يمكن أن تجعل صربيا -باعتبارها الدولة التي خلفت يوغسلافيا السابقة- مدينة بعشرات المليارات من الدولارات في صورة تعويضات عن الخسائر والأضرار التي تسببت فيها بحق الغير. \r\n وحول هذا الموضوع يقول \"شكيب سوفتيك\" المحامي البوسني الرئيسي في المحكمة الدولية بلاهاي: \"من أجل مستقبلنا، ولكي تكون لنا علاقات نظيفة مع جيراننا، فإننا بحاجة إلى رؤية واضحة لماضينا ومستقبلنا\". ويضيف شكيب: \"المحكمة الدولية تمتلك السلطة، وحسبما ترتئيه، في وضع نهاية لهذه المسائل المتعلقة بماضينا، والتحرك قدما نحو المستقبل\". وفي حين أن هناك محكمة دولية أخرى في لاهاي تقوم بمحاكمة الأفراد بمن فيهم الرئيس اليوغسلافي السابق \"سلوبودان ميلوسوفيتش\" على جرائم الحرب التي ارتكبوها خلال الصراع الذي وقع في البلقان، فإن \"محكمة العدل الدولية\" وهو الاسم الرسمي الذي تُعرف به هذه المحكمة الدولية، هي التي تقوم بالنظر في القضايا بين الدول. \r\n والبوسنة مطالبة بإثبات ليس فقط أن هناك عمليات إبادة جماعية قد حدثت من خلال سياسة \"التطهير العرقي\"، ولكن أن تثبت كذلك أن مليشيات صرب البوسنة التي ارتكبتها، قد فعلت ذلك بموجب أوامر من المسؤولين اليوغسلاف السابقين ومن خلال دعمهم. \r\n وعندما يقدمون مرافعاتهم الشفوية هذا الأسبوع، فإن المتوقع أن يقوم محامو صربيا بالدفع بأن المحكمة ليست مختصة بالنظر في القضية، لأنه عندما تم تأسيسها عام 1993 لم تكن جمهورية يوغسلافيا السابقة معترفاً بها بشكل واضح كعضو في الأممالمتحدة، وبالتالي فإنها لم تكن عضواً أيضاً في محكمة العدل الدولية. \r\n ولهذه الأسباب تحديداً رفضت المحكمة عام 2004 قضية مرفوعة من قبل صربيا والجبل الأسود ضد القصف الجوي الذي قادته الولاياتالمتحدة ضدها خلال حرب كوسوفو 1999. \r\n كما سيدفع محامو صربيا والجبل الأسود بأنه على الرغم من بشاعة الجرائم التي ارتكبها صرب البوسنة مثل المذبحة التي راح ضحيتها 8000 رجل وصبي بوسني في \"سريبرينيتشا\"، فإن السلطات في بلغراد لم تكن هي المسؤولة عن تلك الجرائم. \r\n ففي مجال القانون الدولي الإنساني، نجد أن دور محكمة العدل الدولية قد غطت عليه أدوار محاكم جرائم الحرب التي يتم إنشاؤها لفترة مؤقتة وللنظر في قضايا محددة ومنها مثلاً المحكمة التي تم تأسيسها في لاهاي للنظر في قضايا متعلقة بحروب البلقان، وفي \"أروشا\" في تنزانيا للتعامل مع الأشخاص المسؤولين عن جرائم التطهير العرقي، التي حدثت في رواندا، ومنها كذلك المحكمة الدولية التي أنشئت مؤخرا والتي ستقوم بالنظر في هذه القضية. \r\n وستمثل هذه القضية تحدياً صعباً لمحكمة العدل الدولية، نظراً لأن المحكمة معتادة أكثر على التعامل في مجالات معينة مثل مجال التوفيق بين الدعاوى المرفوعة بملكية مناطق معينة خصوصاً في النزاعات الحدودية بين الدول، حسب \"إيمانويل ديكو\" أستاذ القانون الدولي في جامعة باريس. \r\n وتنتظر البوسنة والهرسك حكم المحكمة -المتوقع صدوره في أواخر العام الحالي- على أحر من الجمر. وحول هذه النقطة يقول \"رفيق بيجيتش\" عمدة \"بروتناك\" المسلم وهي بلدة أغلبية سكانها من الصرب تقع في شرق البوسنة: \"أتوقع أن تصدر المحكمة حكماً عادلاً تدين به صربيا. فلكي نثق ببعضنا بعضاً ونؤسس لعلاقات طيبة بيننا، فإننا بحاجة لمعرفة ما الذي حدث هناك بالضبط\". \r\n ولكن الزعماء الصربيين لهم رأي آخر حيث يقولون: إن نكء جراح الماضي سيكون له تأثير ضار على مستقبل العلاقات في البلقان كما ورد على لسان رئيس وزراء صربيا \"ميروليوب لابوس\" ضمن حديث أدلى به لصحيفة صربية تصدر في البوسنة والهرسك. \r\n ولكن في منطقة منقسمة على هذا النحو بين ذكريات وتفسيرات متعارضة لما حدث خلال الحرب، فإن هذه القضية تتعلق في المقام الأول بتحديد طبيعة الحرب التي جرت هناك، وهل كانت تمثل اعتداء أم أنها كانت حرباً أهلية حسب ما تقول \"نيرما جيلاسيتش\" المحققة في انتهاكات حقوق الإنسان في سراييفو. \r\n والمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة التي يحاكم أمامها ميلوسوفيتش أصدرت بالفعل حكماً بأن هناك جرائم إبادة جماعية قد حدثت بالفعل في البوسنة. وعلى الرغم من أن محكمة العدل الدولية ليست ملتزمة بهذا الحكم فإنه: \"سيكون من المحرج والمضر لتماسك العدالة الدولية أن تتوصل محكمة العدل الدولية إلى حكم آخر\" كما يقول البروفسور \"ديكو\". \r\n كما لن يكون من الميسور أيضا على الجانب البوسني أن يثبت مسؤولية الحكومة اليوغسلافية السابقة على جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات التي كانت تعمل كوكيل لها. فممثلو الادعاء في \"المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة\"، قد يجدون صعوبة بالغة في إثبات وجود روابط بين القادة في بلغراد وبين مختلف الرتب في سلسلة القيادة العسكرية، وبالتالي فإن المحامين البوسنيين في المحكمة الدولية، لن يكونوا قادرين على استخدام الأدلة المقدمة في المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة والتي قدمتها بلغراد بموجب شرط وهو ألا يتم تسريبها لطرف ثالث. \r\n ستستمر الجلسات حتى التاسع من مايو المقبل، عندما يعتكف القضاة للنظر فيما سمعوه، والنظر في آلاف الأوراق التي تضم المرافعات القانونية. وهو الأمر الذي قد يستغرق عدة شهور. ومن المعروف أن القضية قد تم تقديمها عام 1993 وأن مدتها قد طالت بفعل الحوادث الإجرائية المتكررة والاضطرابات السياسية في بلغراد. \r\n ولكن هذا التأخير وبدلا من أن يقلل من تأثير الحكم الصادر، يمكن بدلاً من ذلك أن يمنح المحكمة قوة أكبر في الواقع لأنه يثبت أن الجرائم لا تسقط بالتقادم، وأن الحاجة إلى المحاسبة هي حاجة دائمة، وأن القانون ذا طبيعة خالدة لا يتأثر بمرور الزمن. \r\n \r\n بيتر فورد بيث كامبشرور \r\n \r\n مراسلا \"كريستيان ساينس مونيتور\" في باريس وسكوبي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n