\r\n الواقع أن كل هذه الأمور لها علاقة بشخص \"أوباما\" نفسه؛ غير أن ثمة عاملا آخر يدعم أكثر فكرة ضرورة ترشح \"أوباما\"، ولكن ليست له علاقة بأوباما، بل بالرئيس جورج بوش. إنني أسميها \"جاذبية النقيض\". ذلك أن أفضل أداة ساعدت الفائزين في الانتخابات الرئاسية خلال ربع القرن الماضي ليست الإيديولوجيا أو الكاريزما أو ما شابه، وإنما ما يمكن أن نسميه \"التصنيف وفق نموذج الشخصية\"، أي أنه بعد أربع (وخصوصاً ثماني) سنوات من نفس النوع من الأشخاص، يميل الناخبون الأميركيون إلى التعاطف مع شخص جديد تكون شخصيته على طرف نقيض من شخصية الرئيس المنتهية ولايته -شخص تقدم شخصيته وتعابير وجهه نقيضاً مباشراً للرئيس الذي يغادر السلطة، والذي يتوفر على شيء يفتقر إليه الرجل الآخر. \r\n \r\n وبالنظر إلى المرات الأربع الأخيرة التي تغير فيه ساكنو البيت الأبيض، من السهل الدفاع عن صحة الفكرة في ثلاث حالات على الأقل. ففي 1980، ترك جيمي كارتر -الجاد والمتقشف والمهووس بأزمة الثقة التي كانت تعصف بالبلاد- المجال لتفاؤل رونالد ريجان. وفي 1992، كان يُنظر إلى جورج بوش الأب على أنه أخرق وبعيد عن انشغالات الأميركيين؛ فكان من نتائج ذلك أن استسلم أمام بيل كلينتون الذي أظهر أنه اجتماعي الطابع وقريب من انشغالات الأميركيين. غير أنه بحلول 2000، أصبح كلينتون يمثل في أعين الكثيرين مغازلاً متهوراً، لطّخ سمعة أعلى منصب في البلاد. وهو بالتحديد الأمر الذي انتبه إليه جورج بوش الابن الذي شدد على عفته وعدم تناوله الكحول وهدفه المتمثل في إعادة \"الشرف والكرامة\" للبيت الأبيض. \r\n \r\n صحيحٌ أن الأميركيين صوتوا على جورج بوش الأب في 1988 قصد مواصلة سياسات ريجان؛ غير أن بوش حرص هو الآخر على تمييز نفسه عن ريجان، فكانت عباراته الشهيرة من قبيل \"أميركا أكثر رفقاً ولياقة\" محاولةً مباشرة حاول من ورائها أن يُظهر للناخبين أنه يدرك نظرة الأميركيين لريجان الذي اتُهم باتباع سياسات قاسية لا ترحم تجاه الفقراء، وأن يلمح إلى أنه سيكون مختلفاً. \r\n \r\n وهو ما يجرنا للحديث عن جورج بوش الابن، الذي لم يعد يمثل بالنسبة للعديد من الناخبين الرجل الذي أعاد الشرف والكرامة للبيت الأبيض؛ كما لم يعد \"الموحد، وليس المُفرق\" -وهي عبارة أخرى مقتبسة من حملته الرئاسية لعام 2000. فاليوم بات بوش يمثل الرجل العنيد والمتعصِّب والمتشبع بالنهج أحادي الجانب والذي لا يصغي للآخرين. \r\n \r\n والسؤال هو: أي نموذج شخصية سيبحث عنه يا ترى الناخبون في 2008؟ أغلب الظن أنهم سيميلون إلى شخص يتحدث عن خيبة أمله وإحباطه بسبب سياساتنا التي تتميز بالاستقطاب، وشخص تحدوه رغبة قوية لتجاوز الانقسام الحزبي. \r\n \r\n إذا كانت نظريتي صائبة، فإن 2008 ربما هي الوقت المناسب ل\"أوباما\" كي يرشح نفسه، ذلك أن مواضيعه وشخصيته ستكونان مطلوبتين في 2008 على نحو قد لا يتكرر في 2012 أو 2016. \r\n \r\n والواقع أن \"جاذبية النقيض\" قد تتجسد على نحو مختلف في حال ترشح سيناتورة نيويورك هيلاري كلينتون وسيناتور أريزونا \"جون ماكين\" لاستحقاق 2008، غير أن عيب بوش الأول حسب معظم الناخبين له علاقة بتعصبه الحزبي القوي، وهو عيب يخدم جيداً مصلحة \"أوباما\"، ومن شأنه أن يضاعف حظوظ نجاحه. ومن المؤكد أنه ستكون أمام \"أوباما\" فرص أخرى للترشح، غير أنه من غير المرجح أن تكون أمامه فرصة سانحة مثل فرصة 2008. \r\n \r\n \r\n مايكل توماسكي \r\n \r\n محرر صفحات الرأي في مجلة \"أميركان بروسبيكت\" \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n