\r\n وقد توصل الصحافي جاسون بيرك إلى نتائج مماثلة في دراسته التفصيلية ل"القاعدة" حيث كتب يقول: "إن كل استخدام غربي للقوة هو نصر صغير آخر لابن لادن يساعد على إيجاد جيل جديد من الإرهابيين من أجل صراع واسع النطاق بين الخير والشر". \r\n \r\n ولا عجب، إذاً، وفي أعقاب احتلال أفغانستان والعراق وتدمير لبنان أخيراً ان تعتقل الشرطة البريطانية 23 شخصاً الأسبوع قبل الماضي بحجة أنهم كانوا يتآمرون لتفجير طائرات بريطانية وأمريكية خلال رحلاتها من بريطانيا إلى الولاياتالمتحدة باستخدام متفجرات سائلة. \r\n \r\n وظهرت حقائق قليلة للغاية في وسائل الإعلام البريطانية حول ما حدث تحديداً، ولماذا حدث. وقد أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" في 11 أغسطس/آب الجاري إلى مسؤول أمريكي من خبراء مكافحة الإرهاب لم تكشف عن هويته أنه قال إن عدداً من المتآمرين سافروا إلى باكستان خلال الأسابيع القليلة الماضية، وربما أجروا اتصالات مع عنصر من عناصر القاعدة تم اعتقاله أخيراً. وأضاف المسؤول ان الشرطة البريطانية قررت التحرك واعتقلت هؤلاء الأشخاص بعدما خشيت أن يؤدي اعتقال مسؤول "القاعدة" المشار إليه إلى اختفاء المتآمرين. \r\n \r\n وقال مسؤول أمريكي إنه لم يكن هناك هجوم وشيك. وأشار إلى أن المتهمين كانت لديهم مواد ولكنهم لم يكونوا ينوون التنفيذ في الأيام التي ألقي القبض عليهم فيها. وأضاف انهم حددوا عدداً من الرحلات الجوية. ولم يتم صنع قنابل أو شراء تذاكر، وظل المتآمرون المزعومون تحت المراقبة لمدة عام، ولم تكن لدى بعض المتآمرين جوازات سفر. وعلى الرغم من ذلك، وضعت السلطات البريطانية المطارات في حالة الاستنفار القصوى- وهي الوضع الحرج- لمدة أربعة أيام كاملة. \r\n \r\n وكان الكاتب بصحيفة "الاندبندنت" روبرت فيسك صوتاً إعلامياً نادراً شكك في توقيت الاعتقالات والتدابير الأمنية التي أثارت الذعر وسط الناس. \r\n \r\n وكتب فيسك في مقالة له: "إنني على ثقة من أن قراء الاندبندنت سينضمون إليّ لمراقبة كم من المشتبه فيهم سيظل قيد الاعتقال خلال أسبوعين. وإنني واثق من أن ذوي البزات الزرقاء اختاروا يوم أمس مصادفة بسبب الغضب من موقف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير إزاء الحرب العدوانية "الإسرائيلية" على لبنان". \r\n \r\n ويبدو أن غالبية الصحافيين نسوا كيف بدأ مقر رئيس الوزراء في عشرة داوننج ستريت في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2002- وهو اليوم الذي سبق تصويت الأممالمتحدة الأساسي على مشروع القرار 1441 حول العراق- في إصدار سلسلة تحذيرات دراماتيكية عن تهديدات إرهابية وشيكة ضد عبارات بريطانية وشبكة قطارات الأنفاق في لندن، وعدد من المناسبات العامة الرئيسية. \r\n \r\n وقد استشهد الصحافي البريطاني البارز جون بيلجر بضابط استخبارات سابق وصف سيل التحذيرات الحكومية حول عمليات إرهابية بأنه "عملية تليين" قبل الهجوم على العراق و"لعبة أكاذيب على نطاق هائل". \r\n \r\n وفي عام 2003- وقبل أربعة أيام من أكبر مسيرة مناهضة للحرب في تاريخ بريطانيا- أمر بلير الدبابات بتطويق مطار هيثرو بعد مزاعم بوجود تهديدات صاروخية للطائرات. واختفى التهديد لاحقاً من دون إلقاء القبض على أي مشتبه فيهم، ولم يتم العثور على أي صواريخ، ومن بين أكثر من 1000 مسلم بريطاني اعتقلتهم السلطات بموجب قانون مكافحة الإرهاب، تم توجيه اتهامات لاثني عشر شخصاً فقط، ومن بين الذين وجهت إليهم اتهامات تمت تبرئة 80 في المائة. وأما غالبية الذين أدينوا- وعددهم يزيد قليلاً على اثنين في المائة من الذين تم اعتقالهم- فقد أدينوا بجرائم ثانوية لا علاقة لها بالإرهاب. \r\n \r\n ويساعد هذا من دون شك على توضيح مستوى شكوك الرأي العام حول "المؤامرة الإرهابية" الأخيرة التي تكشف العار الذي يجلل وسائل الإعلام، وقد ذكرت صحيفة "الجارديان" في الأسبوع الماضي أن شبكات الإذاعة والتلفزيون والصحف تلقت سيلاً من الآراء المشككة في المؤامرة المزعومة، من آلاف الأشخاص العاديين. وأما برنامج "توداي" في شبكة تلفزيون "إن بي سي" الأمريكية فقد بدأ عرضه بتساؤل عما إذا كانت هناك حقيقة في ما قيل. وذكرت مراسلة البرنامج ليزا مايرز انه لا يوجد دليل على أن القنبلة قد تمت تجربتها في إنجلترا أو أن متفجرات تم تحضيرها. \r\n \r\n وتحرص وسائل الإعلام على أن تقلل من الصلة بين سياسة بلير الخارجية والإرهاب في بريطانيا. \r\n \r\n وقد جاء في افتتاحية لصحيفة "اوبزيرفر" في الاسبوع الماضي ما يلي: "تم تنفيذ أول مؤامرة إرهابية إسلامية ضد مركز التجارة العالمي في نيويورك في 26 فبراير/شباط 3991 بسيارة ملغومة كانت تحت أحد البرجين. وخلال ذلك الوقت، لم تكن السياسة الخارجية البريطانية والأمريكية متركزة على العالم الإسلامي بل على تحول الدول الشيوعية السابقة على نحو غير مستقر إلى الديمقراطية". \r\n \r\n ولكن كبير محللي وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي.آي.إيه" المكلف بملاحقة ابن لادن وهو مايكل شيوير يصر على أن "ابن لادن" كان دقيقاً عندما حدد لأمريكا الأسباب التي تجعله يعلن الحرب علينا. ولم تكن لأي من تلك الأسباب علاقة بالحرية والديمقراطية، ولكنها كانت متعلقة كلياً بسياسات الولاياتالمتحدة وأفعالها في العالم الإسلامي. \r\n \r\n وقبل هجمات 11 سبتمبر 2001 تمثلت تلك الأسباب في ما يلي: وجود القواعد العسكرية الأمريكية في السعودية، والحرب الأمريكية- البريطانية عام 1991 ضد العراق، والعقوبات اللاحقة التي تم فرضها عليه، ومحنة الفلسطينيين، وقد كانت جميع تلك الأسباب موجودة قبل هجوم 1993 على مركز التجارة العالمي. \r\n \r\n وكتبت "الجارديان" في الأسبوع الماضي ما يلي: "إن هذه دراما إفقار حزينة تم من خلالها إبعاد عدد كبير من الشباب عن ثقافة آبائهم وأجدادهم وتم احضارهم الى بريطانيا من دون أن يكون لديهم إحساس قوي بالحياة البريطانية، أو تمكن من الثقافة الإسلامية الأوسع التي كان من الممكن أن تكون ثقافتهم في ظل ظروف أخرى". \r\n \r\n وقبل ذلك بأسبوع، نشرت صحيفة "اوبزيرفر" مقالة بقلم روبرت باب- مؤلف الكتاب الذي سيصدر قريباً بعنوان "الموت من أجل النصر: لماذا يقدم الانتحاريون على هذا العمل؟- ذكر فيها أنه درس جميع ال462 حالة تفجير انتحاري التي حدثت حول العالم. وقد وجد على سبيل المثال أن من بين 41 عملية استشهادية نفذها عناصر من حزب الله، حتى تاريخ اليوم نفذ 8 عمليات فقط أصوليون إسلاميون، في حين أن 27 كانوا من جماعات سياسية يسارية كالحزب الشيوعي اللبناني والاتحاد الاشتراكي العربي. وكان 3 مسيحيين من بينهم أستاذة مدرسة ثانوية كانت تحمل شهادة جامعية، وانهم كانوا جميعاً من مواليد لبنان. \r\n \r\n ولم يكن الذي يجمع بين هؤلاء الانتحاريين ومن يرثونهم اليوم ايديولوجيا دينية أو سياسية وإنما كان التزاماً بسيطاً بمقاومة احتلال أجنبي. \r\n \r\n وقد نتجت التهديدات الإرهابية التي تواجه الغرب عن احتلال وعنف غربيين في الشرق الأوسط والعالم الثالث على نحو أكثر عمومية. وهناك حلول ولا شك لكنها لا تتمثل في إرسال الدبابات لتطويق مطار هيثرو أو في شن حرب على "قوس تطرف" خرافي أو في استهداف "دول مارقة" لتدميرها. وتكمن الحلول في استجابة الغرب في نهاية الأمر لمعاناة فلسطين والعراق، ولبنان الآن، بعدل وتعاطف. \r\n \r\n ولكي يحدث هذا، يجب أن يكون دافع السياسة الغربية شيئاً آخر خلاف السياسة الواقعية للشركات الكبرى. \r\n \r\n \r\n \r\n * رئيس تحرير مشارك في موقع "ميديا لنس". \r\n